جلسة 29 من مايو سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وسكرتارية السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2537 لسنة 43 قضائية. عليا:
ـ إيجار الأراضى الزراعية المستولى عليها ـ سلطة الإدارة فى إلغاء عقود الإيجار ـ حكم تأجير العقارات المعدة للسكن.
المادة (35) مكررًا من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى المضافة بالقانون رقم 52 لسنة 1966.
المشرع منح مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى اختصاصًا استثنائيًا من الأحكام التى توجب إلغاء عقود إيجار الأراضى الزراعية بموجب حكم قضائى ـ وهذا الاختصاص الاستثنائى هو جواز إلغاء عقود إيجار الأراضى الزراعية المستولى عليها طبقًا لأحكام قوانين الإصلاح الزراعى والتى تؤول ملكيتها للدولة أو تقوم الهيئة بشرائها وذلك إذا ما اقتضت ذلك إجراءات استصلاح تلك الأراضى أو توزيعها أو التصرف فيها طبقًا لأحكام القانون أو إذا ما اقتضت المصلحة العامة تخصيص الأراضى لتحقيق غرض ذى نفع عام، كما يجوز لمجلس الإدارة مباشرة هذا الاختصاص فى حالة إخلال المستأجر بأحد التزاماته الجوهرية المنصوص عليها فى القانون أو العقد وذلك بشرط أن يسبق القرار إخطار المستأجر الذى له أن يبدى دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه، ويعرض هذا الدفاع على مجلس الإدارة الذى له أن يتخذ القرار فى ضوء ما يراه محققًا للمصلحة العامة تحت رقابة القضاء ـ الاختصاصات والسلطات المقررة للهيئة العامة للإصلاح الزراعى مقصورة على الاستيلاء على الأراضى الزراعية وما فى حكمها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية المقرر قانونًا والقيام بأعمال إدارة الأراضى المستولى عليها فضلاً عن توزيعها وكذلك الأراضى التى تسلم إليها على صغار الزراع ـ ليس فى قانون الإصلاح الزراعى ما يجيز للهيئة تأجير العقارات المعدة لغرض السكنى وإلا كان ذلك خروجًا على الاختصاص المحدد والمرسوم لها ـ نطاق الاستثناء يقتصر على عقود إيجار الأراضى الزراعية فقط ولا شأن له بعقود إيجار المساكن ـ لما كان البناء واقعة مادية فالعبر بالحالة التى كانت عليها الأرض عند صدور قانون الإصلاح الزراعى الذى يحكم النزاع ـ تبعية البناء للأراضى الزراعية أو لزومه لخدمتها مناطه ألا يكون البناء معدًا للسكن قبل العمل بالقانون الواجب التطبيق فإذا كان البناء معدًا للسكن خرج من وصف تبعيته للأرض الزراعية أو لزومه لخدمتها حتى ولو كان يسكنه المزارع بالأرض دون غيره، ذلك أن السكن هدف مقصود لذاته ولا يمكن أن يكون هدفًا تبعيًا أو لازمًا لهدف آخر ـ تطبيق .
فى يوم الثلاثاء الموافق 18/3/1997 أودع الأستاذ/ أبوزيد أحمد عبدالمجيد المحامى، بصفته وكيلاً عن الطاعن بموجب توكيل عام رسمى برقم 2525 لسنة 1994 عام ـ الجيزة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2537 لسنة 43 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة منازعات الأفراد (د) فى الدعوى رقم 4949 لسنة 42ق. بجلسة 25/1/1997 والقاضى “منطوقه” بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات”.
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وعُين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19/5/2003 وبجلسة 5/1/2004 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى ـ موضوع” وحددت لنظره أمامها جلسة ٢٤/١/٢٠٠٤ ونظر الطعن بهذه الجلسة المنعقدة فى ٢٠/٣/٢٠٠٤ على النحو الثابت بمحضريهما، وفى الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة ٢٩/٥/٢٠٠٤ مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر.
وبتاريخ ٣/٤/٢٠٠٤ أودع الحاضر عن المطعون ضده مذكرة بالدفاع التمس فى ختامها الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه .
وبجلسة اليوم قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة والحكم آخر الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع قد بسطها الحكم المطعون فيه بسطًا يغنى عن إعادة سردها مجدداً فى هذا الحكم وهو ما تحيل معه المحكمة فى شأن هذه الوقائع إلى الحكم المذكور وتعتبره مكملاً لقضائها فى هذا الخصوص تفادياً للتكرار فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ فى ٨/٢/١٩٧٥ استأجر المطعون ضده من مديرية الإصلاح الزراعى بالإسماعيلية المنزل رقم ٤٧ شارع القنال بمدينة فايد والأرض المحيطة به مقابل إيجار شهرى قدره 5.25 جنيه وقد قام بإصلاح المنزل والأرض ثم تقدم بطلب إلى إدارة الهيئة لشراء المنزل والأرض المحيطة به وثابت ذلك من المكاتبات المتبادلة بينهما ولم تبت الهيئة فى طلبات الشراء المقدمة منه بشكل قاطع، ومصادفةً عَلِمَ بصدور قرار برقم ٢٧١٠ من وزير الزراعة والأمن الغذائى متضمناً إنهاء عقد الإيجار المشار إليه المبرم بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده مستأجر الحديقة المقامة على مساحة ٤س ٢١ط…..ف بحوض سرابيوم الشرقى /٢ قسم ثالث الساحل ـ بناحية فايد ـ وتسلم الهيئة لمساحة الحديقة وما عليها من منشآت ناعياً على هذا القرار مخالفته للقانون لأسباب حاصلها أن القرار انصب على عقد إيجار الحديقة في حين أنه لايستأجر من الهيئة أية حدائق وإنما ينصب العقد المبرم بينه وبين الهيئة على إيجار الفيلا والأرض الفضاء المحيطة بها ومساحتها ألفا متر، فضلاً عن خروج العلاقة الإيجارية القائمة فعلاً بين الطرفين عن مجال إعمال أحكام المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ والقوانين المعدلة له ـ وأن القانون الذي يحكم هذه العلاقة هو القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٦٩ بتنظيم العلاقة بين المستأجر والمالك والقوانين المعدلة له، وطبقاً لأحكامه فإن قرار إنهاء العلاقة الإيجارية لا تملكه الهيئة بإرادتها المنفردة وإنما لابد أن يصدر حكم من المحكمة المختصة بإنهاء هذه العلاقة كما أن محل العقد هو الفيلا والأرض المحيطة بها ومساحتها ٢٠٠٠ متر، وبالتالى لا يجوز للهيئة إنهاء العقد بالنسبة للأرض لأنها تابعة لموضوع الإيجار الأصلى وهو الفيلا مختتماً طلباته بطلب الحكم بإلغاء القرار رقم ٢7١٠ لسنة ١٩٨٦ المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء عقد الإيجار المبرم بينه وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى وما يترتب على ذلك من آثار، وبجلسة ٢٥/١/١٩٩٧ أصدرت محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة المنازعات الأفراد (د) حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها ـ بعد استعراض نص المادة ٣٥ مكرراً من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعى ـ على أن عقد الإيجار مثار النزاع ينصب على الفيلا والأرض الفضاء المحيطة بها بقصد استعمالها للسكنى، ومن ثَمَّ فإن هذا العقد يخرج من نطاق الاستثناء المنصوص عليه فى المادة ٣٥ مكرراً من قانون الإصلاح الزراعى والذى لم يطلق يد الهيئة فى إلغاء عقود إيجار الأراضى وإنما استلزم لاستخدام هذا الحق أن يكون الإلغاء بقصد استصلاح الأراضى أو توزيعها أو التصرف فيها أو تخصيصها لغرض ذى نفع عام أو إذا أخل المستأجر بالتزام جوهرى يقضى به القانون أو العقد وأنه لايبين من الأوراق أن ثمة حالة من الحالات التى استلزمها المشرع فى المادة ٣٥ سالفة الذكر لإنهاء عقد الإيجار قد توافرت بالنسبة لعقد الإيجار المبرم بين الهيئة والمدعى.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً لدى الهيئة الطاعنة، فقد أقامت الطعن الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بأسباب الطعن وتوجز فى الآتى:
(١) الفيلا والأرض الفضاء المحيطة بها كانت تشغلها القوات المسلحة من عام ٦٧ حتى عام ١٩٧٣ تحت قيادة المطعون ضده وبعد انسحاب الجيش منها بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ استمر المطعون ضده فى وضع يده كغاصب وأن عقد الإيجار سنده ليس له سند من القانون أو الواقع وغير ملزم للهيئة لأن هذا العقد مبرم بين المطعون ضده ومدير مديرية الإصلاح الزراعى بالإسماعيلية وهو لايملك سلطة تأجير أملاك الدولة الخاصة وهى منوطة بمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ووزير الإصلاح الزراعى طبقاً للقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ سالف الذكر ولم يثبت أن تفويضاً قد صدر فى هذا الشأن للمؤجر المذكور، وبالتالى فإن القرار المطعون فيه بإنهاء عقد الإيجار المشار إليه تملك الهيئة إصداره بموجب حكم القانون فى المادة ٣٥ مكرراً من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ وذلك لتخصيص هذا العقار كمقر لإدارة البساتين وإدارة أراضى الهيئة فى منطقة فايد.
(٢) إن المطعون ضده قام بتغيير معالم الأرض المحيطة بالفيلا التى يستغلها كسكن له بأن قام بالهدم والبناء بدون ترخيص ودون الرجوع إلى الهيئة الطاعنة وبتصريح من المالك مما يعتبر إخلالاً جوهرياً لشروط عقد الإيجار ويجيز للهيئة استعمال حقها المباشر فى إنهاء عقد الإيجار استناداً لنص المادة ٣٥ مكرراً بغرض تحقيق نفع عام .
(٣) إن الفيلا والأرض المحيطة بها تم الاستيلاء عليها قِبل الخاضع هارولد جولد تطبيقًا للأمر العسكرى رقم ٥ ب لسنة ١٩٥٦، والأصل أن تلك الأرض الملحقة بالفيلا أرض زراعية إلا أنها تحولت إلى أرض جرداء نظراً لإقامة القوات المسلحة بها، وحيث إن الفرع يعود إلى الأصل فإنه يجب أن تعامل هذه الأرض بأنها زراعية وواجب الحفاظ عليها من البوار أولاً واستغلالها حيث إنها أموال عامة ملك الدولة.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أنه تم الاستيلاء على العقار موضوع التداعى قِبل الخاضع هارولد جولد يوهمبا والبالغ مساحته ٤س ١٢ ط…. ف بحوض سرابيوم/ ٢ قسم ثالث قطعة ٢٧ بناحية مركز فايد محافظة الإسماعيلية طبقاً للأمرين العسكريين رقمى ٥و٥ ب لسنة ١٩٥٦ بشأن الاستيلاء على أموال البريطانيين والفرنسيين والأستراليين، وهذا العقار عبارة عن فيلا من الدبش من دورين مقامة على مسطح ١٣٣م٢ وباقى المسطح حديقة ملحقة بالفيلا مغروس فيها بعض النخيل وأشجار مانجو وجوافة، ثم آلت ملكيته إلى الجمعية التعاونية للإصلاح الزراعى بموجب عقد البيع الابتدائى المؤرخ فى 31/10/1957 والمحرر بينها وبين الحراسة على أموال الخاضعين للأمرين العسكريين ٥و٥ ب لسنة 1956 ثم حلت محلها الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالإسماعيلية لتحرير عقد إيجار معه عن الفيلا سالفة الذكر بدعوى أنه يضع يده عليها بعد أن تركتها القوات المسلحة وأنه يستغلها سكناً خاصاً له ويقيم بها، وبتاريخ ٨/٢/١٩٧٥ تحرر عقد إيجار بين مدير مديرية الإسماعيلية للإصلاح الزراعى والمطعون ضده بإيجار الفيلا المذكورة والأرض الفضاء المحيطة بها ومساحتها ألفا متر بقصد استعمالها للسكن بقيمة إيجارية مقدارها 5.525 جنيه شهرياً وأن مدة الإيجار تبدأ من ١/١/١٩٧٥ وتنتهى فى نهاية العام وتجدد تلقائياً لمدة أخرى مماثلة ما لم يحصل تنبيه من أحد الطرفين بخطاب موصى عليه قبل انتهاء مدة الإيجار أو أى مدة مجددة بـستة أشهر.
وبتاريخ ١٩/٢/١٩٨٦ صدر قرار وزير الزراعة والأمن الغذائى رقم ٢٧١٠ مثار النزاع الماثل متضمناً إنهاء عقد الإيجار المبرم بين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى والمطعون ضده مستأجر الحديقة المقامة على مساحة ٤س ١٢ط ـ ف بحوض سرابيوم الشرقى/٢ قسم ثالث الساحل بناحية فايد وتسلم الهيئة لمساحة الحديقة وما عليها من منشآت .
وقد أشار فى ديباجته إلى نص المادة ٣٥ مكرر(١) من المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعى.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الثابت بحافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة القضاء الإدارى بتاريخ ٢٧/١١/١٩٩٦ ومذكرات دفاع جهة الإدارة المودعة خلال تداول الدعوى الصادر فيه الحكم المطعون فيه أن السند الذى بنى عليه إصدار القرار موضوع النزاع انحصر فى قرار اللجنة الفنية لشئون التصرف فى أراضى الإصلاح الزراعى بالهيئة الطاعنة الذى اتخذته بجلستيها فى ٣ و ٢٥/٦ لسنة ١٩٨٥ والمعتمد محضرها من الدكتور/ نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى، ورأت فيه قيام الإدارة العامة للشئون القانونية باتخاذ إجراءات إنهاء عقد الإيجار طبقاً للمادة ٣٥ مكرراً من القانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ واستيفاء جميع الإيجار المستحق للهيئة وتسلم الهيئة للمساحة والمبانى ويتم عرضها للبيع بالمزاد العلنى.
ومن حيث إن مؤدى نص المادة ٣٥ مكررًا من القانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ بشأن الإصلاح الزراعى والمضافة بالقانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٦٦ أن المشرع قد منح مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى اختصاصاً استثنائياً من الأحكام التى توجب إلغاء عقود إيجار الأراضى الزراعية بموجب حكم قضائى ـ وهذا الاختصاص الاستثنائى هو جواز إلغاء عقود إيجار الأراضى الزراعية المستولى عليها طبقاً لأحكام قوانين الإصلاح الزراعى والتى تؤول ملكيتها للدولة أو تقوم الهيئة بشرائها وذلك إذا ما اقتضت ذلك إجراءات استصلاح تلك الأراضى أو توزيعها أو التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون أو إذا ما اقتضت المصلحة العامة تخصيص الأراضى لتحقيق غرض ذى نفع عام. كما يجوز لمجلس الإدارة مباشرة هذا الاختصاص فى حالة إخلال المستأجر بأحد التزاماته الجوهرية المنصوص عليها فى القانون أو العقد، وذلك بشرط أن يسبق القرار إخطار المستأجر الذى له أن يبدى دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه ويعرض هذا الدفاع على مجلس الإدارة الذى له أن يتخذ القرار في ضوء ما يراه محققاً للمصلحة العامة تحت رقابة القضاء.
ومن حيث إن الاختصاصات والسلطات المقررة للهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى المرسوم بقانون رقم ١٧٨ لسنة ١٩٥٢ المشار إليه ولائحته التنفيذية والقوانين المعدلة له مقصورة على الاستيلاء على الأراضى الزراعية وما فى حكمها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية المقرر قانوناً والقيام بأعمال إدارة الأراضى المستولى عليها، فضلاً عن توزيعها وكذلك الأراضى التى تسلم إليها على صغار الزراع وليس فى قانون الإصلاح الزراعى ما يجيز للهيئة تأجير العقارات المعدة لغرض السكنى وإلا كان ذلك خروجاً عن الاختصاص المحدد والمرسوم لها في قانون الإصلاح الزراعى.
ومن حيث إنه متى ثبت ما تقدم فإن نطاق الاستثناء المنصوص عليه فى المادة (٣٥) مكرراً سالفة الذكر يقتصر على عقود إيجار الأراضى الزراعية فقط ولا شأن له بعقود إيجار المساكن ولما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن البناء واقعة مادية ولذلك فالعبرة بالحالة التى كانت عليها الأرض عند صدور قانون الإصلاح الزراعى الذى يحكم النزاع وأن تبعية البناء للأراضى الزراعية أو لزومه لخدمتها مناطه ألا يكون البناء معداً للسكن قبل العمل بالقانون الواجب التطبيق فإذا كان البناء معداً للسكن خرج من وصف تبعيته للأراضى الزراعية أو لزومه لخدمتها حتى ولو كان يسكنه المزارع بالأرض دون غيره ذلك أن السكن هدف مقصود لذاته ولا يمكن أن يكون هدفا تبعياً أو لازماً لهدف آخر.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق أن عقد الإيجار موضوع النزاع الماثل انصب على الفيلا والأرض الفضاء المحيطة بها على مساحة ألفى متر بقصد استعمالها للسكن على النحو الذى أوضحه عقد الإيجار وليس عقد إيجار حديقة كما وصفه القرار الطعين وأن هذا البناء كان معداً للسكن قبل الاستيلاء عليه طبقاً للأمر العسكرى رقم 5و5 ب
لسنة ١٩٥٦ سالف الذكر، كما أن هذا البناء يقع داخل كردون مدينة فايد ومن ثَمَّ وقوع الأرض الفضاء المشار إليها بعقد الإيجار ضمن موضوع الإجارة يجعلها ملحقة بالفيلا ومن ثَمَّ فإن هذا العقد يخرج عن نطاق الاستثناء المنصوص عليه فى المادة ٣٥ مكرراً من قانون الإصلاح الزراعى وما كان يجوز للهيئة الطاعنة إنهاء عقد الإيجار سالف الذكر طبقاً لتلك المادة وأنه إزاء انتفاء السند التشريعى فإن القرار المطعون عليه يكون على غير سند من صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهبت إليه الهيئة الطاعنة من أنها أصدرت القرار الطعين لتخصيص العقار كمقر لإدارة البساتين وإدارة أراضى الهيئة بمنطقة فايد بالإضافة إلى إخلال المستأجر المطعون ضده بالتزاماته طبقاً لشروط عقد الإيجار الملغى فإنه مردود عليه بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن مشروعية القرار الإدارى إنما تبحث على أساس الأحكام القانونية المعمول بها عند صدوره وعلى ضوء الظروف والملابسات التى كانت قائمة آنذاك دون أن يدخل فى الاعتبار ما جد منها بعد ذلك فمشروعية القرار الإدارى إنما توزن بمجموع الظروف والأوضاع القائمة وقت إصداره دون تلك التى تطرأ لاحقاً على ذلك فالعبرة بمشروعية القرار الإدارى هى بوقت صدوره لا بعد صدوره ومن ثَمَّ لا يجوز للجهة الإدارية الاستناد إلى أسباب جديدة لتبرير إصدار القرار الطعين لم تكن قائمة لدى السلطة الإدارية مصدرة القرار ولم تكن دافعة لها لإصداره وإن كانت تصلح لإصدار قرار جديد.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن المتمثل فى أن عقد الإيجار مثار النزاع غير ملزم للهيئة الطاعنة لأنه أبرم بين المطعون ضده ومدير مديرية الإصلاح الزراعى كمؤجر فى حين أنه لا يملك سلطة التأجير ولم يكون مفوضاً من قِبل السلطة المختصة فى إبرام هذا العقد فإنه لما كان الثابت أن المطعون ضده تقدم بطلب مؤرخ فى ١٠/١٢/١٩٧٤ لمديرية الإسماعيلية للإصلاح الزراعى لتحرير عقد إيجار له عن الفيلا المذكورة التى يضع يده عليها ويستغلها سكناً خاصاً له ويقيم بها وقامت ببحث طلبه وتقدير قيمة إيجارية وربطها عليه من تاريخ شغله للفيلا، ثم وافق مدير المديرية على تأجيرها له بالقيمة الإيجارية المقدرة، وتم تحرير عقد إيجار بين الطرفين بتاريخ ٨/٢/١٩٧٥ طبقاً لما سلف بيانه وبناءً على ذلك تقدم المطعون ضد بطلب مؤرخ فى ١/١/١٩٧٨ لشراء الفيلا المؤجرة له وتمت مكاتبات متبادلة بين المديرية والهيئة بشأن بحث طلب الشراء المذكور وتم عرضه على اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة بالهيئة. كما استمرت العلاقة الإيجارية بين الطرفين قبل إصدار القرار الطعين أكثر من عشر سنوات متصلة قام خلالها المطعون ضده بدفع قيمة الإيجار بموجب إيصالات سداد ومن ثَمَّ فإن هذا التصرف كانت تحت نظر وعلم المختصين بالمديرية والهيئة. كما وافقت الهيئة على التصرف بالبيع للفيلا والأرض الفضاء المحيطة بها المؤجرة للمطعون ضده بالثمن من الذى قدرته اللجنة العليا للتثمين إلا أنه تظلم من هذا التقدير ورفض تظلمه ولم تستكمل إجراءات البيع بين الطرفين ومن ثَمَّ فإن هذا الأمر يدل على أن الهيئة قد أجازت عقد الإيجار المذكور الذى أبرمه مدير المديرية وبالتالى فإنه لا وجه لإثارة هذا العيب الذى اعتور العقد المشار إليه، ومن جهة أخرى فإنه قد بات مستقراً أن للمواطن أن يثق ثقة مشروعة فى التصرفات التى تجريها جهة الإدارة مادامت هذه التصرفات ـ ليست متعارضة ـ بحسب الظاهر ـ وعلى نحو يدركه المواطن العادى ـ من الدستور والقانون ـ أو لم تقم على غش من جانبه ويقع على عاتق جهة الإدارة إثبات هذا الغش، وينبنى على ذلك أن يكون للفرد الحق فى إطار الشرعية وسيادة القانون ووفقاً لأصول الإدارة السليمة فى أن يثق فى القرار الصادر من الجهة الإدارية أو فى الإجراءات السابقة لصدوره والمكونة لوجوده وأن يتعامل معها على أساسه وأن يتمسك بمركزه القانونى الذى خلقه ذلك القرار أو تلك الإجراءات حتى ولو كان التصرف من اختصاص جهة إدارية أخرى ومن ثَمَّ يكون للمواطن أن يرتب أوضاعه على ما أجرته الجهة الإدارية التنفيذية من تعاقد أو ما أصدرته له من تخصيص أو ما أعملته من تصرفات ويجب عليها احترام المركز الذاتى الذى اكتسبه المواطن ولايجوز لها أن تتسلب من تصرفها للنيل من المركز القانونى مستندة إلى عيب شَابَ تصرفها أو سبب يكشف عن تقصيرها فى سلطة الإشراف والرقابة على تصرفات مرءوسيها كما أن خروج أحد تابعيها عن نطاق اختصاصه الوظيفى يجعله محلاً للمساءلة الإدارية ولايجوز أن يضار المواطن من جراء ذلك وذلك حمايةً للمركز القانونى والوضع الظاهر الذى يحتم احترامه وإعمالاً للاستقرار الواجب للعلاقات مع جهات الإدارة العامة ولعدم زعزعة الثقة المشروعة للأفراد فى تصرفات الإدارة العامة وهى فى مستواها الأعلى الذى يتعاملون معها والتى حازت ثقة المتعاملين.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون النعى عليه فى غير محله متعينًا رفضه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وقد خسرت الطعن فإنها تلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (١٨٤) من قانون المرافعات
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.