جلسة 21 من أبريل سنة 2009
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 7438 لسنة 53 القضائية عليا.
تنفيذه– التنفيذ على الحساب.
التنفيذ على الحساب هو وسيلة جهة الإدارة فى تنفيذ الالتزام عيناً، وهو تنفيذ تقوم به الإدارة بنفسها وعلى حساب المتعاقد وتحت مسئوليته المالية، بحيث يتحمل فروق الأسعار الناشئة عن هذا التنفيذ- لا يعتبر التنفيذ على الحساب عقوبة عقدية ولكنه إجراء تستهدف به جهة الإدارة ضمان سير المرافق العامة باضطراد، وتملك جهة الإدارة القيام بهذا الإجراء دون اللجوء للقضاء، ولا يشترط للقيام به حدوث ضرر يصيب المرافق العامة– تطبيق.
توزيع الاختصاص المحلي لمحاكم مجلس الدولة– معياره هو الجهة الإدارية المتصلة بالمنازعة ولو كانت فرعاً لايتمتع بالشخصية المعنوية.
الاختصاص المحلي لمحاكم مجلس الدولة يقوم على أساس اختصاص المحكمة التي تقع فى دائرتها الجهة الإدارية المتصلة بالمنازعة موضوعاً، لأن هذه الجهة هي التى تستطيع الرد على الدعوى بإعداد البيانات وتقديم المستندات الخاصة بالموضوع وتسوية المنازعة صلحاً أو تنفيذ الحكم فى ميزانيتها عند الاقتضاء– يقصد بالجهة الإدارية المتصلة بالمنازعة فى حالة تعدد الفروع على مستوى الجمهورية الفرع المتصل بالمنازعة وليس المقر الرئيس، وذلك على الرغم من عدم تمتعه بالشخصية المعنوية بالمعنى الدقيق؛ لأنه هو الذى يحوز المستندات والبيانات المتعلقة بالمنازعة– تطبيق.
لجان التوفيق في بعض المنازعات- مدى حجية ما يصدر عنها من توصيات.
التوصيات التي تصدر عن لجان فض المنازعات لا تحوز حجية الأمر المقضي، ولا تعتبر عنوانا للحقيقة كما هو الشأن بالنسبة للأحكام القضائية، وإنما تحوز قوة السند التنفيذي فقط بعد استيفائها للشروط المتطلبة لذلك([1]).
في يوم الأحد الموافق 25/2/2007 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل قيد بجدولها العام تحت رقم 7438 لسنة 53ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 6/1/2007 في الدعوى رقم 1857 لسنة 57ق، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبإلزام الشركة المدعى عليها أن تؤدي للهيئة المدعية مبلغ 135670.00 جنيها، وإلزامها المصروفات.
وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا: أصليا- بعدم جواز سماع دعوى الهيئة رقم 1857 لسنة 57ق لسابقة الفصل فيها بحكم حاز قوة الأمر المقضي. واحتياطيا- بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية محليا بنظر الدعوى، ومن باب الاحتياط الكلي- برفض دعوى الهيئة مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات عن الدرجتين.
وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/5/2008 حيث تدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/6/2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا- الدائرة الثالثة/ موضوع- لنظره بجلسة 7/10/2008، حيث تم نظره بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 24/2/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال شهر، وخلال هذا الأجل أودع الحاضر عن المطعون ضده بصفته مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم برفض الطعن، كما قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه في ذات جلسة النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص- حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم1857 لسنة 57ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 3/11/2002 وطلب فيها الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها (الطاعنة) أن تؤدي له بصفته مبلغ 176103 جنيهات قيمة فروق الأسعار وغرامات التأخير المستحقة عليها نتيجة إخلالها بالتزاماتها التعاقدية، على سند من القول إنه تم التعاقد مع الشركة المدعى عليها لتوريد أجهزة التعقيم المركزي لمستشفى جمال عبد الناصر بالإسكندرية، وتنفيذا لذلك صدر أمر التوريد رقم 114 بتاريخ 17/10/1998، ونص البند الخامس منه على التزام المورد بعمل عقد صيانة للأجهزة الموردة لمدة خمس سنوات بنسبة 2% من قيمة الأجهزة ثابتة لمدة الخمس السنوات التالية لسنة الضمان، إلا أن الشركة لم تلتزم بتنفيذ هذا البند، لذلك تم التنفيذ على حسابها؛ إعمالا لحكم المادتين 25، 26 من القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات، مع تحميلها فروق الأسعار وغرامات التأخير المترتبة على ذلك، والتي بلغت جملتها 176103 جنيهات، مما حدا المدعي بصفته على إقامة الدعوى لاستئداء هذا المبلغ.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة أصدرت بجلسة 6/1/2007 الحكم المطعون فيه، وشيدته -بعد أن استعرضت نص المادتين 25، 26 من القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات- على أساس أن الثابت أن الهيئة المدعية تعاقدت مع الشركة المدعى عليها لتوريد أجهزة التعقيم المركزي لمستشفى جمال عبد الناصر بقيمة إجمالية 893300.00 جنيه، وبناء على ذلك صدر أمر التوريد رقم 114 في 17/10/1998 وتضمن البند الخامس منه التزام المورد بعمل عقد صيانة للأجهزة الموردة لمدة خمس سنوات بنسبة 2 % سنويا ثابتة لمدة خمس سنوات تالية لسنة الضمان غير شاملة قطع الغيار، إلا أن الشركة لم تلتزم بتنفيذ هذا البند، فقامت الهيئة بتنفيذه على حسابها بالتعاقد مع شركة… بمبلغ 45000 جنيه سنويا وبمبلغ إجمالي225000 جنيه لمدة خمس سنوات، وكانت قيمة عقد الصيانة الذي تلتزم به الشركة المدعى عليها 89330 جنيها، ومن ثم فإن الهيئة المدعية تستحق فروق أسعار مقدارها 135670جنيها، وانتهت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الشركة الطاعنة، فقد أقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفة المادة رقم (9) من القانون رقم 7 لسنة 2000، والمادة رقم (405) من القانون المدني، حيث كان يتعين القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور توصيات حائزة لقوة السند التنفيذي بموافقة الطرفين عليها في موضوع النزاع، كما أن الشركة تلتزم بالتوريد والتركيب والتشغيل فقط، ولا تلتزم بالصيانة، هذا فضلا عن أن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية غير مختصة محليا بنظر الدعوى؛ لأن مقر الشركة الطاعنة (المدعى عليها) كائن بالمهندسين بمحافظة الجيزة، إلا أن المحكمة التفتت عن كل هذه الدفوع مما يجعل الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون حريا بالإلغاء.
ومن حيث إنه وفقا لنص المادتين رقمي (147) و(148) من القانون المدني فإن حقوق المتعاقد والتزاماته تتحدد طبقا لشروط العقد، وإن النص الذي يتحدد باتفاق الطرفين في العقد يقيد طرفيه كأصل عام، ويصبح واجب التنفيذ، ويمتنع الخروج عليه لأنه الشريعة التي تلاقت عندها إرادتهما ورتب على أساسها كل منهما حقوقه والتزاماته، كما أنه يجب تنفيذ العقد وفقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه مبدأ حسن النية.
ومن حيث إن المادة رقم (25) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 تنص على أنه: “يجوز للجهة الإدارية فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد إذا أخل بأي شرط من شروطه، ويكون الفسخ أو التنفيذ على حساب المتعاقد بقرار من السلطة المختصة…”.
وتنص المادة رقم (26) من ذات القانون على أنه: “في جميع حالات فسخ العقد، وكذا في حالة تنفيذه على حساب المتعاقد يصبح التأمين النهائي من حق الجهة الإدارية، كما يكون لها أن تخصم ما تستحق من غرامات، وقيمة كل خسارة تلحق بها من أية مبالغ مستحقة أو تستحق للمتعاقد لديها…”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن التنفيذ على الحساب هو وسيلة جهة الإدارة في تنفيذ الالتزام عينا، وهو تنفيذ تقوم به الإدارة بنفسها وعلى حساب المتعاقد وتحت مسئوليته المالية، بحيث يتحمل فروق الأسعار الناشئة عن هذا التنفيذ، ولا يعتبر التنفيذ على الحساب عقوبة عقدية، ولكنه إجراء تستهدف به جهة الإدارة ضمان سير المرافق العامة باضطراد، وتملك جهة الإدارة القيام بهذا الإجراء دون اللجوء للقضاء، ولا يشترط للقيام به حدوث ضرر يصيب المرفق العام.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها قد تعاقدت مع الشركة الطاعنة على توريد أجهزة لوحدة التعقيم المركزي بمستشفى جمال عبد الناصر بالإسكندرية بقيمة إجمالية مقدارها 893300جنيه، وتنفيذا لذلك صدر أمر التوريد رقم 114 بتاريخ 17/10/1998 ونص على أن يلتزم المورد بعمل عقد صيانة للأجهزة الموردة لمدة خمس سنوات بنسبة 2% من قيمة الأجهزة ثابتة لمدة خمس سنوات تالية لسنة الضمان غير شاملة قطع الغيار، كما تضمنت كراسة الشروط الخاصة بالعملية والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من العقد هذا الالتزام أيضا، إلا أن الشركة لم تلتزم بتنفيذ هذا الالتزام، فقامت الهيئة بتنفيذه على حسابها عن طريق التعاقد مع شركة أخرى للقيام بأعمال الصيانة، الأمر الذي ترتب عليه فروق أسعار مقدارها 135670 جنيها، وهو ما يتعين معه إلزام الشركة الطاعنة بأدائها للهيئة، حيث إن هذه الفروق نتجت عن إخلال الشركة وعدم التزامها بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون.
ولا ينال من ذلك ما دفع به الطاعن من عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية محليا بنظر الدعوى، حيث إن المستقر عليه أن الاختصاص المحلي لمحاكم مجلس الدولة يقوم على أساس اختصاص المحكمة التي تقع في دائرتها الجهة الإدارية المتصلة بالمنازعة موضوعا، لأن هذه الجهة هي التي تستطيع الرد على الدعوى بإعداد البيانات وتقديم المستندات الخاصة بالموضوع، وبتسوية المنازعة صلحا، أو تنفيذ الحكم في ميزانيتها عند الاقتضاء، ويقصد بالجهة الإدارية المتصلة بالمنازعة في حالة تعدد الفروع على مستوى الجمهورية الفرع المتصل بالمنازعة وليس المقر الرئيس، وذلك على الرغم من عدم تمتعه بالشخصية المعنوية بالمعني الدقيق، لأنه هو الذي يحوز المستندات والبيانات المتعلقة بالمنازعة، ولما كانت المنازعة الماثلة تتعلق بعقد توريد أجهزة لمستشفى جمال عبد الناصر للتأمين الصحي بمحافظة الإسكندرية، فإن الاختصاص بنظرها ينعقد لمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية على الرغم من كون المقر الرئيس لهيئة التأمين الصحي بالقاهرة.
كما أنه لا ينال من ذلك ما دفع به الطاعن من أنه كان يتعين على محكمة أول درجة القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بتوصيات تحوز قوة السند التنفيذي، فذلك مردود عليه بأن هذه التوصيات تتعلق بالتزامات أخرى في ذات العقد محل المنازعة، وهي طلبات خاصة بإلغاء غرامة التأخير وتعديل نسبة الخصم مقابل النقص الذي شاب الأجهزة واسترداد قيمة خطاب الضمان بعد استيفاء الهيئة مقابل الخصم، ولم تتعرض لموضوع الدعوى محل الطعن، فضلا عن أن التوصيات التي تصدر عن لجان فض المنازعات لا تحوز حجية الأمر المقضي، ولا تعتبر عنوانا للحقيقة مثل الأحكام القضائية، وإنما تحوز قوة السند التنفيذي فقط بعد استيفائها للشروط المتطلبة لذلك.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184/1 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
([1]) راجع كذلك المبدأ رقم (39) في هذه المجموعة، حيث أكدت المحكمة أن توصية لجنة التوفيق تأخذ حالة موافقة الطرفين عليها وتذييل المحضر المثبت لذلك بالصيغة التنفيذية حكم الأحكام القضائية واجبة النفاذ، ولا تعد بهذه المثابة قرارا إداريا مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء.