جلسة 29 من يونيو 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / كمال زكى عبدالرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطاالله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامة أحمد محمود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمود ميزار خليفة
مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4303 لسنة 46 قضائية. عليا:
ـ تقديم العطاءات ـ إيداع التأمين المؤقت كاملاً ـ حكمه.
المادة (19) من القانون رقم (9) لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات، والمادتان 58 و61 من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983.
إيداع التأمين المؤقت كاملاً من مقدم العطاء فى الوقت المحدد شرط أساسى للنظر فى عطائه وذلك لاعتبارات كفالة المساواة بين المتناقصين وضمان جديتهم وحفاظًا على حقوق جهة الإدارة إذا ما أخل المتناقص بالتزامه ـ قررت اللائحة التنفيذية للقانون لجهة الإدارة حقوقا يتوقف إعمالها على أداء التأمين المؤقت كاملاً كحقها فى اعتبار التأمين حقًا لها دون حاجة إلى إنذار أو الالتجاء إلى القضاء، وذلك إذا سحب مقدم العطاء عطاءه قبل الميعاد المعين لفتح المظاريف، وكذلك حقها فى اعتبار صاحب العطاء قابلاً استمرار الارتباط بعطائه عند انقضاء مدة سريانه وذلك إلى أن يصل لجهة الإدارة إخطار منه بسحب التأمين المؤقت وعدوله عن عطائه، فإذا لم يكن قد قدم هذا التأمين و قدمه غير كامل فإنه يضيع على جهة الإدارة هذا الحق ـ لا يغير من ذلك أن القانون لم يقرر صراحة جزاءً على تخلف تقديم التأمين لأن القواعد العامة تقرر البطلان لإغفال إجراء جوهرى أوجب القانون مراعاته ـ هذا البطلان مقرر لمصلحة الجهة الإدارية ومصلحة مقدمى العطاءات المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملاً على حد سواء ـ فإن تنازلت الجهة الإدارية عن حقها فى التمسك بهذا الشرط وأرست المناقصة على المناقص غير المستوفى التأمين كاملاً فإن من حق أصحاب العطاءات المستوفاة التمسك بهذا الشرط وما يترتب على ذلك ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الحادى والعشرين من مارس سنة 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن الحكم المطعون فيه الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهم بصفتهم بأن يؤدوا للمدعين بصفتهما مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضًا عن الأضرار التى لحقت بهما من جراء خطأ جهة الإدارة وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قررت بجلسة 19/6/2002 إحالة الطعن للدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 26/11/2006، وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 19/12/2003 إصدار الحكم بجلسة 23/3/2004 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1448 لسنة 19 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بعريضة أودعت بتاريخ 26/5/1997 طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم أن يؤدوا لهما التعويض المناسب عن الأضرار التى لحقتهما مع إلزامهم المصروفات.
وقالا شرحًا لدعواهما إن مديرية الإسكان والمرافق بالدقهلية طرحت مناقصة عامة لعملية توسيع محطة تعبئة الغاز السائل بطلخا، وقد تقدما بعطاء لتنفيذ هذه العملية وبتاريخ 30/11/1996 تبين للجنة فتح المظاريف أن أقل العطاءات سعراً هو عطاء شركة الغرايلى ويليه فى الترتيب العطاء المقدم منهما ، ولم يكن عطاء شركة الغرايلى مصحوبا بالتأمين الابتدائى كاملاً، وتم استكماله بعد مرور أكثر من ثلاثة أيام على انعقاد لجنة فتح المظاريف، ورغم ذلك قامت لجنة البت بترسية المناقصة على العطاء المقدم من شركة الغرايلى بالمخالفة لنص المادة (19) من قانون المناقصات رقم 9 لسنة 1983، وبذلك يتوافر ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية، وقد ترتب على ذلك ضرر لحق بهما تمثل فى تكاليف الاشتراك فى المناقصة وسداد التأمين المؤقت وما فاتهما من كسب وما لحق بهما من خسارة، ومن ثَمَّ فقد توافرت أركان المسئولية فى جانب الجهة الإدارية .
وبجلسة 24/1/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة الحكم المطعون فيه وشيدت قضاءها بأن الثابت من الأوراق أن مديرية الإسكان والمرافق بالدقهلية قامت بترسية المناقصة على شركة الغرايلى رغم عدم تقديم هذه الشركة التأمين المؤقت مصحوبا بهذا العطاء كاملا إلى أن تم فتح المظاريف فى 30/11/1996، فمن ثم يكون قرارها والحالة هذه مخالفًا للقانون مما يتوافر معه ركن الخطأ فى جانب الإدارة مما ترتب عليه ضرر بالمدعيين يتمثل فى حرمانهما من القيام بهذه العملية والحصول على الكسب المالى المتوقع، وتفويت فرص الربح عليهما، وما تكبداه من خسارة تتمثل فى مصاريف ونفقات الإعداد لتلك المناقصة والجهد المبذول مع توافر علاقة السببية مما تقدر معه التعويض الجابر لهذا القرار بمبلغ عشرة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأن إيداع التأمين المؤقت من مقدمى العطاءات فى الوقت المحدد ـ وإن كان شرطًا أساسيا للنظر فى عطائه إلا أن هذا الشرط مقرر للصالح العام ولا يترتب على مخالفته البطلان إذا ما اطمأنت جهة الإدارة إلى ملاءة مقدم العطاء والثابت فى الحالة الماثلة أن جهة الإدارة قد أرست العملية على شركة الغرايلى لأن هذا العطاء يحقق الصالح العام من الناحية المالية والفنية حيث إن العطاء الذى يليه المقدم من المطعون ضدهما يزيد عنه بحوالى 156907 جنيهات ومن ثَمَّ ينتفى ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية.
ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع وأن يلحق صاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الضرر وخطأ جهة الإدارة.
ومن حيث إن المادة (٩١) من القانون رقم ٩ لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات التى تسرى على الحالة الماثلة ـ تنص على أن ” يجب أن يقدم مع كل عطاء تأمين مؤقت لا يقل عن 1% من مجموع قيمة العطاء فى مقاولات الأعمال “.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إيداع التأمين المؤقت كاملاً من مقدمى العطاء فى الوقت المحدد كآخر موعد لوصول العطاءات شرط أساسى للنظر فى عطائه، وذلك لاعتبارات قدرها المشرع أهمها كفالة المساواة بين المتناقصين ، وضمان جديتهم ، وحفاظا على حقوق جهة الإدارة إذا ما أخل المتناقص بالتزامه ، وهذا النظر يتفق مع إعمال المادة (58) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 سالف الذكر الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 والتى قررت للجهة الإدارية حقوقًا يتوقف إعمالها على أداء التأمين المؤقت كاملاً كحقها فى اعتبار التأمين حقا لها دون حاجة إلى إنذار أو الالتجاء إلى القضاء وذلك إذا سحب مقدم العطاء عطاءه قبل الميعاد المعين لفتح المظاريف، وكذلك حقها فى اعتبار صاحب العطاء قابلاً استمرار الارتباط بعطائه عند انقضاء مدة سريانه وذلك إلى أن يصل لجهة الإدارة إخطار منه بسحب التأمين المؤقت وعدوله عن عطائه، فإذا لم يكن قد قدم هذا التأمين المؤقت أو قدم غير كامل فإنه يضيع على الجهة الإدارية هذا الحق، يؤكد هذا المعنى أن المادة 61 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات السابق على القانون رقم 9 لسنة 1983 كانت تقضى بجواز تأخر صاحب العطاء فى تكملة التأمين إلى ما بعد فض المظاريف بشرط أن يكون العطاء فى صالح الخزانة، فى حين خلا القانون رقم ٩ لسنة 1983 ولائحته التنفيذية سالفى الذكر من نص مماثل لهذا النص، الأمر الذى يُستفاد منه عدول المشرع عن هذا الاتجاه ووجوب تقديم التأمين المؤقت مصحوبا مع العطاء ، ولا يغير من ذلك أن المشرع لم يقرر صراحة جزاءً على مخالفة حكم المادة 19 المشار إليها ذلك لأن القواعد العامة تقرر البطلان لإغفال إجراء جوهــرى أوجب القانون مراعاته فى شأن المناقصات والمزايدات ومن بينها إغفال تقـــديم التأمين المؤقت كاملاً قبل آخر موعد لتقديم العطاءات، وهذا البطلان مقرر لمصلحة الجهة الإدارية ، ومصلحة مقدمى العطاءات المصحوبة بالتأمين المؤقت كاملا على حد سواء، ذلك لأن تقديم التأمين المؤقت مشرع وحسبما سلف البيان لمصلحة الطرفين الجهة الإدارية، ومقدمى العطاءات المستوفاة، فمن وجه يمثل ضمانة لجدية مقدمى العطاءات والحفاظ على حقوق الإدارة ، ومن جهة فهو ضمانة لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين المناقصين، فإن تنازلت الجهة الإدارية عن حقها فى التمسك بهذا الشرط، وأرست المناقصة على مناقص غير مستوفى التأمين المؤقت كاملا ، فإنه من حق أصحاب العطاءات المستوفاة التمسك بهذا الشرط، وما يترتب عليه من بطلان إرساء المناقصة وما يترتب على ذلك.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مديرية الإسكان والمرافق بالدقهلية قامت بترسية عملية توسيع محطة تعبئة الغاز السائل بطلخا على شركة الغرايلى رغم عدم تقديمها التأمين المؤقت كاملا قبل آخر موعد لتقديم العطاءات ، ومن ثَمَّ يكون قرارها إرساء المناقصة على هذه الشركة قد شابه عيب مخالفة القانون مما يتوافر معه ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن العطاء المقدم من المطعون ضدهما فى هذه المناقصة كان تاليًا لعطاء شركة الغرايلى الواجب الالتفات عنه لما أسلفنا من أسباب، مما كان يتعين معه إرساء المناقصة على المطعون ضدهما، وإذ ترتب على ذلك ضرر للمذكورين ـ يتمثل فيما فاتهما من كسب لحرمانهما من القيام بهذه العملية والحصول على الكسب المالى المتوقع معها، والتى تجاوزت قيمتها مليونين وثلاثمائة ألف جنيه، وما لحقهما من خسارة تتمثل فى المصاريف والنفقات التى تكبداها للإعداد لهذه المناقصة والتقديم لها مع قيام علاقة السببية بين الخطأ والضرر مما يستوجب التعويض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقدر التعويض الجابر لهذا الضرر بمبلغ عشرة آلاف جنيه فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون مما تقضى معه المحكمة بتأييده،ورفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع برفضه، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.