جلسة 16 من ديسمبر سنة2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم نائب رئيس مجلس الدولة
/ يحيى خضرى نوبى محمد نائب رئيس مجلس الدولة
/ عادل سيد عبد الرحيم بريك نائب رئيس مجلس الدولة
/ سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد عبد المنعم شلقاني مفوض الدولة
الطعن رقم 5109 والطعن رقم 5167 لسنة52ق.عليا.
– تأديب – التحقيق – لا يجوز مجازاة العامل دون إجراء تحقيق.
يجب أن يكون تحت يد الجهة التى تملك توقيع الجزاء التأديبى تحقيق مستكمل الأركان حتى يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى الاتهام المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو الإدانة – أثر ذلك – أى قرار أو حكم يصدر دون تحقيق أو استجواب سابق أو أن يصدر مستنداً على تحقيق مبتسراً أو غير مستكمل الأركان يكون قراراً أو حكم غير مشروع – تطبيق .
فى يوم الخميس الموافق 1/12/2005 أودع الأستاذ عماد داود حسن المحامى نائباً عن الأستاذ فتحى مصيلحى على بكر المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن فى الطعن الأول قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 5109 لسنة 52ق. عليا فى القرار المشار إليه الصادر بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وألتمس الطاعن – لما ورد بتقرير طعنه من أسباب – الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الطعين، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً ببراءته.
وفى يوم السبت الموافق 3/12/2005 أودع الأستاذ أحمد نبيل الهلالى المحامى نائباً عن الأستاذ علاء الدين مصطفى هريدى المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 5167 لسنة 52ق .عليا فى القرار آنف الذكر الصادر بمجازاته بخصم أجر شهر من راتبه.
وقد تم إعلان تقريرى الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتهما على النحو المبين بالأوراق، كما أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى طلبت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، وفى موضوع الطعن الأول بإلغاء القرار الطعين وللمحكمة تقدير الجزاء الملائم لدرجة الخطأ المنسوب للطاعن الأول، وفى موضوع الطعن الثانى برفضه.
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 27/3/2006 حيث قررت الدائرة ضم الطعنين للارتباط. وبجلسة 26/9/2006 قررت الدائرة إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الخامسة موضوع) لنظرهما بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/10/2006 حيث قررت المحكمة بذات الجلسة إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعنين الماثلين قد أودعا خلال الأجل المقرر قانوناً، وإذ استوفيا سائر أوضاعهما الأخرى، فمن ثم يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعنين تخلص – حسبما بين من الأوراق – فى أن الإدارة العامة لتفتيش المحضرين أعدت المذكرة المؤرخة 7/8/2005 للعرض على مساعد وزير العدل لشئون المحاكم ضمنتها أنه ورد بتقرير التفتيش الدورى رقم 3320 لسنة 2005 على أعمال محضرى بولاق أنه بالإطلاع على أصول محاضر شهر مايو 2005 تبين أن المحضر رقم 182 باشمحضر بولاق تنفيذات فى شأن طلب شركة الأهلى للتنمية العقارية وضع الصيغة التنفيذية بالأمر الوقتى رقم 44 لسنة 2005 وفنى مدنى شمال على حكم المحكمين النهائى الصادر فى القضية رقم 399/2004 باعتبار عقد الإيجار بين الشركة المذكورة ومحمد سعيد أحمد بصفته رئيس مجلس إدارة شركة أوسكار للمنسوجات والمبرم بتاريخ 10/10/2001 مفسوخاً من تلقاء نفسه اعتبارا من 12/6/2004 قد تم تقدير رسم التنفيذ على محضر
( إثبات إخلاء وتسليم ) بمبلغ 2.40 جنيه كرسم ثابت نسبى حال كان يجب على الطاعن فى الطعن الأول ناجح ألفى وهيب نائب المحاضر الأول تقدير رسم التنفيذ باعتباره (فسخ عقد إيجار) طبقاً للأمر الوقتى المؤشر على حكم التحكيم فى القضية آنفة الذكر بإجمالى رسم مستحق مقداره 115984.170 جنيهاً. وبناء عليه أجرى تحقيق فى موضوع المخالفة ثم صدر القرار رقم 5711 لسنة 2005 بإحالة الطاعنين إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الإبتدائية الذى أصدر قراره الطعين بمجازاة الطاعن فى الطعن الأول بالفصل من الخدمة ومجازاة الطاعن فى الطعن الثانى بخصم أجر شهر من راتبه. وأقام المجلس قراره على أن ما نسب إلى الطاعن الأخير من قبوله أوراق تنفيذ الحكم الصادر فى القضية رقم 399 لسنة 2004 تحكيم وتقدير الرسم على المحضر رقم 182 برغم ما شابه من خطأ فى تقديره. وما نسب إلى الطاعن فى الطعن الأول من أنه أخطأ فى تقدير الرسم المشار إليه ثابت قبلهما ثبوتاً كافياً لإدانتهما أخذاً بما انتهى إليه فحص التحقيق الذى أجرته الإدارة العامة لتفتيش المحضرين وأقوال المذكورين فيه والمستندات المرفقة بيد أن الطاعنين لم يرتضيا هذا القرار فأقاما الطعنين الماثلين عليه حيث نعى عليه الطاعن فى الطعن الأول بطلان التحقيق لعدم إجرائه من قبل النيابة الإدارية ولعدم حياد المحقق بحسبانه أحد زملاء المفتش الذى أجرى التحقيق مع الطاعن، وخلو القرار الطعين من التسبيب فضلاً عما شابه من فساد فى الاستدلال، وبذلك يكون القرار الطعين مرجح الإلغاء وإذ يترتب عليه أيضاً نتائج يتعذر تداركها فإن الطاعن المذكور يطلب وقف تنفيذه بصفة مستعجلة – كما نعى الطاعن فى الطعن الثانى على ذات القرار الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله لعدم صحة الواقعة المسندة إليه وخلو الأوراق من ثمة دليل على صحة اتهامه بارتكابها فضلاً عما شاب القرار الطعين من قصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع والغلو فى الجزاء.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى شقه العاجل.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن رقابة المحكمة الإدارية العليا للأحكام أو القرارات التأديبية إنما هى رقابة قانونية فلا تعنى بمعاودة النظر فى الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتاً ونفياً، إذ أن ذلك من شأن المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب وحده فلا تتدخل أو تبسط رقابتها إلا إذا كان الدليل الذى اعتمد عليه قضاء الحكم أو القرار الطعين غير مستمد من أصول ثابتة فى الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة فيتعين عليها عندئذ أن تتدخل وتصحح الحكم أو القرار بما يتفق وصحيح حكم القانون باعتبار أن الحكم أو القرار غير قائم على سببه المبرر له قانوناً.
ومن حيث إن المخالفة التأديبية المنسوبة إلى ناجح ألفى وهيب مشرقى الطاعن فى الطعن الأول قد ثبتت فى جانبه على النحو الذى أورده القرار الطعين حيث استخلص إدانته استخلاصاً سائغاً من محضر الفحص الذى أعدته الإدارة العامة لتفتيش المحضرين المؤرخ 2/8/2005 وإقرارا الطاعن المذكور فى التحقيقات باختصاصه بالقيام بأعمال المحضر الأول حال غيابه وفقاً لكشف توزيع العمل بقلم محضرى بولاق خلال شهر مايو سنة 2005، وأنه هو الذى قبل أوراق التنفيذ وقام بتقدير الرسوم المقررة كرسم ثابت، كما أنه هو الذى قام بتحديد ميعاد التنفيذ وتسليم الأوراق للمحضر القائم بالتنفيذ، كما أنه هو الذى قام بمراجعة هذه الأوراق بعد تمام تنفيذها وهو ما أكدته الشهادة الصادرة قلم المحضرين بمحكمة بولاق الجزئية المستخرجة من واقع دفتر تنفيذات أهالى لسنة 2005 المودعة حافظة مستندات الطاعن فى الطعن الثانى حسن على على شلبى بجلسة 1/10/2005 أمام مجلس التأديب الأمر الذى يكون معه الطاعن ناجح ألفى وهيب مشرفى قد خرج على واجبات وظيفته بأداء العمل المنوط به بدقة وأمانة ومن ثم تقوم مسئوليته التأديبية ويتعين مجازاته.
ومن حيث إنه ولئن كان بيد السلطة المختصة بتوقيع الجزاء ملائمة تقديره وملائمة مناسبته لما وقر فى يقينها من ثبوت المخالفة فى جانب الموظف المخالف، بيد أن هذا التقدير ليس بمطلق وإنما يجد حده فى ألا يأتى الجزاء مشوباً بالغلو تشديداً أو تهويناً، فالجزاء الأوفى هو الجزاء العادل الذى به يرتدع المخالف ويقر فى وجدانه بعدالة مجازاته. ولما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن بادر عقب اكتشاف المخالفة المنسوبة إليه إلى تصحيحها باستصدار أمر من قاضى التنفيذ بتحصيل فرق الرسم النسبى المستحق، كما حرر قائمة رسوم بقيمته توطئة لتحصيله بمعرفة قلم محضرى بولاق، وهو ما ينبئ عن حسن نية الطاعن وأن الخطأ الذى وقع كان وليد تسرعه وتعجله فى تقدير الرسوم المستحقة على القضية رقم 399/2004 دون التنبه إلى أن الحكم الصادر فى هذه القضية هو حكم بفسخ عقد إيجار وليس حكماً بالإخلاء والتسليم، وهو أمر يستوجب أخذه بعين الاعتبار عند تقدير الجزاء المناسب لما ارتكبه الطاعن من مخالفة وهو ما أغفله القرار الطعين مما يتعين إلغاؤه ومجازاة الطاعن المذكور بإيقافه عن العمل ستة أشهر مع صرف نصف الأجر ولا ينال من هذا القضاء ما ينعاه الطاعن من بطلان التحقيق الذى أجرى معه لعدم مباشرته من قبل النيابة الإدارية، ذلك أنه قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 قد أفرد نظاماً خاصاً بتأديب العاملين بالمحاكم، ولم يخول النيابة المذكورة ثمة اختصاص بتحقيق المخالفات التى تقع من الكتاب والمحضرين انطلاقا من عدم جواز تسليط قضاء على قضاء الأمر الذى يغدو معه نعى الطاعن لا سند له من القانون يتعين الإلتفات عنه.
ومن حيث إنه عما نسب إلى حسن على على شلبى الطاعن فى الطعن الثانى من قبوله أوراق تنفيذ الحكم الصادر فى القضية رقم 399 لسنة 2004 تحكيم، وتقدير الرسم على المحضر رقم 182 باشمحضر بولاق حال وجود خطأ فى تقدير الرسم. فإنه من المقرر قانوناً أنه من المبادئ العامة لشرعية الجزاء فى المجال التأديبى أو المجال الجنائى أن المتهم برئى حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له سبل الدفاع عن نفسه أصالة أو وكالة، ومقتضى ذلك ولازمه أنه يحظر مجازاة أى عامل قبل سماع أقواله وتحقيق دفاعه بعد مواجهته بما هو منسوب إليه ومتهم به من أفعال الأمر الذى يستوجب إجراء تحقيق قانونى سليم سواء من حيث الإجراءات أو المحل أو الغاية لكى يمكن أن يصدر بركيزة منه قرار الاتهام شاملاً الأركان السابقة ويتفرع عن حق الدفاع مبادئ عامة فى أصول التحقيقات والمحاكمات التأديبية يتعين مراعاتها وإجراء مقتضاها ومن بينها حتمية مواجهة العامل بالمخالفات المنسوبة إليه، ومن ثم يلزم حتى تحقق تلك المواجهة غايتها كضمانة أساسية للعامل أنه تتم على وجه يستشعر معه العمل أن الإدارة بسبيل مؤاخذته إذا كان لديها توجهاً لاتهامه حتى يكون على بينة من خطورة موقفه فينشط للدفاع عن نفسه، وأن تلك القاعدة التى تستند إليها شرعية الجزاء هى الواجبة الإتباع سواء تم توقيع الجزاء إدارياً من السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة الرئيس الإدارى و تم توقيعه بواسطة مجلس التأديب المختص أو توقيعه قضائياً بحكم من المحكمة التأديبية، وذلك بحسبان أن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة وتبيان وجه الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام.
ومن ثم فإنه بغير أن يكون تحت يد الجهة التى تملك توقيع الجزاء التأديبى تحقيق مستكمل الأركان لا يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى الاتهام المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو الإدانة، ولذلك فإن أى قرار أو حكم يصدر دون تحقيق أو استجواب سابق أو أن يصدر مستنداً على تحقيق مبتسراً وغير مستكمل الأركان يكون قرار أو حكم غير مشروع. والتحقيق لا يكون مستجمع أركانه صحيح قانوناً من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتحقيق محدداً عناصرها بوضوح من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت، فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجوداً وعدماً أو أدلة وقوعها إثباتاً ونفياً أو نسبتها إلى المتهم حقاً وصدقاً كان تحقيقاً معيباً وبالتالى يكون القرار الصادر ارتكازاً إليه معيباً كذلك.
ومن حيث إن الثابت من التحقيق الذى أجرى مع حسن على على شلبى الطاعن فى الطعن الثانى لم يتم فيه مواجهته بما نسب إليه من خروجه على واجبات وظيفته بأن لم يؤد العمل المنوط به بدقة وخالف القواعد المالية مما أدى إلى ضياع حق من الحقوق المالية للدولة بأن قبل أوراق تنفيذ الحكم رقم 399 لسنة 2004 تحكيم وتقدير الرسوم على المحضر رقم 182 باشمحضر بولاق بالرغم من وجود خطأ فى تقدير الرسم حتى يتبين أن مركزه القانونى قد تحول من شاهد إلى متهم فينشط للدفاع عن نفسه مما يشوب التحقيق بقصور شديد لانطوائه على إخلال بحق الدفاع وهى ضمانة قانونية هامة مما يبطله ويستطيل هذا البطلان ليلحق بقرار الجزاء المبنى عليه ومن ثم يكون قرار الجزاء قد انهار فى أصله وأساسه الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه.
حكمت المحكمة :- بقبول الطعنين شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجدداً بمجازاة ناجح ألفى وهيب مشرقى بالوقف عن العمل مدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر، وببراءة حسن على على شلبى مما نسب إليه.