جلسة 15 من مارس سنة 2009
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 25179 لسنة 51 القضائية عليا.
تعدد المدعين- مناط قبوله.
الجمع بين مدعين متعددين حتى لو تعددت طلباتهم في صحيفة واحدة يكون سائغا إذا كانت طلباتهم ترتكز على مسألة واحدة يشترك فيها الجميع، وكانت مصلحتهم جميعا تنصب على أمر واحد، وتنبع من مركز قانوني مشترك- المناط في ذلك تحقيق المصلحة في توجيه الخصومة على هذه الصورة، ومرده إلى تقدير المحكمة طبقا لما تراه من ظروف الدعوى([1]).
أعضاء هيئة التدريس– إعارة– ضوابطها- مدى سلطة مجلس الجامعة في وضعها- عدم مشروعية تعليق تجديد الإعارة على تقديم تبرع للجامعة.
المواد (7) و (23) و (85) و (90) و (91) و (94) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972.
المادة (61) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975.
وضع المشرع ضوابط لإعارة عضو هيئة التدريس، سواء من حيث الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح للإعارة والجهة المعار منها وإليها، ومدة الإعارة وتجديدها– لا ريب أنه إذا جاز لمجلس الجامعة تنظيم قواعد الإعارات فإنه يتقيد بما سنه المشرع فى القانون من ضوابط، دون خروج عليها أو استحداث لقيود على الإعارة لم يرد بها نص فى القانون أو لائحته التنفيذية- يجب أن تكون القواعد المضافة محققة للغاية التى يتعين أن تتغياها الإدارة فى إدارة المرفق، وهي حسن سير العمل به تحقيقا للمصلحة العامة، وإلا كانت فاقدة لسند مشروعيتها خليقة بإلغائها– مؤدى ذلك: تنظيم حالات عدم الإخلال بحسن سير العمل بالقسم أو الكلية باشتراط وجود نسبة معينة من أعضاء هيئة التدريس هو أمر في حدود ما تطلبه القانون للإعارة، أما تعليق تجديد الإعارة على تقديم عضو هيئة التدريس تبرعا لصندوق علاج أعضاء هيئة التدريس فأمر منبت الصلة بضوابط الإعارة يستعصي على اعتباره تنظيما لها، ويرقى إلى مستوى فرض رسوم بغير الأداة المقررة قانونا على طالب التجديد– تطبيق.
في يوم السبت الموافق 3/9/2005 أودع الأستاذ/ … المحامي وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري الدائرة الثامنة بجلسة 5/7/2005 في الدعوى رقم 9304 لسنة 55ق القاضي بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعين المصروفات. وطلب الطاعنون استنادا لما ورد بتقرير الطعن من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبأحقيتهم في استرداد ما اقتضته جامعة حلوان من كل منهم بدون وجه حق، مع إلزامها المصروفات عن الدرجتين.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المقرر قانوناً.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعنين في استرداد المبلغ الذي دفعه كل منهم نظير تجديد الإعارة مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبعد إحالة الطعن إلى هذه المحكمة من دائرة فحص الطعون جرى تداوله على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الطاعنين حافظة مستندات، وبجلسة 21/12/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في أسبوعين، وانقضى الميعاد دون تقديم مذكرات، وبالجلسة المحددة للحكم صدر، وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة الماثلة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 9304 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري– الدائرة الثامنة بتاريخ 15/7/2001، وطلبوا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية كل منهم في استرداد ما دفعه للجامعة نظير تجديد إعارته، وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات.
وذلك على سند من أنهم أعضاء بهيئة التدريس بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان، وقد أعيروا للعمل بالخارج، وبمناسبة تجديد الإعارة اشترطت الجامعة للتجديد للعامين الخامس والسادس دفع إتاوة بالعملة الصعبة بما يوازي مرتب شهر بفئة الإعارة للعام الخامس ومرتب شهرين للعام السادس، وعلى هذا دفع الأول مبلغاً مقداره 3339 دولاراً أمريكياً، ودفعت الثانية مبلغاً مقداره 2637 دولاراً، ودفع الثالث مبلغاً مقداره 2153 دولاراً، ودفع الرابع مبلغاً مقداره 2228 دولاراً، ودفع الخامس 1991 دولاراً، وإن سداد المبالغ المشار إليها تم بالمخالفة لأحكام القانون وبصفة إتاوة وليس تبرعاً لأنه ليس اختيارياً، وقد لجأوا إلى لجنة التوفيق المختصة التي أوصت باسترداد هذه المبالغ، لكن دون جدوى.
وبجلسة 5/7/2005 أصدرت المحكمة حكمها المتقدم، وشيدت قضاءها على أن المدعين لا يجمعهم مركز قانوني واحد، ولكل منهم مركز قانوني يختلف عن الآخر، ولا تربطهم في توجيه الخصومة بشكل جماعي أية مصلحة، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون وقضاء المحكمة الإدارية العليا؛ ذلك أن جميع المدعين يتبعون جهة واحدة هي جامعة حلوان، وجميعهم أعضاء هيئة تدريس بكلية واحدة، والمسألة القانونية المثارة هي مسألة واحدة لهم جميعاً في مواجهة الجهة المدعى عليها، وهي مدى مشروعية قرار مجلس الجامعة الصادر بجلسة 14/2/1990 في تحصيل المبالغ محل النزاع، مما يقيم بينهم رابطة تبرر جمعهم في صحيفة واحدة، وهو ما سارت عليه أحكام محكمة القضاء الإداري، وأيدته المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الجمع بين مدعين متعددين حتى لو تعددت طلباتهم في صحيفة واحدة يكون سائغا إذا كانت طلباتهم ترتكز على مسألة واحدة يشترك فيها الجميع، وكانت مصلحتهم جميعا تنصب على أمر واحد، وتنبع من مركز قانوني مشترك، والمناط في ذلك تحقيق المصلحة في توجيه الخصومة على هذه الصورة، ومرده إلى تقدير المحكمة طبقاً لما تراه من ظروف الدعوى، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين يعملون جميعا أعضاء بهيئة تدريس بالجامعة المطعون ضدها. وأن طلباتهم جميعاً تتحدد في الحكم لهم بعدم مشروعية قرار مجلس الجامعة إلزام كل منهم بسداد مبلغ محدد تبرعاً لصندوق علاج هيئة التدريس كشرط لتجديد الإعارة للعامين الخامس والسادس، وما يترتب على ذلك من أحقيتهم في استرداد المبلغ الذي سددوه تحت هذا المسمي، فالمسألة المثارة في الدعوى واحدة بالنسبة للجميع، وهو ما يؤدي إلى القول بقيام رابطة بين المدعين (الطاعنين) تسوغ تقرير المصلحة في الجمع بين طلباتهم في صحيفة واحدة، وإذ أقاموا دعواهم بعد اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات فإنها تكون مقبولة شكلاً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب، وبات حقيقا بالإلغاء، والقضاء بقبولها.
ومن حيث إن مبدأ الاقتصاد في الإجراءات هو من أصول القانون الإداري الذي أخذت به المحكمة الإدارية العليا قبل تقريره بنص المادة 269/4 مرافعات، وهو يقوم على سرعة الحسم في اتخاذ القرار، أو الفصل في المنازعة الإدارية، وعليه فإذا ما انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء الحكم المطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص، فعليها أن تتصدى لموضوع الدعوى، وتفصل فيها مباشرة، ولا تعيدها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم مادام كان موضوعها صالحاً للفصل فيه.
(حكم المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 1352 لسنة 33 ق بجلسة 14/5/1988)
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كانت الدعوى محل الحكم المطعون فيه مهيأة للفصل في موضوعها فإن المحكمة تتصدى لبحثه والفصل فيه دون إعادتها إلى محكمة الدرجة الأولى.
ومن حيث إن البين من مطالعة أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 أنه قد نظم أحكام الإعارة والتبرعات وعلاج أعضاء هيئة التدريس فنصت المادة (85) من هذا القانون معدلة بالقانونين رقمي 18 لسنة 1981 و 142 لسنة 1994 على أنه: “مع مراعاة عدم الإخلال بحسن سير العمل في القسم أو الكلية أو المعهد يجوز إعارة أعضاء هيئة التدريس لجامعة أجنبية أو معهد علمي… متى كانت المهمة في مستوى الوظيفة التي يشغلونها في الجامعة.
وتكون الإعارة بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد المختص.
وتتقرر الإعارة لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة بقرار من رئيس الجامعة المختص ويجوز لمجلس الجامعة تجديد الإعارة لمدة أخرى.
ويجوز لرئيس مجلس الوزراء في الحالات التي تقتضيها مصلحة قومية تجديدها مرة أخرى فأكثر، بناء على عرض الوزير المختص بالتعليم العالي…”.
وتنص المادة 90 على أنه: “لا يجوز الترخيص في إعارة عضو هيئة التدريس أو… قبل انقضاء مدة مماثلة للمدة التي سبق أن قضاها العضو في إعارة…. ولا يجوز الترخيص في الإعارة قبل انقضاء ثلاث سنوات على بدء خدمة المرخص له في هيئة التدريس”.
وتنص المادة 91 على أنه: “في جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد مجموع مدد الإعارات والمهمات العلمية وإجازات التفرغ العلمي… على عشر سنوات طوال مدة خدمة عضو هيئة التدريس”.
ونصت المادة 94 في فقرتها الأخيرة على أن: “… وتكفل الدولة على نفقتها علاج أعضاء هيئة التدريس الذين يصابون بالمرض بسبب العمل وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية”.
ونصت المادة 61 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أنه: “استثناء من أحكام القرارات واللوائح الصادرة في شأن علاج العاملين، يكون علاج أعضاء هيئة التدريس الذين يصابون بالمرض بسبب أو بمناسبة العمل على نفقة الجامعة بقرار من مجلس الجامعة إذا كان يمكن علاجهم داخل الجمهورية، وبقرار من المجلس الأعلى للجامعات إذا كان مرضهم يحتاج إلى العلاج في الخارج، ويتولى فحصهم وتحديد ما يلزم من علاج لجنة طبية يشكلها مجلس الجامعة من أساتذة كلية الطب”.
وتنص المادة 7 من القانون المشار إليه على أن: “الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافي، ولكل منها شخصية اعتبارية، ولها أن تقبل ما يوجه إليها من تبرعات لا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت له الجامعة”.
وتنص المادة 23 على أن: “يختص مجلس الجامعة في النظر في المسائل الآتية… ثانياً: المسائل التنفيذية…
23- قبول التبرعات في حدود ما تنص عليه المادة السابقة…”.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع وضع ضوابط إعارة عضو هيئة التدريس، سواء من حيث الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح للإعارة، والجهة المعار منها وإليها، ومدة الإعارة وتجديدها، فاشترط فيمن يرشح للإعارة أن يكون عضواً بهيئة التدريس (أستاذ– أستاذ مساعد– مدرس)، وأن يكون قد أمضى ثلاث سنوات في عضوية هيئة التدريس، وأن تكون المهمة المعار إليها في مستوى وظيفته بالجامعة وفي تخصصه،كما أوجب ألا يترتب على الإعارة الإخلال بحسن سير العمل في القسم والكلية المعار منها العضو، وأن تكون الجهة المعار إليها جامعة أجنبية أو معهد علمي أجنبي في مستوى الكليات أو أن تكون إحدى وزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات العامة والمؤسسات العامة والدولية، أو بجهة غير حكومية، وحدد مدة الإعارة بسنتين تجدد بقرار من رئيس الجامعة لمدة أخرى، وخول مجلس الجامعة تجديد الإعارة لمدة أخرى، كما ناط برئيس مجلس الوزراء تقدير المصلحة القومية التي بمقتضاها يكون لرئيس مجلس الوزراء تجديد الإعارة لمدة أخرى فأكثر، على ألا يزيد مجموع مدد الإعارات على عشر سنوات طوال مدة خدمة عضو هيئة التدريس، بما في ذلك المهمات العلمية وإجازات التفرغ العلمي، وعدم الترخيص في إعارة جديدة قبل انقضاء مدة مماثلة للمدة التي سبق أن قضاها العضو في إعارته السابقة.
ولا ريب في أنه إذا جاز لمجلس الجامعة تنظيم قواعد الإعارات فإنه يتقيد بما سنه المشرع في القانون من ضوابط دون خروج عليها أو استحداث قيود على الإعارة لم يرد بها نص في القانون أو لائحته التنفيذية، وأن تكون تلك القواعد المضافة محققة للغاية التي يتعين أن تتغياها الإدارة في إدارة المرفق وهي حسن سير العمل بالمرفق تحقيقاً للمصلحة العامة، وإلا كانت هذه الضوابط فاقدة لسند مشروعيتها خليقة بإلغائها، وبناء عليه فإن تنظيم حالات عدم الإخلال بحسن سير العمل بالقسم أو الكلية باشتراط وجود نسبة معينة من أعضاء هيئة التدريس إنما هو أمر في حدود ما تطلبه القانون للإعارة، أما تعليق تجديد الإعارة على تقديم عضو هيئة التدريس تبرعاً لصندوق علاج أعضاء هيئة التدريس فهو أمر منبت الصلة بضوابط الإعارة، يستعصي على اعتباره تنظيماً لها، ويرقى إلى مستوى فرض رسوم بغير الأداة المقررة قانوناً على طالب خدمة التجديد، بحيث يجعل مآل طلبه الرفض إن لم يدفع المبلغ المحدد في القواعد التي استنها مجلس الجامعة، ويجعل إرادة الجامعة في قبول طلب التجديد من عدمه صفقة بخسة رهينة لمن يدفع الثمن، فلو كان الأمر تبرعا بمحض اختيار عضو هيئة التدريس لما علقت الجامعة تجديد الإعارة على سداد مبلغ التبرع، ولتركت تحديد المبلغ المتبرع به ومقداره وعملة الوفاء به للمتبرع وليس لمجلس الجامعة، وبذلك يخرج الأمر عن كونه تبرعاً ويدخل في دائرة الرسوم التي لا يجوز فرضها إلا بناء على القانون.
ولا ينال من ذلك القول بأن مجلس الجامعة هو السلطة المنوط بها قبول التبرعات، وهو يدرج هذه التبرعات ضمن موارد صندوق علاج أعضاء هيئة التدريس؛ فقد تكفل المشرع بعلاج أعضاء هيئة التدريس على نفقة الدولة على النحو الذي فصلته المادتان 94، 61 المشار إليهما، كما أن قبول التبرعات أمر يختلف عن فرض مبالغ جبراً على طالب تجديد الإعارة بما يجاوز أربع سنوات، وهو استثناء ينبغي أن تراعى فيه ضرورات المصلحة العامة، وليست المبالغ التي يمكن تحصيلها من طالبي التجديد.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون من حق الطاعنين استرداد ما دفعه كل منهم من مبالغ بالدولار أو بالجنيه المصري على أساس سعر الصرف نظير تجديد إعارته، وتكون دعواهم بهذه المثابة قد صادفت محلاً.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا، وبأحقية المدعين في استرداد ما دفعه كل منهم للجامعة نظير تجديد إعارته بالدولار أو بالجنيه المصري على أساس سعر الصرف، وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.