جلسة 24 من فبراير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن على غربى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده ، وإبراهيم على إبراهيم عبد الله، ومحمد لطفى عبد الباقى جودة ، وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحى عبد الغنى جوده
أميـــــن السر
الطعن رقم 12021 لسنة 47 قضائية . عليا:
طوائف خاصة ــ مندوبو وزارة المالية – حظر تقاضى مكافآت.
طبقًا للمادة (46) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وقرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992، فالمكافآت المقررة كمقابل للجهود غير العادية التى يبذلها العامل هى نوع من التعويض عن تلك الجهود، وبالتالى فهى رهينة بتأدية هذه الأعمال فعلاً، وكذلك الأمر بالنسبة للأجور الإضافية التى لا تُصرف إلا لمن يقوم بالعمل فعلاً فى أوقات وساعات إضافية يجب أن تبلغ قدراً محدداً.
المشرع حظر على ممثلى وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات التى يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضى أية مبالغ من هذه الجهات كمكافأة تشجيعية أو تعويض عن جهود غير عادية أو حوافز أو أية مبالغ نقدية أو مزايا عينية ــ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 23/9/2001 أودع الأستاذ/ عصمت عبد الحفيظ الطاهرى (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 12021 لسنة 47 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 25/7/2001 فى الدعوى رقم 1694 لسنة 8 ق، والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأحقيته فى صرف مستحقاته.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بأحقية الطاعن فى صرف مستحقاته على النحو المبين بالأسباب وإلزام المطعون ضدهم بصفتهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها من الدائرة الثامنة (فحص)، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث أودع الطاعن بجلسة 24/6/2004 حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية لحكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 8250 لسنة 47 ق. عليا، وبجلسة 30/12/2004 أودع حافظة مستندات طويت على ذات المستند، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 3/2/2005، وبجلسة الحكم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/2/2005 لإتمام المداولة، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 25/6/1997 أقام الطاعن الدعوى رقم 1694 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط طالبًا الحكم بقبول دعواه شكلاً وفى الموضوع .
أولاً: بإلزام المدعى عليه الثانى فى مواجهة المدعى عليه الأول بأن يؤدى له مقابل جهود غير عادية بنسبة 50 % من المرتب شهريًا اعتباراً من 1/7/1992 حتى 1/2/1997.
ثانياً:بإلزام المدعى عليه الثالث فى مواجهة المدعى عليه الأول بأن يؤدى له المقابل المقرر لأدائه العمل بنسبة 30 % من المرتب شهريًا اعتبارًا من 1/7/1992 وحتى تاريخه، مع صرف الحوافز والمكافآت التى تم صرفها للعاملين بالمشروع خلال هذه الفترة مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات.
وقال ــ شرحًا لدعواه ــ إنه يعمل مدير حسابات ديوان عام محافظة أسيوط، وبتاريخ 10/10/1990 صدر قرار محافظ أسيوط رقم 1131 لسنة 1990 بتعيينه عضوًا بالجهاز المالى المنشأ بقرار المحافظ رقم 22 لسنة 1984 التابع للمجلس الأعلى للمشروعات، وكان يباشر عمله فى هذا الجهاز فى غير أوقات العمل الرسمية مقابل صرف 50 % من المرتب شهريًا كجهود غير عادية، كما كلف بالعمل مديرًا لحسابات المجلس الأعلى للمشروعات فى غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من المرتب شهريًا ومديرًا لحسابات مشروع العبارات فى غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30 % من المرتب شهريًا، بالإضافة إلى ما يُصرف من حوافز ومكافآت للعاملين بالمشروع، واستمر صرف الطاعن لهذه المستحقات حتى 30/6/1992، ثم أوقف الصرف اعتبارًا من 1/7/1992، استنادًا إلى قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 بحظر تقاضى مندوبى وزارة المالية من الجهات التى يعملون بها كممثلين للوزارة أية مكافآت أو حوافز اعتبارًا من 1/7/1992، رغم أن القواعد التى تضمنها القرار المشار إليه لا تنطبق عليه؛ لأن ما كُلّف به من أعمال كان بصفة شخصية وفى غير أوقات العمل الرسمية ولا يعتبر امتدادًا لعمله الأصلى.
وبجلسة 25/7/2001 حكمت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط(الدائرة الثانية) بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعى المصروفات.
وأقامت قضاءها على أن قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 قد حظر حظرًا تامًا على ممثلى وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية تقاضى أية مبالغ من الجهات التى يمثلون وزارة المالية بها تحت أى مسمى، وأناط بوزير المالية وضع القواعد التى تكفل تعويضهم وإثابتهم عن الأعمال والجهود التى يؤدونها لدى هذه الجهات على النحو الذى قرره القانون. ولما كان المدعى يعمل فى وظيفة مدير حسابات ديوان عام محافظة أسيوط ويتبع وزارة المالية، وقد تم تكليفه عضوًا باللجنة المالية التابعة للمجلس الأعلى للمشروعات مقابل 50% من مرتبه كمقابل عن الجهود غير العادية، وكلف بالعمل مديرًا لحسابات المجلس الأعلى للمشروعات فى غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30 % من مرتبه شهريًا وكلف بالعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات وكان يصرف مستحقاته حتى 30/6/1992 وأوقف الصرف اعتبارًا من 1/7/1992 تاريخ صدور قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 الذى حظر تقاضى ممثلى وزارة المالية أى مبالغ من الجهات التى يمثلون وزارة المالية بها.
ولما كان المدعى يعمل لدى هذين المشروعين بصفته ممثلاً لوزارة المالية فإن مسلك الجهة الإدارية يكون متفقًا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبًا بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب لما يلى:
ومن حيث إن المادة (46) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن “يستحق شاغل الوظيفة مقابلاً عن الجهود غير العادية والأعمال الإضافية التى يكلف بها من الجهة المختصة وذلك طبقًا للنظام الذى تضعه السلطة المختصة، ويبين ذلك النظام الحدود القصوى لما يجوز أن يتقاضاه العامل من مبالغ فى هذه الأحوال”.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المكافآت المقررة كمقابل للجهود غير العادية التى يبذلها العامل هى نوع من التعويض عن تلك الجهود وبالتالى فهى رهينة بتأدية هذه الاعمال فعلاً، ولهذا فإن مناط استحقاقها هو الأداء الفعلى للعمل إما فى غير أوقات العمل الرسمية بالإضافة إلى أدائه فى أوقاته أو على وجه يتسم بالتميز، وكذلك الأمر بالنسبة للأجور الإضافية التى لا تُصرف إلا لمن يقوم بالعمل فعلاً فى أوقات وساعات إضافية يجب أن تبلغ قدرًا محددًا.
ومن حيث إنه بتاريخ 29/6/1992 صدر قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 بحظر تقاضى مندوبى وزارة المالية فى الجهات المختلفة أى مبالغ من هذه الجهات، وقد نصت المادة الأولى منه على أن “يحظر حظرًا تامًا على العاملين بقطاعات الحسابات والمديريات المالية والحسابات الختامية والموازنة والتمويل، وعلى ممثلى وزارة المالية من هذه القطاعات لدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات الخدمية والهيئات الاقتصادية وصناديق التمويل والحسابات الخاصة وشركات قطاع الأعمال وغيرها من الجهات التى يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضى أية مبالغ من هذه الجهات كمكافأة تشجيعية أو تعويض عن جهود غير عادية أو حوافز أو أية مبالغ نقدية أو مزايا عينية تحت أى مسمى.
ونصت المادة الثانية من ذات القرار على أن ” تنظم بقرار يصدر من وزير المالية قواعد إثابة العاملين المشار إليهم فى المادة السابقة وفقًا للقانون.”
ونصت المادة الثالثة من القرار على أنه “مع عدم الإخلال بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لا يجوز للعاملين بوزارة المالية المشاركة بهذه الصفة فى عضوية مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية أو الاشتراك فى لجان أو القيام بأية أعمال خارج نطاق وظائفهم إلا بموافقة وزير المالية أو من يفوضه”.
ونصت المادة الرابعة من القرار المشار إليه على أن “يلغى كل ما يخالف هذا القرار ويُعمل به اعتبارًا من 1/7/1992”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قد حظر حظرًا تامًا على ممثلى وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات التى يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضى أية مبالغ من هذه الجهات كمكافآت تشجيعية أو تعويض عن جهود عادية أو حوافز أو أية مبالغ نقدية أو مزايا عينية تحت أى مسمى، وأناط بوزير المالية وضع القواعد التى تكفل إثابتهم وتعويضهم عن الأعمال والجهود التى يؤدونها لدى هذه الجهات على النحو الذى قرره القانون وذلك نظرًا لما يؤديه ممثلو وزارة المالية لدى هذه الجهات من دور رقابى على تصرفاتها من الناحية المالية وحرصًا على نزاهة عملهم وبعدًا بهم عن الشبهات وكفالة استقلالهم وعدم تأثرهم بقيادات هذه الجهات.
كما تضمَّن قرار وزير المالية سالف الإشارة إليه فى المادة الثالثة منه حظرًا مؤداه عدم جواز مشاركة ممثلى وزارة المالية بهذه الصفة فى عضوية مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية أو الاشتراك فى لجان أو القيام بأية أعمال خارج نطاق وظائفهم إلا بموافقة وزير المالية أو من يفوضه.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يعمل فى وظيفة مراقب الحسابات بديوان عام محافظة أسيوط، وقد صدر قرار محافظ أسيوط رقم 1131 لسنة 1990 بضمه للجهاز المالى التابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للمشروعات خلفًا لزميله/……………………………. الذى نقل إلى الضرائب العامة بأسيوط مقابل صرف 50% من المرتب شهريًا كجهود غير عادية لكل من أعضاء اللجنة القانونية واللجنة المالية وكلف مديرًا لحسابات المجلس الأعلى للمشروعات اعتبارًا من 16/9/1990 فى غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من مرتبه شهريًا، كما كلف بالعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات اعتبارًا من 1/ 1/1992 فى غير أوقات العمل الرسمية مقابل 30% من مرتبه، بالإضافة إلى ما يُصرف من حوافز ومكافآت للعاملين بالمشروع إلا أنه اعتبارًا من 1/7/1992 أوقف صرف مستحقاته استنادًا لقرار وزير المالية رقم 199لسنة 1992 سالف الإشارة إليه.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن قد تم ضمه للجهاز المالى التابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للمشروعات بموجب قرار محافظ أسيوط رقم 1311 لسنة 1990 قبل صدور قرار وزير المالية رقم 199 لسنة 1992 واستمرت جهة الإدارة فى تكليفه بالقيام بالأعمال المنوطة به بهذا الجهاز بعد صدور قرار وزير المالية المشار إليه رغم الحظر الذى أورده هذا القرار الأخير فإن هذا المسلك وإن كان يمثل مخالفة لأحكام قرار وزير المالية سالف الإشارة إليه من قِبل جهة الإدارة والطاعن على سواء إلا أن ذلك لا يمثل مانعًا يحول بين الطاعن وبين استئدائه للمبالغ المالية المستحقة له عن الأعمال التى تم تكليفه بها وقام بإنجازها، ومن ثَمَّ تكون مطالبة الطاعن بصرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التى أداها للجهاز المالى التابع للأمانة العامة للمجلس الأعلى للمشروعات بمحافظة أسيوط قائمة على سند صحيح من الواقع والقانون.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعن قد كلف بالعمل مديرًا لحسابات مشروع العبارات، وقد وافقت المديرية المالية بأسيوط على هذا التكليف، ومن ثَمَّ يكون للطاعن الحق فى صرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التى أداها لهذا المشروع.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم فإنه يتعين القضاء بأحقية الطاعن فى صرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التى كلف بالقيام بها وذلك اعتبارًا من تاريخ إيقاف صرف هذه المستحقات فى 1/7/1992 حتى تاريخ انتهاء تكليفه بالقيام بهذه الأعمال .
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون خليقًا بالإلغاء، ويغدو الطعن فيه قائمًا على سند صحيح من القانون .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية الطاعن فى صرف المبالغ المستحقة له عن الأعمال التى تم تكليفه بها وذلك اعتبارًا من 1/7/1992 حتى تاريخ انتهاء تكليفه بالقيام بهذه الأعمال، وألزمت جهة الإدارة المصروفات عن درجتى التقاضى.