جلسة 3 من يوليه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسينى عبد المجيد مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عادل محمود زكى فرغلى، وإسماعيل صديق محمد راشد، وكمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمد منير السيد جويفل، والسيد محمد السيد الطحان، وغبريال جاد عبد الملاك، ود. حمدى محمد أمين الوكيل، وإدوارد غالب سيفين، وسامى أحمد محمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 8076 لسنة 47 قضائية . عليا:
عاملون مدنيون بالدولة ــ تسوية ــ التسوية الخاطئة ــ مدى جواز تعديل المركز القانونى للعامل فى ظل سريان العمل بأحكام القانون رقم 7 لسنة 1984.
المادتان (8)، (11) من القانون رقم 7 لسنة 1984 والأخيرة معدلة بالقانون رقم 138 لسنة 1984.
المشرع قرر الاحتفاظ بصفة شخصية للعاملين الموجودين بالخدمة بالمرتبات التى يتقاضونها وقت العمل بهذا القانون نتيجة تسوية خاطئة، على أن يُستهلك الفرق بين تلك المرتبات والمرتبات المستحقة لهم قانوناً من ربع قيمة علاوات الترقية والعلاوات الدورية التى تُستحق لهم بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1984. وقرر المشرع ــ أيضًا ــ بالنسبة للعامل الذى سويت حالته تسوية خاطئة الإبقاء بصفة شخصية على وضعه الوظيفى الحالى الذى وصل إليه نتيجة للتسوية الخاطئة على أن يعتد عند ترقيته للدرجة التالية بالوضع الوظيفى الصحيح بافتراض تسوية حالته تسوية قانونية وفقاً لأحكام القانون السارى وقت إجرائها، وحرصاً من المشرع على استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للعاملين المدنيين بالدولة المخاطبين بأحكام القانون رقم 7 لسنة 1984، قرر أنه لا يجوز للجهة الإدارية بعد 30/6/1985 أن تعدل المركز القانونى للعامل على أىّ وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائى نهائى، كما لا يجوز للعامل أن يرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق التى نشأت بمقتضى أحكام القانون المشار إليه بعد 30/6/1985ــ تطبيق.
بتاريخ 23/5/2001 أودع الطاعنان بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرًا بالطعن قيد برقم 8076/47 ق. فى الحكم الصادر من محكمة القضاه الإدارى بالمنصورة بجلسة 25/3/2001 فى الدعوى رقم 2131/20 ق والذى قضى «بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالقرار المطعون فيه رقم 55 لسنة 1988، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات».
وطلب الطاعنان ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى .
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها؛ حيث قررت بجلسة 23/11/2003 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثامنة ــ موضوع) وحددت لنظره جلسة 25/12/2003، وقد تدوول نظره أمام هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 3/6/2004 ارتأت المحكمة أن المنازعة فى الطعن الماثل ــ وغيره من الطعون العديدة المماثلة ــ تتعلق بمدى جواز إجراء تسوية صحيحة للعامل بعد 30/6/1985 إعمالاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1984 (المادة الثامنة منه)، إذ استبان لها أن بعض أحكام المحكمة الإدارية العليا ذهبت إلى عدم جواز إجراء هذه التسوية بعد التاريخ المذكور (على سبيل المثال الطعن رقم 247/34 ق بجلسة 11/12/1990)، فى حين ذهبت بعض الأحكام الأخرى إلى جواز إجراء هذه التسوية، وفى ضوء ذلك وعملاً بأحكام المادة (54مكررًا) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قررت المحكمة إحالة الطعن الماثل إلى الهيئة المنصوص عليها فى المادة (54 مكررًا) للفصل فى المسألة محل الخلاف.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى المسألة المعروضة ارتأت فيه عدم جواز تعديل المركز القانونى للعامل على أىّ وجه بعد 30/6/1985 إلا إذا كان ذلك تنفيذًا لحكم قضائى نهائى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 2/9/2004، وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الواقعة موضوع الحكم المطعون فيه تخلص فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 2131 لسنة 20 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طالبًا الحكم بقبولها شكلاً، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالقرار رقم 55 لسنة 1988 فيما تضمنه من إعادة تسوية حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال ــ شارحًا دعواه ــ إنه حصل على دبلوم المعلمين نظام السنوات الخمس وعُيّن بمديرية التربية والتعليم بالدقهلية اعتبارًا من 1/8/1969، وإعمالاً لأحكام القانون رقم 83 لسنة 1973 قامت الجهة الإدارية بتسوية حالته، بوضعه على الدرجة السابعة اعتبارًا من 1/8/1969، ثم رقى إلى الدرجة السادسة من 31/12/1973، وتدرج راتبه على هذا الأساس حتى وصل إلى 86 جنيهًا، إلا أنه فوجئ بالجهة الإدارية بإصدارها للقرار رقم 55 لسنة 1988 بإعادة تسوية حالته الوظيفية وتعديل مرتبه من 86 جنيهاً إلى 78 جنيهاً مع استرداد ما صرف له. وينعى المطعون ضده على القرار المشار إليه صدوره مخالفًا للقانون الذى يحظر تعديل المركز القانونى للعامل ــ بعد 30/6/1984 ــ على أىّ وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائى نهائى.
وبجلسة 25/3/2001 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل، بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بعدم الاعتداء بالقرار المطعون فيه رقم 55
لسنة 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار، واستندت المحكمة فى ذلك إلى عدم جواز تعديل المركز القانونى للعامل بعد 30/6/1984.
ومن حيث إن الطعن يستند إلى أن المشرع كلف الجهة الإدارية بضرورة إجراء التسوية الصحيحة للعامل الذى أجريت له تسوية خاطئة، وهو تكليف يحتم على الإدارة إعمال صحيح حكم القانون رقم 7 لسنة 1984 من تاريخ العمل به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه فإنه يكون مخالفًا للقانون.
ومن حيث إن المسألة القانونية المثارة التى رأت الدائرة الثامنة عليا إحالة الطعن الماثل إلى هذه الدائرة تتعلق بمدى جواز إجراء تسوية صحيحة للعامل بعد 30/6/1985، بعد أن ذهبت بعض أحكام المحكمة الإدارية العليا إلى عدم جواز إجراء هذه التسوية بعد التاريخ المشار إليه، فى حين ذهبت فى بعض الأحكام إلى جواز إجراء التسوية إعمالاً لحكم المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984.
ومن حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984 تنص على أنه:………. ويحتفظ بصفة شخصية للعاملين الموجودين بالخدمة بالمرتبات التى يتقاضونها وقت العمل بهذا القانون نتيجة تسوية خاطئة، على أن يُستهلك الفرق بين تلك المرتبات وبين المرتبات المستحقة قانونًا مضافًا إليها العلاوتان المنصوص عليهما فى المادة الأولى من هذا القانون إذا كانوا من المستحقين ………. ومع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية الصادرة بالترقية للعامل الذى تنطبق عليه أحكام الفقرة السابقة أن يختار بين أحد الوضعين الآتيين:
أ-إعادة تسوية حالته تسوية قانونية مع منحة الزيادة المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القانون إذا كان ممن تنطبق عليهم هذه الزيادة .
ب -الإبقاء بصفة شخصية على وضعه الوظيفى الذى وصل إليه نتيجة التسوية الخاطئة مع عدم استحقاقه للزيادة المشار إليها، على أن يعتد عند ترقيته للدرجة التالية بالوضع الوظيفى الصحيح له بافتراض تسوية حالته تسوية قانونية وفقًا لأحكام القانون المعمول به عند إجرائها.
وتنص المادة (11) من القانون المشار إليه على أنه “يكون ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة المختصة فيما يتعلق بالمطالبة بالحقوق التى نشأت بمقتضى أحكام هذا القانون حتى 30/6/1984، ولا يجوز بعد هذا التاريخ تعديل المركز القانونى للعامل على أىّ وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذًا لحكم قضائى نهائى، وقد تم مد تلك المهلة حتى 30/6/1985 بموجب القانون رقم 138 لسنة 1984”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قرر الاحتفاظ بصفة شخصية للعاملين الموجودين بالخدمة بالمرتبات التى يتقاضونها وقت العمل بهذا القانون نتيجة تسوية خاطئة على أن يستهلك الفرق بين تلك المرتبات والمرتبات المستحقة لهم قانوناً من ربع قيمة علاوات الترقية والعلاوات الدورية التى تستحق لهم بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 1984، وقرر المشرع ــ أيضاً ــ بالنسبة للعامل الذى سويت حالته تسوية خاطئة الإبقاء بصفة شخصية على وضعه الوظيفى الحالى الذى وصل إليه نتيجة للتسوية الخاطئة على أن يعتد عند ترقيته للدرجة التالية بالوضع الوظيفى الصحيح بافتراض تسوية حالته تسوية قانونية وفقاً لأحكام القانون السارى وقت إجرائها. ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز للجهة الإدارية بعد 30/6/1985 أن تعدل المركز القانونى للعامل على أىّ وجه من الوجوه إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائى نهائى، كما لا يجوز للعامل أن يرفع الدعوى للمطالبة بالحقوق التى نشأت بمقتضى أحكام القانون المشار إليه بعد 30/6/1985.
ومن حيث إن المشرع حينما أورد نص المادة ( 11) من القانون رقم 7 لسنة 1984 الذى حظر بموجبه تعديل المركز القانونى للعامل على أىّ وجه من الوجوه بعد 30/6/1985 إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائى نهائى فقد هدف إلى المحافظة على استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للعاملين المدنيين بالدولة المخاطبين بأحكام القانون رقم 7 لسنة 1984 بأن وضع حداً نهائيًا وتاريخاً محدداً بقصد عدم زعزعة المراكز القانونية سواء من جانب جهة الإدارة أو من جانب العامل، وليس من شك فى أن نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 1984 والمعدلة بالقانون رقم 138/1984 يسرى فى حق الجهة الإدارية، كما يسرى فى حق العامل دون مغايرة بين الحقين، ومن ثَمَّ فلا يسوغ الاحتجاج بأن حق الجهة الإدارية فى إجراء التسوية الفرضية الصحيحة للعامل الذى سويت حالته تسوية خاطئة لا يتقيد بالميعاد المنصوص عليه فى المادة (11) من القانون رقم 7 لسنة 1984، ذلك أن نص المادة المشار إليه هو نص عام جاء مطلقاً ويتعين تطبيقه فى ضوء الحكمة المبتغاة من إيراده والتى أشرنا إليها سلفاً أن المشرع قصد إلى استقرار الأوضاع والمراكز القانونية التى نشأت بمقتضى أحكام القانون المشار إليها، ومن ثَمَّ فإن تقييد حق العامل فى رفع الدعوى المتعلقة بالمطالبة بحق من الحقوق التى خولتها إياه أحكام القانون رقم 7 لسنة 1984 بالميعاد المنوه به (حتى 30/6/1985) يقابله تقييد حق الجهة الإدارية فى إجراء أى تسوية قانونية بعد التاريخ المشار إليه، ولا ينال من ذلك القول بأن هذا القيد يؤدى إلى إهدار النص التشريعى الوارد فى المادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1984، لأنه لا تعارض بين أن تقوم الجهة الإدارية بإعمال سلطتها فى إجراء التسوية القانونية طبقاً لحكم المادة الثامنة وبين مراعاتها أن يكون ذلك فى موعد غايته 30/6/1985 وإنه بفوات هذا الميعاد دون أن تقوم الجهة الإدارية بأعمال التسوية الصحيحة قانوناً فإن التسوية الخاطئة تصبح فى هذه الحالة هى التسوية الواجب الاعتداد بها قانوناً والتى تسرى فى حق العامل بعد إذ استغلق على الإدارة إجراء أى تعديل فى المركز القانونى للعامل بعد 30/6/1985.
حكمت المحكمة
بعدم جواز تعديل المركز القانونى للعامل على أىّ وجه من الوجوه إعمالاً لحكم القانون رقم 7 لسنة 1984ــ بعد 30/6/1985ــ إلا إذا كان ذلك تنفيذًا لحكم قضائى نهائى، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة الثامنة (موضوع) للفصل فيه .