جلسة 19 من مارس سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام عبدالعزيز جاد الحق، وحسن كمال أبوزيد، وأحمد إبراهيم زكى الدسوقى، وعبدالحليم أبو الفضل القاضى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير
مفوض الدولة
وحضور السيد/ يحيى سيد على
أمين السر
الطعن رقم 7142 لسنة 45 قضائية . عليا:
عاملون مدنيون بالدولة ــ تأديب ــ مسئولية الرئيس الإدارى.
الرئيس الإدارى يجب أن يكون لديه الحد الأدنى المناسب من المعلومات عن الأحكام والتعليمات التى تتعلق بطبيعة المرفق الذى يعمل به، بحيث يكون على دراية كافية بتلك الأحكام وهذه التعليمات ضماناً لحسن سير المرفق، إلا أن ذلك لا يعنى أن يكون الرئيس عالماً بدقائق اللوائح والتعليمات وإلا كان مؤدى ذلك أن يكون هو المرفق بكافة تخصصاته ولا حاجة للعاملين معه الذين يفترض أن يكونوا من تخصصات مختلفة، فإن وجود هؤلاء العاملين يعنى أن مهمة الرئيس هى المتابعة والتنسيق والتدخل إذا لزم الأمر ذلك.
ويبدو هذا الأمر واضحاً إذا كان الرئيس ذا تخصص فنى معين، ولم يُتِحْ له مجال الدراسة أو العمل الإلمام الجيد بالأمور الأخرى اللازمة لتسيير المرفق وأظهرها الأمور الإدارية والمالية التى تدق فيها الأمور حتى على المتخصصين أنفسهم ــ تطبيق.
بتاريخ 25/7/1999 أقام الطاعن طعنه بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها من هيئة أخرى.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وتدوول الطعن بدائرة فحص الطعون وبهذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 4/12/2004 تقرر حجزه لإصدار الحكم بجلسة 19/2/05 20 حيث تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لذلك فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن المنازعة تخلص كما هو ثابت بالأوراق فى أن النيابة الإدارية أحالت إلى المحكمة التأديبية بالإسماعيلية الطاعن ــ وآخرين ــ لما نسبته إليهم من مخالفات تمثلت بالنسبة للطاعن فى أنه وآخر وقعا على شيكات محل التحقيق كتوقيع أول رغم وجود فراغات بها وبالمخالفة لأحكام اللائحة المالية مما سبب التلاعب بها والاستيلاء على المال العام.
وبجلسة 26/5/1999 قضت المحكمة بمعاقبة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه على سند من أن الطاعن قام فى الفترة من 20/5/ 1991 حتى 9/11/1993 بالتوقيع على الشيكات محل التحقيق توقيع أول رغم وجود فراغات مكنت المحال الأول من التلاعب فيها وكان يتعين عليه تقفيل هذه الفراغات ولا يؤثر فى ذلك ما قرره أنه غير متخصص فى الأمور المالية لكونه طبيبًا لأنه باعتباره رئيساً كان يتعين عليه الإلمام بالأحكام المالية والاستفسار عن مدى سلامة تطبيقها من المختصين خاصة إذا كانت الأوراق التى يعتمدها من تلك الأوراق التى تتعلق بصرف مبالغ مالية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على بطلان الحكم المطعون فيه للغلو وعدم التناسب الظاهر بين الذنب الإدارى والجزاء الموقع، كما أن مسئوليته التأديبية منتفية؛ لأن أحكام اللائحة المالية موجهة إلى ممثل وزارة المالية الذى يقوم بتوقيع الشيكات كتوقيع ثان كما أن الشيكات لم يكن بها فراغات وأنه الذى اكتشف الاختلاس.
ومن حيث إن الفصل فى المنازعة المطروحة تكمن فيما إذا كان الطاعن بصفته طبيبًا ورئيسًا كان يتعين عليه مراعاة الأحكام المالية فى تحرير الشيكات من حيث عدم وجود فراغات وتقفيل هذه الفراغات ان وجدت.
ومن حيث إنه ولئن كان من المستقر أن الرئيس الإدارى يجب أن يكون لديه الحد الأدنى المناسب من المعلومات عن الأحكام والتعليمات التى تتعلق بطبيعة المرفق الذى يعمل به، بحيث يكون على دراية كافية بتلك الأحكام وهذه التعليمات ضمانًا لحسن سير المرفق، إلا أن ذلك
لا يعنى أن يكون الرئيس عالمًا بدقائق اللوائح والتعليمات وإلا كان مؤدى ذلك أن يكون هو المرفق بكافة تخصصاته ولا حاجة للعاملين معه الذين يفترض أن يكونوا من تخصصات مختلفة فإن وجود هؤلاء العاملين يعنى أن مهمة الرئيس هى المتابعة والتنسيق والتدخل إذا لزم الأمر ذلك.
ويبدو هذا الأمر واضحًا إذا كان الرئيس ذا تخصص فنى معين لم تتح له مجال الدراسة أو العمل بالإلمام الجيد بالأمور الأخرى اللازمة لتسيير المرفق وأظهرها الأمور الإدارية والمالية التى تدق فيها الأمور على المتخصصين أنفسهم.
ومن حيث إنه لما كان الطاعن طبيبًا فإنه ليس مطلوبًا فيه الإلمام الكامل بكيفية تحرير الشيكات وكيفية صياغتها وما إذا كان يتعين ملء الفراغات بها، لأن ذلك يتعين أن يكون بداهة مسئوليته وآخرين متخصصين فى ذلك، وهم العاملون فى المجال المالى سواء كانوا ممثلى وزارة المالية أو الذين يعملون داخل الوحدة فى هذه الأمور، وعليه فإن قام الطاعن بصفته رئيسا للعمل بالتوقيع على شيكات كتوقيع أول فإنه ليس الذى يحرر الشيك وإنما يحررها المختص بذلك قانونًا كما أن التوقيع الثانى يكون من مختص مالى بذلك أى أن المرحلة السابقة لتوقيع الطاعن تتم من مختص، والمرحلة التالية تتم من مختص حيث كان يتعين على هؤلاء المختصين إما ملء الفراغات بالشيكات قبل تقديمها للطاعن أو يقوم صاحب التوقيع الثانى قبل التوقيع بهذا الإجراء.
ومن حيث إنه تفريعًا على ما تقدم فإنه ليس ثمة مخالفة تأديبية يمكن نسبتها للطاعن مما كان يتعين معه أن يذهب الحكم المطعون فيه إلى القضاء ببراءته لا بمجازاته، وبذلك يكون الحكم مخالفًا للقانون تقضى المحكمة بإلغائه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن والقضاء مجددًا ببراءته مما هو منسوب إليه وما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن والقضاء مجددًا ببراءته مع ما يترتب على ذلك من آثار.