جلسة 2 من أبريل سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 11888 لسنة 52 القضائية عليا.
– ركن السبب.
رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة القانونية أو الواقعية التي تُكون ركن السبب في القرار الإداري تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول موجودة، تنتجها ماديا وقانونيا– مؤدى ذلك: إذا كانت النتيجة مستخلصة من أصول غير موجودة، أو لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقدا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفا للقانون– أساس ذلك: أن لجهة الإدارة تقدير أهمية الحالة والخطورة الناجمة عنها والتصرف الذي تتخذه حيالها، وللقاضي الإداري أن يراقب صحة الوقائع التي تكون ركن السبب وصحة تكييفها القانوني- تطبيق.
– معهد أمناء الشرطة– الالتحاق به- شرط حسن السمعة– أثر إغفال ذكر بعض البيانات في استمارة التقدم.
المادة (9) من قرار وزير الداخلية رقم (7763) لسنة 1994 بإصدار لائحة النظام الداخلي لمعاهد أمناء الشرطة.
السهو عن ذكر بعض الأقارب في استمارة التقدم للمعهد أو إغفال ذكرهم لا يكفي في حد ذاته سببا لفصل الطالب من المعهد– أساس ذلك: أن هذا السبب لا يكفي للنيل من شرط حسن السمعة المتطلب في طالب المعهد– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 22/2/2006 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين تقرير الطعن الماثل قلم كتاب هذه المحكمة على الحكم المشار إليه، الذي قضى بالآتي: “حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها”. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه بصفة مستعجلة، وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبعد إعلان الطعن قانونا، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن. ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون، وحضر أمامها الخصوم، وأمرت بإحالة الطعن إلى هذه المحكمة، حيث تدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت في المحاضر، ثم قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم مع التصريح بإيداع مذكرات ومستندات خلال أربعة أسابيع، انقضت دون تقديم شئ، وفي هذه الجلسة صدر الحكم بعد إيداع مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لذا يضحى مقبولا شكلا.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص في أن المدعي (المطعون ضده) أقام دعواه بتاريخ 17/1/2004 أمام محكمة القضاء الإداري، طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار فصله من معهد أمناء الشرطة، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحا لدعواه: إنه التحق بمعهد أمناء الشرطة في 18/5/2003، وانتظم في الدراسة حتى ديسمبر 2003 ، إلا أنه فوجئ بالتحقيق معه لأسباب أمنية لأنه أغفل ذكر بعض أقاربه في استمارة التقديم، فصدر قرار فصله المطعون فيه، فتظلم منه في 12/1/2004 دون جدوى، مما حداه على إقامة دعواه للحكم بطلباته.
وبجلسة 25/12/2005 حكمت محكمة أول درجة بحكمها المطعون عليه. وأقامت قضاءها على أن الاتهام المنسوب للمدعي (المطعون ضده) أنه أغفل ذكر ابن خاله المدعو…، وابن خالته المدعو…، رغم أنهما لا ينتميان إلى أسرة المدعي (المطعون ضده) التي يكون لها أثر واضح على مسلكه. فضلا عن أنه لم ينسب لهما ما يمس حسن سمعته أو محمود سيرته. وانتهت المحكمة لتوافر ركن الجدية فضلا عن توافر الاستعجال، وقضت بحكمها المطعون عليه.
وإذ لم يرتض الطاعنان الحكم المطعون عليه، لذا فقد أقاما طعنهما الماثل ناعيين على الحكم الطعين مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، فالثابت من الكراسة التي ملأها المطعون ضده للالتحاق بالمعهد تنبيه هام بمراعاة صحة جميع البيانات ومطابقتها للواقع، وأن إغفال ذكر أي من الأقارب يعرض الطالب للفصل من المعهد. كما تضمنت الأوراق إقرارا موقعا من المطعون ضده بصحة البيانات الواردة بنموذج التحريات، وأنه إذا تبين خلاف ذلك يكون للمعهد الحق في فصل الطالب وإلزامه المصروفات الدراسية. وقد ثبت أن المطعون ضده قد أغفل ذكر ابن خاله المدعو …، وابن خالته المدعو…، اللذين دلت التحريات على سوء سلوكهما، مما حدا الجهة الإدارية على إصدار قرارها المطعون عليه الذي صدر مطابقا للقانون وفي إطار السلطة التي خولها القانون للجهة الإدارية.
ومن حيث إن المادة التاسعة من قرار وزير الداخلية رقم 7763 لسنة 1994 بإصدار لائحة النظام الداخلي لمعاهد أمناء الشرطة تنص على أنه “يشترط فيمن يتقدم للإلحاق بمعهد أمناء الشرطة ما يأتي:
وإذا فقد الدارس شرطا من شروط الالتحاق بالمعهد أثناء الدراسة اعتبر مفصولا من المعهد بقرار يصدر من مساعد الوزير المختص”.
وتنص المادة (42) من ذات اللائحة على أن: “الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الطلبة الدارسين: 1 …12 – الفصل من المعهد نهائيا”.
كما تنص المادة (43) على أن: “يوقع على الطالب جزاء الفصل من المعهد في الحالات الآتية:
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة القانونية أو الواقعية التي تُكون ركن السبب في القرار الإداري، تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول موجودة تنتجها ماديا وقانونيا؛ فإذا كانت مستخلصة من أصول غير موجودة أو لا تنتجها، أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها ماديا لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقدا لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون. وإذا كان للقضاء الإداري أن يراقب صحة الوقائع التي تكون ركن السبب وصحة تكييفها القانوني، إلا أن لجهة الإدارة حرية تقدير أهمية الحالة والخطورة الناجمة عنها والتصرف الذي تتخذه حيالها.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو ما إذا كان المطعون ضده قد فقد شرطا من شروط الالتحاق بمعهد أمناء الشرطة أو الاستمرار فيه، وهو شرط السيرة الحميدة وحسن السمعة، أو أنه ارتكب خطأ ينهض سببا كافيا لفصله من المعهد.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الطعن –وخاصة الحافظة المقدمة من الجهة الإدارية أمام محكمة أول درجة بجلسة 26/10/2004- أن المطعون ضده تقدم للالتحاق بمعهد أمناء الشرطة، وملأ الاستمارات والإقرارات المطلوبة، وتم قبوله بالمعهد وانتظم في الدراسة فيه اعتبارا من 18/5/2003، إلا أنه فوجئ في 14/12/2003 بالتحقيق معه بمعرفة النيابة العسكرية بالشرطة بتهمة أنه أغفل ذكر اسم ابن خاله المدعو…، وابن خالته المدعو… . وردا على ذلك قرر المطعون ضده بالتحقيقات أمام النيابة أنه سها عليه ذكر الأول في الاستمارة وأنه يعمل في شركة سياحية بالقاهرة، وبخصوص الثاني قرر أنه لا يعرفه ولا صلة له به ولا يعرف أين يعمل؟ ثم صدر في 17/12/2003 القرار المطعون فيه بفصل المطعون ضده من معهد أمناء الشرطة. ومؤدى ذلك: أن سبب قرار الفصل هو إغفال ذكر بعض أقارب المطعون ضده باستمارة القبول. وقد أضافت الجهة الإدارية في مذكراتها وطعنها أن هذين القريبين أثبتت التحريات سوء سلوكهما. ولما كان المطعون ضده نفي بالتحقيقات التي أجرتها النيابة معرفته لأحدهما، وأنه لا صلة له بهما، ولم تدحض أو ترد الجهة الإدارية على هذا النفي، فضلا عن أن وصف الشخصين المذكورين بسوء السلوك جاء مرسلا دون دليل؛ لذا لا يسوغ الاستناد لهذا الوصف لإصدار قرار الفصل، ومن هنا ؛فإن الثابت في حق المطعون ضده أنه سها عليه أو أغفل ذكر ابن خاله في الاستمارة، وهذا السبب – في حد ذاته – لا يكفي سببا لقيام قرار الفصل المطعون فيه، ولا يكفي أيضا للنيل من شرط حسن السيرة والسمعة وفقده هذا الشرط ، لذا فإن القرار المطعون فيه صدر معيبا بعيب السبب ومخالفة القانون، مرجح الإلغاء عند نظر الموضوع، وبالتالي يتوافر ركن الجدية لطلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر ركن الاستعجال، مما يتعين معه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب ذات المذهب لذا يتعين تأييده ورفض الطعن عليه لعدم قيامه على أي أساس قانوني أو واقعى، مع إلزام الطاعنين المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعنين المصروفات.