جلسة 12 من فبراير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعنان رقما 4551 و 4724 لسنة 42 قضائية . عليا:
ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة ــ ما تتخذه الرقابة الإدارية من إجراءات المراقبة والتحريات عن أمور تستوجب التحقيق.
المادة (61) من قانون تنظيم الرقابة الإدارية رقم 54 لسنة 1964 المعدل بالقانونين رقمى 110 لسنة 1982 و112 لسنة 1983.
أوامر وإجراءات مأمورى الضبطية القضائية التى تصدر عنهم فى نطاق الاختصاص القضائى الذى خوَّلهم القانون إياه وأضفى عليهم فيه تلك الولاية القضائية هى وحدها التى تعتبر أوامر وقرارات قضائية وهى بهذه المثابة تخرج عن رقابة القضاء الإدارى. أما الأوامر والقرارات التى تصدر عنهم خارج نطاق ذلك الاختصاص القضائى المخول لهم فى القانون، فإنها لا تعد أوامر أو قرارات قضائية. وإنما تُعتبر من قبيل القرارات الإدارية وتخضع لرقابة القضاء الإدارى إذا توافرت لها شرائط القرارات الإدارية النهائية ــ ما تتخذه الرقابة الإدارية من إجراءات المراقبة والتحريات عن أمور تستوجب التحقيق إنما يجرى التظلم منها وفقاً للإجراءات التى رسمها كل من قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، وتخرج باعتبارها عملاً قضائيًا من الاختصاص الولائى لمجلس الدولة ــ سواء إلغاءً أو تعويضاً ــ تطبيق.
الدفوع فى الدعوى ــ حدوده ــ محو العبارات الجارحة من أوراق الدعوى.
حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول طبقاً للدستور، وهذا الحق الذى يستعمله الخصوم أمام القضاء مشروط بألا يكون استعماله إلا فى حدوده دون تجاوز، وطبقاً للمادتين (4)، (5) من القانون المدنى فإن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر ويكون استعمال الحق غير مشروع إذا لم يُقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، أو إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة. وطبقاً لقانون المرافعات فى المادتين (102)، (105) فإنه يجب الاستماع إلى أقوال الخصوم حال المرافعة ولا تجوز مقاطعتها إلا إذا خرجوا عن موضوع الدعوى أو مقتضيات الدفاع وللمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات ــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 8/6/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4551 لسنة 42ق.ع فى الحكم المشار إليه، والقاضى أولاً/ بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب العارض وإلزام المدعى مصروفاته، ثانياً/ بعدم قبول الدعويين رقمى 3065/4413 لسنة 47ق بالنسبة إلى ماعدا المدعى عليه الأول بصفته لرفعها على غير ذى صفة، وبقبولها بالنسبة إلى المدعى عليه الأول بصفته شكلاً، وفى الموضوع بإلزامه بأن يؤدى للمدعى مبلغاً مقداره ألف جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بالمصاريف عن درجتى التقاضى.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وفى يوم السبت الموافق 15/6/1996 أودع الأستاذ/ رجاء زبير (المحامى) نائباً عن الأستاذ/ سيد لطفى (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها رقم 4724 لسنة 42ق.ع فى الحكم السالف الإشارة إليه.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع أولاً: فى الطلبات الأصلية بتعديل قيمة التعويض إلى القيمة المناسبة على النحو الموضح بصحيفة الطعن، ثانياً: وفى الطلب العارض أصلياً: إلغاء حكم محكمة أول درجة بعدم الاختصاص وباعتبارها مختصة وإعادتها لها للفصل فيها مجدداً. احتياطياً: تحديد المحكمة المختصة وإحالتها إليها، ومن باب الاحتياط الكلى: تفسير مصير المستندات المطالب بمصادرتها وإعدامها، مع إلزام الخصم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً فى الطعنين رأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وبالنسبة للطعن الأول إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تعويض المطعون ضده مع إلزامه المصروفات، ورفض الطعن الثانى وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نُظر الطعنان أمام الدائرة الثانية فحص والدائرة الأولى فحص، وقررت الأخيرة ضم الطعنين بجلسة 15/12/2003، وبجلسة 21/6/2004 قررت إحالتهما إلى هذه المحكمة التى نظرتهما على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/11/2004 حضر الطاعن فى الطعن رقم 4724 لسنة 42ق.ع، وقرر أنه يتنازل عن اختصام السيد/ ……………………………، بشخصه، مكتفياً بصفته وفى ذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن السيد/ ……………………..، أقام الدعوى رقم 3065/47ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 1/2/1993، بطلب الحكم باعتبار ما ورد بمذكرة دفاع المدعى عليهما بجلسة 15/12/1988 أمام محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 5050 لسنة 41ق والتى أقامها طعناً على قرار تخفيض تقرير كفايته السنوى عن عام 1986 أمراً يجاوز مقتضيات الدفاع ويشكل إهانة لشرف المدعى وسمعته وإلزامهما متضامنين بالتعويض المناسب، وذلك بالنظر إلى أن المحكمة أخذت بما ورد بهذه المذكرة وقضت برفض الدعوى؛ حيث أقام عليه الطعن رقم 1535 لسنة 16ق.ع وقضت المحكمة الإدارية العليا لصالحه فى طلب الإلغاء، ورفضت طلب التعويض باعتبار أن الإلغاء هو بمثابة تعويض عن خطأ الإدارة. كما أقام الدعوى رقم 4413/47ق باعتبار ما ورد بمذكرة دفاع الجهة الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا فى الطعن المشار إليه بجلسة 17/3/1992 أمراً يجاوز مقتضيات الدفاع ويشكل إهانة لشرفه وسمعته وإلزام المدعى عليهما بالتعويض المناسب، كما عدل طلباته باختصام آخرين بجلسة 27/1/1994 أمام القضاء الإدارى بطلب بطلان المذكرة المؤرخة فى 1/9/1987 ومصادرة التسجيلات والأشرطة وتمكينه من إعدامها بتكاليف على نفقة الخصم المدخل مع إلزامه بالتعويض الأدبى المناسب.
وبجلسة 21/4/1996 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها بعدم الاختصاص بالطلب العارض تأسيساً على أن ما قام به الخصم المدخل (رئيس هيئة الرقابة الإدارية وقت إجراء التحريات عن المدعى) من إجراء تحريات وما استتبعه من تسجيلها على أشرطة هى من الأعمال المنوطة به باعتباره من رجال الضبط القضائى مما لا تختص به محكمة القضاء الإدارى، ومن ثَمَّ فإن جهات الاختصاص بالنيابة العامة تكون هى المختصة بالنظر فى أعمال مأمورى الضبط القضائى ومن بينهم أعضاء الرقابة الإدارية، وأقام الحكم قضاءه بالنسبة للموضوع على أن ما ورد بمذكرتى دفاع الجهة الإدارية بأن من أسباب تخفيض كفاية المدعى كثرة الشكاوى ضده ومن أهمها شكوى السيدة/ …………………….، إلى هيئة الرقابة الإدارية بأن المدعى طلب منها رشوة حتى يضع تقرير خبرة لصالحها فى إحدى الدعاوى المرفوعة منها برقم 3378 لسنة 1984 مدنى كلى جنوب قليوب ضد وزارة الصحة، وأن ما ورد بمذكرتى الدفاع عن هذه الواقعة لا يستلزمه حق الدفاع ولا يقتضيه المقام، وأيًا ما كان الأمر بخصوص صحة ما نُسب للمدعى بهذه الواقعة باعتبارها تتعلق بسنة أخرى غير سنة التقرير، ومن ثَمَّ يقوم ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، وهذا الخطأ أصابه بضرر لمساسه باعتباره وكرامته، خاصة أن ما نُسب إليه لم يثبت، ومن ثَمَّ قضت المحكمة له بالتعويض المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4551 لسنة 42ق.ع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن ما ورد بمذكرتى الدفاع المقدمتين من جهة الإدارة لم يكن سوى تقرير وسرد لما حوته المستندات من وقائع، كما أن من تقاليد المحكمة الإدارية العليا أنها لا تسمح فى ساحتها أن يخرج أحد أطراف الدعوى عن موضوعها أو عن مقتضيات الدفاع شفاهة أو كتابة وإلا أمرت من تلقاء نفسها بمحو العبارات الخارجة من أية ورقة من أوراق الدعوى، وإذ أشير إلى الشكوى المشار إليها وهى لاحقة لسنة التقرير إلا أنها قدمت قبل أن يصير التقرير الخاص بالكفاية نهائيًا، كما أن الحكم الصادر برفض الدعوى لم يقم فى أسبابه على ما ورد بالشكوى ولم يكن لها تأثير على الحكم، ومن ثَمَّ لا يقوم الخطأ فى جانب جهة الإدارة ويكون قضاء المحكمة بالتعويض على غير أساس.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 4724 لسنة 42ق.ع فيما يتعلق بالتعويض فإن قيمته
لا تتناسب البتة مع ما أصابه من أضرار وما تكبده فى التقاضى من نفقات ومصروفات وأتعاب فعلية لمدة جاوزت السنوات الثلاث، وفيما يختص بالطلب العارض: فلم يسبق الفصل فيه من القضاء المدنى لاختلاف الخصوم والموضوع ولايخرج عن اختصاص القضاء إلا أعمال السيادة، ومن ضمن طلبات التعويض أن الطاعن قدم حكماً نهائياً من محكمة جنح مستأنف مدينة نصر أمام القضاء الإدارى وطالب بالتعويض الكلى ولم يعترض الخصوم فأصبح حقاً مشروعاً للطاعن، وإذ لم يرد من الخصوم دفع بعدم الاختصاص، فإنهم بذلك قد قبلوا ولاية هذه المحكمة ضمنًا، كما أخطأ الحكم حين قضى بعدم الاختصاص وعدم الإحالة وإلزام الطاعن بالمصروفات، وهو لم يخسر دعواه، واختتم الطاعن تقرير طعنه بأن ما ورد بالمذكرات المشار إليها كان له تأثير على دعاوى أخرى ومنها الطعن على قرار نقل الطاعن، وعليه يكون من حقه أن يطلب من المحكمة التصدى لطلبه العارض وإلا فلتفسر المحكمة مصير المستندات المطالب بإعدامها وما سيتم فيها نهائياً، وحتى لا يضطر إلى إقامة دعوى تفسير مستقلة.
ومن حيث إنه عن الطلب العارض الذى طلبه الطاعن فى الطعن رقم 4724 لسنة 42ق.ع والخاص ببطلان ما ورد بالمذكرة فى 1/9/1987 المرسلة من رئيس هيئة الرقابة الإدارية إلى وزير العدل وما يترتب على ذلك من آثار منها مصادرة التسجيلات والأشرطة وتمكينه من إعدامها بتكاليف على نفقة الخصم المدخل وإلزامه بالتعويض المناسب عن ذلك وقد ورد بالمذكرة المشار إليها ما يلى “إن الدعوى رقم 2328 لسنة 1984 مدنى كلى قليوب أحيلت إلى الطاعن …………………….. باعتباره خبيرًا لإعداد تقرير فيها، وإنه اتضح من التحرى عدم نزاهته واعتياده تقاضى رشاوى من أصحاب القضايا، فتم تحرير محضر بالإجراءات القانونية والحصول على إذن المحامى العام لنيابة أمن الدولة العليا بتسجيل الأحاديث التى تدور بين المبلغة والخبير حول الواقعة موضوع البلاغ المقدم من مقيمة الدعوى المشار إليها. وتم تسجيل عدد أربعة لقاءات بين المبلغة والخبير خلال شهرى مايو ويونيو فى حضور والدة المبلغة واتفقوا فيها على حصول الخبير على مبلغ 2000 جنيه تسلم إليه فى اللقاء الأخير يوم 30/6/1987، وعليه تم الحصول على إذن نيابة أمن الدولة العليا بضبط الخبير حال تقاضيه مبالغ مالية على سبيل الرشوة ……… إلى آخر ما ورد بالمذكرة من أنه ساعة تسلم المبلغ ساورت الخبير الشكوك فطلب تأجيل تسليم المبلغ وتعلل بعدم انتهائه من كتابه التقرير النهائى، كما طالب بتسليم المبلغ بمكتبه وحدد ميعادًا آخر فى 11/7/1987، وقد تم تسجيل هذا اللقاء بالصوت والصورة، وبتاريخ 9/7/1987 حضرت المبلغة إلى هيئة الرقابة الإدارية، وأفادت بقيام الخبير بالاتصال التليفونى بها وأبلغها بأن القضية تمت إحالتها إلى خبير آخر وألغى الميعاد السابق تحديده يوم 11/7/1987”.
وإذ تنص المادة (61) من قانون تنظيم الرقابة الإدارية رقم 54 لسنة 1964 المعدل بالقانونين رقمى 110 لسنة 1982 و112 لسنة 1983على أن “يكون لرئيس الرقابة الإدارية ونائبه ولسائر أعضاء الرقابة الإدارية ولمن يندب للعمل عضواً بالرقابة سلطة الضبطية القضائية فى جميع أنحاء الجمهورية ..”. وإذ تختص الرقابة الإدارية طبقاً للمادتين (2)، (8) من القانون المشار إليه بالكشف عن المخالفات الإدارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من الموظفين فى أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم والعمل على منع وقوعها وضبط ما يقع منها، وإذا أسفرت التحريات أو المراقبة عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة حسب الأحوال.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاءً سابقاً بأن أوامر وإجراءات مأمورى الضبطية القضائية التى تصدر عنهم فى نطاق الاختصاص القضائى الذى خولهم القانون إياه وأضفى عليهم فيه تلك الولاية القضائية هى وحدها التى تعتبر أوامر وقرارات قضائية، وهى بهذه المثابة تخرج عن رقابة القضاء الإدارى، أما الأوامر والقرارات التى تصدر عنهم خارج نطاق ذلك الاختصاص القضائى المخول لهم فى القانون فإنها لا تعد أوامر أو قرارات قضائية، وإنما تعتبر من قبيل القرارات الإدارية، وتخضع لرقابة القضاء الادارى إذا توافرت فيها شرائط القرارات الإدارية النهائية، ومن ثَمَّ فإن ما اتخذته الرقابة الإدارية من إجراءات وأعمال ضد الطاعن على النحو السالف بيانه إنما يجرى التظلم منها وفقاً للإجراءات التى رسمها كل من قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات، وتخرج باعتبارها عملاً قضائياً من الاختصاص الولائى لمجلس الدولة سواء إلغاءً أو تعويضاً، ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن متفقاً وأحكام القانون.
ومن حيث إنه فيما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام وزير العدل بصفته بأن يؤدى للمدعى ………………. مبلغاً مقداره ألف جنيه تعويضاً عما نُسب إليه فى مذكرتى دفاع الإدارة ماساً بكرامته واعتباره على النحو الوارد بالحكم، ولما كان من المقرر أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول طبقاً للدستور، وهذا الحق الذى يستعمله الخصوم أمام القضاء مشروط بألا يكون استعماله إلا فى حدوده دون تجاوز وطبقاً للمادتين (4) و(5) من القانون المدنى فإن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر ويكون استعمال الحق غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، أو إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة، وطبقاً لقانون المرافعات المدنية والتجارية فى المادتين (102) و(105) فإنه يجب الاستماع إلى أقوال الخصوم حال المرافعة ولا تجوز مقاطعتهم إلا إذا خرجوا عن موضوع الدعوى أو مقتضيات الدفاع، وللمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى ………………………. أقام الدعوى رقم 5050 لسنة 41ق طالباً الحكم بإلغاء قرار تخفيض كفايته عن عام 1986 عن ممتاز وما يترتب على ذلك من آثار، وفى معرض دفاعها ضمَّنت جهة الإدارة مذكرتها المقدمة بجلسة 15/12/1988 أن من بين أسباب تخفيض كفاية المدعى كثرة الشكاوى المقدمة من الجمهور ومن أهمها الشكوى المقدمة من السيدة/ …………………………… إلى هيئة الرقابة الإدارية التى أخطرت الإدارة المركزية للتفتيش الفنى لمصلحة الخبراء، وأن هذه السيدة أبلغت الرقابة الإدارية بأن المدعى يطلب منها خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة حتى يضع تقريراً لصالحها فى الدعوى المرفوعة منها سالفة الإشارة. وبجلسة 25/1/1990 قضت المحكمة المذكورة برفض الدعوى فأقام المدعى الطعن رقم 1535 لسنة 36ق.ع طعنًا على الحكم السالف الذكر، وعند نظر الطعن بجلسة 17/10/1992 أودعت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها رددت فيها ما سبق أن أوردته بمذكرتها فى الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن ما ورد فى المذكرتين المشار إليهما من وقائع نسبتهما جهة الإدارة إلى الطاعن …………………….، وذلك فى معرض دفاعها أمام محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا، واستندت فيها إلى ما ورد بمذكرة هيئة الرقابة الإدارية المؤرخة فى 1/9/1987 والمرسلة إلى وزير العدل (سرى جدًا)، وأنه ولئن كان حكم محكمة القضاء الإدارى فى معرض مراقبة قرار تقدير كفايته قد أخذ فى اعتباره ما ورد بالشكوى المشار إليها رغم أنها وردت لاحقة للسنة التى وُضع عنها التقرير، وانتهى إلى رفض الدعوى إلا أن المحكمة الإدارية العليا حين نظرت طعنه انتهت إلى إلغاء التقرير لأسباب أخرى ولم تلتفت إلى ماورد بمذكرتى دفاع الجهة الإدارية ولم تعول عليهما، بل إن المحكمة انتهت فى حكمها فى الطعن رقم 1535/36ق.ع إلى أنه “لا وجه لمساءلة من يعدون التقرير عن تقديرهم بعناصر الكفاية مادام لم يثبت قصد أحدهم الإساءة إلى المدعى”. وانتهت المحكمة الإدارية إلى إلغاء قرار تقدير كفايته بمرتبة جيد وما يترتب على ذلك من آثار، ومن ثَمَّ فإن ما ورد بمذكرتى الدفاع إنما ورد أخذاً من الأوراق وخاصة أوراق هيئة الرقابة الإدارية للتدليل على مسلك معين للمدعى، وفى نطاق من السرية واتخذت بشأنه إجراءات عديدة على نحو ما سلف، كما أنه ورد فى إطار حق الدفاع المكفول للجهة الإدارية أمام القضاء وإذا كان فيه خروج على هذا المقتضى أو أنه استعمال للحق غير مشروع؛ فقد كان يتعين على الطاعن المذكور أن يطلب من المحكمة أو أن تقوم المحكمة من تلقاء نفسها بمحو هذه العبارات واستبعادها من المذكرات، فضلاً عن أنه يستطيع مقاضاة المسئول عن صحة أو عدم صحة ما ورد بتقرير هيئة الرقابة الإدارية باتباع الطريق المقرر قانوناً، ومن ثَمَّ يكون ما ورد بمذكرتى الدفاع المشار إليهما لا يقيمان ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة، وبالتالى يتخلف ركن من أركان مسئولية الإدارة، الموجبة للتعويض مما يوجب إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى التعويض المقامة من الطاعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعنين شكلاً، وفى الموضوع :
أولاً : فى الطعن رقم 4551 لسنة 42ق.ع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
ثانياً : فى الطعن رقم 4724 لسنة 42ق.ع برفض الطعن، وألزمت الطاعن المصروفات.