جلسة 7 من يوليو سنة 2008
(الدائرة الثانية)
الطعن رقم 13274 لسنة 50 القضائية عليا.
– تقرير الكفاية– ضمانات حياده.
المادتان (28) و (29) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
وضع المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ضمانات معينة تبعد تقارير الكفاية وبيانات الأداء عن التأثر بالأهواء الشخصية والأغراض الخاصة لما لهذه التقارير والبيانات من أثر بالغ في حياة العاملين الوظيفية، وتحقيق هذه الضمانات يقتضى أن يتوافر فيمن يشترك في وضعها شروط الحياد حتى يتوافر الاطمئنان إلى عدالته وتجرده من الميل والهوى، فإذا قام به سبب يستنتج منه بحسب الغالب الأعم أنه مما تضعف له النفس ويخشى أن يؤثر فيه بما يجعله يميل عن رأيه إلى ما يقتضيه هذا السبب بحسب ما يثيره في النفس من نوازع من اتجاه إلى محاباة العامل أو الإضرار به؛ وجب عليه عدم الاشتراك في وضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء، ومن الأسباب التي تقتضي ذلك: أن يكون بين العامل ومن يشترك في وضع التقرير أو بيان تقييم الأداء خصومة قائمة؛ إذ في وجودها ما يستوجب تجنيبه عن الاشتراك في وضع تقرير الكفاية أو تقييم الأداء بأي وجه، والأمر كذلك حتى إذا لم تكن ثمة خصومة قضائية بينهما ما دامت العداوة والبغضاء قد دبت بينهما، إذ يجب على من يشترك في وضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء في هذه الحالة أن يشعر بما يسببه ذلك له وللعامل ذي الشأن من حرج، فيتنحى من تلقاء نفسه، فإذا قام رغم ذلك بوضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء رغم وجود هذا المانع فإن عدم صلاحيته المترتبة على ذلك من شأنها أن تبطل تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء- تطبيق.
في يوم الاثنين الموافق 5/7/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بقنا بجلسة 13/5/2004 في الدعوى رقم 257 لسنة 9 ق القاضي في منطوقه بإلغاء تقرير الكفاية المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة فقررت بجلسة 12/11/2007 إحالته إلى الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 19/1/2008 وبها نظرته هذه المحكمة وتدوول بالجلسات على النحو والأسباب المبينين بمحضر الجلسة، وبجلسة 24/5/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 5/7/2008 وبها قررت إعادته للمرافعة لجلسة 7/7/2008 للتعديل الذي طرأ على رئاستها، ثم قررت إصدار الحكم فيه آخر الجلسة حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 16/6/2000 أقام المطعون ضده (كمدعٍ) الدعوى رقم 257 لسنة 9 ق أمام محكمة القضاء الإداري بقنا ضد الطاعنين بصفتيهما (كمدعى عليهما) بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء تقدير كفايته عن عام 2000 بمرتبة جيد جداً وبأحقيته في تقديره بمرتبة ممتاز وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وذكر شرحاً للدعوى أنه يعمل بمديرية القوي العاملة بقنا، وطوال فترة عمله الممتدة إلى ثلاث وثلاثين سنة كان مثالاً للعامل المنضبط وكان قدوة لكافة العاملين بالمديرية حتى شغل وظيفة وكيل المديرية وقائم بعمل مدير المديرية حتى سبتمبر عام 1999، وبمجرد حضور مدير المديرية الحالي/ … ولخلاف شخصي بينهما للمنافسة على وظيفة مدير عام المديرية قام بنقله إلى وظيفة رئيس اللجنة الثلاثية وعين بدلاً منه/… وكيلاً للمديرية فأقام الدعوى رقم 15 لسنة 8 ق بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار تعيين/… في وظيفة وكيل المديرية وبأحقيته (المدعي) في شغل هذه الوظيفة، وترتب على ذلك اتحاد مدير عام المديرية ووكيل المديرية واستغلالهما لسلطتهما وقاما بتخفيض تقرير كفايته عن عام 2000 من ممتاز إلى جيد جداً فتظلم من هذا التقدير في 27/6/2001 دون جدوى.
ونعى على قرار تقدير كفايته عن عام 2000 بمرتبة جيد جداً المطعون فيه مخالفته للقانون، وذلك لأن الرئيس المباشر له قدر كفايته بمرتبة ممتاز وقام كل من مدير المديرية ووكيل المديرية بتخفيضه إلى مرتبة جيد جداً للحيلولة بينه وبين شغل وظيفة مدير المديرية وبالرغم من وجود خلافات شخصية بينه وبينهما ولقيامه برفع دعوى بإلغاء قرار تخطيه في التعيين في وظيفة وكيل المديرية وللحيلولة بينه وبين شغل وظيفة مدير عام المديرية.
وبجلسة 13/5/2004 قضت محكمة القضاء الإداري بقنا بإلغاء تقرير الكفاية المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار. وشيدت المحكمة قضاءها على أن الرئيس المباشر للمدعي قام بتقدير كفايته عن عام 2000 المطعون فيه بمرتبة ممتاز (93 درجة) إلا أن الرئيس الأعلى وأيدته في ذلك لجنة شئون العاملين قاما بخفض التقرير إلى مرتبة جيد جداً (88 درجة)، وأن الرئيس الأعلى استند في تخفيض التقرير إلى:
وأن المحكمة ترى أن تلك الأسباب لا تؤدي إلى خفض تقرير الكفاية، وأن الرئيس المباشر لأعمال اللجان الثلاثية هو المختص بوضع تقرير كفاية المدعي؛ لأنه هو الأقدر على ذلك فضلاً عن أن مدير عام المديرية/… وهو الرئيس الأعلى والذي قام بتخفيض التقرير توجد بينه وبين المدعي خلافات في مجال التنافس على شغل وظيفة مدير عام المديرية وأن المذكور عين: … وكيلا للمديرية بدلاً من المدعي الذي كان يشغل هذه الوظيفة وقد أقام المدعي الدعوى رقم 15 لسنة 8 ق لإلغاء هذا القرار، ومن ثم كان يتعين على مدير المديرية التنحي عن الاشتراك في وضع تقرير كفاية المدعي ويكون اشتراكه في وضعه -رغم وجود مانع يفقده عنصر الحياد ويصبح معه غير صالح لتقييم عمل المدعي- مخالفاً للقانون، ويتعين لذلك الحكم بإلغاء تقرير كفاية المدعي عن عام 2000 بمرتبة جيد جداً وما يترتب على ذلك من آثار .
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاما عليه طعنهما الماثل على سند مما نعياه على الحكم المطعون فيه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك لأن الرئيس الأعلى ولجنة شئون العاملين قاما بتخفيض تقرير كفاية المطعون ضده من ممتاز إلى جيد جداً وذلك لعدم ذكر عناصر التميز التي تبرر تقدير كفاية المطعون ضده بمرتبة ممتاز ومن ثم فإن تقدير كفاية المطعون ضده بمرتبة جيد جداً يكون قائماً على سببه المبرر له قانوناً وخالياً من إساءة استعمال السلطة ويكون صحيحاً قانوناً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه جديراً بالإلغاء والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
ومن حيث إن المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن “تضع السلطة المختصة نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها.
ويكون قياس الأداء مرة واحدة قبل وضع التقرير النهائي لتقدير الكفاية وذلك من واقع السجلات والبيانات التي تعدها الوحدة لهذا الغرض ونتائج التدريب المتاح وكذلك أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها في قياس كفاية الأداء.
ويعتبر الأداء العادي هو المعيار الذي يؤخذ أساساً لقياس كفاية الأداء ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد جداً أو جيد أو متوسط أو ضعيف .
وتضع السلطة المختصة نظاماً يتضمن تحديد الإجراءات التي تتبع في وضع وتقديم واعتماد تقارير الكفاية والتظلم منها …”.
وتنص المادة (29) من هذا القانون على أنه “يجب إخطار العاملين الذين يرى رؤساؤهم أن مستوى أدائهم أقل من مستوى الأداء العادي بأوجه النقص في هذا الأداء طبقاً لنتيجة القياس الدوري للأداء أولا بأول”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وضع ضمانات معينة تبعد تقارير الكفاية وبيانات الأداء عن التأثر بالأهواء الشخصية والأغراض الخاصة لما لهذه التقارير والبيانات من أثر بالغ في حياة العاملين الوظيفية ويقتضي تحقيق هذه الضمانات أن يتوافر فيمن يشترك في وضعها شرط الحياد حتى يتوافر الاطمئنان إلى عدالته وتجرده من الميل والهوى، فإذا قام به سبب يستنتج منه بحسب الأغلب الأعم أنه مما تضعف له النفس ويخشى أن يؤثر فيه بما يجعله يميل في رأيه إلى ما يقتضيه هذا السبب بحسب ما يثيره في النفس من نوازع من اتجاه إلى محاباة العامل أو الإضرار به وجب عليه عدم الاشتراك في وضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء، ومن الأسباب التي تقتضي ذلك أن يكون بين العامل ومن اشترك في وضع التقرير أو بيان تقييم الأداء خصومة قائمة إذ في وجودها ما يستوجب تجنيبه الاشتراك في وضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء بأي وجه، والأمر كذلك حتى إذا لم تكن ثمة خصومة قضائية بينهما ما دامت العداوة والبغضاء قد دبت بينهما، إذ يجب على من يشترك في وضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء في هذه الحالة أن يشعر ما يسببه ذلك له وللعامل ذي الشأن من حرج فيتنحى من تلقاء نفسه، فإذا قام رغم ذلك بوضع تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء رغم وجود هذا المانع فإن عدم صلاحيته المترتبة على ذلك من شأنها أن تبطل تقرير الكفاية أو بيان تقييم الأداء.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق والمستندات أن المطعون ضده كان يشغل وظيفة وكيل مديرية القوى العاملة بقنا ثم نقل إلى وظيفة رئيس لجان الفصل الثلاثية بمنطقة القوى العاملة بقنا وقامت الرئيسة المباشرة له (مدير المنطقة) بتقدير كفايته عن عام 2000 بمرتبة ممتاز (93 درجة) إلا أن الرئيس المباشر الآخر (وكيل المديرية) والرئيس الأعلى (مدير عام المديرية) ، قاما بتقدير كفايته بمرتبة جيد جداً (88 درجة) وأثبت الرئيس الأعلى أسباب خفض التقرير وهي:
ومن حيث إنه لما كان الثابت وجود خلافات ونزاعات وخصومات قضائية وشخصية بين المطعون ضده وبين كل من مدير عام المديرية ووكيل المديرية بسبب أن المطعون ضده كان يعمل بوظيفة وكيل المديرية وقائم بعمل مدير المديرية وقام مدير عام المديرية بنقله إلى وظيفة رئيس لجان الفصل الثلاثية بمنطقة قنا، وقام المطعون ضده برفع الدعوى رقم 15 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإداري بقنا بطلب إلغاء قرار تخطيه في التعيين في وظيفة مدير عام المديرية وبإلغاء قرار تعيين /… في وظيفة وكيل المديرية ومن ثم فإن تلك الخلافات والنزاعات والخصومات القضائية تضحى سبباً يدعو إلى عدم اشتراك كل من مدير عام المديرية ووكيل المديرية في تقدير كفاية المطعون ضده ، وإذ قام كل منهما بالاشتراك في وضع تقرير كفاية المطعون ضده عن عام 2000 وقاما بخفض التقدير الذي قدرته الرئيسة المباشرة للمطعون ضده بمرتبة ممتاز (93 درجة) إلى جيد جداً (88 درجة) رغم وجود هذا المانع وهو وجود الخلافات والخصومات القضائية وبما يجعلهما غير صالحين لتقدير كفاية المطعون ضده وبما يلقي من ظلال كثيفة من الشك في تقديرهما فإن هذا التقرير يكون باطلاً ويتعين لذلك إلغاء قرار تقدير كفاية المطعون ضده عن عام 2000 بمرتبة جيد جداً (88 درجة) وما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بذات النظر المتقدم وانتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد واكب الصواب وصادف صحيح حكم القانون ويضحى الطعن الماثل عليه على غير سند من الواقع والقانون، حرياً لذلك برفضه وهو ما تقضي به هذه المحكمة.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.