جلسة 16 من أبريلمن أبريل سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 9466 لسنة 49 القضائية عليا
– ركن السبب– شرط التسبيب.
الأصل أن جهة الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها إلا إذا ألزمها القانون بذلك– إذا سببت الإدارة قرارها خضع هذا التسبيب لرقابة القضاء الإداري؛ للتأكد مما إذا كانت النتيجة التي خلصت إليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونا أو لا– مؤدى ذلك: إذا كانت النتيجة منتزعة من غير أصول موجودة، أو مستخلصة من أصول لا تنتجها، أو كان ما ذكرته الإدارة من سبب غير واضح أو غير منضبط، كان القرار فاقدا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفا للقانون– تطبيق.
– معهد أمناء الشرطة– الالتحاق به– شرط المستوى الاجتماعي.
القول بضعف المستوى الاجتماعي للمتقدم للمعهد سبب فاسد للمفاضلة بين المتقدمين للمعهد، ولا يصلح سندا للاستبعاد؛ لمخالفته للدستور الذي قرر مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، ومخالفته أيضا لقواعد العدالة والقانون الطبيعي، فضلا عن مخالفته لأحكام القانون الذي لم يشترط مستوى اجتماعيا معينا في المتقدمين لهذا المعهد– من غير الجائز أن ينص القانون على مثل هذا الشرط؛ حيث إن الجميع لدى القانون سواء في ظل مبدأ سيادة القانون الذي يخضع له الجميع– نتيجة ذلك: إذا استوفى المتقدم جميع الشروط اللازمة للقبول بالمعهد، ولم يسبق صدور أحكام جنائية ضده أو أحكام تأديبية، واجتاز كافة الاختبارات التي تؤهله للقبول بالمعهد بنجاح، وكانت سمعة عائلته عادية، فإن استبعاده على أساس ضعف المستوى الاجتماعي يكون قرارا فاقدا سببه القانوني الصحيح الذي يقوى على حمله– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 28/5/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعويين رقمي 13545 لسنة 56 ق و21503 لسنة 56 ق بجلسة 30/3/2003، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعويين شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها قيد نجل المدعية بمعهد أمناء الشرطة بسوهاج، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وبإحالة الدعويين إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرهما وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعهما.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) لنظره. ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 25/5/2002 و27/8/2002 أودعت والدة المطعون ضده بصفتها وصية عليه قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفتي الدعويين رقمي 13545 و21503 لسنة 56ق، طالبة في ختامهما الحكم بقبولهما شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه بعدم قبول نجلها المذكور بمعهد أمناء الشرطة للعام 2001/2002، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكرت المدعية شرحا لدعوييها أنه تم فتح باب القبول بمعهد أمناء الشرطة في سبتمبر 2001، وتقدم نجلها المذكور بأوراقه للالتحاق بالمعهد، واجتاز بنجاح جميع الاختبارات المؤهلة لذلك، غير أنه لدى إعلان النتيجة فوجئت بعدم وجود اسم نجلها ضمن المقبولين، وأن ذلك يخالف الدستور والقانون.
وبجلسة 30/3/2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم مشروعيته لقيامه على سبب الاستبعاد لضعف المستوى الاجتماعي، مما يتوافر معه ركنا الجدية والاستعجال في طلب وقف تنفيذه.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية التي أقامت طعنها ناعية عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، حيث صدر القرار المطعون فيه صحيحا على سببه المبرر له، حيث تم استبعاد نجل المطعون ضدها بسبب ضعف المستوى الاجتماعي للأسرة، وأنه غير مكترث عند مثوله أمام لجنة الاختيار، وهيئته غير مقنعة، مما يعني عدم صلاحيته للالتحاق بالمعهد.
وأثناء تداول الطعن أمام هذه المحكمة بلغ نجل المطعون ضدها سن الرشد فتم تصحيح شكل الطعن وتم اختصامه بشخصه.
ومن حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن الأصل أن جهة الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها إلا إذا ألزمها القانون بذلك، فإذا سببت قرارها خضع هذا التسبيب لرقابة القضاء الإداري للتأكد ما إذا كانت النتيجة التي خلصت إليها جهة الإدارة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونيا، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة، أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها كان القرار فاقدا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفا للقانون.
ومن حيث إنه هديا بما تقدم فإن الجهة الإدارية إذ استبعدت المطعون ضده من القبول بمعهد أمناء الشرطة بسبب ضعف مستواه الاجتماعي، وكان هذا السبب فاسدا للمفاضلة بين المتقدمين للمعهد، ولا يصلح سندا للاستبعاد من المعهد؛ لمخالفته للدستور الذي قرر مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، ومخالفته أيضا لقواعد العدالة والقانون الطبيعي، فضلا عن مخالفته لأحكام القانون الذي لم يشترط مستوى اجتماعيا معينا في المتقدمين لهذا المعهد، ومن غير الجائز أن ينص القانون على مثل هذا الشرط؛ حيث إن الجميع لدى القانون سواء في ظل مبدأ سيادة القانون الذي يخضع له الجميع. وإذ استوفى المطعون ضده جميع الشروط اللازمة للقبول بالمعهد، ولم يسبق صدور أحكام جنائية ضده أو أحكام تأديبية، واجتاز كافة الاختبارات التي تؤهله للقبول بالمعهد بنجاح، وكانت سمعة عائلته عادية حسب التحريات المقدمة عنه، فإن القرار المطعون فيه إذ قام على سبب ضعف المستوى الاجتماعي يكون فاقدا سببه القانوني الصحيح الذي يقوى على حمله، ويهوي بالقرار إلى هاوية اللا مشروعية، مما يتوافر معه في طلب وقف تنفيذه ركنا الجدية والاستعجال، ويتعين بالتالي القضاء بوقف تنفيذه، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه وبحق، ويكون الطعن في غير محله متعينا رفضه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات باعتبارها الخاسرة في الطعن الماثل عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات.
ولا ينال من ذلك ما أوردته الجهة الطاعنة من أسباب جديدة في تقرير طعنها مفادها أن الطاعن كان غير مكترث لدى مثوله أمام لجنة الاختيار وأن هيئته غير مقنعة؛ إذ إنه مع عدم دقة هذه الأسباب وعدم انضباطها ووضوحها ولعدم إقامة أي دليل عليها بالأوراق، فمن ثم يكون استخلاصها غير سائغ من أوراق لا تنتجها واقعا أو قانونا، حيث يقع على جهة الإدارة عبء الإثبات في مثل هذه الحالات، وبالتالي لا تصلح هذه الأسباب الواهية سببا لتنقية القرار المطعون فيه مما شابه من عوار على النحو سالف البيان.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.