جلسة 19 من أبريل سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 807 لسنة 49 القضائية عليا.
– الضريبة العامة على المبيعات– مدى خضوع خدمات التشغيل للغير لها.
المادة (2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 1991، والمعدل بالقانون رقم (2) لسنة 1997– المادتان (1) و (2) من القانون رقم (11) لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 232 لسنة 26 القضائية دستورية بجلسة 15/4/2007.
أخذ المشرع في فرض الضريبة العامة على المبيعات بالنسبة للسلع المصنعة بمبدأ تعميم خضوعها للضريبة، سواء كانت محلية أو مستوردة، في حين التزم بالنسبة إلى خضوع الخدمات للضريبة بمبدأ (الانتقائية)، فحدد على سبيل الحصر الخدمات التي تخضع لهذه الضريبة، ومن بين هذه الخدمات: خدمات التشغيل للغير- حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية عبارة “خدمات التشغيل للغير” الواردة بالجدول رقم 2 المرافق لقانون الضريبة على المبيعات المشار إليه ينصب على هذه العبارة فقط، دون أن يتعداها إلى الخدمات ذاتها الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه؛ حيث قضى الحكم صراحة بدستورية خضوع هذه الخدمات للضريبة– مؤدى ذلك: أن حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه حسم النزاع حول خضوع خدمات التشغيل للغير للضريبة على المبيعات على النحو الوارد بالقانون رقم 11 لسنة 2002، إلا أنه قضى بعدم دستورية الأثر الرجعي لهذا القانون– ترتيبا على ذلك: خضوع جميع خدمات التشغيل للغير الواردة بالقانون رقم (11) لسنة 2002 –ومنها أعمال المقاولات العامة– للضريبة العامة على المبيعات– تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق الأول من نوفمبر سنة 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة تقرير طعن في الحكم المشار إليه بعاليه، القاضي في منطوقه بعدم خضوع عقود المقاولات المسندة إلى المدعي بصفته للضريبة العامة على المبيعات مع إلزام الجهة الإدارية برد ما سبق تحصيله من المدعي لهذا الغرض وكذلك المصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن– تحديد أقرب جلسة أمام دائرة (فحص الطعون) بالمحكمة لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضي.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/2/2000 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/12/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 24/2/2001.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 19/4/2008، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 4/6/1995 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1032 لسنة 6 ق -المطعون على حكمها- أمام محكمة القضاء الإداري/ الدائرة الثانية بأسيوط، طالبا الحكم بعدم خضوع عقود المقاولات للضريبة العامة على المبيعات مع إلزام جهة الإدارة برد ما تم تحصيله منها دون وجه حق، وذلك للأسباب المبينة تفصيلا بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 23/9/1998 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بعدم خضوع عقود المقاولات المسندة للمدعى بصفته للضريبة العامة على المبيعات وإلزام الجهة الإدارية برد ما سبق تحصيله من المدعي لهذا الغرض, مع إلزامها بالمصروفات, وشيدت المحكمة قضاءها بعد استعراض المواد 1 و 2 و3 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11لسنة 1991, على أن عقود المقاولات لا تدخل ضمن خدمات التشغيل للغير المضافة بقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992, ولا تخضع بالتالى للضريبة العامة على المبيعات المقررة بالقانون رقم 11 لسنة 1991, ومن ثم تكون مطالبة الجهة الإدارية للمدعى بسداد هذه الضريبة على عقود مقاولات رصف الطرق المسندة إليه من مديرية الطرق والنقل بأسيوط غير قائمة على سند من القانون, مما يتعين معه القضاء بعدم خضوع هذه العقود للضريبة مع ما يترتب على ذلك من آثار, أخصها رد ما سبق تحصيله منه على ذمة هذه الضريبة.
بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من الجهة الإدارية فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول إن قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992 قد أضاف خدمات التشغيل للغير إلى الخدمات المنصوص عليها بالجدول رقم (2) الملحق بالقانون رقم 11 لسنة 1991, وقد جاءت عبارة “خدمات التشغيل للغير” في صيغة عامة ومطلقة بما يؤكد أن المقصود بها هو كافة الخدمات التي تؤدى بواسطة تشغيل الإنسان أو المعدات أو الآلات لمصلحة الغير ومنها نشاط المقاولات نظير مقابل يدفعه الغير المستفيد بالخدمة, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خرج على صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذه ثم إلغائه.
من حيث إن قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11لسنة 1991 ينص في المادة 2 على أن ” تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص0
وتفرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم (2) المرافق لهذا القانون 000″0
ومؤدى هذا النص أن المشرع أخذ في فرض الضريبة على المبيعات بمبدأ تعميم خضوع السلع المصنعة (المحلية والمستوردة) للضريبة في حين التزم بالنسبة إلى خضوع الخدمات للضريبة بمبدأ الانتقائية أي أن المشرع حدد على سبيل الحصر الخدمات التي تخضع لهذه الضريبة بحيث لا يخضع لها إلا الخدمات الواردة بالجدول رقم (2) المرافق للقانون.
ومن بين الخدمات المنصوص عليها بالجدول خدمات التشغيل للغير.
ومن حيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم11 لسنة 1991 ينص في المادة الأولى على أن تفسر عبارة “خدمات التشغيل للغير” الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم11 لسنة 1991، بأنها الخدمات التي تؤدي للغير باستخدام أصول أو معدات مُورِّد الخدمة المملوكة له أو للغير ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه، وهي جميع أعمال التصنيع بما في ذلك تشغيل المعادن ، وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد ، وأعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وأعمال مقاولات التشييد والبناء, وإنشاء وإدارة البنية الأساسية وشبكات المعلومات ، وخدمات نقل البضائع والمواد ، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن ، وخدمات التخزين وخدمات الحفظ بالتبريد ، وخدمات الإصلاح والصيانة وضمان ما بعد البيع ، وخدمات التركيب ، وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان ، وخدمات استغلال الأماكن المجهزة “.
كما ينص في المادة الثانية على أنه “مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره”.
وحيث إن القانون المذكور تضمن في صدر مادته الثانية أثراً رجعياً فقد أحيلت المنازعة في شأنه إلى المحكمة الدستورية العليا التي قضت بجلسة 15/4/2007 في القضية رقم232 لسنة29 ق بما يأتي:
أولا: عدم دستورية عبارة خدمات التشغيل للغير الواردة قرين المسلسل رقم 11 من الجدول رقم 2 المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997.
ثانيا: عدم دستورية صدر المادة 2 من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11/91 الذي ينص على أنه ” مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون “.
ثالثا: رفض ما عدا ذلك من طلبات…”
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما جاء بمنطوق الحكم بعدم دستورية عبارة “خدمات التشغيل للغير” فإن عدم الدستورية هنا ينصب على العبارة فقط دون أن يتعداها إلى الخدمات ذاتها الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 ومنها الخدمة التي كانت محلا للمنازعة في هذا الطعن (نشاط مراكز الغوص) باعتبارها تأجير واستغلال للآلات والمعدات حيث إن الحكم قضى صراحة بدستورية خضوع هذه الخدمات للضريبة.
ومن ثم يكون حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه قد حسم النزاع حول خضوع خدمات التشغيل للغير للضريبة على المبيعات على النحو الوارد بالقانون رقم 11 لسنة 2002 إلا أنه قضى بعدم دستورية الأثر الرجعى لهذا القانون بحيث يعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 21/4/2002.
ومن حيث إن المادة 49/3 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بالقانون رقم 168 لسنة 1998 نصت على أن “… ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا آخر, على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون لـه في جميع الأحوال إلا أثر مباشر, وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص “.
ومن مجموع ما تقدم يبين أن خضوع خدمات التشغيل للغير على النحو الوارد بالقانون رقم 11 لسنة 2002 للضريبة العامة على المبيعات أصبح أمراً محسوماً بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر.
وإذا كان الحكم قضى بعدم دستورية الأثر الرجعى للقانون المذكور فإن المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا بعد تعديلها بالقانون رقم 168 لسنة 1998 حصرت الأثر الرجعى للحكم بالنسبة إلى النصوص الضريبية على من صدر لمصلحته الحكم دون غيره، وعليه فإن خضوع خدمات التشغيل للغير لضريبة المبيعات يكون من تاريخ إخضاعها للجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 إعمالا لحكم المادة 49/3 المذكورة التي حصرت الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية لمن صدر لمصلحته الحكم دون سواه.. بحسبان أن المطعون ضده ليس هو الصادر لمصلحته حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على المنازعة الماثلة ولما كان نشاط المطعون ضده هو أعمال المقاولات ورصف الطرق وهو يندرج تحت الخدمات الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 مما يجعله خاضعا للضريبة بالفئة المقررة قانونا, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفا للقانون حريا بالإلغاء والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.