جلسة 18من مايو سنة 2008
(الدائرة السابعة)
الطعن رقم 3647 لسنة 47 القضائية عليا.
– طوائف خاصة من العاملين- عاملون بالهيئة القومية للبريد-مدى جواز الاحتفاظ بالتسوية الخاطئة
المادتان رقما 8 و11 من القانون رقم 7 لسنة 1984 في شأن تسوية حالات بعض العاملين.
قرر المشرع الاحتفاظ بصفة شخصية للعاملين الموجودين بالخدمة بالمرتبات التي يتقاضونها وقت العمل بالقانون المذكور نتيجة تسوية خاطئة، على أن يستهلك الفرق بين تلك المرتبات والمرتبات المستحقة لهم قانونا من ربع قيمة علاوات الترقية والعلاوات الدورية التي تستحق لهم بعد تاريخ العمل بهذا القانون, كما قرر أيضا بالنسبة للعامل الذي سويت حالته تسوية خاطئة الإبقاء بصفة شخصية على وضعه الوظيفي الحالي الذي وصل إليه نتيجة للتسوية الخاطئة، على أن يعتد عند ترقيته للدرجة التالية بالوضع الوظيفي الصحيح بافتراض تسوية حالته تسوية قانونية وفقا لأحكام القانون الساري وقت إجرائها، ومن ناحية أخرى لا يجوز للجهة الإدارية بعد 30/6/1985 أن تعدل المراكز القانونية للعامل على أي وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذا لحكم قضائي نهائي, كما لا يجوز للعامل أن يرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق التي نشأت بمقتضى أحكام القانون المشار إليه بعد 30/6/1985-تطبيق([1]).
إنه في يوم السبت الموافق 20/1/2001 أودع الطاعنون قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3647 لسنة 47 ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري -الدائرة الثامنة بأسيوط- في الدعوى رقم 1538 لسنة 59 بجلسة 29/11/2000 القاضي بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وعدم الاعتداد بالقرار رقم 667 المؤرخ 1/7/1987 مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار مالية ووظيفية. واحتياطيا: إحالة الدعوى لمحكمة القضاء الإداري بتشكيل مغاير للحكم فيها مجددا بعدم الاعتداد بالقرار رقم 667 لسنة 1987 المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على الوجه المقرر قانوناً، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعنين كانوا يعملون بالهيئة القومية للبريد بأسيوط قبل إحالتهم إلى المعاش، وقامت الجهة الإدارية بتسوية حالتهم الوظيفية طبقا للجدول الثالث المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1975 بشأن تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام، وتدرجت حالتهم الوظيفية من ترقيات وعلاوات بناء على هذه التسوية، إلا أنه بتاريخ 1/7/1987 أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 667 لسنة 1987 متضمنا سحب التسوية المشار إليها، وإعادة تسوية حالتهم الوظيفية طبقا للجدول الثاني المرفق بالقانون رقم 11 لسنة 1975 سالف الذكر، بالمخالفة لحكم المادة (11) مكررا من القانون رقم 135 لسنة 1980 التي حظرت تعديل المركز القانوني للعامل بعد 30/6/1984 إلا بحكم قضائي، الأمر الذي حداهم على إقامة دعوى أمام محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية بأسيوط، قيدت بجدولها برقم 1538 لسنة 9 ق.
وبجلسة 29/11/2000 أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعين المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الهيئة المدعى عليها الأولى (الهيئة القومية للبريد) قد أصدرت القرار رقم 677 لسنة 1978 المؤرخ 1/7/1987 بمنح العاملين بها المستوفين لشروط استحقاق العلاوة الدورية طبقا لنص المادة (38) من لائحة العاملين بالهيئة العلاوة الدورية المستحقة في 1/7/1987 المقررة لدرجات وظائفهم التي يشغلونها، بمراعاة استهلاك مقدار 25% من قيمة العلاوة الدورية المستحقة للعاملين الذين عليهم فروق مالية بين المرتب الخاطئ والمرتب الصحيح، إعمالاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984. ولم يتضمن هذا القرار أي تسوية لحالات المدعين الوظيفية، كما لم يتضمن أي تعديل لمراكزهم القانونية، ولم يتضمن سوى استهلاك للفرق بين المرتب الصحيح والمرتب الخاطئ من قيمة ربع العلاوة الدورية المستحقة، ومن ثم فإن القرار المطعون عليه يكون قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والفساد في الاستدلال؛ حيث إن القرار المطعون فيه رقم 667 لسنة 1987 تضمن تعديل المركز القانوني للمدعين بعد 30/6/1984 وهو الأمر غير الجائز قانونا حتى ولو كان صدر طبقا لحكم القانون رقم 7 لسنة 1984 إذ إنه كان يتعين على جهة الإدارة طبقاً للمادة (11) من هذا القانون أن تجري التسوية الصحيحة للمدعين قبل 30/6/1985، هذا فضلا عن أن القرار الطعين لم يخير المدعين في اختيار التسوية القانونية طبقاً للقانون، وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
ومن حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984 تنص على أنه “… ويحتفظ بصفة شخصية للعاملين الموجودين بالخدمة بالمرتبات التي يتقاضونها وقت العمل بهذا القانون نتيجة تسوية خاطئة، على أن يستهلك الفرق بين تلك المرتبات وبين المرتبات المستحقة قانونا مضافا إليها العلاوتان المنصوص عليهما في المادة الأولى من هذا القانون إذا كانوا من المستحقين لهما، وذلك من ربع قيمة علاوات الترقية والعلاوات الدورية التي تستحق لهم بعد تاريخ العمل بهذا القانون، ومع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية الصادرة أو بالقرارات النهائية بالترقية، للعامل الذي تنطبق عليه أحكام الفقرة السابقة أن يختار بين أحد الوضعين الآتيين:
أ- إعادة تسوية حالته تسوية قانونية مع منحه الزيادة المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون إذا كان ممن تنطبق عليهم هذه الزيادة.
ب- الإبقاء بصفة شخصية على وضعه الوظيفي الذي وصل إليه نتيجة التسوية الخاطئة، مع عدم استحقاقه للزيادة المشار إليها، على أن يعتد عند ترقيته للدرجة التالية بالوضع الوظيفي الصحيح له بافتراض تسوية حالته تسوية قانونية وفقا لأحكام القانون المعمول به عند إجرائها”.
كما تنص المادة (11) من القانون المشار إليه على أنه “يكون ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة فيما يتعلق بالمطالبة بالحقوق التي نشأت بمقتضى أحكام هذا القانون حتى 30/6/1984، ولا يجوز بعد هذا التاريخ تعديل المركز القانوني للعامل على أي وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي”. وقد تم مد المهلة إلى 30/6/1985 بالقانون رقم 138 لسنة 1984.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قرر الاحتفاظ بصفة شخصية للعاملين الموجودين بالخدمة بالمرتبات التي يتقاضونها وقت العمل بهذا القانون نتيجة تسوية خاطئة، على أن يستهلك الفرق بين تلك المرتبات والمرتبات المستحقة لهم قانونا من ربع قيمة علاوات الترقية والعلاوات الدورية التي تستحق لهم بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1984، كما قرر أيضا بالنسبة للعامل الذي سويت حالته تسوية خاطئة الإبقاء بصفة شخصية على وضعه الوظيفي الحالي الذي وصل إليه نتيجة للتسوية الخاطئة، على أن يعتد عند ترقيته للدرجة التالية بالوضع الوظيفي الصحيح بافتراض تسوية حالته تسوية قانونية وفقاً لأحكام القانون الساري وقت إجرائها، ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز للجهة الإدارية بعد 30/6/1985 أن تعدل المراكز القانونية للعامل على أي وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي، كما لا يجوز للعامل أن يرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق التي نشأت بمقتضى أحكام القانون المشار إليه بعد 30/6/1985.
ومن حيث إن دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7076 لسنة 47 ق عليا. بجلسة 3/7/2005 قد قضت بعدم جواز تعديل المركز القانوني للعامل على أي وجه من الوجوه إعمالاً لحكم القانون رقم 7 لسنة 1984 بعد 30/6/1985 إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي، واستندت في ذلك إلى أن المشرع حينما أورد نص المادة (11) من القانون رقم 7 لسنة 1984 الذي حظر بموجبه تعديل المركز القانوني للعامل على أي وجه من الوجوه بعد 30/6/1985 إلا إذا كان تنفيذاً لحكم قضائي نهائي قد هدف إلى المحافظة على استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للعاملين المدنيين بالدولة المخاطبين بأحكام القانون رقم 7 لسنة 1984، بأن وضع حدا نهائياً وتاريخاً محدداً بقصد عدم زعزعة المراكز القانونية، سواء من جانب جهة الإدارة أو من جانب العامل، ويسري في حقهما دون مغايرة بين الحقين، ومن ثم فلا يسوغ الاحتجاج بأن حق الجهة الإدارية في إجراء التسوية الفرضية الصحيحة للعامل الذي سويت حالته تسوية خاطئة لا يتقيد بالميعاد المنصوص عليه في المادة (11) من القانون رقم 7 لسنة 1984؛ حيث إن نص المادة هو نص عام جاء مطلقا ويتعين تطبيقه في ضوء الحكمة المبتغاة من إيراده، وهو أن المشرع قصد إلى استقرار الأوضاع والمراكز القانونية التي نشأت بمقتضى أحكام القوانين المشار إليها، ومن ثم فإن تقييد حق العامل في رفع الدعوى المتعلقة بالمطالبة بحق من الحقوق التي خولتها إياه أحكام القانون رقم 7 لسنة 1984 بالميعاد المنوه به حتى 30/6/1985يقابله تقييد حق الجهة الإدارية في إجراء أية تسوية قانونية بعد التاريخ المشار إليه، ولا ينال من ذلك أن هذا القيد يؤدي إلى إهدار النص التشريعي الوارد في المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984؛ لأنه لا تعارض بين أن تقوم الجهة بإعمال سلطتها في إجراء التسوية القانونية طبقاً لحكم المادة الثامنة وبين مراعاتها أن يكون ذلك في موعد غايته 30/6/1985، وإنه بفوات هذا الميعاد دون أن تقوم الجهة الإدارية بإعمال التسوية الصحيحة قانوناً فإن التسوية الخاطئة تصبح في هذه الحالة هي التسوية الواجب الاعتداد بها قانونا، والتي تسري في حق العامل بعد إذ استغلق على الإدارة إجراء أي تعديل في المركز القانوني للعامل بعد 30/6/1985.
وحيث إنه صدر القرار الإداري رقم 667 المؤرخ 1/7/1987 بمنح العاملين المستوفين لشروط منح العلاوة الدورية طبقاً لنص المادة (38) من لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية للبريد العلاوة الدورية المستحقة لهم في 1/7/1987، المقررة لدرجات وظائفهم التي يشغلونها بالشروط والأوضاع المنصوص عليها بالقرار المذكور، مع استهلاك 25% من قيمة العلاوة الدورية المستحقة للعاملين الموضح أمام أسمائهم فروق مالية بين الراتب الخطأ والراتب الصحيح إعمالاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984، ومن بينهم الطاعنون، فإن القرار الطعين والحال كذلك لم يتضمن تسوية لحالة الطاعنين الوظيفية تغير من مراكزهم القانونية؛ حيث إن القرار المذكور اقتصر فقط في هذا الخصوص على النص على استهلاك الفرق بين الراتب الصحيح والراتب الخطأ من قيمة ربع العلاوة الدورية المستحقة للطاعنين، ومن ثم فإن القرار الطعين يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون، وإذ اعتصم الحكم الطعين بهذا الهدي؛ فإنه يكون متفقا والتطبيق الصحيح لأحكام القانون ويكون الطعن الماثل غير قائم على سنده السليم من القانون خليقا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات.
(([1] راجع كذلك حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7076 لسنة 47 ق عليا بجلسة 3/7/2005.