جلسة الأربعاء الموافق الأول من يوليو سنة 2015
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة: محمد عبدالرحمن الجراح و الدكتور أحمد الصايغ.
( 35 )
الطعن رقم 496 لسنة 2014 إداري
(1) نقض ” أثر نقض الحكم “. محكمة الاحالة ” ما تلتزم به “. قانون ” تطبيقه “.
– وجوب التزام محكمة الاحالة بالحكم الناقض في المسائل القانونية التي فصل فيها . علة وأساس ذلك؟
(2) عقد ” عقود ادارية “. حكم ” تسبيب سائغ “. نقض ” مالا يقبل من الأسباب”.
– العقود الادارية . ماهيتها ؟
– مثال.
(3) حكم ” ما لا يعيبه في نطاق الدليل ” ” تسبيب سائغ “. نقض ” ما لا يقبل من الأسباب”.
– قيام الحكم على أكثر من دعامة وكانت احداهما كافية وحدها لحمله فلا ينقضه تعييبه في باقي الدعامات أيا كان وجه الرأي فيها.
– مثال.
ـــــــ
1- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الأخيرة من المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية أنه إذا نقض الحكم وأحيلت الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتقضي فيها من جديد فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تلتزم بحكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها الحكم بحيث يمتنع عليها عند إعادة النظر في الدعوى المساس بهذه الحجية ، والمقصود بالمسألة القانونية هي الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن بصر وبصيرة ، ويحوز حكمها في هذا الخصوص حجية الشيء المحكوم فيه ، ولما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد نقض الحكم السابق وأحال الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد تأسيسا على أن ذلك الحكم ساق لقضائه أسبابا غير سائغة في تقدير سند الوكالة المطروح عليه ، وخالف توافق إرادتيى طرفي الوكالة وأنه لم يتنازل بصفه مباشرة الوكالة المحتج بها وقد أحال إلى محكمة الموضوع لتقديرها مما يضحي معه النعي بهذه الأسباب غير منتج .
2- لما كان من المقرر أن العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن العقود المدنية ، وذلك لأنها تعقد بين شخص من أشخاص القانون العام وشخص من أشخاص القانون الخاص بقصد تحقيق مصالح عامة ومركز المتعاقدين فيها غير متكافئ ، إذ يجب أن يراعي فيها دائما تغليب الصالح العام على الصالح الخاص ، وهذا الهدف الذي يسود شروط العقد وعلاقة المتعاقدين عن تطبيقه وتفسيره ، وأن الشروط الاستئنائية الواردة في هذه العقود ومنها فرض جزءات تفرضها الإدارة بالنظر لطبيعة العقد وقيمته وموجبات السرعة في تنفيذه ، وأن المتعاقد مع الإدارة يقبل هذا التعاقد وهو عالم مقدما بجميع شروطه والظروف المحيطة بالعقد ، ولما كان ذلك وكانت الشروط العامة للعقد سند الدعوى قد نصت في البند 22 منه على حق الإدارة في تعديل حجم الأعمال الواردة بالعقد بالزيادة أو النقصان بنسبه 25% بحد أقصى وبنفس الأسعار المتفق عليها وتمديد فترة الإنجاز على المدة الزمنية المحددة بالعقد ودون أي تعرض من المقاول ولا يحق له المطالبة بأية زيادة في السعر أو التعويض ، وأن البند 31 من ذات العقد نص على وجوب إجراء المخالصة النهائية بعد صرف الدفعة الختامية وإذ استخلص الحكم المطعون فيه هذه القواعد على ما أورده في مدوناته :” ولما كان الثابت من تقرير الخبرة أن الأعمال الإضافية بنسبه 13 ، 21 من قيمة العقد وهي ضمن النسبة المحددة في البند 21 منه . وقد أعطيت المستأنفة مقابل ذلك مبلغ إضافي ومدة إضافية على النحو الوارد في تقرير الخبيرة والذي تحيل إليه المحكمة في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن مرجعية احتساب قيمة الأعمال الإضافية هي ذات أسس الأسعار المتفق عليها مقابل الأعمال الأصلية وعليه لا يجوز للمستأنفة التحدي بأن أمر التعديل قد جاء بالنسبة لها كمفاجأة لم تتوقعها طالما نص صراحة في العقد على إمكانية ذلك ، الأمر الذي يجعل من إضافة هذه الأعمال أمر متوقع الحدوث …”
3- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على أكثر من دعامة وكانت إحداها كافية وحدها لحمله فلا ينقضه تعييبه في باقي الدعامات أيا كان وجه الرأي فيها وكان البين من مدونات الحكم السالف ذكرها أن المطعون ضدها التزمت بشروط ومقتضيات العقد الرابط بينهما وبين الطاعنة . وكان قضاء الحكم المطعون فيه يستقيم صحيحاً في هذه الدعامة التي تكفي لحمله . ومن ثم فإنه – أيا كان وجه الرأي فيه – فإن تعييبه غير منتج ومن ثم غير مقبول .
ــــــــ
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 250 لسنة 2013 إداري كلي أبوظبي اختصمت فيها المطعون ضدها طالبة القضاء لها بمبلغ 6,136,945,64 درهم وفائدة بواقع 12% وما فاتها من فرصة استثمارية ، وتعويض عن عدم دفع مستحقاتها وندب خبير لتحديد ما لحقها من أضرار وحفظ حقها بعد الخيرة ، وقالت شرحاً لدعواها أنها بتاريخ 12/10/2004 تعاقدت مع القيادة العامة للقوات المسلحة على إنشاء فيلا بمنطقة مبزرة العين بمقتضى العقد : اع . ا . 422 -2004 مقابل مبلغ إجمالي قدرة 13 مليون درهم على أن تكون مدة الإنجاز 6 أشهر ، وأنه أثناء أنجاز الأشغال طلبت المطعون ضدها إجراء بعض التعديلات على المخططات والرسوم الأصلية ، كما طلبت بعض الأعمال الإضافية مما تسبب في تأخير إنجاز المشروع مدة 313 يوماً نتج عنه للطاعنة عدة أضرار ومن ثم كانت الدعوى بالطلبات سالفة البيان ، ومحكمة أول درجة ندبت خبيراً أودع تقريره والذي انتهي فيه إلى أن الطاعنة تسلمت كافة مستحقاتها عملاً بعقد الصفقة الاتفاقية على الأعمال الإضافية ، وأنها وقعت على مخالصة بتسلميها كافة مستحقاتها وبجلسة 28/8/2013 قضت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على النتيجة التي انتهي إليها خبير الدعوى وإلى المخالصة الموقع عليها ، استأنفت شركة الغفلي للمقاولات هذا القضاء بالاستئناف رقم 137 لسنة 2013 ، ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 8/12/2013 بالتأييد ، طعنت شركة الغفلي في هذا الحكم بطريق النقض برقم 3 لسنة 2013 . والمحكمة الاتحادية العليا قضت في 30/4/2014 بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة ، وإذ عاودت الدعوى سيرها امام محكمة الإحالة قضت فى 2/7/2014 بتأييد الحكم المستأنف ، فكان الطعن المطروح الذي عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت الدائرة جدارة نظره في جلسة فتم نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعي الطاعن بالأول إلى الرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويلة والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع إذ لم يلتزم بقضاء الحكم الناقض الصادر في 30/4/2014 في الطعن رقم 3 لسنة 2014 بنقض الحكم الاستئنافي السابق بعدم صحة تصرف الوكيل بالموافقة على المصالحة بخصوص مستحقات الشركة حال أن التوكيل الممنوح له قاصر على الإدارة والتوقيع على الأوراق اللازمة لها وتعيين المستشارين والفنين وعزلهم واستخراج التأشيرات وإن هذا التوكيل لابسبع صلاحيات التنازل عن حقوق الشركة وإجراء المخالصة بشؤون الديون المستحقة لها في مواجهة الغير ، مما يدل على أن المحكمة الاتحادية العليا فصلت في الوكالة المذكورة وانتهت إلى عدم صحتها ، وهو ما لم يلتزمه الحكم المطعون فيه مخالفا بذلك الحكم الناقض مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الأخيرة من المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية أنه إذا نقض الحكم وأحيلت الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتقضي فيها من جديد فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تلتزم بحكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها الحكم بحيث يمتنع عليها عند إعادة النظر في الدعوى المساس بهذه الحجية ، والمقصود بالمسألة القانونية هي الواقعة التي تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن بصر وبصيرة ، ويحوز حكمها في هذا الخصوص حجية الشيء المحكوم فيه ، ولما كان ذلك وكان الحكم الناقض قد نقض الحكم السابق وأحال الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد تأسيسا على أن ذلك الحكم ساق لقضائه أسبابا غير سائغة في تقدير سند الوكالة المطروح عليه ، وخالف توافق إرادتيى طرفي الوكالة وأنه لم يتنازل بصفه مباشرة الوكالة المحتج بها وقد أحال إلى محكمة الموضوع لتقديرها مما يضحي معه النعي بهذه الأسباب غير منتج .
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس مخالفة القانون إذ قضى بحرمان الطاعنة من الزيادة في سعر الأعمال الإضافية حال أن تقرير الحرمان المذكور منوط بصدور قرار عن جهة الإدارة يسمح بمباشرة الأعمال الإضافية وهو ما لم تقدم المطعون ضدها أي دليل على صدوره ، كما أن المطعون ضدها تستبت في امتداد فترة الإنجاز وهو ما رتب للطاعنة أضراراً وجب التعويض عنها .وقد أسس الحكم قضاءه على خبرة باطلة خالفت الثابت بالأروق وقاصرة في بحث الأسباب المؤدية إلى تأخير إنجاز المشروع وهو الدفاع الذي التفت الحكم عن تمحصيه مما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أن من المقرر أن العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن العقود المدنية ، وذلك لأنها تعقد بين شخص من أشخاص القانون العام وشخص من أشخاص القانون الخاص بقصد تحقيق مصالح عامة ومركز المتعاقدين فيها غير متكافئ ، إذ يجب أن يراعي فيها دائما تغليب الصالح العام على الصالح الخاص ، وهذا الهدف الذي يسود شروط العقد وعلاقة المتعاقدين عن تطبيقه وتفسيره ، وأن الشروط الاستئنائية الواردة في هذه العقود ومنها فرض جزءات تفرضها الإدارة بالنظر لطبيعة العقد وقيمته وموجبات السرعة في تنفيذه ، وأن المتعاقد مع الإدارة يقبل هذا التعاقد وهو عالم مقدما بجميع شروطه والظروف المحيطة بالعقد ، ولما كان ذلك وكانت الشروط العامة للعقد سند الدعوى قد نصت في البند 22 منه على حق الإدارة في تعديل حجم الأعمال الواردة بالعقد بالزيادة أو النقصان بنسبه 25% بحد أقصى وبنفس الأسعار المتفق عليها وتمديد فترة الإنجاز على المدة الزمنية المحددة بالعقد ودون أي تعرض من المقاول ولا يحق له المطالبة بأية زيادة في السعر أو التعويض ، وأن البند 31 من ذات العقد نص على وجوب إجراء المخالصة النهائية بعد صرف الدفعة الختامية وإذ استخلص الحكم المطعون فيه هذه القواعد على ما أورده في مدوناته :” ولما كان الثابت من تقرير الخبرة أن الأعمال الإضافية بنسبه 13 ، 21 من قيمة العقد وهي ضمن النسبة المحددة في البند 21 منه . وقد أعطيت المستأنفة مقابل ذلك مبلغ إضافي ومدة إضافية على النحو الوارد في تقرير الخبيرة والذي تحيل إليه المحكمة في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن مرجعية احتساب قيمة الأعمال الإضافية هي ذات أسس الأسعار المتفق عليها مقابل الأعمال الأصلية وعليه لا يجوز للمستأنفة التحدي بأن أمر التعديل قد جاء بالنسبة لها كمفاجأة لم تتوقعها طالما نص صراحة في العقد على إمكانية ذلك ، الأمر الذي يجعل من إضافة هذه الأعمال أمر متوقع الحدوث …” ولما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على أكثر من دعامة وكانت إحداها كافية وحدها لحمله فلا ينقضه تعييبه في باقي الدعامات أيا كان وجه الرأي فيها وكان البين من مدونات الحكم السالف ذكرها أن المطعون ضدها التزمت بشروط ومقتضيات العقد الرابط بينهما وبين الطاعنة . وكان قضاء الحكم المطعون فيه يستقيم صحيحاً في هذه الدعامة التي تكفي لحمله . ومن ثم فإنه – أيا كان وجه الرأي فيه – فإن تعييبه غير منتج ومن ثم غير مقبول .