جلسة 17 من يناير سنة 2009
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 12759 لسنة 52 القضائية عليا.
تعيين- شرط المؤهل- العبرة في توفره بالمؤهل الجامعي الأول.
حددت اللائحة المشار إليها شروط التعيين في وظيفة مأذون، وعالجت حالات عدم الحصول على مؤهل، ثم نظمت معيار الأفضلية عند تعدد من تتوفر فيهم شروط التعيين- تفضيل الحاصل على مؤهل جامعي أعلى من الدرجة الجامعية الأولى يقتضى أن يكون المؤهل الأدنى من بين المؤهلات التي عددتها الفقرة (ج) من المادة (3)، أي من بين التي تمنحها الكليات الأزهرية في التخصص أو العالمية أو العالية، أو التي تمنحها الكليات الجامعية الأخرى التي تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية- إذا لم تتوفر في المؤهل الجامعي الأدنى هذه الشروط فإن حامله لا يفضل على غيره، ولو كانت الدرجة الجامعية الأعلى التي حصل عليها تدرس فيها الشريعة الإسلامية– ترتيبا على ذلك: الحصول على بكالوريوس معهد الكفاية الإنتاجية حيث لا تدرس فيه الشريعة الإسلامية كمادة أساسية ثم الحصول على دبلوم الشريعة الإسلامية، لا يمنح حامله الأفضلية على غيره- علة ذلك: أن العبرة في القول بتوفر شرط المؤهل من عدمه هي بالمؤهل الجامعي الأول- تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 5/3/2006 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضى الدولة بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بالرقم عاليه, فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية –بهيئة استئنافية– فى الطعنين رقمي 51و 78 لسنة 9ق.س بجلسة 29/1/2006 القاضى فى منطوقه بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعا، وإلزام الطاعنين المصروفات.
وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى رقم 1649 لسنة 7ق وإلزام المدعى فيها المصروفات عن جميع درجات التقاضى.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني فى الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار مساعد وزير العدل رقم 4497 لسنة 2001 إلغاء مجرداً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وعينت جلسة 4/6/2007 لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى”فحص”وبجلسة 3/3/2008 أحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 14/6/2008 حيث نظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق , وسماع الإيضاحات , والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 28/8/1999 فتح باب الترشح لشغل وظيفة مأذون ناحية … مركز ديرب نجم شرقية لوفاة شاغلها، وتقدم لشغلها كل من: (1) حسن … الحاصل على بكالوريوس الكفاية الإنتاجية ودبلوم المعهد العالي للدراسات الإسلامية (2) عمرو … الحاصل على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية شعبة الشريعة الإسلامية (3) رأفت … الحاصل على ليسانس الحقوق، ونظراً لتنازل الأخير عن ترشحه فقد قررت الدائرة المنعقدة بمحكمة الزقازيق الكلية للأحوال الشخصية والولاية على النفس تعيين المرشح الأول المذكور تأسيساً على أنه حاصل على مؤهل أعلى من منافسه، وأرسلت الأوراق إلى وزارة العدل للتصديق على قرار التعيين، بيد أن منافسه الثاني تظلم إلى وزارة العدل من هذا القرار تأسيساً على أن المرشح الأول حاصل على بكالوريوس معهد الكفاية الإنتاجية الذى لا تدرس فيه مادة الشريعة الإسلامية على الإطلاق، كما أن دبلوم الدراسات الإسلامية الحاصل عليه ليس تابعاً لإحدى الكليات الجامعية وهو ما يخالف المقصود من المؤهل الوارد فى المادة الثالثة من لائحة المأذونين، الأمر الذى حداه على إقامة الدعوى رقم 3635 لسنة 6ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية بتاريخ 1/7/2001، بطلب الحكم بقبولها شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار، وفى الموضوع بإلغائه وتعيينه مأذوناً شرعياً للقرية المذكورة، وبجلسة 24/11/2001 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية بالإسماعيلية للاختصاص، وأبقت الفصل فى المصروفات، حيث قيدت الدعوى برقم 1649 لسنة 7ق بالمحكمة المحالة إليها وبجلسة 22/5/2002 قررت المحكمة – بالنسبة للشق العاجل – إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فى الدعوى فأعدت الهيئة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر عن مساعد وزير العدل لشئون الديوان العام برقم 4497 لسنة 2001 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، ونظرت المحكمة الإدارية الدعوى بجلسة 9/7/2003 والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 28/1/2004 أصدرت حكمها فى الدعوى سالفة الذكر بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 4497 لسنة 2001 فيما تضمنه من التصديق على قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة الزقازيق الابتدائية الصادر بجلسة 14/5/2000 بتعيين حسن … مأذوناً شرعياً لناحية … التابعة لمحكمة ديرب نجم الجزئية مع ما يترتب على ذلك من آثار؛ وذلك لأسباب مغايرة لما ساقه المدعى بشأن مدى توافر شرط المؤهل فى المدعى عليه، وإنما لأسباب مفادها أن استبعاد المدعى من الترشح كان لما خلصت إليه دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة الزقازيق من بطلان محضر ترشيحه بتوقيع أحد المزكين له وهو المزكي الثالث عشر/ … فى حين أنه كان موجوداً بدولة الإمارات، وخلصت المحكمة الإدارية إلى أنه كان يكفى قانوناً توقيع عشرة أشخاص على الأقل من أهالى الجهة المسلمين كمزكين، وبالتالي فما أعوز المدعى إلى التزوير أو زيادة العدد على عشرة، وإذ لم يثبت من الأوراق أي تزوير فى توقيع المزكي يمكن نسبته إلى المدعى ويؤثر بالتالي في شرط حسن السمعة، ومن ثم يتعين طرح هذا السبب جانباً والالتفات عنه، وبالتالي يكون قرار استبعاد المدعى من الترشح لهذا السبب -والذى صدر بناء عليه القرار المطعون فيه- مخالفاً للقانون، وإذ استوفى المدعى سائر الشروط القانونية المتطلبة لشغل المأذون، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من التصديق على قرار دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة الزقازيق الابتدائية الصادر بجلسة 14/5/2000 بتعيين: حسن … مأذوناً لناحية … مخالفاً للقانون، ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها أحقية المدعى فى التعيين بوظيفة مأذون لهذه الناحية.
وإذ لم يرتض كل من المدعى عليه فى الدعوى: حسن … والجهة الإدارية ممثلة فى وزارة العدل الحكم سالف الذكر فقد أقاما الطعنين رقمي 51 و 78 لسنة 9ق أمام محكمة القضاء الإداري – بهيئة استئنافية بطلب الحكم فيهما بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات، وبجلسة 29/1/2006 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن المدعو/ حسن … لم يحصل على مؤهل جامعي تدرس فيه الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، ومن ثم فإنه يعد فاقداً لشرط التعيين كمأذون، ولا ينال من ذلك القول بأنه أعلى مؤهلاً باعتباره حاصلاً على دبلوم دراسات إسلامية بالإضافة إلى مؤهله الجامعى، لأن مناط المقارنة بين الأعلين مؤهلاً يكون بين من حصلوا على مؤهل جامعى تدرس فيه الشريعة الإسلامية كمادة أساسية وليس بين الدرجات العلمية أيا ما كان التخصص الذى منحت فيه، وأما بالنسبة لما أثاره الطاعنان من ارتكاب المطعون ضده تزويرا فى محضر ترشيحه بالتوقيع بدلاً من المزكى الثالث عشر حال كون الأخير موجوداً خارج البلاد فإنه لم يتأكد على نحو يقينى حيث خلت الأوراق مما يقطع بأنه قام بتقليد توقيع المزكي المذكور، الأمر الذى يتعين معه طرح هذا الادعاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند من القول إن المشرع أجاز تعيين من هو حاصل على مؤهلات أخرى لا تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية طبقاً لنص المادة (5) من لائحة المأذونين شريطة أن يجتاز امتحاناً فى الفقه ولائحة المأذونين بنجاح، وقد تحققت الغاية من إجراء هذا الامتحان فى المذكور (حسن …) بحصوله على دبلوم الدراسات الإسلامية, فهو وإن لم يكن حاصلاً على درجة علمية أعلى مثل الماجستير والدكتوراه إلا أنه مؤهل لشغل وظيفة مأذون. هذا فضلاً عن أن المرشح/ عمرو … قد تقدم بطلب ترشحه موقعاً عليه من ثلاثة عشر شخصاً، وكان آخرهم موجودًا بدولة الإمارات إبان فترة فتح باب الترشح، مما يثير الشكوك حول شرط حسن السمعة فى المرشح، ومن ثم وإذ أصدرت دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة الزقازيق الابتدائية قراراً بتعيين حسن … مأذوناً لناحية … وقد تم التصديق على قرارها، فإن الجهة الإدارية تكون قد أعملت صحيح حكم القانون، وإذ لم يوافق الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن المادة (3) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل فى 4/1/1955 معدلة بالقرار رقم 635 لسنة 1972 تنص على أنه: “يشترط فيمن يعين فى وظيفة المأذون: (أ)….(ب)……(ج) أن يكون حائزاً لشهادة التخصص أو شهادة العالمية أو شهادة الدراسة العالية من إحدى كليات الجامع الأزهر أو أي شهادة من كلية جامعية أخرى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية”.
ثم عالجت اللائحة فى المادة (5) منها حالة عدم توافر شرط المؤهل بالمفهوم المتقدم فى أي من المرشحين، حيث أجازت ترشح من يكون حائزاً لشهادة الأهلية أو الشهادة الثانوية من الجامع الأزهر أو من أحد المعاهد التابعة له، أو الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها أو شهادة القسم الأول من مدرسة القضاء بشرط نجاح المرشح فى الامتحان المنصوص عليه فى الفقرة الأولى من المادة (9)، فإذا لم يكن من بين المرشحين من يكون حائزاً لأي من هذه المؤهلات جاز ترشيح غيره بشرط أن ينجح فى الامتحان المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة (9)، وهذا الامتحان أو ذاك حددت مواده التى يجرى فيها الامتحان وكيفية وضع أسئلته ومكان إجرائه المادتان 9 و 10 من اللائحة المذكورة، ثم نظمت المادة (12) فى فقرتها الثانية معيار الأفضلية عند تعدد من تتوافر فيهم شروط التعيين حيث يفضل الأعلى مؤهلاً، فالحائز على درجات أكثر فى الامتحان المنصوص عليه فى المادة (9) ثم الحائز على درجات أكثر فى أحكام الزواج والطلاق، وعند التساوى يقدم حنفى المذهب، ثم يكون التفضيل بطريق القرعة.
ومن حيث إنه من نافلة القول أن تفضيل الحاصل على مؤهل جامعى أعلى من الدرجة الجامعية الأولى يقتضى أن يكون المؤهل الأدنى من بين المؤهلات التى عددتها الفقرة (ج) من المادة (3) أى من بين التى تمنحها الكليات الأزهرية فى التخصص أو العالمية أو العالية أو التى تمنحها الكليات الجامعية الأخرى التى تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، أما إذا لم تتوافر فى المؤهل الجامعى الأدنى هذه المواصفات فإن حامله لا يفضل على غيره ولو كانت الدرجة الجامعية الأعلى التى حصل عليها تدرس فيها الشريعة الإسلامية، شأن المطعون على تعيينه فى الطعن الماثل والذى حصل على بكالوريوس معهد الكفاية الإنتاجية حيث لا تدرس فيه الشريعة الإسلامية كمادة أساسية ثم حصل على دبلوم الشريعة الإسلامية، وذلك باعتبار أن العبرة فى القول بتوافر شرط المؤهل من عدمه هى بالمؤهل الجامعى الأول.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما ساقه تقرير هيئة مفوضى الدولة ضمن أسباب الطعن من أن المطعون على تعيينه حاصل على دبلوم الشريعة الإسلامية وهو مؤهل أعلى من الدرجة الجامعية الأولى ويقابل الامتحان الذى نصت عليه اللائحة بالنسبة لمن لا تتوافر فيه شروط المؤهل بالمعنى المنصوص عليه فى المادة (3)؛ ذلك أن هذا الامتحان نظمت كيفيته وإجراءاته اللائحة المذكورة بما لا غنى معه عن التقيد بأحكامها فى هذا الخصوص.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى هذه النتيجة حينما اعتبر المطعون على تعيينه المدعو/ حسن … فاقداً شرط الحصول على المؤهل الجامعى الأدنى الذى تدرس فيه الشريعة الإسلامية كمادة أساسية فإنه يكون قد طبق صحيح حكم القانون، ويكون الطعن على قرار ترشيحه مفتقداً صحيح سنده من الواقع أو القانون.
ومن حيث إنه عما أثير فى الطعن من أن المدعو/ عمرو … قد ارتكب جريمة تزوير فى محضر ترشيحه بالتوقيع بدلاً من المزكى الثالث عشر حال كون الأخير موجوداً خارج البلاد فإن هذا الادعاء، وكما خلص الحكم المطعون فيه وبحق لم يقم عليه دليل، فضلاً عن أن لائحة المأذونين، المشار إليها، تكتفى فى المادة (4) منها بعشرة مزكين فقط من أهالى جهة المأذونية المسلمين، أى أن المذكور لم يكن فى حاجة إلى التزوير أو زيادة عدد المزكين على عشرة، ومن ثم يغدو الطعن الماثل مفتقداً صحيح سنده من هذه الناحية أيضاً خليقاً بالرفض.
حكمت المحكمة بقبـــــول الطعـــــن شكــــــلاً ورفضــــــه موضوعــــــا.