جلسة 26 من مارس سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 7800 لسنة 46 القضائية عليا.
– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– النظر في الطعن على قرار هيئة الأوقاف المصرية بإزالة التعدي الواقع على أملاكها.
أعمال الإدارة والاستغلال والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية تختص بها هيئة الأوقاف المصرية باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه (ناظر وقف)– الوقف وناظر الوقف من أشخاص القانون الخاص، فما يقوم به من تلك الأعمال يقع في نطاق القانون الخاص، ولا تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات التي تثور بشأنها– قرارات الإزالة الصادرة عن هيئة الأوقاف المصرية بإزالة التعدي على أراضي الأوقاف تخرج عن هذه الدائرة، وتعد قرارات إدارية تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في المنازعات التي تثار بشأنها– أساس ذلك: أن هيئة الأوقاف تمارس هذا الاختصاص بما لها من سلطة عامة قررها القانون– تطبيق.
– أراضي هيئة الأوقاف المصرية– سلطة إزالة التعدي عليها- ضابطها.
المادة (970) من القانون المدني.
إعمال الإدارة لسلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري المخول بمقتضى المادة (970) من القانون المدني منوط بتحقق دواعي استعمالها، بأن يكون هناك اعتداء ظاهر على أملاك الدولة العامة أو الخاصة- إذا كان واضع اليد يستند إلى ادعاء بحق له على العقار له ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه من حق، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار، فإن الأثر المترتب على ذلك هو انتفاء حالة الغصب أو الاعتداء– مؤدى ذلك: لا يسوغ للدولة في مثل هذا الوضع أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد– أساس ذلك: أن جهة الإدارة لا تكون حالتئذ في مناسبة رفع اعتداء أو إزالة غصب، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تراه هي من حق، وهو أمر غير جائز بحسب الأصل الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع بينهما للقضاء المدني- تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق 20/6/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، في حكم محكمة القضاء الإداري بطنطا الصادر بجلسة 23/4/2000 في الدعوى رقم 4073 لسنة 3 ق، الذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 354 لسنة 1996، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة، واحتياطيا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون جلسة 15/2/2005، وبجلسة 6/7/2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة) موضوع لنظره بجلسة 5/10/2005، وبجلسة 2/1/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/3/2008، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 26/8/1996 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4073 لسنة 3 ق أمام محكمة القضاء الإداري، طلب فيها الحكم في نطاق الشق الموضوعي بإلغاء القرار الصادر عن رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية رقم 354 لسنة 1996 فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع من المدعي على ملك الهيئة لقيامه ببناء حجرة ومبان أخرى مجاورة للغرفة المؤجرة له بسطح العقار 6 مساكن البطراويشي بشارع عزيز فهمي بطنطا دون تصريح من الهيئة المالكة للعقار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 23/4/2000 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه. وشيدت قضاءها على أن المدعي يستأجر غرفة بسطح العقار سالف الذكر بموجب عقد إيجار محرر بينه وبين رئيس مجلس مدينة طنطا بتاريخ 1/11/1965 قبل أن تئول ملكية هذا العقار إلى هيئة الأوقاف المصرية، وفي عام 1967حصل على موافقة الإدارة الهندسية بمجلس مدينة طنطا على بناء دورة مياه بسطح العقار وإجراء إصلاحات بالغرفة المستأجرة، وبالفعل قام المدعي ببناء هذه الدورة وإجراء الإصلاحات (التي هي محل قرار الإزالة الطعين)، ومن ثم يبين أن الإضافات قد أقيمت بعد موافقة الإدارة الهندسية بمجلس مدينة طنطا قبل إنشاء الهيئة المدعى عليها بالقانون رقم 80 لسنة 1971، وبالتالي لا يكون ثمة تعدٍ من المدعي على ملك الهيئة، ويغدو القرار المطعون فيه غير قائم على السبب الصحيح المبرر له قانونا.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها: أن القرار المطعون فيه قد صدر عن رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية باعتباره نائبا عن وزارة الأوقاف، ومن ثم فلا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة، مما يتعين معه إحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة، وأن الثابت أن المطعون ضده يستأجر غرفة واحدة بسطح العقار المذكور بموجب العقد المؤرخ في 1/11/1965 إلا أنه وبغير موافقة الهيئة قام بالتعدي على المساحة الفضاء بالسطح، وذلك ببناء غرفة أخرى ودورة مياه، بما يمثل تعديا على المساحة غير المؤجرة له، فيحق للهيئة إزالة التعدي طبقا لنص المادة 970 مدني.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإدارة والاستغلال والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية تختص بها هيئة الأوقاف، باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه ناظر وقف، والوقف من أشخاص القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف، ولا يقوم ناظر الوقف إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنه لا يصدر بوصفه سلطة عامة، وإنما باعتباره نائبا عن الناظر على الوقف، كل ذلك في دائرة إدارة استثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية، أما قرارات الإزالة فإنها تخرج عن هذه الدائرة وتمارسها السلطة المختصة بما لها من سلطة عامة قررها القانون، وبالتالي فإن هذه القرارات هي قرارات إدارية يختص مجلس الدولة بالنظر في المنازعات التي تثار بشأنها، ومن ثم يضحى وجه الطعن بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة غير قائم على أساس سليم من القانون متعينا الالتفات عنه.
كذلك فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط إعمال الإدارة لسلطتها في إزالة التعدي على أملاك الدولة بالطريق الإداري المخولة لها بمقتضى حكم المادة 970 من القانون المدني أن يكون هناك اعتداء ظاهر على أملاك الدولة العامة أو الخاصة، فإذا كان وضع اليد يستند إلى ادعاء بحق على العقار، له ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه من حق، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما نسب إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار، فإن الأثر المترتب على ذلك هو انتفاء حالة الغصب أو الاعتداء، ومن ثم لا يسوغ للدولة في مثل هذا الوضع أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد، وأساس ذلك أن جهة الإدارة في هذه الحالة لا تكون في مناسبة رفع اعتداء أو إزالة غصب، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه هي من حق، وهو أمر غير جائز بحسب الأصل الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع بينهما للقضاء المدني بحكم ولايته القضائية.
ولما كان الثابت أنه بالاطلاع على عقد الإيجار المبرم بين المطعون ضده ورئيس مجلس مدينة طنطا ممثلا لوزارة الأوقاف، المؤرخ في 1/11/1965، تبين أنه استأجر غرفة ومنافعها بسطح العقار رقم … مساكن … وقف الأحمدي الخيري بطنطا، وقام المطعون ضده ببناء غرفة أخرى ودورة مياه، وحصل على موافقة مدير الإدارة الهندسية بمجلس مدينة طنطا على إقامة دورة المياه، وقد خلت الأوراق من أي سند قانوني يسمح له ببناء غرفة أخرى على أملاك هيئة الأوقاف، ومن ثم يضحى معتديا ومغتصبا أملاك الدولة لقيامه ببناء غرفة أخرى غير تلك التي يستأجرها، وإذ اقتصر القرار المطعون فيه على إزالة تعديه ببناء تلك الغرفة فإنه يكون متفقا وصحيح حكم القانون متعينا الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله متعينا الحكم بإلغائه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.