جلسة 14 من ديسمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / كمال زكى عبد الرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ويحيى خضرى نوبى محمد، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن، وعمر ضاحى عمر ضاحى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله
أمين سر المحكمة
الطعن رقم 10806 لسنة 47 قضائية. عليا:
إبرام العقد ــ أثر عدم إخطار مقدم العطاء بقبول عطائه على انعقاد العقد.
طبقًا لأحكام قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 فإن القبول ــ بوصفه تعبيرًا عن الإرادة ــ لا يتحقق وجوده القانونى ولا ينتج أثره إلا إذا اتصل بعلم من وُجّه إليه ــ انتفاء هذا العلم ــ أثره: لا يجوز التحدى فى مواجهته بانعقاد العقد، ويمتنع تبعًا لذلك إعمال آثاره والاستناد إلى أحكامه لطرح العملية على حساب مقدم العطاء ومطالبته بالآثار المترتبة على ذلك ــ تطبيق.
إنه فى يوم الأحد الموافق 19/8/2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الأولى) فى الدعوى رقم 792 لسنة 8 ق بجلسة 20/6/2001 والقاضى “بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع ببراءة ذمة المدعى من مبلغ 595و4252 جنيه وذلك على النحو الوارد بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات”. وطلب الطاعنون بصفاتهم ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات على درجتى التقاضى، وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعنين المصروفات
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 18/2/2004 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 1/6/2004، وبجلسة 19/10/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ أنه بتاريخ 24/12/1994 أقام …………………………. (المطعون ضده) الدعوى رقم 596 لسنة 1994 مدنى بندر أول أسيوط على الطاعنين طلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 595و4252 جنيه وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات، وذلك على سند من القول إنه قام بدفع مبلغ تأمين مؤقت عن عملية عمل مقاعد للكورنيش على ترعة الملاح ولم يسدد التأمين النهائى للعملية المشار إليها ورغم أنه لم يخطر بإسناد العملية المذكورة لسداد التأمين النهائى فإن الجهة الإدارية قامت بسحب العمل منه وطرحها فى عملية أخرى وتطالبه بمبلغ 595و4252 جنيه.
وبجلسة 5/2/1996 قضت المحكمة تمهيديًا بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط الذى أودع تقريره، ثم بتاريخ 7/6/1995 أقام الدعوى رقم 591 لسنة 1995 مدنى بندر أول أسيوط ضد الطاعنين طلب فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفتهم بأن يردوا له مبلغ 595و4252 جنيه، مع إلزامهم بالمصروفات استنادًا إلى ذات الأسباب فى الدعوى
رقم 596 لسنة 1994.
ونعى المدعى على مسلك الجهة الإدارية بمخالفة القانون، واختتم صحيفة دعواه بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 22/4/1996 قررت المحكمة ضم الدعويين المذكورتين.
وبجلسة 30/12/1996حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعويين وبإحالتهما بحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.
ونفاذًا للحكم سالف الذكر أحيلت الدعويان إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط، وتم قيدهما برقم 762 لسنة 8 ق، وبجلسة 20/6/2001 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع ببراءة ذمة المدعى من مبلغ 595و4252 جنيه، والذى تطالبه به الوحدة المحلية لمركز ومدينة أسيوط، وذلك على النحو الوارد بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيَّدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تقم بإخطار المدعى بقرار لجنة البت المتضمن ترسية العملية المذكورة ومطالبته بسداد قيمة التأمين النهائى وتم التحقيق فى ذلك بواسطة النيابة الإدارية والتى انتهت فى مذكرتها رقم 793 لسنة 1995 بمجازاة مديرة العقود والمشتريات بالوحدة المحلية لعدم قيامها بإخطار الشاكى (المدعى) بترسية الممارسة عليه وعدم مطالبته بسداد التأمين النهائى وهذا ما انتهى إليه تقرير الخبير المودع فى الدعوى، وعليه فإن الجهة الإدارية هى التى تكون أخطأت، حيث إنها لم تقم بإخطار المدعى بترسية العملية المذكورة ويكون مطالبتها للمدعى وإخطار هيئة سكك حديد مصر بحجز المبلغ المذكور نتيجة سحب العملية وتنفيذها على حساب المدعى غير قائم على سند من القانون، ويتعين القضاء ببراءة ذمة المدعى من مبلغ 595و4252 جنيه وما يترتب على ذلك من آثار أهمها عدم الاعتداد بخطاب الوحدة المحلية لمركز ومدينة أسيوط الموجه لسكك حديد مصر بحجز هذا المبلغ من مستحقات المدعى.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أن مناط إعمال المادتين (20)، (24) من القانون رقم 9 لسنة 1983 هو علم صاحب العطاء بقبول عطائه أيًا كانت وسيلة العلم، سواء تم ذلك بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول أو بموجب خطاب عادى والثابت أنه تم إخطار المطعون ضده بموجب الخطاب رقم 4088 فى 16/10/1994و4226 فى 27/10/1994 بضرورة سداد التأمين النهائى، وبذلك يكون العقد قد انعقد بين المطعون ضده والجهة الإدارية، فإذا امتنع المطعون ضده عن تنفيذ العقد كان للجهة الإدارية تنفيذه على حسابه وفقًا لحكم المادة (24) من القانون رقم 9 لسنة 1983.
وإذ كان الثابت أن الجهة الإدارية قامت بتنفيذ العقد على حساب المطعون ضده، وأسفر ذلك عن مديونية قدرها 595و4252 جنيه فإن تصرفها هذا يكون مطابقًا لحكم القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون يستوجب إلغاءه.
ومن حيث إن المادة (20) من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 تنص على أن “على صاحب العطاء المقبول أن يودع فى فترة لا تجاوز عشرة أيام من اليوم التالى لإخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بقبول عطائه ما يكمل التأمين المؤقت إلى ما يساوى 5% من قيمة مقاولات الأعمال التى رست عليه … ويجوز بموافقة السلطة المختصة مد المهلة المحددة لإيداع التأمين النهائى بما لا يجاوز عشرة أيام، ويكون التأمين النهائى ضامنًا تنفيذ العقد”.
وتنص المادة (24) منه على أن “إذا لم يقم صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائى الواجب إيداعه فى المدة المحددة له للجهة الإدارية المتعاقدة بموجب إخطار بكتاب موصى عليه بعلم الوصول أن تلغى العقد وتصادر التأمين المؤقت أو أن تنفذه كله أو بعضه على حساب صاحبه………………”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوجب على صاحب العطاء المقبول أن يودع ما يكمل التأمين المؤقت إلى ما يساوى 5% من قيمة مقاولات الأعمال التى رست عليه فى خلال فترة لا تجاوز عشرة أيام تبدأ من تاريخ اليوم التالى لإخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بقبول عطائه.
فإذا لم يقم صاحب العطاء المقبول بأداء التأمين النهائى خلال المدة المحددة له يكون للجهة المتعاقدة أن تلغى العقد وتصادر التأمين المؤقت أو أن تنفذه على حسابه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأصل أن القبول بوصفه تعبيرًا عن الإرادة لا يتحقق وجوده القانونى ولا ينتج أثره إلا إذا اتصل بعلم من وُجِّه إليه، وبالتالى لا يعتبر التعاقد تامًا إلا إذا علم الموجب بقبوله، فإذا لم يثبت علم مقدم العطاء بقبول عطائه فإنه لا يجوز التحدى فى مواجهته بانعقاد العقد ويمتنع تبعًا لذلك إعمال آثاره والاستناد إلى أحكامه لطرح العملية على حساب مقدم العطاء ومطالبته بالآثار المترتبة على ذلك.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قامت بإجراء ممارسة لتوريد وتركيب مقاعد بالطريق الدائرى للكورنيش على ترعة الملاح، وتقدم المطعون ضده بعطاء فى هذه الممارسة، وقامت لجنة البت بإرساء الممارسة عليه بجلسة 3/10/1994، وذكرت الجهة الإدارية أنها أخطرت المطعون ضده بقرار إرساء المناقصة عليه بموجب خطابين رقمى 4088 فى 16/10/1994و4226 فى 27/10/1994 إلا أن هذين الخطابين غير موصى عليهما بعلم الوصول، كما تطلبت ذلك المادة (20) من قانون المناقصات والمزايدات، وبالتالى لا تقوم قرينة العلم فى جانب المطعون ضده ولم تقدم الجهة الإدارية دليلاً على تسلم المطعون ضده هذين الكتابين أو أحدهما، كما خلت الأوراق مما يفيد علم المطعون ضده بإرساء المناقصة عليه، ومن ثَمَّ فإن قبول الجهة الإدارية للعطاء لم يتصل بعلم المطعون ضده على وجه ينعقد به العقد قانونًا وقد خلت الأوراق من دليل تطمئن اليه المحكمة من علم المطعون ضده بقبول عطائه، وترتيبًا على ما تقدم لا يجوز التحدى فى مواجهة المطعون ضده بانعقاد العقد ويمتنع تبعًا لذلك إعمال أحكامه لتنفيذه على حساب المطعون ضده، وإذ كانت الجهة الإدارية قد قامت بتنفيذ العقد على حساب المطعون ضده ومطالبة المدعى بمبلغ 595و4252 جنيه غير قائم على سند من القانون، ويتعين القضاء ببراءة ذمة المطعون ضده من هذا المبلغ .
ومن حيث إن الحكم المطعون قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون صحيحًا متفقًا مع أحكام القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على سند من القانون متعينًا الحكم برفضه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.