جلسة 27 من مايو سنة 2008
(الدائرة الثالثة)
الطعن رقم 13737 لسنة 50 القضائية عليا.
– تنفيذه- الجزاءات التي يجوز للإدارة توقيعها على المتعاقد المقصر- غرامة التأخير- الإعفاء الضمني منها.
غرامات التأخير في العقود الإدارية مقررة ضمانا لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصاً على حسن سير المرافق العامة- اقتضاؤها منوط بتقدير الجهة الإدارية للظروف التي يتم فيها تنفيذ العقد وظروف المتعاقد فتعفيه من بعض الجزاءات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها بما في ذلك غرامة التأخير- قرار جهة الإدارة بعدم حرصها على تنفيذ العقد في المواعيد لكون تنفيذه في هذا الوقت غير لازم يعتبر بمثابة إعفاء ضمني للمتعاقد من تنفيذ الغرامة عليه مما لا يكون معه محل لتوقيع غرامة التأخير- إذا تسلمت الإدارة الأعمال المسندة للمقاول تسلما ابتدائيا فلا يجوز لها بعد ذلك توقيع غرامة التأخير- تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق 13/7/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين تقريرا بالطعن الماثل قيد بجدولها برقم13737 لسنة 50ق. عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعوى رقم1733 لسنة8ق بجلسة 27/5/2004 القاضي بإلزام الجهة الإدارية أن تؤدي للمدعي مبلغ 149621 جنيها وفوائده القانونية على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة المذكورة المصروفات.
وطلب الطاعنون-للأسباب الواردة بتقرير الطعن-الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا: أولا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعي عليهم الأول والثاني والثالث بصفاتهم. ثانيا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي. وتم إعلان الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 7/3/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا-الدائرة الثالثة-موضوع، وحددت لنظره جلسة 22/5/2007. ونظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 11/3/2008 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 22/4/2008 حيث قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل-حسبما يبين من الأوراق-في أن المطعون ضده أقام ابتداء الدعوى رقم 11053 لسنة 1994 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المطعون ضدهم بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 9/11/1994 وطلب في ختامها الحكم بإلزام جهة الإدارة بأن ترد له مبلغ 149621 جنيها قيمة غرامة التأخير التي خصمت منه والفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ.
وشرحا للدعوى ذكر المطعون ضده أنه تعاقد مع الجهة الإدارية على تنفيذ عملية إنشاء 120 وحدة سكنية مخفضة التكاليف بمدينة الغردقة على أن يتم تنفيذ العملية في 18 شهرا، ثم أسند إليه إنشاء وحدات إضافية ينتهي تنفيذها في 9/8/1992 وبناء على طلبه وافقت مديرية الإسكان على مد المدة المقررة للتنفيذ شهرين بحيث يصبح الميعاد المقرر للانتهاء من التنفيذ 8/10/1992، ومع أنه قام بتسليم الأعمال محل العقد بتاريخ 5/10/1992 -أي قبل الميعاد المحدد- وَقَّعت عليه جهة الإدارة غرامة تأخير وخصمت قيمة الغرامة ومقدارها 149621 جنيها من مستحقاته لديها، ومن ثم يحق له طلب الحكم بطلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 25/2/1995 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، حيث وردت الدعوى إلى تلك المحكمة وقيدت بجدولها برقم 5639 لسنة 49 ق، وبجلسة 14/5/2000 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بقنا وقيدت بجدولها برقم 1733 لسنة 8ق.
وبجلسة 27/5/2004 حكمت المحكمة بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي مبلغ 419621 جنيها وفوائده القانونية على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة المذكورة المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أن غرامة التأخير محل المنازعة تتعلق بالأعمال الإضافية التي وافق المطعون ضده على تنفيذها والتي بلغت نسبتها 100% من حجم العقد الأصلي وقد امتد الميعاد المحدد لتسليم تلك الأعمال إلى 8/10/1992 بموافقة السلطة المختصة وتم تسليم الأعمال في 5/10/1992 أي قبل انتهاء المدة المحددة للتسليم، ومن ثم يكون المطعون ضده قد أنهي الأعمال الإضافية في الميعاد دون تأخير وتكون جهة الإدارة قد خالفت القانون حينما استجابت إلى طلب الجهاز المركزي للمحاسبات وخصمت من مستحقات المطعون ضده مبلغ 149621 جنيها كغرامة تأخير وبالتالي يتعين الحكم بإلزام الجهة الإدارية برد هذا المبلغ وفوائده القانونية إلى المطعون ضده.
ولم ترتض جهة الإدارة الطاعنة هذا الحكم فأقامت طعنها الماثل على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وذلك لعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثاني والثالث بصفاتهم؛ إذ إن عقد المقاولة محل التداعي مبرم بين مديرية الإسكان بمحافظة البحر الأحمر التي يمثلها المحافظ، والمطعون ضده، ومن ثم فإن المدعى عليه الرابع بصفته (الطاعن الرابع) هو وحده صاحب الصفة في النزاع المطروح سواء في الدعوى أو الطعن دون باقي المدعى عليهم. هذا فضلا عن أن الثابت من الأوراق أن ميعاد إنهاء العملية هو 9/8/1992 وقد سلم المطعون ضده آخر ثلاث عمارات في 5/10/1992 وبالتالي يكون المطعون ضده قد أخل بالتزامه وتأخر عن الميعاد المحدد ويحق للجهة الإدارية توقيع غرامة التأخير عليه، دون أن ينال من ذلك أن جهة الإدارة وافقت على إضافة 105 أيام إلى مدة العملية ليكون ميعاد الإنهاء 22/11/1992 بدلا من 9/8/1992 نظير زيادة حجم الأعمال؛ ذلك أن هذه الزيادة كانت بنسبة 24% وبالتالي تسري عليها ذات شروط العقد دون طلب زيادة مدة التنفيذ بالإضافة إلى أن موافقة جهة الإدارة على مد ميعاد انتهاء العملية كان بتاريخ 4/9/1993 بناء على طلب المطعون ضده المقدم في 2/9/1993 أي أن الموافقة على المد كانت بعد قيام المطعون ضده بتسليم العملية في 5/10/1992 ومن ثم لا يعتد بهذه الموافقة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بتقرير الطعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثاني والثالث في الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها، فإن الذي يمثل الجهات الإدارية التي نقل الإشراف عليها إلى الإدارة المحلية أمام القضاء وفي مواجهة الغير هو المحافظ وذلك إعمالا لحكم المادة الرابعة من قانون الإدارة المحلية رقم43 لسنة 1979 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1981، ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مديرية الإسكان بمحافظة البحر الأحمر هي التي أسندت العملية محل التداعي وتعاقدت مع المطعون ضده بشأنها فإن محافظ البحر الأحمر بصفته هو الذي يمثلها قانونا في الدعوى المطعون في حكمها وبالتالي في الطعن الماثل، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم سالفي الذكر وإخراجهم من الدعوى بلا مصاريف. وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين تعديله في هذا الشق منه.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن غرامات التأخير في العقود الإدارية مقررة ضمانا لتنفيذ هذه العقود في المواعيد المتفق عليها حرصا على حسن سير المرافق العامة، وأن اقتضاء غرامات التأخير منوط بتقدير الجهة الإدارية التي لها أن تقدر الظروف التي يتم فيها تنفيذ العقد وظروف المتعاقد، فتعفيه من بعض الجزاءات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها بما في ذلك غرامة التأخير،كما أن إقرار الإدارة بأنها لم تحرص على تنفيذ العقد في المواعيد ترتيبا على أن تنفيذه في هذا الوقت كان غير لازم يعتبر بمثابة إعفاء ضمني للمتعاقد من تنفيذ الغرامة عليه مما لا يكون معه محل لتوقيع غرامة التأخير، وأنه إذا تسلمت الإدارة الأعمال المسندة للمقاول تسلما ابتدائيا فلا يجوز لها بعد ذلك توقيع غرامة التأخير.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قدم طلبا إلى محافظ البحر الأحمر بتاريخ 2/9/1993 بإضافة مدة شهرين إلى مدة تنفيذ الأعمال الإضافية البالغة 100% من العقد الأصلي ليصبح تاريخ انتهاء الأعمال هو 8/10/1992 بدلا من 9/8/1992، وإذ تم تسليم الأعمال في 5/10/1992 وافق المحافظ واعتبرت جهة الإدارة أن المقاول المطعون ضده أتم تنفيذ هذه الأعمال في الميعاد استعمالا لسلطتها التقديرية في أن التنفيذ في هذا الوقت الذي كان محددا له 9/8/1992 كان غير لازم فضلا عن تقدير ظروف المقاول وبالتالي أعفته من غرامة التأخير إلا أن جهة الإدارة عادت وخصمت غرامة تأخير مقدارها 149621 جنيها من مستحقات المطعون ضده بناء على طلب الجهاز المركزي للمحاسبات، الأمر الذي تكون معه جهة الإدارة الطاعنة قد خالفت القانون ويتعين إلزامها برد هذا المبلغ للمطعون ضده وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 9/11/1994 عملا بحكم المادة 226 من القانون المدني. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون في هذا الشق منه ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس خليقا بالرفض.
ومن حيث إن جهة الإدارة قد أخفقت في بعض طلباتها، ومن ثم يتعين إلزامها والمطعون ضده بالمصروفات مناصفة عملا بحكم المادة 186 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بقبول الدعوى شكلا بالنسبة للمدعى عليه الرابع فقط (الطاعن الرابع) وبإلزامه أن يؤدي للمدعى عليه (المطعون ضده) مبلغا مقداره ,000149,621جنيها (مئة وتسعة وأربعون ألفا وست مئة وواحد وعشرون جنيها) والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 9/11/1994 وحتى تمام السداد، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.