جلسة 7 من ديسمبر سنة2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / إدوار غالب سيفين
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / عبد الله عامر إبراهيم ، محمد الأدهم محمد نجيب
و/ محمد لطفى عبد الباقى جودة ، عبد العزيز أحمد حسن
(نواب رئيس مجلس الدولة)
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد ماهر عافية مفوض الدولة
الطعن رقم (4701) لسنة44 قضائية .عليا.
– الإثبات فى مجال القضاء التأديبى – نكول جهة الإدارة عن تقديم الأوراق – أثرة.
الأصل فى قواعد الإثبات أن تكون البينة على من ادعى إلا إنه فى مجال القضاء التأديبى يكون واجباً على جهة الإدارة أن تبادر إلى تقديم ما بحوزتها من أوراق فور طلب المحكمة إيداعها حتى يتسنى للقاضى التأديبى أن يبسط رقابته على مدى مشروعية القرار التأديبى ، تقاعس جهة الإدارة عن تقديم هذه الأوراق – أثر ذلك – أن تقضى المحكمة بأن نكول الإدارة عن تقديم الأوراق دليل على صحة ادعاء الطاعن وسلامة موقفة فى الطعن المقدم منه – تطبيق .
فى يوم الأحد الموافق 26/4/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة – نيابة عن الطاعنين – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 4701 لسنة 44 ق 0 عليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بجلسة 25/2/1998 فى الطعن رقم 205 لسنة 1 ق والذى قضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 152 بتاريخ 17/3/1993 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بتأييد القرار رقم 52 لسنة 1993 فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم شهر من راتبه وبرفض دعوى طلب الحكم بإلغاء ذلك القرار.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام الدائرة السابعة (فحصا وموضوعا) ثم أحيل إلى هذه المحكمة وتدوول أمامها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 19/10/2006 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 30/6/1993 أقام المطعون ضده الطعن التأديبى رقم 335 لسنة 21 ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة طالبا الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 152 لسنة 1993 الصادر بتاريخ 10/3/1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحا لطعنه أنه كان يشغل وظيفة مدرس أول لغة إنجليزية بمدرسة النجاح الإعدادية بمحافظة الشرقية وبتاريخ 17/3/1993 صدر قرار محافظ الشرقية رقم 152 لسنة 1993 بمجازاته بخصم شهر من راتبه لما نسب إليه وآخرين من أنهم قد سمحوا لتلاميذ الصف الأول الإعدادى بالمدرسة بالغش الجماعى فى مادة الجبر خلال امتحانات الدور الأول عام 1991.
ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه صدوره مخالفا للواقع والقانون ومشوبا بالتعسف وإساءة استعمال السلطة حيث لم تحدث واقعة الغش الجماعى وأنه يعمل مدرس أول لغة إنجليزية وليس له مصلحة فى السماح للتلاميذ بالغش فى مادة الجبر فضلا عن أن التحقيق كان قاصرا حيث لم يحقق دفاعه.
وقد أحيل الطعن إلى المحكمة التأديبية بالإسماعيلية وقيد بجدولها رقم 205 لسنة 1 ق وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/2/1998 حكمت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 152 بتاريخ 17/3/1993 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت قضاءها على أن الطاعن قد ضمن طعنه أن القرار المطعون فيه قد خالف الواقع والقانون وقد تقاعست الجهة الإدارية بما تملكه وحدها من أوراق عن الرد على الطعن وإيداع المستندات والأوراق رغم تأجيل نظر الطعن لأكثر من جلسة لهذا السبب ومن ثم يكون أدعاء الطاعن واردا دون وجود رد جدى على طعنه مما يكون معه القرار المطعون فيه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقا بالإلغاء.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله إذ الثابت اتصال علم المحكمة التأديبية بقيام جهة الإدارة بإجراء تحقيق فى شأن الواقعة المنسوبة للمطعون ضده وعليه فلا يسوغ لها أعمال قرينة الإثبات السلبية المقررة لصالح المطعون ضده إذ كان يتعين عليها منح جهة الإدارة الفرصة الكافية لتقديم ملف التحقيق إلا أنها تعجلت وفصلت فى موضوع النزاع بحالته قبل أن يهيأ للفصل فيه، ولما كانت جهة الإدارة بصدد تقديم ملف التحقيق وكافة المستندات والبيانات فى مرحلة الطعن الأمر الذى تنهار معه قرينة الإثبات السلبية المفترضة لصالح المطعون ضده ويكون الطعن مهيأ للفصل فيه.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من تقاعس جهة الإدارة عن تقديم الأوراق والمستندات والتحقيقات التى أنبنى عليها قرار الجزاء المطعون فيه واللازمة للفصل فى الطعن التأديبى قرينة على صحة ما أدعاة الطاعن من أسباب طعنه من أن القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون ومن ثم أنتهى إلى إلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان الأصل فى قواعد الإثبات أن تكون البينة على من أدعي، إلا أنه فى مجال القضاء التأديبى يكون واجبا على جهة الإدارة أن تبادر إلى تقديم ما بحوزتها من أوراق فور طلب المحكمة إيداعها، إذ لا يتسنى للقاضى التأديبى أن يبسط رقابته على مدى مشروعية القرار التأديبى ما لم تكن تحت نظره القرار المطعون فيه وأوراق التحقيق الذى بنى عليه ذلك القرار وسائر الأوراق التى يكون التحقيق قد تعرض لها، وكذلك ما يكون التحقيق قد أشار إليه من لوائح خاصة أو تعليمات أو منشورات إدارية تنظم العمل فى مجال ما نسب إلى العامل المتهم من مخالفات أو تحدد الاختصاصات الوظيفية لهذا العامل، وبصفة عامة كل ما يلزم لبيان وجه الحق فى خصوص المنازعة التأديبية وما يتعرض له طرفاها فى مجال الإثبات والنفى من مناقشات حول الوقائع وما يحكمها من قواعد تنظيمية واجبة الإعمال، وأن تقديم هذه الأوراق جميعها هو واجب على جهة الإدارة فى مجال الطعن التأديبى وأن من شأن تقاعسها عن تقديم هذه الأوراق بناء على طلب المحكمة أن تعتبر جهة الإدارة عاجزة عن أداء واجب عليها على طريق إحقاق الحق وإرساء العدل وإعطاء كل ذى حق حقه، الأمر الذى يكون معه للقاضى التأديبى أن يستخلص سلامة ما ذهب إليه الطاعن فى طعنه التأديبي، ولا تثريب على المحكمة التأديبية حينئذ إن هى اقتضت بأن نكول جهة الإدارة عن تقديم الأوراق المطلوبة دليل على صحة أدعاء الطاعن وسلامة موقفه فى الطعن المقدم منه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تلك القرينة لا تعدو أن تكون بديلا عن الأصل وقد أخذ بها قضاء مجلس الدولة لاحتمالات الصحة فيما يدعيه الأفراد فى مواجهة جهة الإدارة الحائزة وحدها لكل الأوراق والمستندات الرسمية المتعلقة بأعمالها وتصرفاتها طبقا للتنظيم الإدارى وحتى لا يتعطل الفصل فى الدعوى الإدارية أو التأديبية بفعل سلبى هو نكول الإدارة – وهى الخصم الذى يحوز مصادر الحقيقة الإدارية – وتعويقها الخاطيء والمخالف للقانون إعلاء كلمة الحق وسيادة القانون.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد ضمن طعنه التأديبى أن القرار الصادر بمجازاته بخصم شهر من راتبه قد خالف الواقع والقانون وهو ما يعنى منازعته فى صحة الأساس الواقعى والقانونى الذى أنبنى عليه هذا القرار مما يستوجب إلزام جهة الإدارة أن تثبت أمام القضاء قيام السند القانونى المبرر للقرار الذى أصدرته فى هذا الشأن، فإذا تقاعست عن تقديم أسانيد هذا القرار تكون قد فشلت فى إثبات صحته ومن ثم يكون أدعاء المطعون ضده واردا دون وجود رد جدى على طعنه الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه – والحال كذلك – غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة قد نكلت عن تقديم المستندات اللازمة للفصل فى الطعن أمام المحكمة التأديبية على مدى الجلسات التى تدوول فيها الطعن أمامها واستمرت جهة الإدارة على مسلكها السلبى بعد إقامة طعنها الماثل حيث تقاعست عن تقديم ما تحت يدها من مستندات لدى تحضير الطعن بهيئة مفوضى الدولة رغم تكليفها بذلك وأثناء تداوله أمام الدائرة السابعة (فحصا وموضوعا) وكذا أمام هذه المحكمة الأمر الذى يقطع بأن جهة الإدارة قد عجزت عن تقديم الأوراق اللازمة لبيان وجه الحق فى خصوص المنازعة التأديبية محل الطعن الماثل وتنصلت عن أداء واجبها وأثرت الاستمرار على مسلكها السلبى بما يدعم القرينة التى تحققت لصالح المطعون ضده بصحة ما يدعيه من مخالفة القرار المطعون فيه للواقع وصحيح حكم القانون على النحو الذى يستوجب القضاء بإلغاء هذا القرار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويغدو الطعن فيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقا بالرفض.
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.