جلسة 16 من يونيه سنة 2009
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 14705 لسنة 52 القضائية عليا.
حظر البناء عليها- الحالات التي يجوز فيها استثناءً الترخيص في البناء عليها- يشترط أن يكون طالب الترخيص مالكا للأرض ملكية ظاهرة وهادئة ومستقرة.
الأصل فى البناء على الأرض الزراعية هو الحظر والتجريم حفاظاً على هذه الثروة القومية للبلاد، واستثناءً يمكن الترخيص لمالك هذه الأرض في البناء على مساحة محددة منها وفق شروط وضوابط معينة لخدمة أغراض معينة بعينها– اشتراط ملكية طالب الترخيص للأرض الزراعية التي يرغب في الترخيص في البناء على مساحة منها أمر طبيعي ومنطقي؛ باعتبار أن التصرف فى الشيء المملوك أو استعماله أو الانتفاع به هو حق أصيل للمالك نفسه، يباشره بنفسه أو عن طريق غيره بتصريح منه– يتعين أن تكون هذه الملكية ظاهرة وهادئة ومستقرة لا نزاع بشأنها مع الغير ولا صراع حول إثباتها ومن ثم حول الاستئثار بثمارها– الحكم بانقضاء دعوى صحة ونفاذ عقد البيع صلحا لا يحوز حجية تمنع الغير من الطعن على العقد– تطبيق.
الحكم في الدعوى- أثر الحكم بانقضاء الدعوى صلحا.
انقضاء الدعوى بالصلح لا يحوز الحجية في مواجهة الغير- أساس ذلك: أن القاضي يوثق محضر الصلح بصفته الولائية، وليس بصفته القضائية.
نقل التكليف.
تسجيل الحكم الصادر في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع يترتب عليه نقل التكليف- شهر صحيفة الدعوى فقط لا ينقله.
في يوم الخميس الموافق الثالث والعشرين من مارس عام ألفين وستة أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل حيث قيد بجدولها برقم 14705 لسنة 52ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ بجلسة 25/1/2006 في الدعوى رقم 987 لسنة 2ق. القاضي أولا: بقبول تدخل كل من سعاد … وعز … منضمين في الدعوى إلى جهة الإدارة. ثانيا: بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن الطعن قانونا وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث حضر المطعون ضده الأول وأودع حافظة مستندات كما حضر محامٍ عن المطعون ضدهما الثانية والثالث وحضر محامٍ عن الجهة الإدارية الطاعنة، وبجلسة 3/12/2008 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة-موضوع-بالمحكمة لنظره بجلسة 3/3/2009 وفيها نظرته المحكمة وقررت التأجيل لجلسة 28/4/2009 للاطلاع، وفيها قدم الحاضر عن الجهة الطاعنة مذكرة بدفاعها وقدم المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بإيداع مذكرات خلال أسبوعين فأودع المطعون ضده الأول خلال الأجل مذكرة بدفاعه أرفق بها صورا ضوئية لبعض الأحكام القضائية، وقد صدر الحكم بالجلسة المحددة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بتاريخ 29/1/2002 أمام محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ، وطلب في ختام صحيفتها وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن إصدار ترخيص له لإقامة مسكن خاص ولخدمة الأرض الزراعية على مساحة 250 مترا ضمن مساحة 20س-4ط-3ف بحوض ملاعب البحري وأبو بسيوني زمام جمعية نصرة الزراعية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحا للدعوى أنه يمتلك المساحة سالفة البيان وصدر له حكم بصحة ونفاذ عقد شرائها في الدعوى رقم1234 لسنة 1983 مدني كلي كفر الشيخ وتم شهره برقم 253 في 1/2/1987 كفر الشيخ، كما تمتلك زوجته/ نجاة … مساحة أخرى قدرها 5ط-9ف ثابتة بحيازة الجمعية الزراعية، وأنه لما قدم طلبا إلى مديرية الزراعة بكفر الشيخ للحصول على ترخيص بإقامة سكن خاص له على مساحة 250 مترا ولخدمة الأرض الزراعية ضمن المساحة المملوكة له وقدم المستندات اللازمة لذلك، ومن بينها إفادة من الوحدة المحلية بأنه ليس لديه سكن خاص، والمستندات الخاصة بملكيته للأرض الزراعية المراد إقامة السكن عليها، وتمت معاينة المكان وعمل إثبات حالة في 15/7/2007 بمعرفة مديرية الزراعة، وسدد مئة جنيه كرسوم للحصول على الترخيص؛ إلا أن الجهة الإدارية لم تمنحه هذا الترخيص رغم وعدها له بإصداره مرات عديدة، وخلص الطاعن إلى أن ذلك يشكل قرارا سلبيا منها بالامتناع عن إصدار الترخيص المذكور، ومن ثم أقام الدعوى المشار إليها لأن موقف الجهة الإدارية مخالف للقانون، وينطوي على إساءة استعمال السلطة ولا سند له؛ حيث تتوافر في شأن حالته الاشتراطات المقررة بقرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 وقدم كافة المستندات المطلوبة واتخذ الإجراءات اللازمة ومع ذلك امتنعت الجهة الإدارية عن إصدار الترخيص دون أساس من القانون.
وقد تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة حيث تدخل فيها المطعون ضدهما الثانية والثالث انضماميا إلى جانب الجهة الإدارية وطلبا رفض الدعوى لأن هناك نزاعا على ملكية الأرض التي يطلب المدعي ترخيص إقامة سكن عليها بينهما وبينه، وبجلسة 25/1/2006 أصدرت الحكم المطعون فيه بقبول تدخل المذكورين استنادا إلى توافر الصفة والمصلحة في كليهما، وبالنسبة لموضوع الدعوى بإلغاء قرار الجهة الإدارية بالامتناع عن إصدار الترخيص المطلوب للمدعي استنادا إلى أن هذا القرار غير قائم على سبب صحيح من الواقع أو القانون؛ حيث إن ما ارتكنت إليه الإدارة من عدم وجود مستند ملكية موثق من الشهر العقاري مع المدعي غير صحيح، وأن الثابت من الأوراق أنه اشترى المساحة المطلوب الترخيص على جزء منها من والده بعقد مؤرخ 5/9/1983 وحصل على حكم بصحة ونفاذ هذا العقد في الدعوى رقم1234 لسنة 1983 مدني كفر الشيخ وتم شهر صحيفته تحت رقم 253 في 1/2/1987 كفر الشيخ، أما النزاع القائم بين المدعي وشقيقيه فقد كان بالدعوى رقم 380 لسنة 1994 مدني جزئي كفر الشيخ بشأن فرز وتجنيب نصيبهما في تركة والدهم، ومنها المساحة المراد الترخيص في جزء منها، وقد قضي بعدم قبول تلك الدعوى وتأيد الحكم بالاستئناف رقم 214 لسنة 1999 مدني مستأنف كفر الشيخ بجلسة 31/1/2000.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة لم ترتض ذلك الحكم فأقامت ضده الطعن الماثل استنادا إلى أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك أن الشروط اللازمة للحصول على الترخيص الذي يطلبه المطعون ضده الأول غير متوافرة في شأنه؛ لأنه يوجد نزاع بينه وبين أشقائه حول ملكية الأرض المطلوب الترخيص فيها، وتوجد دعوى برقم 562 لسنة 1994 مدني كفر الشيخ بشأن صورية عقد البيع المؤرخ 5/9/1983 الذي يستند إليه المذكور في ملكية المساحة المشار إليها، وإضافة إلى ما تقدم فإن المساحة المطلوب الترخيص بها تجاوز النسبة المحددة بالمادة السابعة بقرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 وهي خمسة في الألف من مساحة الأرض الزراعية المملوكة في ذات الزمام بحد أدنى مئة متر وبحد أقصى مئتي متر، والمطعون ضده طالب الترخيص كان يطلب البناء على مساحة 250 مترا وهو أمر غير جائز قانونا، وبالتالي يكون رفض الترخيص له مطابقا للقانون، وهو ما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه، وخلصت الجهة الإدارية إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى.
ومن حيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المشرع في المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 حظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأرض الزراعية، واستثنى من هذا الحظر الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكنا خاصا به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة، واشترط في هذه الحالة صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات، وأناط بوزير الزراعة تحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص بالاتفاق مع وزير التعمير، وقد أصدر وزير الزراعة القرار رقم211 لسنة 1990 بالشروط والإجراءات اللازمة للحصول على الترخيص المشار إليه وحددت المادة السابعة منه هذه الشروط، ومن بينها أن يكون الوضع الحيازي للمالك مستقرا لمدة ثلاث سنوات على الأقل سابقة على تقديم طلب الترخيص، كما حددت المادة 11 من هذا القرار المستندات التي يقدمها طالب الترخيص، ومن بينها: سند ملكية الطالب للأرض التي يريد الترخيص فيها. ومؤدى ما تقدم أن الأصل في البناء على الأرض الزراعية هو الحظر والتجريم حفاظا على هذه الثرورة القومية للبلاد، واستثناء يمكن الترخيص لمالك هذه الأرض بالبناء على مساحة محددة منها وفق شروط وضوابط معينة لخدمة أغراض بعينها، ولا شك أن ملكية طالب الترخيص للأرض الزراعية التي يرغب في الترخيص على مساحة منها أمر طييعي ومنطقي على اعتبار أن التصرف في الشئ المملوك أو استعماله أو الانتفاع به هو حق أصيل للمالك وحده يباشره بنفسه أو عن طريق غيره بتصريح منه، ومن ثم يتعين أن تكون هذه الملكية ظاهرة وهادئة ومستقرة لا نزاع بشأنها مع الغير ولا صراع حول إثباتها وبالتالي حول الاستئثار بثمارها.
والثابت من الأوراق أنه يوجد نزاع بين طالب الترخيص(المطعون ضده الأول) وأشقائه حول ملكيته لمساحة قدرها 2س-3ط-3ف التي يستند إليها في طلب الترخيص بالبناء على جزء منها، حيث قدم عقدا مؤرخا 5/9/1983 يفيد شراءه لها من والده، وأنه حصل على حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 1234 لسنة 1983 مدني كلي كفر الشيخ بجلسة 5/12/1983، وأشهر صحيفتها برقم253 في 1/2/1987 شهر عقاري كفر الشيخ، وهو ما لم تعتد به الجهة الإدارية -وبحق- كدليل يكفي لإثبات ملكيته وحده لهذه المساحة وأحقيته في هذا الترخيص؛ ذلك أن الثابت من الأوراق أن شقيقي المذكور (المطعون ضدهما الثانية والثالث) طعنا على ذلك العقد بالصورية بالدعوى رقم 562 لسنة 1994 مدني كلي كفر الشيخ، وفيها قضت المحكمة بجلسة 28/1/2007 بصورية ذلك العقد، واعتباره وصية من مورثهم تسري في حدود ثلث التركة فقط،كما قضت بأحقية شقيقيه في الريع المستحق عن هذه المساحة فيما زاد على الثلث، وتأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم 412 لسنة 40ق بجلسة 6/1/2008 استئناف طنطا مأمورية كفر الشيخ، وقد أشارت المحكمة في الحكم الأخير إلى أنه ليس صحيحا أن المطعون ضده الأول حصل على حكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له عن والده في الدعوى رقم 234 لسنة 1983 مدني كلي كفر الشيخ؛ لأن هذا الحكم انتهى صلحا بين المذكورين، وتم إثباته بمحضر جلسة 5/12/1983، وهو ليس حكما يحوز الحجية في مواجهة شقيقيه، وإن شابَهَ الأحكام؛ إذ إن القاضي يوثق محضر الصلح بصفته الولائية وليست القضائية، ومن ثم فإن ذلك الحكم لا يمنع الطعن على العقد من باقي الورثة، ويضاف إلى ما تقدم أن الأوراق خلت من أي دليل على أن المطعون ضده الأول قام بتسجيل الحكم الصادر في الدعوى رقم 234 لسنة 1983 المشار إليها، فما قام به هو شهر صحيفة تلك الدعوى فقط برقم 253 في 1/2/1987 وقد تأشر عليها من مكتب الشهر العقاري بأن هذا الإجراء غير ناقل للتكليف، الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى أن ملكية المطعون ضده للأرض الزراعية التي طلب ترخيص بناء على جزء منها لم تستقر بعد ولم تصبح خالصة له وحده بحيث يكون له وحده حق استغلالها واستعمالها والتصرف فيها كمالك، وإنما ما زال نزاع حول ملكيتها قائما بينه وبين إخوته، وبالتالي فلا تثريب على الجهة الإدارية أنها رفضت منحه ترخيصا لإقامة مسكن خاص له ولأسرته عليها أو لخدمة الأرض الزراعية، ويكون قرارها المطعون فيه قائما على أساس سليم من الواقع والقانون، مما كان يجب معه على محكمة القضاء الإداري أن ترفض طلب إلغائه، أما وأنها أصدرت الحكم المطعون فيه على خلاف ما تقدم فإن حكمها يكون مخالفا للقانون ويتعين إلغاؤه والقضاء مجددا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتي التقاضي عملا بنص المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.