جلسة 2 من يوليه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة/ أ.د. حامد طاهر حسانين فؤاد، وأ.د. سمير رياض عبد البارى هلال، وأ.د. صالح على بسيونى بدير، وأ.د هانى محمد عز الدين الناظر،
والسفير رخا أحمد حسن
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4317 لسنة 49 قضائية. عليا:
تأسيس الحزب ــ شرط تميز البرنامج.
فقرة (2) من المادة (4) من قانون الأحزاب السياسية.
المقصود بتميز البرنامج اختلاف البرنامج والسياسات عن تلك التى يقوم عليها حزب آخر، والتميز المطلوب لا يمكن أن يكون مقصوداً به أن يكون تميزاً عن كافة ما تقوم عليه برامج الأحزاب الأخرى كلها، أو تكون أساليبه متميزة عن أساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة، فالتميز يتحقق فى توافر الانفراد والانفصال فى برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه عن حزب آخر، بحيث لا يكون هناك حزبان يتفقان فى البرامج والسياسات، أو فى الأساليب التى يعتنقانها لتحقيق تلك البرامج والسياسات ــ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 9/2/2003 أودع الأستاذ /عصام عبدالعزيز الإسلامبولى، وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4317 لسنة 49 ق .عليا فى قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 6/1/2003 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 3 بتاريخ 16/1/2003، بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتاريخ 3/9/2002 بتأسيس حزب باسم (حزب شباب مصر).
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها قيام الحزب واكتسابه الشخصية الاعتبارية وممارسة حقوقه على الوجه المبين بالدستور، على أن يكون تنفيذ الحكم بموجب مسودته دون حاجة إلى إعلان، وإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية فيما يتعلق بالنصوص المحررة بتقرير الطعن وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وتحديد ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر ليقوم الطاعن برفع الدعوى بعدم دستورية التعديلات التى لحقت بالقانون رقم 40 سنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية أمام المحكمة الدستورية العليا.
وتُدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 6/11/2004 إصدار الحكم بجلسة 7/5/2005وتم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 6/1/2003، ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 16/1/2003، وبتاريخ 9/2/2003 أودع تقرير الطعن فيه قلم كتاب المحكمة، ومن ثَمَّ يكون الطعن قد أودع خلال الميعاد المنصوص عليه فى المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية، وإذ استوفى الطعن باقى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذا الطعن تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن الطاعن كان قد تقدم إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 3/9/2002 بصفته وكيلاً عن مؤسسى حزب شباب مصر بإخطار كتابى، يطلب فيه الموافقة على تاسيس حزب جديد باسم “حزب شباب مصر”، وأرفق بهذا الإخطار المستندات التى تطلبها القانون، وهى برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسى وقائمة بأسماء الأعضاء المؤسسين مصدق رسميًا على توقيعاتهم، وإعمالاً للمادة الثامنة من قانون الأحزاب السياسية سالف الذكر قام رئيس اللجنة بإخطار رئيسى مجلسى الشعب والشورى بأسماء الأعضاء المؤسسين، كما قام بنشرها فى صحيفتين صباحيتين يوميتين، وبلغ عدد الأعضاء المؤسسين عشرة أعضاء من الفئات، و68 عضوًا من العمال والفلاحين. وقد عرض الإخطار بتأسيس الحزب المشار إليه على لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 6/1/2003 فقررت الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ أحمد عبدالهادى على (صحفي) بتأسيس حزب سياسى جديد باسم (حزب شباب مصر) . على سند من أنه يفتقر إلى ملامح الشخصية المتميزة التى تشكل إضافة جديدة وتميزه تميزاً ظاهرًا عن برامج الأحزاب الأخرى، وقد غفل البرنامج عن العديد من الأمور الهامة ومنها السياسة الخارجية والتجارة الداخلية والخارجية والتنمية الإدارية والبشرية والتعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة والثقافة والفنون وغيرها، ومن ثَمَّ يكون غير جدير بالانضمام إلى حلبة النضال السياسى مع باقى الأحزاب القائمة، الأمر الذى يتعين معه الاعتراض على تأسيسه.
وإذ لم يلق القرار المطعون فيه قبولاً لدى الطاعن ، فقد أودع تقرير طعنه الذى استعرض فيه الأحكام الواردة فى الدستور والتى تقضى بأن النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية يكون على أساس تعدد الأحزاب فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور، وينظم القانون الأحزاب السياسية، وأن الأصل المستمد من تلك الأحكام هو حرية تكوين الأحزاب السياسية، وعلى ذلك فإن القيود التى يتضمنها التشريع المنظم للأحزاب السياسية يتعين تفسيرها باعتبارها تنظيمًا للأصل الذى قرره الدستور، فيلتزم التنظيم إطار الأصل العام المقرر فلا يخرج عن الحدود المقررة لهذا الأصل سواء بالتوسعة أو الانقاص، وآية ذلك أن قانون الأحزاب السياسية لا يتطلب صراحة . كما لا يمكن حمل نصوصه تفسيرًا أو تأويلاً، أن يكون كل ما يتبناه برنامج حزب ناشئ مبتكرًا وجديدًا لم يتطرق له الدستور والقانون ولم يتناوله المفكرون والكتاب ولم تتصد له السلطة الحاكمة أو تتعرض له الأحزاب القائمة ذلك أن أوضاع أى مجتمع تفرض مشاكل معينة تجد صدى لها بالضرورة فى نصوص الدستور والقانون وفى كتابات المفكرين والكتاب وفى أعمال السلطة الحاكمة وفى برامج الأحزاب السياسية القائمة، ولا يعيب أى حزب ناشئ أن يتناول فى برنامجه شئونًا سبق أن تناولها غيره، وأن لجنة شئون الأحزاب لا تملك وصاية على العمل السياسى وليست جهة تقييم وتعقيب على ما تتضمنه برامج الأحزاب التى يتقدم إليها طالبو التأسيس وإنما عمل اللجنة ينحصر فى التأكد من عدم مخالفة برنامج الحزب للشروط التى وضعها القانون، فاختصاصها اختصاص مقيد فليس لها الموافقة ولكن يقتصر اختصاصها ــ متى كان قائمًا على سببه المنتج له قانونًا ــ على الاعتراض. وينعى الطاعن على القرار المطعون فيه أنه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها:
(1) أن قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية يتعارض مع مفهوم شرف التميز الحزبى الظاهر المنصوص عليه فى البند الثانى من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية والذى ينصرف إلى اختلاف البرامج والسياسات والأساليب فى تحقيق البرنامج عن تلك التى يقوم عليها حزب آخر، فالتميز المتطلب لا يقصد به التميز فى كل برامج وسياسات وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة، وإنما الاختلاف عن كل حزب على استقلال فلا يكون هناك حزبان متماثلان، والقول بغير ذلك يؤدى إلى فرض قيد يمنع تكوين أى حزب جديد من حيث أريد مجرد التنظيم.
(2) أن برنامج الحزب قد تضمَّن العديد من أوجه التميز ومنها موضوع تنشئة الشباب فى عصر ما بعد الإنترنت والكمبيوتر؛ حيث تضمَّن بحثًا تفصيليًا وطرح عشرات المقترحات العلمية والموضوعية التى تتفق وقدرات شباب مصر، وقضية حوار الحضارات التى تميز الحزب بطرحها من خلال عشرات المحاور العملية من أجل دور مصرى فاعل بالإضافة إلى الآليات التى طرحها الحزب، ولم تحط لجنة شئون الأحزاب بهذين الموضوعين على نحو يفهم المقصود منهما، ذلك أن البرنامج لم يطرح مشاركة الشباب فى العملية السياسية على النحو الوارد ببرامج الأحزاب الأخرى؛ حيث إن كل الأحزاب ركزت على ضرورة توافق الشباب مع عصر التكنولوجيا والتقدم والعولمة وإنما يقوم البرنامج المطروح على التنبيه بخطورة الثقافة والمعلومات القادمة عبر الإنترنت وثقافة الكمبيوتر مع انتشار هذه الآليات خلال الأعوام القادمة، وربط البرنامج ما بين الصداقات العابرة للقارات التى يكتسبها الشباب المصرى عبر الإنترنت وثقافة عصر ما بعد الإنترنت القادم معها حركات تمرد عالمية رافضة لكل ما هو قديم وإعلان تمرد جيل جديد على الأجيال القديمة وهو ما حذر البرنامج من نتائجه وطالب بضروره عمل قراءة لما يحدث فى العالم وما يحاصر الشباب فى مصر من قيود تعوق مشاركتهم فى السياسة وهو ما نفته اللجنة فى ردها على البرنامج، وذهبت إلى أن المشاركة نافذة ومتاحة مع أن الواقع والقوانين واللوائح الخاصة بالجامعات المصرية تمنع هذه المشاركة تمامًا وتجرم أية مشاركة فى العمل السياسى، ويقترح البرنامج عشرات المقترحات العملية لمواجهة عصر ما بعد الإنترنت وسبل إعداد الشباب المصرى لمواجهة هذا العصر، باعتبار أن شباب اليوم هو الجيل الأول الذى سوف يشهد الانقلابات المعلوماتية القادمة عبر الكمبيوتر والإنترنت، وقد حذر البرنامج من عملية الحصار المفروضة على المشاركة السياسية للطلاب فى الجامعات ويطرح رؤيته ويطالب بإلغاء آلية الرقابة الداخلية لاتحادات الطلاب بالجامعات، وإطلاق العنان لقدرات الطلاب بحيث تتحول الاتحادات إلى مدرسة يتعلم فيها الشباب فنون الحياة السياسية والاجتماعية، فى حين ترى اللجنة أن ذلك نافذ فعلاً وهذا غير صحيح فهناك حالة من الشلل انتابت هذه الاتحادات وتحولت إلى مجرد أنشطة اجتماعية ورحلات فقط، كما يدعو الحزب إلى إلغاء نظام امتحانات التيرم فى الجامعات والعودة إلى النظام القديم فى الامتحانات لكى يتسنى للطلاب ممارسة حرية كاملة فى بناء قدراتهم السياسية والاجتماعية فى الجامعة وعدم السماح للأمن وحرس الجامعة بالتدخل فى الأنشطة الطلابية داخل الجامعة أو المدارس بحيث تتحول العملية التعليمية إلى منظومة لتخريج شباب واعٍ يستطيع أن يتوافق بسهولة مع الثقافة القادمة له عبر الإنترنت، هذه الثقافة التى سوف تزيد اغتراب الشباب عن مجتمعه لو ظل الحصار مضروبًا حوله على النحو القائم حاليًا، وقد اقترح البرنامج العديد من الآليات لتنشئة شباب قادر على العطاء فى عصر العولمة؛ حيث يقترح مثلاً بالنسبة للأسرة ضرورة عقد دورات تدريبية للأزواج حول طرق تربية الأبناء تربية صحيحة وإعادة تقييم المناهج الدراسية تقييماً شاملاً كل فترة زمنية نظرًا لتسارع التراكم المعرفى، ودعم الثقافة السياسية الحقيقية عبر مناهج دراسية تخصص مواد سياسية تدرس فى المدارس والجامعات، وضرورة إلغاء أساليب التدريس فى المدارس والجامعات التى تقوم على أساس الحفظ والتلقين وأن تحل محلها وسائل تعتمد على الفهم ومعايشة المجتمع.
وعما ورد ببرنامج الحزب حول قضية حوار الحضارات ذهبت اللجنة إلى أن هذه القضية
لا يصح أن تقتصر على جهود مصر وحدها؛ إذ هى تخص العالم العربى والإسلامى بعد أحداث سبتمبر سنة 2001 وقد أكد البرنامج أن المنطقة العربية تنتظر من مصر فى هذا الشأن خطة لدعم الدور العربى فى قضية حوار الحضارات، ولا يعنى أن هذه القضية هى قضية أمة أن يتم تركها وأن اللجنة أكدت أن الحزب لم يهتم بالسياسة الخارجية وما ورد بالبند الخاص بحوار الحضارات يفند هذا الادعاء؛ حيث تطرق البرنامج إلى السياسة الخارجية وعلاقة مصر بالعالم، وذكرت اللجنة أن رؤية البرنامج فى خصوص هذه القضية هو أمور معروفة سلفًا فهى إما قائمة على أرض الواقع أو تحت نظر القادة ورجال الفكر والدين وهذا الرد يحمل كلامًا مرسلاً فكل ما طرحه الحزب غير موجود على الساحة ولم يتضمنه برنامج أى حزب من أحزاب المعارضة ولم يتضمنه برنامج الحزب الوطنى نفسه لأن تداعيات هذه الأحداث مستجدة تمامًا والمقترحات التى يقدمها الحزب هى مقترحات عملية وتتفق مع قدرات مصر؛ حيث قدم البرنامج نحو مائة مقترح عملى من أجل دعم دور مصر على مستوى المنطقة العربية والإسلامية والعالمية ومنها تبنى استراتيجية إعلامية تنطلق من مراجعة الخطاب السياسى والثقافى والإعلامى وتؤكد على معنى التوقف عن تصوير الغرب بأنه عدونا الأول فاستعداء الغرب يقابله رد فعل مماثل يصور العرب والمسلمين بأنهم أعداء، وتجنب المبالغة فى إبراز الفوارق الثقافية بين الحضارة الغربية والحضارة العربية والإسلامية والتركيز على العناصر المشتركة بين الحضارتين، وإبراز القيم الإسلامية الأساسية التى لم يتم التعبير بشكل كافٍ عنها، وإقامة منظمات من الجاليات المصرية فى الخارج وإنشاء معهد لرصد الإعلام الغربى تكون مهمته تحديد الردود السريعة بشأن القضايا العربية والإسلامية التى يتساءل العالم عنها وتوزيعها فى شكل أعمدة فى الصحف أو رسائل أو الظهور على شاشات التليفزيونات الأجنبية لشرحها وتقوية وتفعيل العلاقات الحكومية المصرية واللوبى العربى مع الكونجرس ومجلس الشيوخ والرئاسة الأمريكية بالتنسيق مع المنظمات العربية و الإسلامية.
وكذلك اتسم برنامج الحزب بتميز ظاهر فى الموضوعات الأخرى ومن بينها موضوع الآثار المصرية، فقد طالب الحزب بإعادة النظر فى السياسات المتبعة فى التعامل مع الآثار باعتبارها سلعة تتميز بها مصر عن دول العالم ووقف إهدار هذه القيم الأثرية والتاريخية والتى لا يوجد لها مثيل فى أى مكان من العالم سعيًا نحو الترويج لها عالميًا بما يؤدى فى النهاية إلى تحويلها إلى مصدر لزيادة دعم الاقتصاد الوطنى ، فقد اقترح البرنامج إعادة النظر فى وسائل حراسة تلك الآثار ونظم تسجيل وتبويب القطع الأثرية حتى يتسنى اكتشاف سرقتها وتهريبها للخارج، ووضع رقابة صارمة على التصرف فى الآثار وإعطاء التصاريح للجهات التى تنقب عن الآثار مع إلغاء الأحكام الواردة فى قانون الآثار والتى تجيز منح بعض الآثار للبعثات التى تكتشفها كهدايا لها تشجيعًا على التنقيب عن الآثار.
كذلك اتسمت الموضوعات الأخرى بالتميز الظاهر ومنها دعم المنتج المصرى والتعاون المصرى العربى فى مجال الاقتصاد والتجارة وتوظيف الشباب فى عصر العولمة وقضية الإسكان وقضية تشكيل صف ثانٍ وثالث من القيادات الجديدة والبحث العلمى وإنشاء وزارة جديدة خاصة للإنترنت والبرمجيات وصناعة التكنولوجيا ومجالات مواجهة الفقر عن طريق تربية الأحياء المائية وقضية التصحر وأزمة المياه ووسائل مواجهة العنف وعلاج الإدمان والمخدرات والصحة والتعليم والإعلام والنقابات وتأمين الجبهة الداخلية ومنظمات العمل الأهلى وخصخصة القطاع العام والسكان والبيئة والزراعة والتجارة الداخلية والخارجية والتنمية الإدارية والبشرية وغيرها.
ومن حيث إن قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية برفض تأسيس حزب شباب مصر قام على عدة أسباب تتمثل فيما يلى:
(1) أن ما تناوله برنامج الحزب من أمور هى فى حقيقتها أمور سبق أن عالجها الدستور والقوانين المعمول بها، أو أنها مطروحة على الساحة، أو تقوم بها الحكومة فعلاً وتوالى الاهتمام بها أو جارٍ تنفيذها على أرض الواقع.
( 2) وأن ما ذكره الحزب قد نادى به كبار الكتاب والمفكرين ورجال السياسة والدين.
(3) وأن ما ورد فى برنامج الحزب تعرضت له برامج أحزاب أخرى عديدة.
(4) أغفل برنامج الحزب بعض الأمور الهامة كالسياسة الخارجية والتجارة الداخلية والخارجية والتنمية الإدارية والبشرية والتعمير والمجتمعات العمرانية والثقافة والفنون والآداب والمرأة والأمومة والطفولة والريف والنقل والمواصلات وغيرها.
(5) أن بعض ما ورد ببرنامج الحزب عبارات إنشائية عامة مرسلة دون أن تقترن برسم سياسة محددة واضحة أو إيراد الوسائل والأساليب التى تحققها.
وانتهت اللجنة المذكورة إلى الاعتراض على تأسيس الحزب، بحسبان أنه لا تتوافر فيه الشروط التى تتطلبها المادة (2) والبند (ثانيًا) من المادة (4) من القانون رقم (40) لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن الدستور المصرى الصادر عام 1971 المعدل عام 1980ينص فى المادة (5) على أن “يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور . وينظم القانون الأحزاب السياسية”.
وصدر القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية ونص فى المادة (1) منه على أن “للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصرى الحق فى الانتماء لأى حزب سياسى وذلك طبقا لأحكام هذا القانون”. وتنص المادة (2) منه على أن “يقصد بالحزب السياسى كل جماعة منظمة تؤسس طبقًا لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة فى مسئوليات الحكم”. ونصت المادة (4) منه على أنه “يشترط لتأسيس أو استمرار أى حزب سياسى ما يلى: (أولاً) عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياسته أو أساليبه فى ممارسة نشاط مع :
1ــ مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع.
2ــ مبادئ ثورتى 23 يوليو 1952 و15 مايو 1971.
3ــ الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الاشتراكى الديمقراطى والمكاسب الاشتراكية. (ثانيًا) تميز برنامج الحزب وسياسته وأساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزًا ظاهرًا عن الأحزاب الأخرى . (ثالثًا)………….”.
ومن حيث إن الدستور وضع أصلأ عامًا هو قيام النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب على أن ينظم القانون هذه الأحزاب، وقد ذهب قضاء المحكمة الدستورية العليا إلى أن الأصل المستمد من أحكام الدستور هو حرية تكوين الأحزاب السياسية، وهو أصل كفله الدستور فى الإطار الذى رسمه له، وعلى ذلك فإن القيود التى تضمنها التشريع المنظم للأحزاب السياسية يتعين تفسيرها باعتبارها تنظيمًا للأصل الذى قرره الدستور، ومن ذلك وجوب أن يلتزم التنظيم إطار الأصل العام المقرر فلا يجوز أن يخرج التنظيم عن الحدود المقررة فى الأصل الذى يستند إليه سواء بالتوسعة أو الانتقاص منه.
ومن حيث إن المادة (2) من قانون الأحزاب السياسية تقضى بأن “الأحزاب السياسية هى جماعات منظمة تعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة فى مسئوليات الحكم”، ومن ثَمَّ يتعين أن يكون للحزب السياسى برنامج محدد يسعى إلى تحقيقه.
ومن حيث إن لجنة شئون الأحزاب ذهبت فى شأن البرنامج الذى قدمه حزب شباب مصر تحت التأسيس إلى أنه تناول أمورًا مقررة فى الدستور أو توردها القوانين المختلفة
أو واردة فى برامج أخرى أو يجرى تنفيذها فعلاً أو جاء البرنامج بعبارات مرسلة غامضة كما أنه أغفل تناول بعض الأمور الأخرى.
ومن حيث إن قانون الأحزاب السياسية لا يتطلب صراحة، كما لا يمكن حمل نصوصه تفسيرًا أو تأويلاً، أن يكون كل ما يتبناه برنامج حزب ناشئ مبتكرًا وجديدًا لم يتطرق له الدستور والقوانين، ولم يتناوله مفكرون وكتاب، ولم تتصدَ له السلطة الحاكمة، أو تتعرض له الأحزاب القائمة، ذلك أن أوضاع أى مجتمع تفرض مشاكل معينة تجد صدى لها بالضرورة فى نصوص الدستور والقوانين وفى كتابات المفكرين والكتاب وفى أعمال السلطة الحاكمة وفى برامج الأحزاب السياسية القائمة، ولا يعيب أى حزب ناشئ أن يتناول فى برنامجه شئونًا سبق أن تناولها غيره، بل أن يكون تفكيره فيها متقاربًا أو حتى متشابهاً مع غيره، ذلك أن التكامل والنضج والوضوح أمور نسبية وهى بعد حصاد زمن وثمار تجربة وخبرة، لذا فليس بلازم أن يكون برنامج الحزب الوليد متكاملاً، بل يكفى أن يكون البرنامج واضحًا ومنطقيًا فى عمومه ولو شَابَ بعض أجزائه بعض أوجه نقص أو غموض.
ومن حيث إن برنامج حزب شباب مصر (تحت التأسيس) قد تناول المبادئ الأساسية المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسب رؤيته لهذه المسائل وتقديره لوسائل معالجة المشاكل التى تثور بشأنها أيًا كان الحكم الموضوعى عليها والذى مرده فى النهاية إلى تقييم وتقدير المواطنين، فإنه لا يكون فيما قدمه الحزب ما يمكن وصفه بالقصور
أو الغموض الذى يتنافى مع الحكم المنصوص عليه فى المادة (2) من قانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إنه عن مدى تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزًا ظاهراً عن برامج غيره من الأحزاب السياسية القائمة، فإن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بدستورية شرط التميز بحسبانه ضمانًا للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده وأن يكون فى وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسى ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطنى ودعمًا للممارسة الديمقراطية، وطبقًا للفقرة (ثانيًا) من المادة (4) من قانون الأحزاب السياسية، فإن المقصود بتميز البرنامج اختلاف البرنامج والسياسات عن تلك التى يقوم عليها حزب آخر ، والتميز المطلوب لا يمكن أن يكون مقصودًا به أن يكون تميزًا عن كافة ما تقوم عليه برامج الأحزاب الأخرى كلها أو تكون أساليبه متميزة عن أساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة، فالتميز يتحقق فى توافر التفرد والانفصال فى برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه عن حزب آخر بحيث لا يكون هناك حزبان يتفقان فى البرامج والسياسات أو فى الأساليب التى يعتنقانها لتحقيق تلك البرامج والسياسات.
ومن حيث إنه بالاطلاع على برنامج الحزب تحت التأسيس ، يتبين أن لدى الحزب أوجهًا للتميز ينفرد بها عن غيره من الأحزاب، فالوجه الأول لتميز الحزب الطاعن والمعلم الأساسى الذى يتسم به هو طرحه لقضية الشباب فى ظل التطورات العلمية التكنولوجية الحديثة وما يقدمه من وسائل يراها لعلاج تنشئة الشاب فى أسرته ومدرسته وجامعته وما يتلقاه من مناهج علمية لا تساير المعلومات المستحدثة عالميًا ولا تقوم على وسائل الفهم ودراسة المجتمع وإنما على وسائل الحفظ والتلقين، ويؤكد البرنامج على رغبة الشباب المصرى فى المشاركة فى العملية السياسية، وهذا التوجه الإيجابى يقابله عدم توافر الأساليب والآليات التى تستوعب هذه الرغبة إلى جانب عدم ثقة ورفض المؤسسات القائمة لهذه المشاركة؛ حيث تؤكد الدراسات الحديثة التى أجريت على طلبة جامعة القاهرة أن نسبة 83٪ من جيل الكبار يرون ضرورة انصراف الشباب عن الانشغال بالعمل السياسى إلى الاهتمام بمستقبلهم الدراسى والمهني، مما أدى إلى عزوف الشباب عن المشاركة فى الانتخابات الطلابية، وبصفة عامة فالشباب أكثر عزوفًا عن أنماط المشاركة فى الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية مع مشاركة محدودة فى التنظيمات الإسلامية، وتؤدى هذه الظواهر إلى أزمة شبابية عامة تلقى بظلالها على مشاركة الشباب فى الحياة السياسية، وتشير الأبحاث إلى أن 91% من الطلاب
لا يشاركون فى المنتديات الفكرية أو الثقافية أو السياسية، ويعتبرون أن أسباب عدم مشاركتهم فى انتخابات اتحادات الطلاب تتمثل فى الانشغال بالدراسة وضيق الوقت بسبب نظام التيرم وعدم الاهتمام بالعمل العام، وعدم تعبير الاتحاد عن مطالب واهتمامات الطلاب وتركيزه على الأنشطة التافهة كالحفلات والرحلات، فلا توجد جدوى حقيقية للأتحاد واستخدامه كأداة للصراع الحزبى والسياسى، وتتمثل بعض أساليب الحزب فى إعادة الروح فى الاتحادات الطلابية وإلغاء آلية الرقابة الداخلية للاتحادات وإطلاق العنان لتحرك الطلاب على كافة المستويات مع ضرورة إلغاء نظام التيرم فى الامتحانات بما يتيح للطلاب فرصة العمل العام ورفع كافة القيود المفروضة على العمل الطلابى وعدم السماح لإدارة الجامعة
أو الأمن الداخلى وحرس الجامعة فى التدخل فى أى نشاط طلابى، ويؤكد الحزب على ضرورة وجود مؤسسة عليا تضطلع بالإشراف على عملية تنشئة الشباب تكون مهمتها وضع البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تعمل على دعم هذا التوجه واستيعاب قدرات الشباب فى قنوات شرعية أفضل من تركهم نهبًا لكافة القوى غير الشرعية خاصة مع ترصد قوى خارجية لجبهة مصر الداخلية ومحاولة استقطاب فئات الشباب تحديداً من خلال شبكات التجسس التى كان معظمها من أفراد شباب حاول ممارسة دوره فلم يجد قناة شرعية لها مطلق الحرية فى التصرف، ويمكن أن تكون مراكز الشباب المنتشرة بطول مصر مكانًا للإعداد السليم فى المجالات الرياضية والاجتماعية والسياسية، إلا أن ذلك مرهون بضمان نزاهة انتخابات مراكز الشباب وإقامة برلمانات شبابية لمناقشة مشاكل وهموم الشباب بينما تعانى هذه المراكز من مشاكل تعوق عملية مشاركة الشباب ومنها بروز دور العصبيات، واقتصار العضوية على من هم فوق سن الحادية والعشرين، وعدم وجود أعضاء مجلس الإدارة، والأزمات المالية المستمرة، فيؤكد الحزب على ضرورة حل تلك المشاكل وتحويل مراكز الشباب إلى مدارس حقيقية لتخريج شباب قادر على ممارسة دور فعَّال فى المجتمع، ويناقش الحزب مشاكل الشباب ومن بينها مشكلة الأمية باعتبارها من أخطر المشكلات التى تواجه مصر فلا سبيل إلى تنمية الموارد البشرية وتحقيق معدلات عالية للتنمية إلا من خلال مواجهة مشكله الأمية، ويقترح الحزب اشتراط تعليم ومحو أمية عشرين فردًا لكل شاب يتم اختياره لوظيفة فى القطاع العام أو الحكومى، كما يشترط على القطاع الخاص أن يقوم بمحو أمية كل العاملين لديه خلال مدة معينة وإلا يتم تحصيل رسوم محو أمية للعاملين لديه ليتم محو أميتهم بواسطة الأجهزه التابعة للدولة، وتمثل البطالة مشكلة كبيرة تواجه الشباب من حيث حجمها وطبيعتها، ولا يمكن أن نتوقع من الشباب المتعطل عن العمل أن يكون مشاركًا فاعلاً فى قضايا المجتمع، ويقترح البرنامج تسهيل عملية منح قروض للشباب لمنحهم بديلاً لوظائفهم على أن يتم رد أصل المبلغ بدون الفوائد ومنح المتميزين فى مشروعاتهم حوافز تشجيعية، كأن يتم التنازل عن جزء من هذه القروض ومنح المشروعات الناجحة إعفاءات ضريبية تشجيعية لهم. وينبه الحزب إلى خطورة الثقافة والمعلومات القادمة عبر الإنترنت فى ظل انتشار الكمبيوتر خلال المرحلة المقبلة، ذلك أن الصداقات العابرة للقارات التى يكتسبها الشباب المصرى عبر الإنترنت تتضمن حركات تمرد عالمية رافضة لكل ما هو قديم ورافضة تسلط بعض القوى السياسية وإعلان تمرد جيل جديد على الأجيال القديمة وهو ما حذر منه البرنامج وطالب بضرورة عمل قراءة لما يحدث فى العالم وما يحاصر الشباب فى مصر من قيود تعوق مشاركتهم فى السياسة وهو ما نفته اللجنة فى ردها على البرنامج وقالت إن المشاركة نافذة ومتاحة مع أن الواقع والقوانين واللوائح الخاصة بالجامعات المصرية تمنع وتجرم أية مشاركة فى العمل السياسى، ويقترح البرنامج وجود قنوات اتصال حقيقية حتى لا يحدث انفصال تام وعزل الشباب عن المجتمع نتيجة استخدامهم للإنترنت وذلك بعدم الحجر على مشاركة الشباب السياسية وإتاحة الحق لهم فى المظاهرات السلمية التى يعبرون فيها عن آرائهم حتى لا يشعرون أنهم محاصرون ومغيبون عن الساحة.
ومن حيث إن موضوع حوار الحضارات الذى تضمنه برنامج حزب شباب مصر (تحت التأسيس ) يتسم بتميز ظاهر باعتبارها قضية مستحدثة فرضت نفسها على الساحة العالمية بعد تداعيات أحداث 11 من سبتمبر 2001 التى حاول الغرب فيها إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين؛ حيث اكتشف العالم الإسلامى والمنطقة العربية أنهم مهددون بالإقصاء عن الساحة العالمية، ويرى الحزب أن المنطقة العربية تنتظر من مصر دورًا ومخططًا لدعم الدور العربى ، ينطلق من إعادة تقويم شبكات الإرسال التليفزيونى والإذاعى وما تقدمه القنوات الفضائية من مواد إعلامية وإخبارية وثقافية عن العرب و المسلمين ، وتخصيص قناة فضائية تتحدث بلغات أجنبية إلى العالم العربى يشارك فى تحديد مضمون بثها متخصصون فى الثقافة العربية والإسلامية ، ويرى الحزب أن المشروع المنتظر من مصر فى قضية حوار الحضارات من أجل تصحيح صورة العرب والمسلمين فى العقل والوجدان الغربى يجب أن ينطلق من محاصرة الدعوة إلى العزلة الثقافية داخل المجتمعات العربية والإسلامية، والتوجه بغير إبطاء إلى ممارسة ثقافة التواصل النشط مع الآخر، فالعزلة هى المسئولة عن غياب الصوت العربى المسلم من الساحة الدولية، وهو غياب زاد من خطورته أن أطرافًا أخرى قد استثمرته لخلق صورة بالغة السوء والسلبية لكل ما هو عربى أو إسلامى، حتى أوشكت هذه الصوره السيئة أن تكون عنصراً ثابتًا ومستقرًا فى العقل الغربى، وللخروج من تلك العزلة يقترح الحزب تبنى الإعلام المصرى إستراتيجية إعلامية متميزة تقوم على عدة محاور، وتتمثل: فى التوقف عن تصوير الغرب بأنه العدو الأول باعتبار أن استعداء الغرب يقابله رد فعل مماثل، وتجنب المبالغة فى إبراز الفوارق الثقافية بين الحضارة الغربية والحضاره العربية و الإسلامية والإلحاح بدلاً من ذلك على العناصر المشتركة بين الحضارتين والتأكيد على بعض القيم الإسلامية الأساسية والتى لم يتم التعبير عنها بشكل كافٍ مثل قيم الرحمة والتسامح والعفو والسلام وحرمة الدماء والأموال واحترام حرية الاعتقاد بشكل مطلق وحرية الرأى والتعبير، وضرورة إضفاء تعديلات أساسية على محتوى الخطاب الدينى السائد فى مصر من خلال إحياء المنهج العلمى وأسلوب التفكير العقلى فى فهم النصوص الدينية، وإشاعة منهج التيسير ورفع الحرج وتمكين الشباب من ممارسة التدين فى جو من الراحة النفسية بدلاً من منهج التشدد الذى تذبل معه الملكات وتنتشر معه روح الكآبة وإحياء قيمة السماحة والرفق، وإقناع الغرب بأن له مصلحة أكيدة من وراء الدخول فى حوار من أجل تعديل صورة الإسلام و العروبة، على أن يكون هناك مادة علمية حول الحوار بين الحضارات ضمن المقررات الدراسية فى جميع مراحل التعليم بحيث تنشأ أجيال تؤمن بالحوار وجعله تواصلاً بين المجتمعات الإنسانية وتنشيط دور البعثات المصرية والعربية والإسلامية فى الدول الغربية لتعزيز علاقات الحوار بين الحضارات وتشجيع المؤسسات والهيئات الثقافية والإعلامية فى دولة الغرب على فتح مجالات للحوار بين الحضارات على شتى المستويات وربط الصلة مع المفكرين والأكاديميين والإعلاميين فى الغرب ودعوتهم إلى زيارة البلدان العربية والإسلامية، وإعداد دراسات حول الأقطار والمرتكزات التى يعتمد عليها الفكر الإرهابي، عن طريق لجان تشكل من الخبراء المهتمين فى هذا المجال وتتضمن تلك الدراسات وسائل دحض مرتكزات الفلسفة الفكرية الإرهابية، وتبادل الأساتذة والباحثين والطلاب بين الجامعات المصرية والأوروبية للاحتكاك المتبادل والقيام بمشروعات بحثية لتبديد الصورة المعادية للحضارة العربية والإسلامية والرد على مقالات الاستشراق التقليدى وعقد ندوات ومؤتمرات دولية باشتراك باحثين مصريين وأوروبيين لتصحيح الأحكام الخاطئة عن الحضارتين العربية والإسلامية.
كما تميز برنامج الحزب تميزًا ظاهرًا فى موضوع الآثار المصرية واستشعر الأهمية القصوى لآثار الحضارة المصرية القديمة والتعامل معها بطريقة مختلفة باعتبار أنها سلعة تنافسية تتميز بها مصر عن سائر دول العالم فى عصر اتفاقية الجات والاتفاقيات الدولية التى أسقطت الحماية عن كافة السلع والمنتجات، بما يستتبع ضرورة إعادة النظر فى السياسة المتبعة مع الآثار الموجودة ووقف إهدار قيمتها الأثرية والتاريخية والتى لايوجد لها مثيل فى العالم سعيًا للترويج لها عالميا بما يؤدى إلى تحويلها إلى مصدر لزيادة دعم الاقتصاد الوطني، فكثير من الدول يعتمد اقتصادها على دخل السياحة، ومن بين المقترحات إعادة النظر فى وسائل حماية الآثار للحد من تهريبها للخارج والاتجار فيها على نحو غير مشروع مع تطوير نظم تسجيل وحفظ وتبويب القطع الأثرية ليتسنى اكتشاف تهريبها وخروجها من المتاحف بوضع خطة إلكترونية لتأمين المواقع الموجودة بها الآثار، ومراجعة كافة القوانين المتعلقة بالآثار المصرية ومن بينها القانون رقم 117 لسنة 1983 والذى يجيز فى المادة (35) منه لهيئة الآثار أن تقرر مكافآت للبعثات المتميزة فى التنقيب بمنحها بعض الآثار المكتشفة بما يتعين معه إلغاء هذا النص فيمكن منح مكافآت بوسيلة أخرى وليس التخلى عن الآثار المكتشفة، والترويج للآثار المصرية وتنظيم رحلات دعائية منظمة حول الآثار المصرية وتاريخها وقيمتها وإقامة عروض ومسرحيات واحتفالات بالقرب من المواقع الأثرية .
كذلك اتسم البرنامج بالتميز الظاهر فى الموضوعات الأخرى خاصة دعم المنتج المصرى والإسكان وتشكيل صف ثانٍ وثالث من القيادات الجديدة والبحث العلمى وإنشاء جهاز خاص للإنترنت والذى أصبح ينقل كافة المعلومات الموجودة فى شتى أنحاء العالم إلى عقول الشباب فى لحظات قليلة مما يستدعى التخطيط بوسائل ناجحة للتصدى لما يمكن أن يسفر عنه من عمليات غزو لعقول الشباب ومده بالمعلومات الخاطئة وبالثقافة الجنسية غير المشروعة التى تورده مورد الهلاك، وتؤدى إلى انفصال شخصية الشباب عن واقع مجتمعهم، وكذلك موضوع البرمجيات وصناعة التكنولوجيا باعتبار أن صناعة البرمجيات هى الحل الأفضل لإخراج المنطقة العربية من الحالة الراهنة خاصة أن السوق العربى هو المستورد الأكبر لهذه الصناعة ، وفتح مجالات جديدة لمواجهة الفقر عن طريق تربية الأحياء المائية؛ حيث تشير الدراسات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية المعنية إلى أن تربية الأحياء المائية ستسهم فى تعزيز إمداد العالم بالأسماك خلال العقدين القادمين باعتبار أن بمصر 13.5 مليون فدان مائى فى البحرين الأبيض والأحمر والبحيرات والنيل وفروعه لا تنتج إلا 650 ألف طن سمك فقط وهو إنتاج متواضع، وعلى سبيل المثال فإن بحيرة ناصر وهى أكبر بحيرة صناعية فى العالم؛ حيث إن مسطحها المائى يصل إلى 1.25 مليون فدان ومياهها تعد أعذب مياه نقية فى العالم، وبالرغم من ذلك فقد وصل إنتاجها إلى 8300 طن عام 2000 بما يمثل إهدارًا لثروة مصر المائية، الأمر الذى يتعين معه تضافر جهود من التعاونيات الزراعية والوكالات والعلماء وفتح مجال للقطاع الخاص والاستثمار فى هذا المجال، كذلك مجال التصحر وأزمة المياه ووسائل مواجهة العنف، وعلاج الإدمان والمخدرات وما يقترحه الحزب من تغليظ عقوبة الاتجار بالمخدرات وجعلها عقوبة الإعدام بدلاً من الأشغال الشاقة ذلك أن ضحية الإدمان والمخدرات هم شباب مصر، وكذلك موضوع الصحة و التعليم والإعلام و السكان والبيئة.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما سبق يكون قد توافر للحزب الطاعن ما تطلبته المادة ( 2) من قانون الأحزاب السياسية من برنامج محدد يتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة يمكن أن يعمل على تحقيقه عن طريق المشاركة فى مسئوليات الحكم، كما يتميز البرنامج المذكور تميزًا ظاهرًا عن برامج الأحزاب الأخرى حسبما يتطلبه البند (ثانيًا) من المادة ( 4) من قانون الأحزاب السياسية.
وإذ توافرت فى حزب شباب مصر “تحت التأسيس” الشروط القانونية التى نص عليها القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية وتعديلاته، فمن ثَمَّ يكون القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 6/1/2003 بالاعتراض على تأسيس الحزب قد خالف القانون، الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، وطبقاً للمادة التاسعة من القانون المشار إليه يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسى اعتباراً من تاريخ صدور حكم هذه المحكمة بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر فى 6/1/2003 بالاعتراض على تأسيس حزب شباب مصر وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات.