جلسة 23 من إبريل سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5329 لسنة 49 قضائية عليا:
ترخيص صيدلية ــ شرط المسافة ــ تحديده.
طبقًا لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، فإنه عند التحقق من توافر شرط المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وبين أقرب صيدلية مرخص بها ــ يتعين أن تحدد المسافة بين محورى مدخلى الصيدليتين المخصص لدخول الجمهور بقصد شراء الدواء، وأن تقاس من أقصر الطرق التى يسلكها الجمهور، فالعبرة بالطريق الذى يسلكه سيراً على الأقدام وليست العبرة بالطرق التى تسير عليها السيارات ــ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق 9/3/2003 أودع الأستاذ منصف نجيب سليمان (المحامى) وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5329
لسنة 49ق فى الحكم المشار إليه والقاضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر من المطعون ضده الثانى برفض الترخيص له فى إدارة مؤسسة صيدلية فى الموقع المشار إليه بتقرير الطعن وبأحقيته فى الترخيص له فى ذلك، مع جميع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، وبإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/3/2004، وبجلسة 26/9/2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بقنا بتاريخ 17/11/1997 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار الصادر من مدير عام مديرية الشئون الصحية بأسوان بعدم إصدار ترخيص لإدارة مؤسسة صيدلية باسم صيدلية كوم أمبو بشارع منصور وفى الموضوع بأحقيته فى الحصول على ترخيص الصيدلية المذكورة مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وقال ــ شرحاً للدعوى ــ إنه بتاريخ 4/9/1997 تقدم بطلب إلى مدير عام مديرية الشئون الصحية بأسوان للحصول على ترخيص صيدلية بمدينة كوم أمبو وأرفق بهذا الطلب جميع المستندات المطلوبة، إلا أنه بتاريخ 19/10/1997 وصله كتاب المديرية المذكورة تخطره فيه بإعادة أوراق طلب الترخيص لعدم استيفاء شرط المسافة القانونية لأقرب صيدلية طبقاً لنص المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة. ونعى المدعى على القرار المطعون فيه صدوره مفتقداً لركن السبب، وذلك لأن المكان المراد الحصول على ترخيص بإدارة صيدلية فيه كان مرخصاً فيه له بإدارة صيدلية إلا أنه بتاريخ 14/10/1994 تقدم إلى الجهة الإدارية لوقف ترخيص هذه الصيدلية لسفره إلى الخارج كما أن المعاينة التى أجرتها الجهة الإدارية تمت مكتبياً وليس على الطبيعة.
وبجلسة 9/1/2003 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المعول عليه فى تحديد المسافة بين صيدلية النزاع بشارع نبيل منصور وصيدلية مكرم بشارع عادل حمدى بمدينة كوم أمبو، هى بالمسافة الفعلية التى يسلكها الجمهور فى سعيه إلى الصيدليتين، أى أقرب طريق وليست بالطريق العام الذى تسلكه السيارات، وبذلك يكون الطريق المار بين الممر التجارى هو أقرب الطرق لعبور المشاة حسب السير الطبيعى لهم، وهذه المسافة من صيدلية المدعى مروراً بالممر التجارى حتى صيدلية مكرم قدرها الخبير بـ 94.83م، وبذلك
لا يتوافر فى صيدلية المدعى شرط المسافة القانونية المتطلبة للحصول على الترخيص بفتح الصيدلية محل النزاع، وإذا كانت الجهة الإدارية قد عولت فى تحديد المسافة بين الصيدليتين على هذا الطريق حسب الثابت من تقرير الخبير، فإنها تكون قد طبقت صحيح أحكام القانون، مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون، لأن العبرة فى تحديد المسافة هو بحسب السير الطبيعى فى الطريق العام، والمقصود بالطريق العام فى مجال تطبيق نص المادة (30) من قانون الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 هو الطريق الذى يسير فيه الإنسان كما تسير فيه السيارات ووسائل النقل الأخرى، ولا عبرة بالحوارى والأزقة فى مجال حساب تلك المسافة؛ لأنها لا تعتبر طريقاً عاماً، وأقرب صيدلية طبقاً لذلك تزيد على مائة متر، وعلى ذلك فإن السبب الذى استندت إليه جهة الإدارة فى رفض الترخيص للطاعن وهو عدم توافر شرط المسافة هو سبب غير صحيح، ومن ثَمَّ فإن قرارها برفض الترخيص له بإقامة الصيدلية فى الموقع المشار إليه قرار مخالف للقانون، ولا أدل على ذلك من سبق الترخيص فى ذات المكان ثم ألغى الترخيص بناءً على طلب الطاعن لظروفه الخاصة، ومن ثَمَّ فلا يجوز رفض إعادة الترخيص لعدم توافر شرط المسافة رغم عدم تغيير معالم البلدة وموقع الصيدلية المنافسة.
ومن حيث إن المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة قد تضمنت الشروط الواجبة للترخيص بإنشاء الصيدليات العامة، ومنها أن “يراعي ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص بها وأقرب صيدلية مرخص بها عن مائة متر” وجاء بالمذكرة الإيضاحية فى صدد هذه الصيدليات أنها” تعتبر أهم المؤسسات الصيدلية ولها مركز الصدارة فى أحكام المشروع لأنها المصدر الوحيد الذى يستوفى منه جمهور المرضى حاجته من الدواء، ولهذا أفسح المشروع مجال إنشاء الصيدليات وزيادة عددها بعد أن كان القانون القائم يخصص لكل اثنى عشر ألفًا من السكان صيدلية واحدة، وجعل المشروع حق فتح الصيدليات مباحاً مع مراعاة ألا تقل المسافة بين الصيدلية وأخرى عن مائة متر”.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة بأن الفهم المستفاد من حكم المادة (30) المذكورة مفسراً بما ورد بالمذكرة الإيضاحية أن المشرع فتح الباب لزيادة عدد الصيدليات العامة مستهدفاً فى المقام الأول صالح الجمهور مستهلك الدواء بتيسير سبل الحصول عليه، ومراعياً توفر الدواء للراغبين فيه فى جو بعيد عن المنافسة غير المشروعة فى هذه المهنة ذات الطابع المتميز لارتباطها الوثيق بصحة الجمهور وحياة المرضى، وعلى ذلك يتعين فهم شرط المسافة وتحديد ضوابط حسابه على هدى ما ابتغاه المشرع من زيادة عدد الصيدليات العامة بقصد تيسير حصول الجمهور على هذا الدواء ــ ومقتضى هذا الفهم أن تحدد المسافة الفعلية التى يسلكها الجمهور فى سعيه إلى الصيدلية حسب خط السير الطبيعى للمشاة فى الطريق العام وبمراعاة المواضع المحددة لعبور المشاة فيه تبعاً لمقتضيات نظام المرور وما إلى ذلك من اعتبارات واقعية حسب ظروف كل حالة كما أنه من طبائع الأمور أن تحسب المسافة القانونية بمراعاة البعد بين محورى مدخلى الصيدليتين بحسبان أن مدخل الصيدلية دون غيره هو الذى ينفذ منه طالب الدواء إلى الصيدلية لشرائه من المكان المخصص لبيعه.
من حيث إنه بتطبيق ما تقدم على المنازعة الماثلة وبالرجوع إلى تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها (ص5 و 6) يبين أن الصيدلية محل المنازعة تشغل الدور الأرضى بناصية عقار بواجهة غربية مبنى بنظام الهيكل الخرسانى بحوائط من الطوب الأحمر ومونة الأسمنت، والعقار يطل على شارع نبيل منصور من الجهة البحرية وأن مدخل صيدلية الطاعن بعرض 2.90م وبالقياس من منتصف مدخل الصيدلية حتى منتصف الحارة المطل عليها العقار الكائنة به الصيدلية وجدت بطول 6.78م ومن منتصف الحارة بعد 0.50م بطول 50م + 24.4م = 74.4م ومن منتصف الحارة حتى منتصف باب صيدلية مكرم (الصيدلية الأخرى) بمسافة قدرها 12.65م، حيث مدخل صيدلية مكرم بعرض 1.9م والمسافة إجمالية 0.50 + 6.78 + 74.4 + 12.65 + 0.5 = 94.83م، وتلاحظ للخبير أن الحارة المطل عليها المنزل الكائنة به الصيدلية بعرض 1.77م يقع عليها محلات تجارية عديدة ………… وأضاف الخبير أن القياس فى تحديد أقرب مسافة بين صيدلية التداعى وصيدلية مكرم يكون من الطريق العام وهو شارع القيسارية بعرض 7م وليس الممر التجارى والمسافة تزيد على 100م والنتيجة التى انتهى إليها الخبير لا تتفق مع ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فى شأن حساب شرط المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وبين أقرب صيدلية مرخص بها، إذ يتعين أن تحدد المسافة بين محورى مدخلى الصيدليتين المخصص لدخول الجمهور بقصد شراء الدواء وأن تقاس من أقصر الطرق التى يسلكها الجمهور فالعبرة بالطريق الذى يسلكه سيرا على الأقدام وليست العبرة بالطرق التى تسير فيها السيارات وهو المستفاد من النص ومذكرته الإيضاحية على أنه يشترط أن يكون الطريق عامًا أو مطروقًا للمارة وليس طريقًا خاصًا، والبادى مما تقدم أن الحارة أو الممر التجارى بعرض 1.77م تقع عليه محلات تجارية عديدة، ومن ثَمَّ يصلح لمرور المشاة سيرًا على الأقدام ويكون هو الطريق الأقصر بين الصيدليتين، ولما كانت المسافة أقل من 100م إذ بلغت 94.83م، ومن ثَمَّ لايتوافر شرط المسافة للترخيص بصيدلية الطاعن، ولا محاجة للقول بسابقة الترخيص فى ذات المكان قبل إلغاء الرخصة إذ العبرة بواقع الحال إذ قد تكون الوقائع والمبانى قد تغيرت منذ إلغاء الترخيص حتى طلب الترخيص الحالى، وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدعوى لعدم توافر شرط المسافة فإنه يكون مطابقاً لصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض مع إلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.