جلسة 26 من نوفمبر سنة2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد البارى محمد شكري
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السعيد عبده جاهين نائب رئيس مجلس الدولة
/محمد الشيخ علـــــــى نائب رئيس مجلس الدولة
د/ سمير عبد الملاك منصور نائب رئيس مجلس الدولة
/ أحمد منصور محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / أسامة راشـــــــد مفوض الدولــــــــــــــــة
الطعن رقم (5935) لسن48 قضائية .عليا.
– شئون أعضاء – ترقية – التفرقة بين الملاحظات المختلفة التى توجه إلى العضو عند النظر فى ترقيته إلى الوظيفة الأعلى.
عند النظر فى ترقية عضو هيئة قضايا الدولة يتعين التفرقة بين الملاحظات التى توجه إليه بسبب أخطاء فنية وتلك المتعلقة بالانحرافات المسلكية والأخلاقية ، ذلك إن الطائفة الأولى من الأخطاء تكون دائماً تحت نظر إدارة التفتيش الفنى عند النظر فى تقرير كفاية العضو فتضعها فى الاعتبار عند تحديد مرتبة كفايته فتهبط بها إلى المرتبة التى تمنعه من الترقية إلى الوظيفة الأعلى إذا كان الخطأ الفنى جسيماً يصم كفايته بالضعف المانع من الترقية فتقدر كفايته بمرتبة ضعيف أو متوسط ، أو تلتفت عنه إذا كان الخطأ طفيفاً استطاع العضو ان يتداركه خلال فترة التفتيش على أعماله ، وبذلك ينتهى أثر الملحوظة بصدور القرار بتقدير كفاية العضو ، أما إذا كانت الملحوظة متعلقة بخطأ مسلكى أو انحراف أخلاقى فإن تقدير كفاية العضو على نحو معين لا يجيز الخطأ الذى فرط فيه ولا يعفى أثرة ، بل تظل السلطة المختصة بالترقية سلطة تقديرية تترخص بها فى تقدير خطورة الذنب الذى كان محلاً للملحوظة عند النظر فى ترقية العضو فترجئ ترقيته إذا ما رأت عدم ملاءمتها مع جسامة الخطأ الذى ارتكبه أو تغض الطرف عنها إذا لم تجد فيها مانعاً للترقية – تطبيق.
بتاريخ 8/6/ 2000 أودع الطاعن التظلم رقم 72 لسنة 2000 أمام لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة طالبا إلغاء القرار الجمهورى رقم 221 لسنة 2000 الصادر بتاريخ 10/5/2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى درجة محامى بهيئة قضايا الدولة ، وأحقيته فى الترقية إلى هذه الدرجة 0
ونفاذاَ لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم75 لسنة 1963 ورد التظلم المذكور إلى هذه المحكمة وقيد بجدولها العام بالرقم المسطر فى صدر هذا الحكم0
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراَ بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه – للأسباب المبينة به الحكم بعدم قبول الطعن لعدم إيداع الطاعن صحيفة معلنة وموقعة من محام مقبول أمام هذه المحكمة 0
وقد نظرت المحكمة الطعن الماثل على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات حيث أودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن وبجلسة 15/10/2006 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به0
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية0
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى إن الطاعن قد أقام طعنه الماثل بطريق التظلم إلى لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة طالبا إلغاء القرار الجمهورى رقم 221 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى درجة محامى بهيئة قضايا الدولة وذلك تأسيسا على ان القرار الطعين قد استند إلى توجيه ملحوظة فنيه إليه من قبل التفتيش الفنى بسبب عدم قيامه بإعداد مذكرة بالرأى فى شأن استئناف الحكم الصادر فى الدعوى رقم 4000 لسنة 1999 م0ك شمال القاهرة بجلسة 16/6/1999 0وينعى الطاعن على القرار المطعون فيه بانه صدر على خلاف احكام القانون على سند انه وفقا لحكم المادة (64) من اللائحة الداخلية بهيئة قضايا الدولة فان الالتزام بتحرير مذكرة بالرأى توجه على الرئيس المختص يكون بالنسبة للدعاوى التى تصدر فيها أحكام ضد الدولة ، ولما كانت الدعوى رقم 4000 لسنة 1999 م0ك شمال القاهرة قد أقيمت من أفراد ضد أشخاص طبعين وأربع جهات حكومية ، وقد طلب المدعيان إن يصدر الحكم ضد الأشخاص الطبعين وفى مواجهة جهات حكومية وهم المدعى عليهم من الحادى عشر حتى الرابع عشر وبجلسة 16/6/1999 قدم المدعيان والمدعى عليهم من الأول حتى العاشر أشخاص طبيعيين محضر صلح بينهم وطلبوا إلحاقه بمحضر الجلسة واثبات محتواه وجعله فى قوة السند التنفيذى0
وبناء على ذلك قضت المحكمة بإلحاقه محضر عقد الصلح المؤرخ 16/6/1999 بمحضر الجلسة واثبات محتواه وجعله قوة السند التنفيذى ، وألزمت المدعيين المصروفات ، ولما كان هذا الحكم لم يقضى بشئ ضد المدعى عليهم من الجهات الحكومية وبالتالى لا يكون هناك حكم صادر ضد الدولة ، ولا يكون العضو ملزماَ بإعداد مذكرة بالرأى تعرض على رئيسه المختص لاستئناف الحكم الصادر فى الدعوى ، الأمر الذى يجعل الملحوظة الفنية غير سليمة ولا تصلح أن تكون سبباَ لتخطيه فى الترقية0
ومن حيث أن الجهة الإدارية قد أفصحت عن سبب تخطيها للطاعن فى الترقية إلى وظيفة محام بأنها وجهت إليه ملحوظة فنيه بتاريخ 8/4/2000 لعدم قيام الطاعن بعرض مذكرة بالرأى سواء بعدم الطعن أو بعدم جوازه فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 4000 لسنة 1999 مدنى كلى شمال القاهرة والذى قضى بإلحاق محضر عقد الصلح المؤرخ 16/6/1999 بمحضر الجلسة واثبات محتواه وجعله فى قوة السند التنفيذى وألزمت المدعيين المصروفات0
ومن حيث ان قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 قد نظم احكام تعيين وترقيات أعضاء هيئة قضايا الدولة على سند منضبطة ، فنصت المادة (16) منه على أن ” يكون شغل وظائف أعضاء الهيئة بالتعيين أو بالترقية بقرار من رئيس الجمهورية” 0
وتنص المادة (18) من القانون على انه “إذ قدر عضو الهيئة بدرجة اقل من المتوسط أو المتوسط فلا يجوز ترقيته إلى الدرجة أو الفئة الأعلى الا بعد حصوله على تقريرين متتاليين فى سنتين بدرجة فوق المتوسط على الأقل” 0
وتنص المادة (24) من القانون المشار إليه على أن ” يكون بهيئة القضايا إدارة للتفتيش الفنى تتألف من رئيس درجة مستشار على الأقل وعدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين 000
ويضع وزير العدل لائحة للتفتيش الفنى بناء على اقتراح رئيس الهيئة بعد اخذ رأى المجلس المذكور ويكون التقرير بإحدى الدرجات الآتية :-
كفء – فوق المتوسط – متوسط – اقل من المتوسط0
ويجب أن يحاط رجال الهيئة علما بكل ما يلاحظ عليهم0
وتنص المادة (23) من اللائحة الداخلية للتفتيش الفنى بهيئة قضايا الدولة بقرار وزير العدل رقم 5052 لسنة 1993 على أن ” 000 لرئيس الهيئة ولرؤساء القطاعات ولرؤساء الأقسام أو الفروع ولرئيس إدارة التفتيش الفنى كل فى إدارة اختصاصه توجيه ملاحظات إلى أعضاء الهيئة حتى درجة وكيل للهيئة سواء فيما يتعلق بتصرفاتهم القضائية أو الإدارية أو السلوكية ويخطر العضو بالملاحظة بكتاب سرى موصى عليه مصحوب بعلم الوصول” 0
وتنص المادة (24) من ذات اللائحة على إن ” للعضو أن يتظلم من الملاحظة ويصدر المجلس قراره فى التظلم خلال خمسة عشر يوماَ اما بإلغاء الملاحظة أو تأييدها ويخطر به العضو بكتاب سرى موصى عليه بعلم الوصول وتودع صورة من الملاحظات التى لم يحصل التظلم منها أو قرر المجلس الأعلى بتأييدها بالملف السرى للعضو0
ومن حيث إن مفاد نصوص قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 سالفة الذكر إن المشرع قرر إن ترقية عضو هيئة قضايا الدولة تكون بقرار من رئيس الجمهورية وذلك بعد توافر شروط الترقية فى العضو ، وان المشرع قرر فى المادة (18) من القانون المشار إليه انه إذا قدرت كفاية العضو بدرجة اقل من الموسط أو متوسط فلا يجوز ترقيته إلى الدرجة أو الفئة الأعلى ألا بعد حصوله على تقريرين متتاليين فى سنتين بدرجة فوق المتوسط على الأقل 0
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان الملاحظات الفنية التى توجه لعضو هيئة قضايا الدولة لا تعدو إن تكون رصداَ لواقع أو تصرف أو مسلك يتنافى مع التعليمات والقواعد التى يتعين الالتزام بها ، ويبقى بها موجها باعتباره سلطة أعلى فى مدارج السلم الوظيفى بما له من سلطة الرقابة والتوجيه والمتابعة توجيه نظر من صدرت إليه بما يتعين عيه إتباعه وما يرجى منه فى ممارسة اختصاصاته الوظيفية ، وما يتعين عليه النأى عنه فى سلوكه وذلك حرصا على حسن سير العمل وهو أمر تفرضه أصول التنظيم الإدارى والتدرج فى المستوى الوظيفى والمسئولية فى جميع الأجهزة الإدارية والقضائية ، لذا فانه من المقبول بل الضرورى إن تقوم الجهات الرئاسية بالرقابة على أداء العمل ومباشرته ضماناَ للوفاء بمقتضيات هذه الإدارة والتأكد من قيام صاحب الاختصاص باختصاصاته المحددة له قانوناَ أو وفقاَ للتنظيم الإدارى الموضوع ، فإذا ما باشر الرئيس المختص سلطته فى الرقابة والتوجيه لمرؤسه ، والتزم الأخير بما يوجه إليه من ملاحظات وسار على هداها ولم ينحرف عن جادة الصواب فقد تحقق الهدف من تلك الملاحظات ، ومقتضى ذلك عدالة ألا يترتب عليها المساس بكفاءته الفنية التى ارتقى إليها عندئذ 0
كما جرى قضاء هذه المحكمة على التفرقة بين الملاحظات التى توجه للعضو بسبب أخطاء فنية وتلك المتعلقة بالانحرافات المسلكية والأخلاقية ، ذلك إن الطائفة الأولى من الأخطاء تكون دائما تحت نظر إدارة التفتيش الفنى عند النظر فى تقدير كفاية العضو فتضعها فى الاعتبار عند تحديد مرتبه كفايته فتهبط بها إلى المرتبة التى تمنعه من الترقية إلى الوظيفة الأعلى إذا كان الخطأ الفنى جسيما يصم كفايته بالضعف المانع من الترقية فتقدر كفايته بمرتبة ضعيف أو متوسط ، أو تلتفت عنه إذا كان الخطأ طفيفاَ استطاع العضو إن يتداركه خلال فترة التفتيش على أعماله ، وبذلك ينتهى اثر الملحوظة بصدور القرار بتقدير كفاية العضو ويندمج منه ويؤول إليه، إما إذا كانت الملحوظة متعلقة بخطأ مسلكى أو انحراف اخلاقى فان تقدير كفاية العضو على نحو معين لا يجيز الخطأ الذى فرط فيه ولا يعفى إثره ، بل تظل السلطة المختصة بالترقية سلطة تقديرية تترخص بها فى تقدير خطورة الذنب الذى كان محلا للملحوظة عند النظر فى ترقية العضو ، فترجئ ترقيته إذ ما رأت عدم ملاءمتها مع جسامة الخطأ الذى ارتكبه أو تغض الطرف عنها إذا لم تجد فيها مانعا للترقية 0
ومن حيث انه على هدى المبادئ المتقدمة فانه لما كان الثابت من الأوراق إن الطاعن قد وجهت إليه ملحوظة عن خطأ فنى بحت تمثل فى عدم تحرير مذكرة بالرأى فى مدى جواز الطعن على الحكم الصادر فى الدعوى رقم 4000 لسنة 1999 م0ك شمال القاهرة بجلسة 16/6/1999 والذى قضى بإلحاق محضر الصلح المحرر بين طرفيه عدا الجهات الحكومية – بمحضر الجلسة واثبات محتواه فيه وجعله فى قوة السند التنفيذى ، وقد جاء بمذكرة التحقيق عن الواقعة المنسوبة للطاعن إن جهة الإدارة لم تكن طرفاَ فى محضر الصلح ومن ثم لا تحاج به ، وان الحكم غير جائز الطعن عليه كما لا يجوز إقامة التماس إعادة نظر بشأنه وإنما تتعامل الجهة الإدارية كما لو لم يكن هذا الحكم قائماَ لأنه ليس حكما ولا يلزم الجهة الإدارية 0
وانتهت المذكرة إلى الرأى بتوجيه ملحوظة فنيه للطاعن لعدم عرض ملف الدعوى بمذكرة سواء بعدم الطعن أو عدم جوازه كما فى الحالة المعروضة 0
ولما كان الثابت من الأوراق ان الطاعن قد قدرت كفايته عن الفترة من 1/10/1998 حتى 30/9/1999 بدرجة فوق المتوسط- وهى فترة يدخل فيها الوقت الذى ارتكب فيه الطاعن الخطأ الفنى محل الملحوظة التى وجهت إليه ، والثابت إن هذا الخطأ الفنى لم يكن محل اعتبار عن تقدير مرتبة كفايته بمعرفة التفتيش الفنى عن الفترة المشار إليها، ولما كانت الملحوظة الفنية المشار إليها هى ملحوظة غير متعلقة بخطأ مسلكى أو انحراف اخلاقى ، فأنها لا تشكل مانعاَ من الترقية بمقتضى القرار المطعون فيه، ومن ثم فإن تخطى الجهة الإدارية للطاعن فى الترقية إلى وظيفـــــة محـــــــام بالقرارالمطعون فيه بسبب توجيه ملحوظة عن خطأ فنى وقع فى الفترة محل التفتيش والتى حصل فيها الطاعن على تقرير كفاية بدرجة فوق المتوسط – يكون غير قائم على سند من القانون مما يوجب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى الترقية الى وظيفة محام بهيئة قضايا الدولة 0
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاَ وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 221 لسنة 2000فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى الترقية إلى وظيفة محام بهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من أثار