جلسة 19 من مارس سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 7961 لسنة 47 القضائية عليا.
– جامعة الأزهر– شئون الطلاب- شروط قبول الطلاب- نظام التوزيع الجغرافي- ضوابطه.
المادتان (8) و (40) من دستور 1971- المادة (48) من القانون رقم (103) لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها – المادتان (196) و (197) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (250) لسنة 1975.
أوجب المشرع الدستوري على جميع سلطات الدولة وهيئاتها أن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع أفراد المجتمع؛ لأنهم متساوون في الحقوق والواجبات، ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو غيرهما من العناصر التي لم يعول عليها المشرع الدستوري للانتفاع بالحق أو التمتع بالميزة، ولم يدخلها في اعتباره إذا ما توافرت الشروط والعناصر التي اعتد بها المشرع لتوافر المركز القانوني المستوجب للحصول على هذا الحق .
أوكل المشرع إلى المجلس الأعلى للأزهر اختصاصا أصيلا بتحديد أعداد الطلاب الذين يمكن قبولهم بكليات الجامعة المختلفة، كما خوله الاختصاص بتحديد شروط قبول الطلاب بهذه الكليات– يلزم عند ممارسة المجلس الأعلى للأزهر هذا الاختصاص أن يتم ذلك في إطار من الضوابط التي وضعها الدستور والقانون ولائحته التنفيذية، بأن يكفل لكل الطلاب فرصا متساوية ليلتحق كل طالب بالكلية التي يرغب في الدراسة بها في حدود الحد الأدنى للقبول بها دون تمييز بينهم في ذلك لأي سبب– إذا قرر المجلس الأعلى للأزهر الأخذ بنظام التوزيع الجغرافي للالتحاق ببعض الكليات فيجب ألا يكون هذا النظام سبيلا إلى حرمان الطالب من الالتحاق بكلية يرغب في الالتحاق بها، ويؤهله مجموع درجاته لذلك– أساس ذلك: أن جميع الكليات تتبع جامعة واحدة، وتخضع لتنظيم قانوني واحد، ولأن في ذلك إهدارا للمساواة وتكافؤ الفرص، وتمييزا لفئة على أخرى دون سبب أو مبرر قانوني، فضلا عن أن نظام التوزيع الجغرافي وضع لمصلحة الطالب فلا يجب أن يكون سببا للجور على حقه أو الانتقاص منه– ترتيبا على ذلك: رفض إحدى كليات الوجه القبلي بجامعة الأزهر قيد أحد الطلاب بها بحجة عدم إقامته بالوجه القبلي وقبولها من هو أقل منه مجموعا من المقيمين به يكون مخالفا للقانون– تطبيق.
في يوم السبت الموافق 11/5/2002 أودع الأستاذ / … المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض بصفته وكيلا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 7961 لسنة 47 ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) بجلسة 31/3/2002 في الدعوى رقم 693 لسنة 56 ق الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الِإدارية المدعى عليها ( الطاعنة) المصروفات .
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن ولما أورده به من أسباب تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بذات المحكمة لتقضي فيه بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بذات المحكمة حيث نظرته بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث حضر الطالب (المطعون ضده) وقرر الحاضر عن الجامعة أنه يصحح شكل الطعن في مواجهته، وبجلسة 15/3/2006 قدم المطعون ضده حافظة مستندات، كما قدم أيضا بجلسة 31/10/2007 حافظة مستندات، وبجلسة 16/1/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/3/2008 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات، وبتاريخ 4/2/2008 قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب في ختامها ولما أورده به من أسباب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بصفته المصروفات. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص- حسبما يبين من الأوراق – في أن والد المطعون ضده كان قد أقام ضد الأستاذ الدكتور / رئيس جامعة الأزهر بصفته الدعوى رقم 693 لسنة 56 ق طلب في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جامعة الأزهر بإعلان نتيجة تنسيق القبول بكلياتها في العام الجامعي 2001/2002 فيما تضمنه من عدم قبول نجله بكلية الهندسة بقنا، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها قيده بها، وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات.
وذكر المدعي -بصفته والد الطالب المذكور- شرحاً لدعواه أن نجله… حصل على شهادة الثانوية العامة الأزهرية عام 2000/2001 بمجموع درجات 576 درجة نظام الثلاث سنوات، ورشح لدخول كلية اللغات والترجمة شعبة الدراسات الإسلامية فرنسي، رغم أن مجموع درجاته يؤهله لدخول كلية الهندسة جامعة الأزهر فرع قنا، ولم تكن هذه الكلية ضمن الكليات المدونة باستمارة الرغبات لطلاب الوجه البحري، فتقدم بطلب إلى عميد الكلية المرشح لها لتحويله إلى كلية الهندسة بقنا ولكن طلبه رفض بحجة أن هذه الكلية مخصصة لطلاب الوجه القبلي فقط. ونعى المدعي ( والد الطالب ) على هذا القرار مخالفته لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقرر قانونا، وخلص بذلك إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 31/3/2002 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) حكمها الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول نجل المدعي بكلية الهندسة بقنا جامعة الأزهر في العام الدراسي 2001/2002 وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجامعة المدعى عليها المصروفات، وذلك للأسباب التي وردت بهذا الحكم.
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولاً من جانب جامعة الأزهر فقد طعنت عليه بالطعن الماثل ناعية عليه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وذلك على النحو الذي أوردته بتقرير الطعن، واختتمت هذا الطعن بطلباتها سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن من المقرر قانوناً أنه يتعين توافر ركنين لا غنى لأيهما عن الآخر لإجابة هذا الطلب، يتصل أولهما بالمشروعية أو الجدية بأن يكون القرار الطعين ظاهر البطلان ومرجح الإلغاء، ويتعلق الثاني بالاستعجال بأن تقدر المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه .
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (8) من الدستور المصري الصادر عام 1971 تنص على أن: ” تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ” .
كما تنص المادة 40 منه أيضاً على أن: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل …”.
ومؤدى ذلك أن المشرع الدستوري عندما استن الدستور المصري واضعاً قواعد المجتمع ومبادئه الأساسية، استوجب على جميع سلطات الدولة وهيئاتها أن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع أفراده؛ لأنهم متساوون في الحقوق و الواجبات ولا تميز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل وغيرها من العناصر التي لم يعول عليها المشرع للانتفاع بالحق أو التمتع بالميزة، ولم يدخلها في اعتباره إذا ما توافرت فيهم الشروط والعناصر التي اعتد بها المشرع لتوافر المركز القانوني المستوجب للحصول على هذا الحق
(في هذا المعنى دعوى رقم 17 لسنة 18 ق دستورية عليا بجلسة 3/5/1997)
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكانت المادة (48) من قانون إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها رقم 103 لسنة 1961 تنص على أن: “يختص مجلس جامعة الأزهر بالنظر في الأمور الآتية : ” 1- … 2- … 3- … 4- شروط قبول الطلاب في الجامعة ونظام تأديبهم …”.
ونصت المادة 196 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 على أن: “يحدد المجلس الأعلى للأزهر في نهاية كل عام دراسي … عدد الطلاب المصريين الذين يمكن قبولهم في العام الدراسي التالي …”.
كما تنص المادة 197 من ذات اللائحة على أن: “يشترط في قيد الطالب في الجامعة للحصول على درجة الإجازة العالية (الليسانس أو البكالوريوس): 1- أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة للأزهر أو ما يعادلها، ويكون القبول بترتيب درجات النجاح وفقاً لما يقرره المجلس الأعلى للأزهر …”.
ومؤدى ذلك أن المشرع أوكل إلى المجلس الأعلى للأزهر اختصاصاً أصيلاً بتحديد أعداد الطلاب الذين يمكن قبولهم بكليات الجامعة المختلفة، كما أعطى المجلس الأعلى للجامعة اختصاص تحديد شروط قبول الطلاب بهذه الكليات، على أنه عند ممارسة هذا الاختصاص يلزم ممارسته في إطار من الضوابط التي وضعها الدستور والقانون ولائحته التنفيذية، بأن يكفل لكل الطلاب فرصا متساوية في الالتحاق بالكلية التي يرغبون في الدراسة بها في حدود الحد الأدنى للقبول بها دون تمييز بينهم في ذلك لأي سبب، وإن قرر الأخذ بنظام التوزيع الجغرافي للالتحاق ببعض الكليات التابعة لها فيجب ألا يكون هذا النظام سبيلا إلى حرمان الطالب من الالتحاق بكلية يرغب في الالتحاق بها ويؤهله مجموع درجاته لذلك؛ باعتبار أن جميع الكليات تتبع الجامعة وتخضع لتنظيم قانون واحد، ولأن في ذلك إهدارا للمساواة ولتكافؤ الفرص، وتمييزا لفئة على أخرى دون سبب أو مبرر قانوني، فضلاً عن أن نظام التوزيع الجغرافي وضع لمصلحة الطالب فلا يجب أن يكون سبباً للجور على حقه أو الانتقاص منه .
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أن نجل المدعي حاصل على شهادة الثانوية العامة للأزهر عام 2001 بمجموع درجات 576 درجة (نظام ثلاث سنوات)، وتقدم بأوراق قبوله وقيده بإحدى كليات جامعة الأزهر إلى مكتب التنسيق المختص، وكان يرغب في الدراسة بكلية الهندسة بقنا جامعة الأزهر، ورفضت الجامعة المدعى عليها قيده بها رغم أن مجموع درجاته يؤهله للالتحاق بها، حيث قبلت من حصل على مجموع 566 درجة دون مبرر أو سبب للرفض سوى عدم إقامته بمنطقة الوجه القبلي، مما يكون معه قرارها غير مشروع ومخالفا لصحيح حكم الدستور والقانون ومرجح الإلغاء، ويتوافر بذلك ركن الجدية بالمفهوم المقرر قانوناً لوقف التنفيذ.
ومن حيث إن ركن الاستعجال متوفر أيضاً في طلب المدعي لما في تنفيذ القرار الطعين من حرمان نجل المدعي من الالتحاق بالكلية التي يرغب في الالتحاق بها ويؤهله مجموع درجاته لذلك والانتظام بها مما يؤثر في مستقبله العلمي.
وبالبناء على ما تقدم فإنه إذ توافر لطلب وقف تنفيذه ركنا الجدية والاستعجال فمن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بذلك، فمن ثم يكون هذا الحكم قد صدر مطابقاً للقانون ويضحى الطعن عليه فاقداً سنده خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت جامعة الأزهر المصروفات.