جلسة 5 من أبريل سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 144 لسنة 49 القضائية عليا.
–المجلس الشعبي المحلي– انتخابات– أثر إغفال أمين لجنة الانتخاب أو الاستفتاء التوقيع في كشف الناخبين أمام اسم الناخب الذي أبدى رأيه بما يفيد ذلك.
المادة 32 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
أوجب المشرع على رئيس لجنة الانتخاب أو الاستفتاء أن يوقع على الشهادة الانتخابية بما يفيد أن الناخب قد أعطى صوته، وأوجب على أمين اللجنة أن يوقع في كشف الناخبين أمام اسم الناخب الذي أبدى رأيه بما يفيد ذلك– هذان الإجراءان من الضمانات الأساسية لحصر الناخبين والتحقق من أعدادهم، ولضمان ألا تضاف إلى بطاقات الانتخاب بطاقات أخرى لم يدلِ بها أصحابها، فتأتي النتيجة في النهاية معبرة صدقاً وحقاً عن آراء الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم- ترتيبا على ذلك: عدم توقيع أمين اللجنة الفرعية أمام اسم كل ناخب في اللجنة في النموذج المعد لذلك يستتبع بطلان عملية الانتخاب، ويضحى قرار إعلان نتيجة هذه الانتخابات باطلا- تطبيق.
– قواعد الشكل في إصداره– أهميتها– أثر إغفالها.
قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها، أو طقوساً لا مندوحة من إتباعها، بل هي إجراءات سداها المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء- يُفَرَّق في هذه القواعد بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة، ويقدحُ إغفالُها في سلامة القرار وصحته، وغيرها من الشكليات الثانوية- لا يَبطل القرار الإداري لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال الإجراء، أو كان الإجراء جوهريا في ذاته، يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عني القانون بتأمينها، ومن ثم بطلان القرار بحسب مقصود الشارع منه، أما إذا كان الإغفال متداركاً من سبيل آخر دون مساس بمضمون القرار الإداري وسلامته موضوعياً وضمانات ذوي الشأن واعتبارات المصلحة العامة الكامنة فيه، فإن الإجراء الذي جرى إغفاله لا يستوي إجراء جوهريا يستتبع بطلانا- تطبيق.
في يوم السبت الموافق 5/10/2002، أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 144 لسنة 49القضائية. عليا وذلك طعناً على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة كفر الشيخ) في الدعوى رقم 1816 لسنة 2 القضائية القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وقفا مجردا، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون –للأسباب المبينة بتقرير الطعن– بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع حيث نظر على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة 8/3/2008 وفيها أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم حيث أعيد الطعن للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة وتقرر إصدار الحكم في آخر الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل –بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدمة في الدعوى– في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1816 لسنة 2ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة كفر الشيخ طالباً وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ كفر الشيخ رقم 266 لسنة 2002 بإعلان نتيجة انتخابات المجلس الشعبي المحلي لقرية … مركز مطوبس مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لدعواه إنه رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبي المحلى عن قرية … مركز مطوبس محافظة كفر الشيخ، وقد أجريت الانتخابات في 8/4/2002 وشاب العملية الانتخابية مخالفات جسيمة ترتب عليها عدم فوزه في هذه الانتخابات الأمر الذي حداه على الطعن على قرار محافظ كفر الشيخ رقم 266 لسنة 2002 بإعلان نتيجة هذه الانتخابات.
وبجلسة 13/8/2002 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وقفاً مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن النماذج 38م ش ح الخاصة باللجان الفرعية قد خلت في ست عشرة لجنة من ضمانة أساسية تفتقد معها الانتخابات من برهان صدقها ودليل مصداقيتها وهي توقيع أمين اللجنة أمام اسم كل ناخب حضر للإدلاء بصوته في هذه اللجان، ويضحى من ثم القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون مما يُرجح إلغاءه وهو ما يتوافر به ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن الطعن الماثل بني على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يقوم على عنصرين مجتمعين هما: الجدية والاستعجال، وقد تخلف ركن الاستعجال في المنازعة المطروحة إذ لا يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها، كما خالف الحكم المطعون فيه القانون حين قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وقفاً مجرداً استناداً إلى خلو كشف الناخبين من توقيع أمين اللجنة أمام اسم الناخب الذي أدلى بصوته إذ إن هذا الإجراء ليس جوهرياً ولا يترتب على تخلفه بطلان العملية الانتخابية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفا في ذاتها أو طقوسا لا مندوحة من اتباعها يحتم إغفالُها جزاءَ البطلان الحتمي، وإنما هي إجراءات سداها المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء، يفرَّق فيها بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة ويقدح إغفالها في سلامة القرار وصحته وغيرها من الشكليات الثانوية، وعليه لا يَبطل القرار الإداري لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال الإجراء، أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته (يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها) ومن ثم بطلان القرار بحسب مقصود الشارع منه، أما إذا كان الإغفال متداركاً من سبيل آخر دون مساس بمضمون القرار الإداري وسلامته موضوعياً وضمانات ذوي الشأن واعتبارات المصلحة العامة الكامنة فيه، فإن الإجراء الذي جرى إغفاله لا يستوى إجراء جوهرياً يستتبع بطلاناً.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت المادة 32 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية – محل التطبيق في المنازعة المطروحة – تنص على أن “على رئيس لجنة الانتخاب أو الاستفتاء أن يوقع على الشهادة الانتخابية بما يفيد أن الناخب قد أعطى صوته، وعلى أمين اللجنة أن يوقع في كشف الناخبين أمام اسم الناخب الذي أبدى رأيه بما يفيد ذلك” وكان الإجراءان المنصوص عليهما في هذه المادة من الضمانات الأساسية لحصر الناخبين والتحقق من أعدادهم وضمان ألا يضاف إلى بطاقات الانتخاب بطاقات أخرى لم يدل بها أصحابها فتأتى النتيجة في النهاية معبرة صدقاً وحقاً عن آراء الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم، وإذا كان لا خلف في الأوراق أن النموذج 38 م ش ح في العديد من اللجان الفرعية في الانتخابات محل المنازعة قد خلا من توقيع أمين اللجنة أمام اسم كل ناخب فإن مخالفة هذا الإجراء الجوهري من شأنه أن يرتب بطلان عملية الانتخاب ويضحى القرار المطعون فيه بإعلان نتيجة هذه الانتخابات بدوره باطلاً ومرجح الإلغاء عند نظر الدعوى الموضوعية ويتوافر بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه كما يتوافر ركن الاستعجال في هذا الطلب بالنظر إلى أن الطلبات المتعلقة بالحقوق والحريات هي طلبات مستعجلة بطبيعتها فضلاً عن أن تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها بالنظر إلى عظم المسئولية الملقاة على عاتق المجالس الشعبية المحلية وخطورة القرارات الصادرة عنها مما يتطلب أن يكون انتخابها قد تم صحيحاً حتى لا يصيب العوار و البطلان هذه القرارات بعد أن تكون قد أحدثت أثرها ورتبت آثارها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ومن ثم يكون حقيقاً بالتأييد ويضحى الطعن عليه خليقاً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.