جلسة 24 من مايو سنة 2008
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 11756 لسنة 50 القضائية عليا.
– انتهاء الخدمة– الحكم على العامل بعقوبة جناية– سلطة لجنة شئون العاملين في إنهاء خدمة العامل إذا كان الحكم عليه لأول مرة– مفهوم الحكم الجنائي النهائي.
المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
لم يجعل المشرع من الحكم على العامل بعقوبة جناية، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة لأول مرة سبباً في إنهاء الخدمة، بحيث يتوجب على جهة الإدارة إنهاء الخدمة لتوافر هذا السبب وإنما خول جهة الإدارة– لجنة شئون العاملين– سلطة تقديرية في إنهاء خدمة العامل أو عدم إنهائها وفقاً لما تقدره وتراه من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة من أن بقاء العامل في وظيفته يتعارض مع مقتضيات تلك الوظيفة أو طبيعة العمل ،أو عدم قيام هذا التعارض- يشترط في الحكم الجنائي الذي تنتهي به خدمة العامل في هذه الحالة أن يكون نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي به، وأن يكون صادرا عن محكمة عادية، وأن يكون صادراً عن محكمة وطنية، وألا ينطوي الحكم على وقف تنفيذ العقوبة، وأن ترى لجنة شئون العاملين عدم صلاحية العامل في الاستمرار في وظيفته إذا كان الحكم عليه لأول مرة- الحكم النهائي المقصود في هذه الحالة هو الحكم القابل للتنفيذ حتى ولو كان ممكنا الطعن عليه بالنقض أو بالتماس إعادة النظر بوصف أن هذين الطريقين هما طريقان غير عاديين للطعن على الأحكام، على أن إنهاء الخدمة في هذه الحالة يكون متوقفا على نتيجة الطعن بالنقض، فإذا نقض الحكم وقضى ببراءة العامل من التهمة المنسوبة إليه كان قرار إنهاء الخدمة منعدما لعدم صحة السبب الذي قام عليه- تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 9/6/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط– الدائرة الثانية بجلسة 14/4/2004 في الدعوى رقم 1881 لسنة 9ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الادارية المصروفات.
وطلب الطاعنون –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى، وتأييد القرار المطعون فيه فيما قضى به من إنهاء خدمة المطعون ضده وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة فقررت بجلسة 12/11/2007 إحالته الى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة2/2/2008 وبها نظرته هذه المحكمة وقررت التأجيل لجلسة 12/4/2008 للاطلاع والمذكرات وفي هذه الجلسة قدم المطعون ضده مذكرة دفاع طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، وفي ذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 24/5/2008 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 8/8/1998 أقام المطعون ضده (المدعي) الدعوى رقم 1881 لسنة 59 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط ضد الطاعنين بصفاتهم “كمدعى عليهم” بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 19 لسنة 1998 الصادر عن مديرية التربية والتعليم بالمنيا بإنهاء خدمته واعتباره كأن لم يكن مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر شرحا للدعوى أنه حاصل على دبلوم زراعة سنة 1981، ويعمل بوظيفة مشرف وسائل تعليمية بالدرجة الرابعة بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية بالمنيا وانقطع عن العمل من 5/11/1996 حتى 5/8/1997 وتم مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه بسبب هذا الانقطاع ، إلا أنه فوجئ بصدور قرار مديرية التربية والتعليم بالمنيا رقم 19 لسنة 1998 بإنهاء خدمته وتم إخطاره بهذا القرار بتاريخ 9/6/1998.
ونعى على قرار إنهاء خدمته سالف الذكر صدوره بالمخالفة لأحكام القانون لأنه استند إلى اتهامه في الجنحة رقم 6602 لسنة 1995 جنح مركز المنيا الصادر فيها الحكم بحبسه لمدة سنة والمؤيدة استئنافيا بالاستئناف رقم 13961 لسنة 1995 استئناف المنيا بالرغم من أن هذا الحكم مطعون عليه بطريق النقض المقيد برقم 119 لسنة 1996 بتاريخ 10/2/1996 والمرجح إلغاؤه ، خاصة وأن المتهمة بالدعارة في هذه القضية نفت أية علاقة بينهما .
وبجلسة 14/4/2004 قضت محكمة القضاء الإداري بأسيوط – الدائرة الثانية – بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وهو الحكم محل الطعن الماثل .
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه بإنهاء خدمة المدعي صدر استنادا إلى ما تقضي به المادة 94/7 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 للحكم على المدعي في القضية رقم 6602 لسنة 1995 جنح مركز المنيا المستأنفة بالقضية رقم 12275 لسنة 1995 مستأنف جنح المنيا بالحبس لمدة سنة مع الشغل وغرامة مئة جنيه بتهمة التحريض والمساعدة على الدعارة وقد رأت لجنة شئون العاملين بجلستها المنعقدة في 6/3/1998 أن ما ارتكبه المذكور جريمة مخلة بالشرف والأمانة ويتعارض بقاؤه مع مقتضيات الوظيفة، وانتهت إلى الموافقة على إنهاء خدمته وتم اعتماد توصيتها من محافظ المنيا في 23/4/1998 وصدر بناء على ذلك القرار المطعون فيه، وأنه لما كان الثابت أن المدعي طعن على حكم الإدانة الصادر ضده بطريق النقض بالطعن رقم 4693 لسنة 66ق وبجلسة 12/5/2003 قضت محكمة النقض “الدائرة الجنائية” بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة الطاعن وببراءته مما أسند اليه وبالتالى فإن الأساس الذي بني عليه قرار إنهاء خدمة المدعى يكون قد انهار مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين فقد أقاموا عليه الطعن الماثل على سند مما نعوه على الحكم المطعون فيه من مخالفة الواقع والقانون والخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ وذلك لأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده ارتكب الجريمة المسندة إليه، وأن محكمة النقض أثبتت في حكمها أن المذكور ارتكب جريمة الزنا والفحشاء مع المتهمة الأولى لقاء أجر، وهي جريمة يندى لها الجبين ومخلة بالشرف، ومن ثم يكون قرار إنهاء خدمته جديرا بالتأييد، خاصة أن المطعون ضده يعمل في مجال التربية والتعليم وأنه حرصا على النشء وتلاميذ المدارس التي يعمل بها وصيانة لكرامة الوظيفة العامة يتعين إنهاء خدمته، وإذ صدر الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف الواقع والقانون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة 94 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن “تنتهي خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية:…7– الحكم عليه بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ.
ومع ذلك فإذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة فلا يؤدي الى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل…”.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع لم يجعل من الحكم على العامل بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة لأول مرة سببا من أسباب انتهاء الخدمة بحيث يتوجب على جهة الإدارة إنهاء خدمته لتوافر هذا السبب وإنما خول جهة الإدارة –لجنة شئون العاملين– سلطة تقديرية في إنهاء خدمة العامل، أو عدم إنهائها وفقا لما تقدره وتراه من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة من أن بقاء العامل في وظيفته يتعارض مع مقتضيات تلك الوظيفة أو طبيعة العمل أو عدم قيام هذا التعارض.
ويشترط في الحكم الجنائى الذي تنتهي به خدمة العامل في هذه الحالة أن يكون نهائيا حائزا لقوة الأمر المقضى به وأن يكون صادرا عن محكمة عادية وأن يكون صادرا عن محكمة وطنية و ألا ينطوى الحكم على وقف تنفيذ العقوبة، وأن ترى لجنة شئون العاملين عدم صلاحية العامل في الاستمرار في وظيفته إذا كان الحكم عليه لأول مرة.
والحكم النهائى المقصود في هذه الحالة هو الحكم القابل للتنفيذ حتى ولو كان ممكنا الطعن عليه بالنقض أو بالتماس إعادة النظر؛ بوصف أن هذين الطريقين هما طريقان غير عاديين للطعن على الأحكام، على أن إنهاء الخدمة في هذه الحالة يكون متوقفا على نتيجة الطعن بالنقض فإذا نقض الحكم وقضى ببراءة العامل من التهمة المنسوبة إليه كان قرار إنهاء الخدمة منعدما لعدم صحة السبب الذي قام عليه.
ومن حيث إنه هديا بما تقدم، ولما كان الثابت أن المطعون ضده اتهم وآخرون في الجنحة رقم 6602 لسنة 1992 جنح مركز المنيا بأنهم حرضوا المتهمة الأولى على ارتكاب الدعارة والمساعدة والتسهيل على النحو المبين بالأوراق وقضت محكمة المنيا الجزئية بجلسة 27/11/1995 بحبس المذكور سنة مع الشغل وكفالة مئة جنيه وغرامة مئة جنيه حيث استأنف الحكم بالاستئناف رقم 12275 لسنة 1995 مستأنف جنح المنيا وبجلسة 17/1/1996 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن عليه المذكور بالنقض.
ومن حيث إن لجنة شئون العاملين ارتأت بجلسة 16/3/1998 من واقع الحكمين سالفي الذكر أن بقاءه يتعارض مع مقتضيات الوظيفة بحسبان أن الواقعة المنسوبة إليه مخلة بالشرف وارتأت إنهاء خدمته وتم اعتماد توصيتها من محافظ المنيا بتاريخ 23/4/1998 ثم أعيد عرض الموضوع على لجنة شئون العاملين بجلسة 24/6/1998 ثم بجلسة 12/7/1998 فقررت أنها مازالت عند رأيها السابق بإنهاء خدمته.
ومن حيث إن الثابت أن محكمة النقض –الدائرة الجنائية– الاثنين “ب” أصدرت بجلسة 12/5/2003 حكمها في الطعن المقيد في جدول النيابة برقم 4693 لسنة 1996 وبجدول المحكمة برقم 4693 لسنة 66ق المقام من /…. (المطعون ضده) ضد النيابة العامة في الاستئناف رقم 12275 لسنة 1995 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه و إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة الطاعن وببراءته مما أسند إليه .
ومن حيث إنه بصدور حكم محكمة النقض سالف الذكر، فإن السبب والأساس الذي بني عليه قرار إنهاء خدمة المطعون ضده يكون قد انهار مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتبارا من 23/4/1998 وما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بذات النظر المتقدم وانتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد واكب الصواب وصادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن الماثل على غير سند من الواقع والقانون جديرا بالرفض.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما قررته الجهة الإدارية في تقرير الطعن؛ ذلك أن الثابت أن محكمة النقض قد برأت المطعون ضده من الجريمة المنسوبة إليه والتي كانت هي سبب إصدار قرار إنهاء خدمته المطعون فيه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.