جلسة 16 من ديسمبر سنة2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد حامد محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم (1882) لسنة50 قضائية .عليا.
– طوائف خاصة من العاملين – عاملون بالمحاكم والنيابات – تشكيل مجلس التأديب .
المشرع قد ناط بمجلس تأديب العاملين بمحاكم الاستئناف بتشكيلة الخاص المنصوص عليه آنفاً ولاية تأديب هؤلاء العاملين لما قد يصدر منهم من إخلال بواجبات وظائفهم ، ومن ثم فإن الاختصاص بالتأديب بما تضمنه من تشكيل خاص يعد من النظام العام – أثر ذلك – لا يجوز الخروج عليه أو التفويض فيه ، كما أن مشاركة من لم يقصدهم نص القانون فى تشكيل مجلس التأديب يعتبر تدخلاً فى ولاية التأديب يبطل به تشكيل مجلس التأديب وبالتالى تبطل إجراءات المساءلة التأديبية التى تمت أمامه والقرار الصادر منه.”
فى يوم السبت الموافق 6/12/2003 أقام الطاعن الطعن الماثل بموجب تقرير موقع من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا فى القرار المشار إليه بعاليه والذى قرر فى منطوقه مجازاته باللوم على ما أسند إليه بالاتهام الأول ومجازاته بالتنبيه عما أسند إليه بالاتهام الثاني.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتيهما على النحو المبين.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، كما أعدت تقريرا تكميلياً فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث أودع الطاعن حافظة مستندات ومذكرة دفاع، كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع وبجلسة 12/6/2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 23/9/2006 والتى نظرته بتلك الجلسة وبجلسة 28/10/2006 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
ومن حيث أن قرار مجلس التأديب المطعون فيه قد صدر باطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام على النحو الذى سيأتى بيانه، ومن ثم فإن الطعن عليه لا يتقيد بالميعاد المنصوص عليه فى المادة (44) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فبالتالى يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق والقرار المطعون فيه فى أنه بتاريخ 28/6/2003 أصدر رئيس محكمة استئناف طنطا قراراً بإحالة كل من: 1- رياض رزق أحمد خضر (الطاعن) مدير عام الشئون الجنائية، 2- السعيد عبد الحى نجم- رئيس القسم الجنائى بالمحكمة إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف طنطا لمحاكمتهما تأديبياً عما نسب إليهما من ارتكاب مخالفة تخطى قضايا الدور عند تحديد الجلسات الجنائية الواردة إلى المحكمة، وكذلك استعمال الكشط والتغيير والمزيل فى الكشوف الخاصة بالبواقى مما يعد أضراراً جسيماً بالعمل المكلفين به… وعقب قيد الواقعة دعوى تأديبية برقم (2) لسنة 2003 بسجلات مجلس التأديب المذكور قام بنظرها بجلساته وبجلسة 31/8/2003 أصدر القرار المطعون فيه والذى قرر فى منطوقه بمجازاة: رياض رزق أحمد خضر باللوم على ما أسند إليه بالاتهام الأول، ومجازاته بالتنبيه عما أسند إليه بالاتهام الثاني، ومجازاة السعيد عبد الحى نجم باللوم عن الاتهام الأول وببراءته من الاتهام الثانى للأسباب المبينة بهذا القرار.
وإذ لم يرتض المحال الأول هذا القرار أقام الطعن الماثل طالباً الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه للأسباب المبينة بتقرير الطعن.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وحده غير مقيدة فى ذلك بطلبات الطاعن أو الأسباب التى يبديها باعتبار أن المرد فى ذلك هو إعمال مبدأ سيادة القانون فى روابط القانون العام.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن :” قرارات مجالس التأديب التى لا تخضع للتصديق من جهات إدارية عليا أقرب فى طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية، لذا فإنها تعامل معاملة هذه الأحكام، ومن ثم فإن يتعين مراعاة القواعد الأساسية للأحكام والتى من بينها أن يصدر الحكم من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً طبقا للقانون فإذا حدد المشرع عدداً معيناً لأعضاء الهيئة فإنه يتعين مراعاة ذلك عند تشكيلها دون زيادة أو نقص، لأن أى من الأمرين يعد إخلالاً جوهرياً بالأصول العامة فى المحاكمات، ويترتب على مخالفة هذه القواعد بطلان الحكم لتعلق ذلك بالنظام العام.
ومن حيث أن المادة (167) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن “يشكل مجلس التأديب فى محكمة النقض وفى كل من محكمة من محاكم الاستئناف من مستشار تنتخبه الجمعية العامة ومن المحامى العام وكبير كتاب المحكمة….”.
ومن حيث أن مفاد هذا النص أن المشرع قد ناط بمجلس تأديب العاملين بمحاكم الاستئناف بتشكيله الخاص المنصوص عليه آنفاً ولاية تأديب هؤلاء العاملين لما قد يصدر منهم من إخلال بواجبات وظائفهم، ومن ثم فإن الاختصاص بالتأديب بما يتضمنه من تشكيل خاص يعد من النظام العام وبالتالى لا يجوز الخروج عليه أو التفويض فيه، كما أن مشاركة من لم يقصدهم نص القانون فى تشكيل مجلس التأديب يعتبر تدخلاً فى ولاية التأديب يبطل به تشكيل مجلس التأديب وبالتالى تبطل إجراءات المساءلة التأديبية التى تمت أمامه والقرار الصادر منه”.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الإطلاع على النسخة الأصلية لقرار مجلس التأديب المطعون فيه أن مجلس التأديب مصدره مشكل من مستشار- رئيساً، وعضوية رئيس نيابة فقط – حال وجوب صدوره من ثلاثة أعضاء حددت المادة (167) المشار إليها وظائفهم تحديداً دقيقاً، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى إلى بطلان إجراءات مجلس التأديب وما صدر عنه من قرار تأديبى لصدور من هيئة غير مكتملة النصاب القانونى ومشكلة بالمخالفة لنص المادة المذكورة، خاصة وأن الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات نظر الدعوى التأديبية الصادر فيها القرار المطعون فيه أن محضر جلسة النطق به (31/8/2003) غير مدون بها تشكيل الهيئة التى أصدرته، الأمر الذى يبطل معه القرار المطعون فيه، مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة للطاعن، مع الأمر بإعادة الدعوى التأديبية رقم (2) لسنة 2003 إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف طنطا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى مشكلة طبقاً لصحيح حكم القانون.
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه لبطلانه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بإعادة القضية التأديبية رقم (2) لسنة 2003 إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة استئناف طنطا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.