جلسة 8 من مايو سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر، ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور على منصور
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ إيهاب السعدنى
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن
سكرتير المحكمة
الطعنان رقما 6193و9428 لسنة 48 قضائية عليا:
الحكم فى الدعوى ــ عدم جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا.
لا يسوغ لأية محكمة إن هى قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تحيلها إلى المحكمة المختصة طبقاً للمادة (110) من قانون المرافعات إلا إذا كانت المحكمة المحال إليها الدعوى فى ذات مستوى المحكمة المحيلة أو تدنوها فى درجات التقاضى ــ أثر ذلك: لا يسوغ لمحكمة القضاء الإدارى أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا التى تملك سلطة التعقيب على أحكامها وإلا عطلت سلطة الرقابة القضائية التى يفرضها النظام القضائى بين درجات المحاكم، ولا يوهن فى سلامة هذا النظر الادعاء بأن المحكمة الإدارية العليا تختص بمثل هذه الدعاوى باعتبارها محكمة أول درجة، فذلك كله لا ينال من سلطة المحكمة الإدارية العليا فى التعقيب على أحكام محكمة القضاء الإدارى، وإذا كان حكم الإحالة يوجب على المحكمة التى أحيلت إليها الدعوى أن تفصل فيها طبقاً للمادة (110) من قانون المرافعات ودون معاودة النظر فى تحديد اختصاصها، إلا أنه يترتب على إعمال ما تقدم نتيجة يأباها النظام القضائى الذى يجعل المحكمة الإدارية العليا فى قمة التنظيم القضائى لتحقيق الرقابة القضائية على أحكام المحاكم الأخرى داخل مجلس الدولة ويجعل ولوج سبيلها طبقاً لإجراءات محددة ينبغى على ذوى الشأن أن يترسموها إذا أرادوا قضاءها ــ تطبيق.
فى يوم 13/5/2000 أودع الطاعن الطعن رقم 6193 لسنة 48ق. عليا ابتداءً أمام لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة قيد بالتظلم رقم 39 لسنة 2000 طالباً قبول التظلم شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار الجمهورى رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية لوظيفة نائب بالهيئة، وما يترتب على ذلك من آثار، وبعد صدور القانون رقم 2 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 75 لسنة 1963 أحيل التظلم المشار إليه إلى المحكمة الإدارية العليا، حيث قيد بالطعن رقم 6193 لسنة 48 ق.عليا.
وبتاريخ 5/7/2007 أقام الطاعن الطعن رقم 9428 لسنة 48ق. عليا ابتداءً أمام محكمة القضاء الإدارى بأن أودع فى هذا التاريخ سكرتارية المحكمة المذكورة عريضة الدعوى، حيث قيدت لدى المحكمة المذكورة بالدعوى رقم 10416 لسنة 54 ق طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية لوظيفة نائب وما يترتب على ذلك من آثار، وقد نظرت محكمة القضاء الإدارى الدعوى المشار إليها، وبجلسة 21/4/2002 حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا، وإعمالاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا حيث قيدت بالطعن رقم 9428 لسنة 48ق . عليا.
وقد تم إعلان عريضتى الطعنين رقمى 6193 لسنة 48ق. عليا، و9428 لسنة 48ق. عليا إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وقد جرى تحضير الطعنين بهيئة مفوضى الدولة وقدم مفوض الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فيهما ارتأى فيه الحكم أولاً: بقبول الطعن رقم 9428 لسنة 48ق. عليا شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة نائب بهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها الاحتفاظ له بأقدميته بين زملائه، ثانياً: بقبول الطعن الثانى رقم 6193 لسنة 48ق. عليا شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد نظرت المحكمة الطعنين على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/1/2005 قررت المحكمة حجز الطعنين لإصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 9428/48ق. عليا فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يسوغ لأية محكمة إن هى قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تحيلها إلى المحكمة المختصة طبقاً للمادة (110) من قانون المرافعات إلا إذا كانت المحكمة المحال إليها الدعوى فى ذات مستوى المحكمة المحيلة أو تدنوها فى درجات التقاضى، ومن ثَمَّ فلا يسوغ لمحكمة القضاء الإدارى أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا التى تملك سلطة التعقيب على أحكامها وإلا عطلت سلطة الرقابة القضائية التى يفرضها النظام القضائى بين درجات المحاكم، ولا يوهن فى سلامة هذا النظر الادعاء بأن المحكمة الإدارية العليا تختص بمثل هذه الدعاوى باعتبارها محكمة أول درجة فذلك كله لا ينال من سلطة المحكمة الإدارية العليا فى التعقيب على أحكام محكمة القضاء الإدارى ولا يرفع الخطأ عن حكم محكمة القضاء الإدارى بالإحالة ولا يفرض على المحكمة الإدارية العليا الفصل فى الدعوى دون النظر فى مدى سلامة الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى أياً كان مضمونه، وإذ كان حكم الإحالة يوجب على المحكمة التى أحيلت إليها الدعوى أن تفصل فيها طبقاً للمادة (110) من قانون المرافعات ودون معاودة النظر فى تحديد اختصاصها إلا أنه يترتب على إعمال ما تقدم نتيجة يأباها النظام القضائى الذى يجعل المحكمة الإدارية العليا فى قمة التنظيم القضائى لتحقيق الرقابة القضائية على أحكام المحاكم الأخرى داخل مجلس الدولة ويجعل ولوج سبيلها طبقاً لإجراءات محددة ينبغى على ذوى الشأن أن يترسموها إذا أرادوا قضاءها.
ومن حيث إنه وعلى هدى ما تقدم، وإذ كان صحيحاً ما قضت به محكمة القضاء الإدارى فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم 10416 لسنة 54ق بجلسة 21/4/2002، بعدم اختصاصها بنظر الدعوى على أساس أن هذه الدعوى وهى مقامة من عضو بهيئة قضايا الدولة طعناً على القرار رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية لوظيفة نائب بالهيئة مما تختص بنظره المحكمة الإدارية العليا طبقاً لأحكام المادة (25) مكررًا من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 57 لسنة 1963 المضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002 إلا أنها قد جَانَبَها الصواب فيما قضت به من إحالة الدعوى إلى هذه المحكمة، إذ إنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن لتجنيب ذوى الشأن سلوك السبل القانونية التى اعتمدها المشرع شرطاً ومدخلاً للنظر فيما يطرح على المحكمة الإدارية العليا من منازعات، الأمر الذى يجعل الطعن رقم 9428 لسنة 48ق. عليا ــ والحال كذلك ــ غير مطروح على هذه المحكمة ويتعين الحكم بعدم جواز إحالة الطعن رقم 4928 لسنة 48ق. عليا.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 6193 لسنة 48ق فإن هذا الطعن وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية، ومن ثَمَّ يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن واقعات النزاع فى الطعن رقم 6193 لسنة 48ق. عليا تخلص فى أن الطاعن قد ذكر فى عريضة طعنه بأنه صدر القرار المطعون فيه رقم 221 لسنة 2000 متضمنًا ترقية زملاء له إلى وظيفة نائب، وقد تخطاه هذا القرار فى الترقية لهذه المسلكية استناداً إلى توجيه ملحوظة إليه لما انتهى إليه التحقيق رقم 250/7/176/1997، وقد نعى الطاعن على القرار المطعون فيه بأنه صدر على خلاف أحكام القانون لأن تقارير كفايته قد قدرت بدرجة فوق المتوسط ولا يوجد فى قانون هيئة قضايا الدولة نص يوجب تخطى العضو الذى توجه إليه ملحوظة فى الترقية، وبذلك فإنه يكون مستحقاً للترقية لوظيفة نائب ويكون تخطى الجهة الإدارية للطاعن فى الترقية لوظيفة نائب غير قائم على سند من القانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية لوظيفة نائب بالهيئة وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد أفصحت عن سبب تخطيها للطاعن فى الترقية إلى درجة نائب بأنها وجهت إليه فى 27/10/1999 ملحوظة تتمثل فى أنه قصر بشأن ملف الدعوى رقم 208 لسنة 1996 مدنى جزئى بولاق الدكرور والمحكوم فيها بجلسة 31/2/1996 وذلك لعدم قيامه بعرض مذكرة بالرأى بالطعن على الحكم من عدمه وعرضه على رئيس القسم لإحالته إلى قسم كليات الجيزة مما ترتب عليه أن أصبح الحكم نهائياً وذلك إبان فترة عمله بقسم جزئيات الجيزة خلال العام القضائى 1996/1997م.
ومن حيث إن قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 بإصدار قانون هيئة قضايا الدولة قد نظم أحكام تعيين أعضائها وترقياتهم على سُنَنٍ منضبطة، فنصت المادة (16) منه على أنه “يكون شغل وظائف أعضاء الهيئة بالتعيين أو بالترقية بقرار من رئيس الجمهورية”.
وعلى هدى ما تقدم عرضه كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد وُجهت إليه بتاريخ 27/10/1999 ملحوظة عن خطأ فنى هو تقصيره بشأن ملف الدعوى رقم 208 لسنة 1996 مدنى جزئى بولاق الدكرور والمحكوم فيها بجلسة 31/12/1996 وذلك لعدم قيامه بعرض مذكرة بالرأى بالطعن على الحكم من عدمه وعرضه على رئيس قسم الإجراءات إلى قسم كليات الجيزة مما ترتب عليه أن أصبح الحكم نهائياً، وذلك إبان فترة عمله بقسم جزئيات الجيزة، خلال العام القضائى 1996/1997، وكان الثابت من الأوراق أنه قد قدرت كفاية الطاعن عن الفترة من 1/10/1996 حتى 30/9/1997 عن أعماله خلال العام القضائى 1996/1997 بدرجة فوق المتوسط وهى فترة يدخل فيها الوقت الذى ارتكب فيه الطاعن الخطأ الفنى محل الملحوظة الموجهة إلى المشار إليه، ولم تقدر كفاية الطاعن عن فترة عمله من 1/10/1999 حتى 31/1/2000 بسبب تجنيده بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية اعتباراً من 14/7/1999 وصدور قرار رئيس الهيئة رقم 55 لسنة 1999 بحفظ وظيفته اعتباراً من هذا التاريخ لحين عودته للعمل، وعلى ذلك يكون قد ثبت أن الطاعن قد حصل فى آخر تقرير كفاية سابق على قرار الترقية المطعون فيه على تقرير كفاية بدرجة فوق المتوسط، وبذلك يكون صالحاً للترقية، ولما كانت الملحوظة الفنية المشار إليها وهى ملحوظة غير متعلقة بخطأ مسلكى أو انحراف أخلاقى؛ فإنها لا تشكل مانعاً من الترقية بمقتضى القرار المطعون فيه إلى وظيفة نائب، ومن ثَمَّ فإن تخطى الجهة الإدارية للطاعن فى الترقية إلى وظيفة نائب بالقرار المطعون فيه بسبب توجيه ملحوظة فنية إليه، وهى ملحوظة متعلقة بالعمل ولا تمس الطاعن فى مسلكه الشخصى يكون غير قائم على سند من القانون مما يوجب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة نائب.
حكمت المحكمة
أولاً: فى الطعن رقم 9428 لسنة 48ق. عليا بعدم جواز الإحالة.
ثانياً: فى الطعن رقم 6193 لسنة 48ق. عليا بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة نائب بهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار.