جلسة 4 من ديسمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعنان رقما 10626 و 10774 لسنة 47 قضائية.عليا:
خضوع صندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس والشركات الخاصة التى يستثمر فيها الصندوق أمواله لرقابة الجهاز.
القانون رقم 144 لسنة 1988بشأن الجهاز المركزى للمحاسبات المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1998.
الجهاز المركزى للمحاسبات كهيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية قد عهد إليه المشرع بصفة أساسية تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها فى القانون رقم 144 لسنة 1988 وتعديلاته ، وقد عدد نص المادة الثالثة فيه الجهات الخاضعة لهذه الرقابة، واتبع فى هذا التعداد سبلاً شتى بقصد إخضاع الأشخاص العامة والخاصة الواردة بالنص للرقابة التى يجريها الجهاز، وقصد بصفة أساسية إلى تحقيق الحماية للأموال العامة سواء أكانت هذه الأموال فى صورتها الأصلية أم اتخذت شكل مساهمات مباشرة أو غير مباشرة من أشخاص أخرى عامة أو خاصة أو كانت فى صورة إعانات أو دعم لأية جهة وأيًا ما كانت شخصية هذه الجهة ــ مقتضى ذلك: خضوع صندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وذلك بغض النظر عن طبيعته وكنه أمواله، حيث إن هذا الصندوق ــ حسب لائحة نظامه الأساسى ــ يتلقى الإعانات والدعم من هيئة قناة السويس، وأيضاً عائد استثمار أموال أو أصول هيئة قناة السويس التى تعهد بها إلى الصندوق لاستثمارها ــ وعليه ــ فهو يخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات بعد أن اختلطت أموال الدولة أيًا كانت نسبتها بأمواله، ولا تؤتى هذه الرقابة ثمرتها ولا تحقق فاعليتها إلا إذا امتدت إلى الشركات الخاصة التى يستثمر فيها الصندوق أمواله ــ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق 14/8/2001 أودع الدكتور محمد مرغنى خيرى ــ المحامى ــ بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 10626 لسنة 47 ق فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعويين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وفى يوم السبت الموافق 18/8/2001 أودع الدكتور يحيى الجمل ــ المحامى ــ بصفته وكيلاً عن ذات الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 10774 لسنة 47 ق، فى ذات الحكم السابق.
وقد طلب الطاعن بصفته ــ للأسباب الواردة بتقريرى طعنه ــ قبول الطعنين شكلاً والحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى المبتدأة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين، وقد تم إعلان تقريرى الطعنين على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى رأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن رقم 10626 لسنة 47 ق أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/9/2002 وبجلسة 3/11/2003 ضمت إليه الطعن رقم 10774 لسنة 47ق وبجلسة 3/5/2004 قررت إحالتها إلى هذه المحكمة التى نظرتها بجلساتها على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1258 لسنة 50ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 8/11/1995، وطلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 2279 لسنة 1995 بإخضاع الشركة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، كما أقامت الشركة الدعوى رقم 1830 لسنة 51 ق بإيداع صحيفتها ابتداء قلم كتاب محكمة مدينة نصر برقم 485 لسنة 1995 بطلب الحكم بصفة مستعجلة وفى مادة تنفيذ وقف تنفيذ القرار المشار إليه. ونعت الشركة المدعية فى الدعويين على هذا القرار مخالفته للقانون؛ لأن الشركة تعد من أشخاص القانون الخاص والأصل حريتها فى التصرف فى أموالها ولا رقابة عليها إلا من جانب المساهمين أعضاء الجمعية العمومية، كما أن قانون الجهاز قد حدد الجهات التى تخضع لرقابته على سبيل الحصر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الثابت بالأوراق أن هيئة قناة السويس وهى هيئة عامة وأموالها مملوكة للدولة، تقوم بدعم صندوق التأمين الخاص للعاملين بالهيئة وتسهم فى إثراء موارده، وأن هذا الصندوق يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، وهذا الصندوق يسهم فى الشركة المدعية بما يعادل 45% من مجموع رأسمالها ، ومن هنا تكون هناك مساهمة من جانب المال العام ولئن كان بطريق غير مباشر، الأمر الذى يتحقق معه مناط إخضاع الشركة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قد جاء قائمًا على سببه ومطابقًا لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعنين هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه؛ ذلك أن القرار المطعون فيه صدر غير مشروع ومشوبًا بعيب التجاوز فى استعمال السلطة؛ إذ فرض رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على شركة خاصة مكونة طبقًا للقانون المنظم لشركات المساهمة ولا يسهم فيها أى شخص معنوى عام على النحو المنصوص عليه فى المادة (3) من قانون الجهاز، بالإضافة إلى أن هيئة قناة السويس لا تملك أموال الصندوق، وأن هذه الأموال قد فقدت عموميتها بمجرد إنفاقها من قبل الشخص العام وخروجها من ذمته ودخولها فى ذمة شخص من أشخاص القانون الخاص. كما أن الحكم المطعون فيه قد خلط بين شخصية هيئة قناة السويس وشخصية صندوق التأمين الخاص بالعاملين بالهيئة المذكورة، فى حين أن لكل منهما شخصية اعتبارية مستقلة، ويبدو غريبًا القول بخضوع شركة قناة السويس للتأمين لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، بينما لا يخضع له صندوق التأمين للعاملين بهيئة قناة السويس المساهم فى هذه الشركة. ورقابة الجهاز المركزى أمر استثنانى وارد على خلاف الأصل
لا يكفى لتقريره عدم وجود المانع وإنما يحتاج إلى نص يجيزه، وأن الطبيعة القانونية لصندوق العاملين الخاص بهيئة قناة السويس طبقًا للقانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة يعد من الأشخاص الخاصة طبقًا لكافة المعايير المطبقة فى القانون الإدارى للتمييز بين الأشخاص العامة والخاصة، ولا يغير من ذلك المساهمات أو الموارد المالية الواردة للصندوق من هيئة قناة السويس أو من غيرها.
ومن حيث إن القانون رقم 144 لسنة 1988 المعدل بالقانون رقم 157لسنة 1998 بشأن الجهاز المركزى للمحاسبات ينص فى مادته الأولى على أن “الجهاز المركزى للمحاسبات هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تتبع رئيس الجمهورية ، وتهدف أساسًا إلى تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها فى هذا القانون …. ´´ وتنص المادة الثانية على أن : “يمارس الجهاز أنواع الرقابة الآتية:
1ــ الرقابة المالية بشقيها المحاسبى والقانونى. 2….. 3…… ´´ وتنص المادة الثالثة على أن: “يباشر الجهاز اختصاصاته بالنسبة للجهات الآتية:
1ــ الوحدات التى يتألف منها الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الحكم المحلى.
2ــ الهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته والمنشآت والجمعيات التعاونية التابعة لأى منها فى الأنشطة المختلفة بكافة مستوياتها طبقًا للقوانين الخاصة بكل منها.
3 ــ الشركات التى لا تعتبر من شركات القطاع العام والتى يسهم فيها شخص عام أو شركة من شركات القطاع العام أو بنك من بنوك القطاع العام بما لا يقل عن25% من رأسمالها.
4 ــ النقابات والاتحادات المهنية والعمالية.
5 ــ الأحزاب السياسية والمؤسسات الصحفية القومية والصحف الحزبية.
6 ــ الجهات التى تنص قوانينها على خضوعها لرقابة الجهاز.
7 ــ أى جهة أخرى تقوم الدولة بإعانتها أو ضمان حد أدنى للربح لها أو ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال المملوكة للدولة”.
وتنص المادة الثامنة من لائحة النظام الأساسى لصندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس على أن تتكون أموال الصندوق من الموارد التالية:
1-الأموال المخصصة لصندوق معاشات موظفى وعمال هيئة قناة السويس فى تاريخ تسجيل هذا الصندوق.
2-المبالغ التى تلتزم بها هيئة قناة السويس سنويًا وفقًا للمادة (89) من القانون رقم 63 لسنة 1964 والمادة (162) من قانون التأمين الاجتماعى الموحد رقم 79 لسنة 1975 والقوانين المعدلة لهما.
3-أقساط إعانات الوفاة التى تتحملها هيئة قناة السويس سنويًا.
4-الاشتراكات التى تتحملها هيئة قناة السويس لمشروع المكافآت الخاصة عند التقاعد.
5-مقابل الخدمات التى يقوم بها الصندوق فى العمليات التى يعهد إليه القيام بها.
6-الإعانات والدعم الذى تقدمه هيئة قناة السويس للصندوق.
7-الإعانات والتبرعات الأخرى التى يقرر مجلس إدارة الصندوق قبولها سواء من الأعضاء أو من الغير.
8-أى موارد أخرى ريع هيئة قناة السويس تخصيصها للصندوق.
9- ريع استثمار أموال الصندوق.
10-عائد استثمار أموال أو أصول هيئة قناة السويس التى تعهد بها إلى الصندوق لاستثمارها.
ومن حيث إن مفاد النصوص السابقة أن الجهاز المركزى للمحاسبات كهيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية قد عهد إليه المشرع بصفة أساسية تحقيق الرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة الأخرى وغيرها من الأشخاص المنصوص عليها فى القانون رقم 144 لسنة 1988 وتعديلاته المشار إليها. وقد عدد نص المادة الثالثة فيه الجهات الخاضعة لهذه الرقابة واتبع فى هذا التعداد سبلاً شتى بقصد إخضاع الأشخاص العامة والخاصة الواردة بالنص للرقابة التى يجريها الجهاز، وقصد بصفة أساسية إلى تحقيق الحماية للأموال العامة سواء أكانت هذه الأموال فى صورتها الأصلية أم اتخذت شكل مساهمات مباشرة أو غير مباشرة فى أشخاص أخرى عامة أو خاصة، أو كانت فى صورة إعانات أو دعم لأى جهة وأيًا ما كانت شخصية هذه الجهة، وآية ذلك أن شركات القطاع العام وهى من أشخاص القانون الخاص إذا أسهمت أو استثمرت جزءًا من أموالها لا يقل عن 25% فى إحدى الشركات الخاصة يخضع هذه الشركات الخاصة لرقابة الجهاز حماية لهذا الجزء من المال العام، كذلك فإن أية جهة أخرى تقوم الدولة ( بالمفهوم الواسع للدولة ) بإعانتها تخضع هذه الجهة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وعليه فإذا قامت الدولة من طريق أحد أجهزتها
أو الهيئات التابعة لها بإعانة أية جهة أخرى بأموال من أموال الدولة تخضع هذه الجهة لرقابة الجهاز والقول بغير ذلك يتيح سبيلاً لإخراج المال العام من هذه الرقابة، وذلك بقيام إحدى الهيئات التابعة للدولة باستثمار الأموال العامة، أو جزء منها فى إحدى الشركات الخاصة
أو القيام بدعم أو إعانة هذه الشركة الخاصة بالأموال العامة، وبهذه الصورة لا تخضع الأموال العامة للرقابة التى يجريها الجهاز المركزى للمحاسبات للمحافظة على هذه الأموال.
ومن حيث إن صندوق التأمين الخاص بالعاملين بهيئة قناة السويس حسب لائحة نظامه الأساسى يتلقى الإعانات والدعم الذى تقدمه له هيئة قناة السويس وكذلك أى “موارد أخرى ترى الهيئة المذكورة تخصيصها للصندوق، وأيضًا عائد استثمار أموال أو أصول هيئة قناة السويس التى تعهد بها إلى الصندوق لاستثمارها. ولما كان هذا الصندوق بعد تسجيله تطبيقًا لأحكام قانون صناديق التأمين الخاصة الصادر بالقانون رقم 54لسنة 1975 وبغض النظر عن طبيعته وكنه أمواله يخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات بعد أن اختلطت أموال الدولة أيًا كانت نسبتها بأمواله، ولا تؤتى هذه الرقابة ثمرتها ولا تحقق فاعليتها إلا إذا امتدت إلى الشركات الخاصة التى يستثمر فيها الصندوق أمواله ولا تتأبى نصوص قانون الجهاز المركزى للمحاسبات المشار إليه على إخضاعها لمثل هذه الرقابة، بل تحض عليها إذا كانت الأموال المستثمرة أسهمت فيها الدولة مباشرة أو بطريق غير مباشر كما فى الحالة المعروضة.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يغدو متفقًا وصحيح أحكام القانون، ويغدو الطعنان عليه غير قائمين على أساس، جديرين بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.