جلسة 14 من إبريل سنة2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان
نائب رئيس مجلس الدولةورئيـــــــــس المحكمـــــة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد محمد حامد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ / عصام محمود أبو العلا مفـــــــوض الدولـــــــــة
الطعن رقم 9625 لسنة48ق .عليا
– تأديب – الحكم فى الدعوى التأديبية – حجية الحكم الجنائى أمام القاضى التأديبي
المسئولية التأديبية شأنها فى ذلك شأن المسئولية الجنائية تقوم على أساس وجوب الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم من المتهم ، وان يقوم هذا الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها على ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه وبالتالى لا يسوغ قانوناً أن تقوم الإدانة تأسيساً على أدلة مشكوك فى صحتها أو فى دلالتها ….. ، ومن ثم وترتيباً على ذلك ولما كانت الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده تكون جريمة من الجرائم الجنائية وقد قضت المحكمة الجنائية فيها بحكم نهائى حائز لقوة الأمر المقضى به ببراءته منها لعدم قيام الدليل القاطع اليقينى على ارتكابه لها ، ومن ثم فإنه من غير الجائز للسلطات التأديبية إدارية كانت أو قضائية أن تعيد البحث فى ثبوتها أو عدم ثبوتها قابله وأن تتقيد بما ورد بشأن هذه الواقعة بالحكم الجنائى النهائي.
فى يوم الاثنين الموافق 10/6 /2002 أودع الأستاذ/ عبد الظاهر عبد السميع حسانين المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة – تقرير الطعن الماثل – فى الحكم المشار إليه بعاليه والذى قضى فى منطوقه بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم قبول الطعن المقام من المطعون ضده شكلاً، وفى الموضوع برفض الطعن التأديبي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 27/11/2006 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بهذه المحكمة لنظره بجلسة 23/12/2006 والتى نظرته بتلك الجلسة 3/3/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وصرحت بإيداع مذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع، وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث أن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه فى أنه بتاريخ 12/1/2002 أقام المطعون ضده الطعن رقم 216 لسنة 30ق وذلك بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا ضد الطاعن بصفته طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 898 لسنة 2001 الصادر بتاريخ 11/7/2001 من رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وحرمانه من نصف راتبه الموقوف صرفه خلال مدة إيقافه عن العمل بقوة القانون بالقرار رقم 1588 لسنة 1999 – مدة حبسه احتياطياً على ذمة القضية رقم 1915 لسنة99 – جنايات بنها – مع ما يترتب على ذلك من آثار – وبجلسة 13/4/2002 أصدرت المحكمة التأديبية المذكورة
الحكم المطعون فيه والذى قضى فى منطوقه بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار … للأسباب المبينة به.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون، فضلاً عن صدوره مشوباً بالفساد فى الاستدلال للأسباب المبينة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن التأديبى شكلاً، فإن المادة (24) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يوماً من تاريخ تقديمه، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر مضى ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة.
ومن حيث إنه وإن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه” لا وجوب قانوناً على من وقع عليه جزاء تأديبى فى أن يلجأ قبل إقامة طعنه على هذا الجزاء إلى لجنة التوفيق المختصة طبقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق فى بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها – طلباً لتوصيتها فى أمر طعنه التأديبي، لا جناح عليه من اللجوء مباشرة إلى المحكمة التأديبية المختصة ليعرض عليها هذا الطعن قطعاً لدابر النزاع واستقراراً لمركزه الوظيفي، إلا أن قضاؤها قد جرى كذلك على أن اللجوء إلى هذه اللجنة خلال الميعاد المقرر قانوناً للطعن من شأنه قطع هذا الميعاد والذى يبدأ حسابه بعد انتهاء الميعاد المقرر لجنة التوفيق للبت فى التظلم المقدم إليها، ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 11/7 /2001 وتظلم منه المطعون ضده إلى مفوض الدولة لهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بتاريخ 6 /8/2001 إلا أنه لم يتلق رداً على هذا التظلم خلال الستين يوماً التالية لتقديمه، فبادر إلى التظلم للجنة التوفيق المختصة بتاريخ 29/10/2001 أى خلال الميعاد المقرر قانوناً للطعن التأديبي، ثم أقام الطعن المذكور بتاريخ 12/1/2002 خلال الستين يوماً التالية للستين يوماً المقررة للجنة التوفيق للبت فى تظلمه إليها، وبالتالى يكون الطعن التأديبى قد أقيم بمراعاة الإجراءات وخلال الميعاد المقرر قانوناً، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عما تمسكت به الهيئة الطاعنة فى هذا الخصوص.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإن البين من الأوراق والتحقيقات أنه إبان عمل المطعون ضده مفتش تأمينات بمكتب تأمينات قليوب التابع للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية نسب إليه الإخلال بواجباته الوظيفية والخروج على مقتضيات وسلوكه سلوكاً معيباً لا يتفق وكرامة واحترام الوظيفة العامة، ومخالفته للقواعد والأحكام المالية بما من شأنه المساس بمصلحة مالية للصندوق – لحصوله على مبلغ ثلاثة ألاف جنيه من المدعو/ محمود نصر سيف النصر محمود – مدير عام الشئون الفنية بشركة سيلوباك لصناعة التغليف – مقابل تخفيض قيمة المخالفات التأمينية وغرامات التأخير المستحقة على الشركة، حيث صدر القرار المطعون فيه بمجازاته عن ذلك بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وحرمانه من نصف راتبه الموقوف صرفه خلال فترة إيقافه عن العمل.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القضاء الجنائى هو المختص بإثبات أو نفى المسئولية الجنائية عن الأفعال التى تكون جرائم جنائية، ومتى قضى فى هذه الأفعال بحكم نهائى حائز لقوة الأمر المقضى به فلا يجوز للمحكمة التأديبية وهى بصدد التعرض للجانب التأديبى من هذه الأفعال أن تعاود البحث فى ثبوتها أو عدم ثبوتها، وتتقيد المحكمة التأديبية بما ورد بشأن هذه الأفعال فى الحكم النهائي..”.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده سالفة الذكر قد سبق أحالته عنها إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات جنوب بنها – أمن دولة عليا – فى القضية رقم 1804 لسنة 1999 جنايات قسم قليوب – والمقيدة برقم 1915 لسنة 1999 كلى جنوب بنها والتى قضت فيها بجلسة 5/2/2000 ببراءته مما نسب إليه، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن أدلة الإثبات التى ساقتها النيابة العامة فى سبيل الوصول إلى إدانة المتهم قاصرة عن بلوغ القطع بإدانته فضلاً عن أنها محاطة بظلال كثيفة من الشك للأسباب المبينة به، ولما كان المستقر عليه أن المسئولية التأديبية شأنها فى ذلك شأن المسئولية الجنائية تقوم على أساس وجوب الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها على ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه، وبالتالى فلا يسوغ قانوناً أن تقوم الإدانة تأسيساً على أدلة مشكوك فى صحتها أو فى دلالتها..، ومن ثم وترتيباً على ذلك ولما كانت الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضده تكون جريمة من الجرائم الجنائية وقد قضت المحكمة الجنائية فيها بحكم نهائى حائز لقوة الأمر المقضى به ببراءته منها لعدم قيام الدليل القاطع اليقينى على ارتكابه لها، ومن ثم فإنه من غير الجائز للسلطات التأديبية إدارية كانت أو قضائية أن تعيد البحث فى ثبوتها أو عدم ثبوتها قبله وأن تتقيد بما ورد بشأن هذه الواقعة بالحكم الجنائى النهائي، الأمر الذى يجعل ما ذهبت إليه الجهة الإدارية من إدانة المطعون ضده تأديبياً عنها ومجازاته بالقرار المطعون فيه قد جاء غير قائم على سببه الصحيح واقعاً وقانوناً بما يجعله مخالفاً لصحيح القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه بكامل أشطاره، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة، الأمر الذى تخلص معه المحكمة إلى تأييده محمولاً على أسبابه والأسباب المبينة بهذا الحكم، والقضاء برفض الطعن الماثل لافتقاده لسنده القانونى السليم.
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.