جلسة 4 من يونيه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ود. محمد كمال الدين منير أحمد، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2034 لسنة 38 قضائية . عليا:
لا يعد من أشخاص القانون الخاص ــ أثر ذلك.
القانون رقم 29 لسنة 1958 بشأن قواعد التصرف بالمجان فى العقارات المملوكة للدولة.
الاتحاد الاشتراكى العربى لا يعدو أن يكون تنظيماً شعبياً ولا يعتبر من سلطات الدولة الثلاث، وبالتالى لا يعتبر من أشخاص القانون الخاص ــ أساس ذلك:ــ أنه فى طبيعته تنظيم سياسى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة ويعبر عن إرادتها حسبما نصت على ذلك المادة الخامسة من دستور سنة 1971، ولما كان ثمة شرط أساسى لإمكان التصرف فى أموال الدولة، وهو أن يكون بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام، ومن مقتضى ذلك بداهة أن يكون المتصرف إليه من أشخاص القانون الخاص، ذلك لأن الأصل فى تصرفات أشخاص القانون العام أنها تستهدف النفع العام دون حاجة من المشرع للنص على ذلك، وإذا كان الاتحاد الاشتراكى، كما سلف، ليس من أشخاص القانون الخاص، ومن ثَمَّ فإن صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 471 لسنة 1977 متضمنًا أن تئول إلى الاتحاد الاشتراكى العربى ملكية أرض وبناء المبنى المشار إليه والذى كان يشغله البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى، وذلك استناداً للقانون رقم 29 لسنة 1958 المشار إليه يكون مخالفاً للقانون من هذه الناحية ــ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 1/6/1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2034 لسنة 38 ق .ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2280 لسنة 34ق بجلسة 2/4/1992، والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام رئاسة الجمهورية المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا مع إلزام الطاعنين المصروفات .
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/3/1997، ثم نظر بجلساتها التالية حيث قررت بجلسة 2/3/1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى ــ موضوع) والتى نظرته بجلسة 5/4/1998، ثم بجلسة 25/10/1998 وفى هذه الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة 27/12/1998 وفيها قضت بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة ، وألزمت النقابة المطعون ضدها المصروفات.
وإذ استصدر البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى حكمًا من هذه المحكمة فى الطعن رقم 8149 لسنة 47ق عليا (دعوى بطلان أصلية ) بجلسة 4/12/2004 ببطلان الحكم الصادر من المحكمة فى الطعن الماثل، وحددت لنظره جلسة 29/1/2005، حيث نظرته هذه الدائرة على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وبجلسة 12/3/2005 قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية كانت قد أقامت الدعوى رقم 1776 لسنة 1980 ، وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بطرد بنك قناة السويس من العقار محل النزاع وإلزامه بتسليمه للبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى مع إلزام المدعى عليهم الأول والثانى والخامس بالمصاريف.
وقالت النقابة المدعية ــ شرحًا للدعوى ــ بأن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى يمتلك العقار رقم 11 شارع محمد صبرى أبو علم بعابدين، والمبين المعالم والحدود بعريضة الدعوى، وبتاريخ 11/10/1977 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 471لسنة 1917نص فى مادته الأولى على أن تؤول إلى الاتحاد الاشتراكى العربى ملكية أرض وبناء المبنى المشار إليه والذى كان يشغله البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى، وبعد أن استولى الاتحاد الاشتراكى على المبنى قام بتأجيره بإيجار اسمى مقداره جنيه واحد شهريًا، إلى بنك قناة السويس، وهذا الإيجار الصورى فى حقيقته تبرع بالمجان صدر ممن لا يملكه لمن لا يستحقه، ونظرًا لأن قرار رئيس الجمهورية المشار إليه ليس عملاً من أعمال السيادة، وإنما هو قرار إدارى معدوم، لأنه استند إلى القانون رقم 29 لسنة 1958 بشأن قواعد التصرف بالمجان فى العقارات المملوكة للدولة، وقد حدد القانون المشار إليه شرط هذا التصرف الأساسى، وهو أن يكون بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام، أى أن يكون المتصرف إليه من أشخاص القانون الخاص، والاتحاد الاشتراكى العربى ليس كذلك، لأنه مجرد تنظيم شعبى ليست له الشخصية القانونية، ولا يعتبر هيئة أو مؤسسة من مؤسسات الدولة، وقد زالت شخصيته بصدور قانون الأحزاب السياسية، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر معدومًا، وأن هذا القرار يؤثر على رأس مال بنك التنمية، وبالتالى على أرباح العاملين، وهم أعضاء فى الجمعية العمومية للنقابة المدعية، هذا فضلاً عن أن هذا القرار حرم النقابة من الانتفاع بالعين التى كانت مخصصة لها بالمبنى.
وبجلسة 6/5/1980 حكمت المحكمة المشار إليها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى، حيث قيدت لدى الأخيرة برقم 2280 لسنة 34ق، وبجلسة 10/11/1981 عدل الحاضر عن النقابة المدعية طلباته فى مواجهة الحاضرين عن المدعى عليهم إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 471 لسنة 1977 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 2/4/1992 صدر الحكم المطعون فيه، وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام رئاسة الجمهورية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستقر عليه أن الاتحاد الاشتراكى العربى لا يعدو أن يكون تنظيمًا شعبياً ولا يعتبر من سلطات الدولة الثلاث، وبالتالى لا يعتبر من أشخاص القانون الخاص، ذلك أنه فى طبيعته تنظيم سياسى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة ويعبر عن إرادتها حسبما نصت على ذلك المادة الخامسة من دستور سنة 1971، ولما كان ثمة شرط أساسى لإمكان التصرف فى أموال الدولة، وهو أن يكون بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام، ومن مقضى ذلك بداهة أن يكون المتصرف إليه من أشخاص القانون الخاص ، ذلك لأن الأصل فى تصرفات أشخاص القانون العام أنها تستهدف النفع العام دون حاجة من المشرع للنص على ذلك ، وإذا كان الاتحاد الاشتراكى ، كما سلف ، ليس من أشخاص القانون الخاص ، ومن ثَمَّ فإن صدور القرار المطعون فيه مستنداً إلى القانون رقم 29 لسنة 1958 يكون مخالفًا للقانون من هذه الناحية، فضلاً عن أن الوجه الثانى من أوجه عدم مشروعية القرار المطعون فيه راجع إلى أنه فى ذات اليوم الذى صدر فيه قرار رئيس الجمهورية المشار إليه، أصدر رئيس الجمهورية بصفته رئيساً للاتحاد الاشتراكى قرارًا برقم 14 لسنة 1977 بأن يؤجر العقار المذكور لبنك قناة السويس ليكون مقرًا له، الأمر الذى يؤكد ــ فى جلاء ــ أن قرار أيلولة المبنى إلى الاتحاد الاشتراكى لم يكن مقصودًا لذاته، وإنما كان الهدف من هذا القرار هو أن يتخذ وسيلة لتأجير المبنى لبنك قناة السويس، والقرارات الإدارية ينبغى أن تكون مقصودًا لذاتها، ولتحقيق الآثار التى أفصحت عنها صراحة، وإلا كان ذلك قرينة على الانحراف بالسلطة . ولا يحاج فى هذا الشأن بأن القانون رقم 145لسنة 1980فى شأن الأموال التى كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكى قد حض قرار رئيس الاتحاد الاشتراكى التى صدرت بشأن هذه الأموال، وهو قول مردود بأن الحصانة تلحق التصرفات والأموال التى كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكى، وبمقتضى الأثر الرجعى لحكم الإلغاء، فإن إلغاء القرار محل الطعن يترتب عليه اعتباره كأن لم يكن، وبذلك يعتبر المبنى وكأنه لم يخرج من ملكية بنك التنمية فى أى وقت من الأوقات، ولم يدخل فى أى وقت فى ملكية الاتحاد الاشتراكى، وبذلك فإن هذا القانون لا يعطل من أثر حكم الإلغاء، وإنما حكم الإلغاء هو الذى يخرج العقار بأثر رجعى من ملكيه الاتحاد الاشتراكى ويبعده كلية من مجال تطبيق القانون رقم 145 لسنه 1980، وأنه لما سبق يبقى وجه الحكم بمخالفة القرار المطعون فيه لأحكام القانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل، أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون ، وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أن مقتضى نصى المادتين الأولى والخامسة من القانون رقم 29
لسنة 1958 بشأن قواعد التصرف بالمجان فى العقارات المملوكة للدولة أن أموال البنك الرئيسى للائتمان الزراعى والتنمية تعتبر أموالاً مملوكة للدولة ، ومن ثَمَّ يجوز بقرار من رئيس الجمهورية أو من الوزير المختص التصرف فى أى منها أو تأجيره بإيجار اسمى أو بأقل من أجر المثل إلى أى شخص طبيعى أو معنوى ، بقصد تحقيق غرض ذى نفع عام، وإذ صدر القرار المطعون فيه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1958فإنه يكون سليماً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به، وصدر متفقًا مع صحيح حكم القانون ، وذلك للأسباب التى قام عليها، وتتخذها هذه المحكمة سببًا لحكمها فى الطعن الماثل، ولذلك تحيل إليها منعاً من التكرار ، وليس فيما ساقته الجهة الإدارية الطاعنة ما ينال من صحته ، بل تضمنت هذه الأسباب الرد عليها، ومن ثَمَّ يكون الطعن الماثل، وقد افتقد صحيح سنده ، حرياً بالرفض ، وهو ما تقضى به هذه المحكمة .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.