جلسة 5 من سبتمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمود إبراهيم محمود على عطاالله
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ منير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامه أحمد محمود، وعبدالمجيد أحمد حسن المقنن.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / م. محمود ميزار خليفة
مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6770 لسنة 46 قضائية. عليا:
ـ عقد التوريد ـ توريد أصناف مخالفة ـ تخفيص السعر ـ ضابطه.
المادة (101) من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983.
الأصل فى التوريد أن يتم طبقاً للشروط والمواصفات الفنية التى تم التعاقد على أساسها ـ إن تبيّن للجهة الإدارية أن المورد خالف هذا الأصل وورَّد أصنافًا مخالفة لهذه المواصفات فهى بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن ترفض الأصناف وتطبق أحكام اللائحة التى تجيز لها عدة إجراءات وجزاءات يمكنها توقيعها عليه بما يحقق لها المصلحة العامة،أو أن تقبل هذه الأصناف رغم ما بها من نقص أو مخالفة ولكن بسعر منخفض عن السعر المتفق عليه حال التوريد المطابق للمواصفات ـ إن اختارت الحل الأخير كان عليها اتخاذ إجراء ضرورى، وهو أن تحصل على موافقة كتابية من المورد على قبوله الخصم فى السعر فإن لم يقبل فعليها رفض الأصناف وتطبيق أحكام اللائحة ـ لا يجوز للجهة الإدارية أن تجرى هذا الخصم إذا رفضه المورد، فإن فعلت كان إجراؤها غير قائم على ما يبرره ومخالفًا للقانون وتلتزم برد ما خصمته من المورد ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق الثالث والعشرين من مايو عام ألفين أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة العقود الإدارية والتعويضات ـ فى الدعوى رقم 1437لسنة 49ق بجلسة 26/3/2000 القاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للجمعية المدعية مبلغ 31144 جنيهًا (واحد وثلاثين ألفًا ومائة وأربعة وأربعين جنيهًا) والمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث أودعت الحاضرة عن الجمعية مذكرة بجلسة 6/3/2002 طلبت فى ختامها رفض الطعن، وبجلسة 21/8/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة عليا ـ موضوع ـ لنظره بجلسة 11/3/2003 وقد نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وقررت المحكمة بجلسة 18/5/2004 إصدار الحكم بجلسة 14/9/2004 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين وانقضى هذا الأجل ولم يودع الطرفان مذكرات وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر النزاع فى هذا الطعن تخلص ـ حسب البيّن من الأوراق ـ فى أن الجمعية المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 686 لسنة 1994 مدنى كلى بنى سويف بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة بنى سويف الابتدائية بتاريخ 5/7/1994 وطلبت الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته ـ الطاعن بصفته ـ بأن يؤدى لها مبلغ 31144 جنيها والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذكرت شرحًا للدعوى أنها تعاقدت بتاريخ 17/6/1993 مع محافظة بنى سويف على أن تقوم بتوريد عدد 57 طناً مركزات تسمين بنسبة بروتين 52% وطبقًا لاستمارة التسجيل رقم 8572 ، ثم قامت بتوريد الكمية مطابقة للمواصفات المبينة بالاستمارة المشار إليها وبكراسة الشروط الخاصة بالمناقصة التى أبرم على أساسها العقد وتسلمت المحافظة هذه الكميات وقامت باستعمالها إلا أنها وبغير سند خصمت من مستحقات الجمعية مبلغ 31144 جنيهًا بحجة مخالفة نسبة الرماد للنسبة المتفق عليها نتيجة لاختلاف نتيجة التحاليل.
وأضافت الجمعية أن ما قامت به المحافظة مخالف للقانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية، حيث يلزمها بوضع مواصفات الأصناف المطلوب توريدها وقد حددت ذلك باستمارة التسجيل رقم 8572 ، وفضلاً عن ذلك فإن الخصم لا يتم إلا بقبول المورد كتابة له، ومما يؤكد مطابقة الكميات الموردة للمواصفات قيام المحافظة باستهلاكها دون انتظار نتائج التحاليل الواردة من المعمل المركزى للأغذية والأعلاف.
وبجلسة 26/10/1994 قضت محكمة بنى سويف الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى، حيث أحيلت إليها وقيدت بجدولها بالقضية رقم 1437 لسنة 49ق وبعد أن تداولتها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها أصدرت الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب حاصلها انه وان كان تحليل عينة من نسبة الرماد فى مركزات التسمين التى وردتها الجمعية أسفر عن وجود نقص فى هذه النسبة حسبما قدرته اللجنة الفنية بلغ 8.2% وارتأت معه خفض ثمن الطن بمبلغ 87 جنيهًا إلا أنه تم إخطار الجمعية بذلك فرفضت قبول الخصم وطلبت الاحتكام فى شأن نسبة الخفض فى الثمن إلى المعمل المركزى التابع لوزارة الزراعة، فقامت لجنة البت بالمحافظة بإرسال جميع المستندات الى هذا المعمل، فأفاد بأنه غير مختص بحساب النواحى المالية، وعليه قامت المحافظة بخصم مبلغ 20488،50 جنيها من مستحقات الجمعية بالإضافة إلى50% غرامة، وهو ما يمثل مخالفة لأحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983، حيث كان يتعين على المحافظة الحصول على موافقة كتابية من الجمعية على نسبة الخصم أو أن ترفض الأصناف الموردة وإعمال أحكام اللائحة المذكورة وبالتالى يكون هذا الخصم غير قائم على سند صحيح وتلتزم المحافظة برد ما خصمته من الجمعية.
وحيث إن الطاعن بصفته لم يرتض ذلك القضاء فطعن عليه بالطعن الماثل تأسيسًا على أسباب حاصلها أن الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، إذ إن موافقة المورد على نسبة الخصم تكون ضرورية فقط إذا كانت نسبة النقص فى المواصفات من 10% حتى20% طبقًا للبند الثالث من المادة 101 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983، كما أن استخدام المحافظة للمركزات الموردة بمعرفة الجمعية المطعون ضدها كان بناءً على طلب الأخيرة حتى لا تنتهى صلاحيتها إذا ما بقيت دون استخدام حتى ورود نتيجة التحليل، وقد وردت بعد ذلك وثبت منها وجود نقص فى نسبة الرماد عن النسبة الواردة باستمارة المنشأ.
من حيث إن المادة 101 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الذى يحكم واقعة النزاع تنص على أنه “يجب على الجهات التى تقوم بتحليل الأصناف الموردة أو بفحصها فنيًّا أن تبين فى تقارير التحليل أو الفحص ما أسفر عنه عملها مقارنا بما هو مدون بالشروط والمواصفات المتعاقد على أساسها وتلتزم جهة الإدارة بالأخذ دائمًا بهذه النتائج ورفض الأصناف التى لا تطابق المواصفات أو العينات المتعاقد على أساسها على أنه يجوز قبول الأصناف غير المطابقة إذا كانت نسبة النقص أو المخالفة لا تزيد على 20% عما هو مطلوب بالمواصفات المتعاقد على أساسها بشرط أن تكون الحاجة ماسة لقبول الصنف أو الأصناف رغم أن بها نقصًا أو مخالفة وأن يكون السعر بعد الخفض مناسبًا لمثيله فى السوق ويجب أن تقرر لجنة الفحص صلاحية الأصناف للأغراض المطلوبة من أجلها وأنها لا يترتب على قبولها ضرر بالجهة كما تحدد اللجنة مقدار الخفض فى الثمن المقابل للنقص أو المخالفة ويجوز للجنة الفحص الاستعانة بفنى أو أكثر …… ويراعى الآتى:
1) الأصناف التى تكون نسبة النقص فى مواصفاتها لغاية 3% يكون قبولها بخصم مقدار الخفض فى الثمن الذى قدرته اللجنة.
2) الأصناف التى تكون نسبة النقص فى مواصفاتها اكثر من 3% لغاية 10% يكون قبولها بخصم مقدار الخفض فى الثمن الذى قدرته اللجنة مضافًا إليه غرامة مقدارها 50% من هذا المقدار.
3) الأصناف التى تكون نسبة النقص فى مواصفاتها أكثر من 10% لغاية 20% يكون قبولها ………. على أن يكون القبول بموافقة لجنة البت وسلطة الاعتماد وبشرط أن يقبل المورد كتابة هذا الخصم وإلا فيرفض الصنف وتطبق أحكام هذه اللائحة”.
ومؤدى هذا النص أن الأصل فى التوريد أن يتم طبقا للشروط والمواصفات الفنية التى تم التعاقد على أساسها فإن تبين للجهة الإدارية أن المورد المتعاقد خالف هذا الأصل وورد أصنافًا مخالفة لهذه المواصفات فهى بين أمرين لا ثالث لهما إما أن ترفض الأصناف وتطبق أحكام اللائحة والتى تجيز لها عدة إجراءات وجزاءات يمكنها توقيعها عليه بما يحقق المصلحة العامة أو أن تقبل هذه الأصناف رغم ما فيها من نقص أو مخالفة فى الحدود السالف بيانها ولكن بسعر منخفض عن السعر المتفق عليه حال التوريد المطابق للمواصفات تماماً، فان اختارت الحل الأخير وارتأت قبول الأصناف المخالفة كان عليها اتخاذ إجراء ضرورى وهو أن تحصل على موافقة كتابية من المورد على قبوله الخصم فى السعر فإن لم يقبل فعليها رفض الأصناف وتطبيق أحكام اللائحة عليه وذلك وفقا لصريح نص المادة 101 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 سالفة البيان، ومن ثَمَّ فلا يجوز لها أن تجرى هذا الخصم إذا رفضه المورد فإن فعلت كان إجراؤها غير قائم على ما يبرره ومخالفًا للقانون وتلتزم برد ما خصمته من المورد إليه.
وحيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أنه وإن كان تحليل المركزات التى وردتها الجمعية المطعون ضدها لمحافظة بنى سويف قد أسفر عن وجود نقص فى عنصر الرماد عن المواصفات المطلوبة بلغت نسبته 8.2% ورأت معه المحافظة إنقاص سعر الطن بمبلغ 87 جنيهًا وهو ما لم توافق عليه الجمعية كتابه ورفضته فانه ما كان يجوز للمحافظة رغم ذلك أن تقبل توريد هذه الكميات وتستخدمها وتقوم بخصم مبلغ 31144 جنيها من مستحقات الجمعية عملا بنص المادة 101 من اللائحة المذكورة بل كان عليها أن ترفض الأصناف وتطبق أحكام اللائحة على الجمعية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بإلزام المحافظة برد المبلغ المشار إليه للجمعية فإنه يكون موافقًا لصحيح حكم القانون ويتعين رفض الطعن الماثل.
وحيث إنه عن المصروفات فإن من يخسر الدعوى يلتزم بها عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.