جلسة 28 من إبريل سنة2007م
برئاسة السيد الأستاذ المُستشار / الســـيد محــــمد الســـيد الطحـان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئـــيــــس الــمـــــحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المُستشار / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المُستشار / أحـــــمــــد محــــمد حـــــامـــــــــد نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المُستشار / عادل سيــــد عبــــد الرحيم بـــريك نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المُستشار / ســــــراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المُستشار / محـــمد عبــــد المنـــــعم شــــلقامى مــــــــفــــــــوض الـدولة
الطعن رقم 11511 لسنة51ق .عليا
– تأديب – الحكم فى الدعوى التأديبية – توقيع مسودة الحكم من جميع أعضاء الهيئة التى أصدرته.
أوجب المشرع أن يصدر الحكم بركيزة من أسباب مسطورة وفى مسودة ممهورة من جميع أعضاء الهيئة التى أصدرته الذين سمعوا المرافعة وتداولوا أسبابه وشاركوا فى إصداره ، حيث يفصح توقيعهم على مسودته عن أنهم قد تداولوا الرأى فيه وتدبرو أسباب الحكم المؤدية إلى منطوقة قبل النطق به ، ومن ثم فإن عدم توقيع المسودة من قبل عضو أو أكثر من أعضاء الهيئة التى أصدرته يقوم دليلاً على أن المداولة فيه لم تسفر عن اعتماد هذه الأسباب للحكم الذى أصدرته الأمر الذى يبطله وهو بطلان لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانة جوهرية لذوى الشأن من المتقاضين ويتعلق بالنظام العام يجوز إبداؤه فى أى مرحلة من مراحل التداعى وتتحراه المحكمة بحكم ولايتها فى إرساء العدالة وإعلاء سيادة القانون وتحكم به من تلقاء نفسها دون حاجة إلى ثمة دفع به.
فى يوم السبت الموافق 23/4/2005 أودع الأستاذ / عبد الله محمد عبد العظيم المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 11511ق. عليا فى القرار المشار إليه الصادر بوقفه عن العمل لمدة ستة أشهر .
والتمس الطاعن – لما ورد بتقرير طعنه من أسباب – الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الطعين، وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتهما على النحو المبين بالأوراق. كما أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن طلبت فيه الحكم ببطلان قرار لجنة التأديب المطعون فيه.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/12/2006 حيث تدوول أمامها إلى أن قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 12/2/2007 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الخامسة- موضوع ) لنظره بجلسة 10/3/2007 حيث نظر بهذه الجلسة ، وبها قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
ومن حيث إن الطعن الماثل قد أودع خلال الأجل المقرر قانوناً، وإذ استوفى سائر أوضاعه الأخرى، فمن ثم يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص- حسبما يبين من الأوراق – فى أن رئيس جهاز خبراء الجدول محكمة جنوب القاهرة رفعت مذكرة لرئيس المحكمة فى شأن الطاعن ضمنتها أنه بمراجعة القضايا المعهود بها إليه تبين استبداله فى عدد منها وهى أرقام 686 / 94 وبناء عليه أشر رئيس المحكمة فى 3/6/2003 بالعرض على لجنة تأديب الخبراء ، كما طويت الأوراق المحالة إلى اللجنة على مذكرة من الجهاز المذكور مؤرخة 9/12/2003 مفادها إعادة قيد الطاعن بالقرار الوزارى رقم 454 لسنة 2002 وتأشر من رئيس المحكمة فى 1/1/2004 بالعرض على اللجنة التى قررت فى ذات التاريخ وقف الطاعن عن العمل لحين انتهاء النيابة العامة من التحقيق فى الجناية 2265/2000 حصر أمن دولة عليا . كما طويت الأوراق على مذكرة مؤرخة 30/5/2000 ومقدمة من محمد يوسف أحمد ضد الطاعن يتضرر فيه من تعامل الأخير ببطء فى شأن الدعوى رقم 934 / 97 مما ترتب عليه ضياع حقوق الدائنين. وقد تدوولت الدعوى أمام لجنة الخبراء التى قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 3/3/2005 وقف الطاعن عن العمل لمدة ستة أشهر وأقامت قرارها على أن الثابت من مدونات الحكم الصادر فى الدعوى 934 لسنة 1997 إفلاس كلى جنوب القاهرة أن الطاعن لا يؤدى العمل الذى عهد به إليه على الوجه المقرر قانوناً الأمر الذى يكون معه قد أخل بواجباته المنوطة به مما يقيم مسئوليته التأديبية ويتعين مجازاته. وخلصت اللجنة إلى قرارها الطعين .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن القرار الطعين قد ران عليه البطلان والغلو فى الجزاء .
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى شقه العاجل .
ومن حيث إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح أمامها الباب لتزن الحكم أو القرار الطعين بميزان القانون وزناً مناطه استظهار وجه الحق وفقاً لصحيح حكم القانون دون التفات منها إلى كنه طلبات الطاعن أو الأسباب التى انتصب عليها طعنه.
ومن حيث إن المادة (3) من قانون تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء رقم 96 لسنة 1952 تنص على أن ” يكون بكل محكمة من محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية لجنة تسمى ” لجنة خبراء الجدول ” … وتشكل فى المحاكم الابتدائية من رئيس المحكمة أو من ينوب عنه ورئيس النيابة أو من ينوب عنه وقاض تنتخبه الجمعية العمومية لكل محكمة لمدة سنة . وتعقد هذه اللجنة فى شهر يونيو من كل سنة أو كلما دعت الحال للنظر فى استبعاد اسم أى خبير أصبح فى حالة لا تمكنه من أداء أعماله أو فقد شرطاً منه شروط قيده فى الجدول أو حكم عليه بعقوبة جناية أو صدرت عليه أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف . ” وتنص المادة (4) على أن ” للخبير الذى قررت اللجنة استبعاد اسمه أن يتظلم من هذا القرار خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه به كما تنص المادة (5) من القانون على أن ” يرفع التظلم إلى اللجنة المشار إليها فى المادة الثالثة منضماً إليها… قاضيان تنتخبهما الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية..” وتنص المادة (8) على أن ” يتولى تأديب خبراء الجدول اللجنة المشكلة بالمحكمة الابتدائية ….. والمشار إليها فى المادة الخامسة ” وتنص المادة (9) على أنه ” يجوز إحالة الخبير إلى المحاكمة التأديبية إذا ارتكب ما يمس الذمة والأمانة وحسن السمعة أو أخل بواجب من واجباته أو أخطأ خطأ جسيماً فى عمله أو امتنع لغير عذر مقبول عن القيام بعمل كلف إياه. وتكون الإحالة بقرار من رئيس المحكمة ” .
ومفاد ما تقدم أن المشرع تنظيماً منه لأعمال الخبرة أمام جهات القضاء المختلفة أنشأ بكل محكمة لجنة تسمى لجنة خبراء الجدول تتولى النظر فى استبعاد أى خبير أضحى فى حالة لا تمكنه من أداء أعمال الخبرة المعهود بها إليه، أو فقد شرطاً من شروط القيد فى الجدول، أو حكم عليه بعقوبة جناية ، أو صدرت ضده أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بشرفه واعتباره بما تفتقد معه الثقة فى الأعمال التى يؤديها . وأجاز المشرع للخبير الذى استبعد اسمه من الجدول المشار إليه أن يتظلم من قرار استبعاده خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه به للجنة المذكورة منضماً إلى تشكيلها فى المحكمة الابتدائية قاضيان تنتخبهما الجمعية العمومية للمحكمة.
وناط المشرع بهذه اللجنة فضلاً عن البت فى تظلم الخبير من استبعاد اسمه من الجدول تأديبية إذا ما ارتكب ما يمس الذمة والأمانة وحسن سمعة ، أو أخل بواجب من واجباته المنوطة به ، أو أخطأ خطأ جسيماً فى العمل المكلف به، أو امتنع عن القيام به لغير عذر مقبول، وتكون إحالته إلى المحاكمة التأديبية بقرار من رئيس المركز.
ومن حيث إن القرارات التى تصدر من لجنة خبراء الجدول بتشكيلها المشار إليها فى المادة (5) من القانون رقم 96 لسنة 1952 آنف الذكر هى قرارات نافذة بذاتها دون ثمة اعتماد أو تصديق من جهة إدارية أعلى . ومن ثم استقر قضاء هذه المحكمة على أنها أقرب فى طبيعتها وأدنى إلى الأحكام ويجرى فى شأنها ما يجرى على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فيطعن عليها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا عملاً بنص المادتين 22 و 23 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، ولذلك وجب أن تحاط بما تحاط به الأحكام من ضمانات، وأن يتوافر فى شأنها ما يتوافر فى الأحكام من ضوابط.
ومن حيث إن المادة (43) من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أن : ” …….. تصدر الأحكام مسببة ويوقعها الرئيس والأعضاء … “. وتنص المادة (175) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه ” يجب فى جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً ….
ومن حيث إن مفاد ذلك أن المشرع أوجب أن يصدر الحكم بركيزة من أسباب مسطورة وفى مسودة ممهورة من جميع أعضاء الهيئة التى أصدرته الذين سمعوا المرافعة وتداولوا أسبابه وشاركوا فى إصداره، حيث يفصح توقيعهم على مسودته عن أنهم قد تداولوا الرأى فيه وتدبروا أسباب الحكم المؤدية إلى منطوقه قبل النطق به، ومن ثم فإن عدم توقيع المسودة من قبل عضو أو أكثر من أعضاء الهيئة التى أصدرته يقوم دليلاً على أن المداولة فيه لم تسفر عن اعتماد هذه الأسباب للحكم الذى أصدرته الأمر الذى يبطله. وهو بطلان لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار لضمانة جوهرية لذوى الشأن من المتقاضين ويتعلق بالنظام العام يجوز إبداؤه فى أى مرحلة من مراحل التداعى وتتحراه المحكمة بحكم ولايتها فى إرساء العدالة وإعلاء سيادة القانون وتحكم به من تلقاء نفسها دون حاجة إلى ثمة دفع به.
ومن حيث إنه يبين من مسودة القرار الطعين أن أسبابه أودعت أودعت صفحتى ورقة واحدة ذيلت كل منها بتوقيع أربعة أعضاء دون العضو الخامس فى حين أنه يجب أن توقع مسودة القرار الطعين من رئيس وأعضاء لجنة خبراء الجدول بتشكيلها الوارد فى المادة الخامسة فى القانون رقم 96 لسنة 1952 آنف الذكر الأمر الذى يجعل القرار الطعين باطلاً مما يتعين الحكم بإلغائه والأمر بإعادة الدعوى محل الطعن إلى اللجنة المذكورة للفصل فيها مجدداً من هيئة مغايرة وفقاً لصحيح حكم القانون .
حكمت المحكمة : بقبول الطعن الماثل شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه لبطلانه، وأمرت بإعادة الدعوى التأديبية محل الطعن إلى لجنة خبراء الجدول بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة مغايرة .