جلسة 8 من مايو سنة2007م
برئاسة السيد المستشار / كمال زكى عبد الرحمن اللمعي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / يحى عبد الرحمن يوسف نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / منير صدقى يوسف خليل نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عمر ضاحى عمر ضاحى نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد مصطفى عنان مفوض الدولـــــــــــــــــة
الطعن رقم 8605 لسنة51ق .عليا
– أركانه – الشكل – البطلان لا يكون إلا بنص القانون.
القرار الإدارى لا يكون باطلاً لعيب إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال هذا الإجراء أو كان الأجراء جوهرياً فى ذاته يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التى عنى القانون بتأمينها أما إذا كان الإغفال متداركاً من سبيل أخر دون مساس بمضمون القرار الإدارى وسلامته موضوعياً وضمانات ذوى الشأن واعتبارات المصلحة العامة الكافية فيه فإن الإجراء الذى جرى إغفاله لا يعتبر جوهرياً سيتتبع بطلانا- تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق الخامس عشر من مارس سنة 2005 أودع وكيل الطاعن بصفته سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 17/1/2005 فى الدعوى رقم 3839 لسنة 21 ق . المقامة من المطعون ضده على الطاعن والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً: أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد . واحتياطياً: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى وأعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات .
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها بالأوراق .
وبجلسة 20/12/2006 قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وعينت لنظره أمامها بجلسة 6/3/2007 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة حيث أودعت الحاضرة عن الهيئة الطاعنة مذكرة دفاع طلبت فيها الحكم بالطلبات الواردة بعريضة الطعن ، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/5/2007 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال شهر وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – من أنه بتاريخ 31/8/1999 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3839 لسنة 21 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة طلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى رقم 3173 المؤرخ 18/10/1993 بالتصديق على قرار لجنة بحث مخالفات المنتفعين الصادر فى الدعوى رقم 1025/1992 بتاريخ 16/9/1992 بإلغاء انتفاع مورثة بمساحة “8س، 13ط، 3ف” بمنطقة زراعة الروضة – فارسكور- محافظة دمياط واعتباره مستأجرا لها مع ما يترتب على ذلك من آثار ، ونعى على هذا مخالفته للقانون وذلك لعدم إخطاره بقرار لجنة بحث مخالفات المنتفعين قبل التصديق عليه بالقرار المطعون فيه لإبداء دفعوه نحو ذلك القرار ، وأنه قد مضى على تمليك مورثه لهذه الأرض أكثر من خمس سنوات وخلص إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان .
وبجلسة 17/1/2005 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وأقامت المحكمة قضاءها – بعد أن استعرضت نص المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى على أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعو محمود مصطفى أبو الرجال ينتفع بمساحة “8س، 13ط، 3ف” من أراضى الإصلاح الزراعى بناحية زراعة الروضه بفارسكور بمحافظة دمياط وقد أحالته جهة الإدارة إلى لجنة بحث مخالفات المنتفعين فى الدعوى رقم 1025/1992 بحجة البناء على الأرض انتفاع مورثه بدون ترخيص وصدر قرار اللجنة بتاريخ 16/9/1992 بإلغاء انتفاعه واعتباره مستأجراً لها وعرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى الذى وافق عليه بقراره المطعون فيه رقم 3173 بتاريخ 18/10/1993 وقد خلت الأوراق مما يفيد إبلاغ المدعى بقرار لجنة بحث مخالفات المنتفعين قبل عرضه على مجلس الإدارة للتصديق عليه بخمسة عشر يوماً على الأقل وذلك حتى يمكنه إبداء ما يعن له من دفاع أو دفوع يراها تعيب قرار إلغاء انتفاعه ومن ثم فإن عدم الإبلاغ فى هذا الصدد يعد إخلالاً بحق الدفاع المخول للمدعى (الصادر ضده القرار) على نحو يبطل معه قرار التصديق عليه من مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها رقم 3173/1993 فيما تضمنه من إلغاء انتفاع المدعى بالمساحة سالفة الذكر واعتباره مستأجرا لها لعدم سابه بإجراء جوهرى حتم القانون إتمامه ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون خالف القانون وشابه القصور والفساد فى الاستدلال والتسبيب تأسيساً على أن المطعون ضده علم بالقرار المطعون فيه ورفض التوقيع بذلك فى حينه كما أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن المشرع لم يرتب البطلان على عدم إبلاغ المنتفع بقرار لجنة بحث مخالفات المنتفعين بإلغاء انتفاعه قبل عرضه على مجلس إدارة الهيئة وأنه وإذ أسست المحكمة حكمها المطعون فيه على عدم قيام الجهة الإدارية بإبلاغ المطعون ضده بهذا القرار بأن هذا الحكم يكون قد خالف صحيح أحكام القانون حرياً بالإلغاء فضلاً عن ذلك فلم يتم إعلان الهيئة الطاعنة بعريضة الدعوى بقيام الخصومة أمام محكمة أول درجة لإبداء دفاعه مما يعد إخلالاً بحق الدفاع يبطل الحكم المطعون فيه .
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن والمتضمن عدم قبول الدعوى شكلاً – فإنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن العلم اليقينى الذى يبدأ منه ميعاد رفع دعوى إلغاء القرار الإدارى يقوم على ركنين : الأول أن يكون يقينياً لا ظنيا ولا افتراضياً والثاني:- أن يكون شاملاً لجميع عناصر القرار بما يمكن صاحب الشأن من تحديد مركزه القانونى بالنسبة لهذا القرار . وقد خلت الأوراق من دليل يفيد علم المطعون ضده علماً يقينياً وشاملاً لجميع عناصر القرار على نحو يستطيع معه أن يحدد طريقه للطعن عليه وذلك فى تاريخ سابق على 31/8/1999 – تاريخ إقامة الدعوى وأن ما ذهبت إليه الجهة الإدارية الطاعنة كشواهد لهذا العلم جاءت مجرد أقوال مرسلة ومن ثم تكون دعواه مقامة خلال الميعاد المقرر قانوناً مما يكون معه هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس من القانون .
ومن حيث إن المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 178/1952 بشأن الإصلاح الزراعى معدلة بالقانون رقم 554/1955 تنص على أن تسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين خالية من الديون ومن حقوق المستأجرين وتسجل باسم صاحبها دون رسوم .
ويجب على صاحب الأرض أن يقوم بزراعتها بنفسه . وإذا تخلف من تسلم الأرض عن الوفاء بأحد التزاماته المنصوص عليها فى الفقرة السابقة أو أخل بأى التزاماً جوهرى آخر يقضى به العقد أو القانون حقق الموضوع بواسطة لجنة تشكل من …………… ولها بعد سماع أقوال صاحب الشأن أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه واستردادها منه واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسليمها إليه.
وذلك كله إذا لم تكن قد مضت خمس سنوات على إبرام العقد النهائى ……… ويبلغ القرار إليه بالطريق الإدارى قبل عرضه على اللجنة العليا بخمسة عشر يوماً على الأقل ولا يصبح القرار نهائياً إلا بعد تصديق اللجنة العليا عليه ، ولها تعديله أو إلغاؤه ولها كذلك الإعفاء من أداء الفرق بين ما حصل من أقساط والأجرة المستحقة …………… .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه نسب إلى المطعون ضده وبقية ورثة المرحوم / محمود مصطفى أبو الرجال الخروج على الواجبات والالتزامات المقررة على منتفعى الإصلاح الزراعى وذلك بقيامهم ببناء ثمانية منازل بدون ترخيص على جزء من مساحة الأطيان الزراعية الموزعة على مورثهم المذكور والبالغ مقدارها “8س، 13ط، 3ف” بناحية الروضة – فارسكور – محافظة دمياط وقد أحيل الموضوع إلى لجنة بحث مخالفات المنتفعين المشكلة طبقاً للمادة 14 من المرسوم بقانون رقم 178/1952 سالفة الذكر حيث قيد الطلب برقم 1025 لسنة 1992 حيث حضر شقيق المطعون ضده خالد محمود مصطفى بجلسة 16/9/1992 وأقر ببناء المنازل المشار إليها وأنه صدر لصالحه وباقى الورثة أحكام بالبراءة وعليه قررت اللجنة إلغاء انتفاع مورثهم واسترداد الأرض الموزعة واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسليمها إليه وعرض الموضوع على مجلس إدارة الهيئة الطاعنة الذى صدق بجلسة 18/10/1993 على قرار لجنة بحث مخالفات آنف الذكر وأصدر بذلك قراره رقم 2173/1993 ومن ثم يكون قرار إلغاء انتفاع مورث المطعون ضده بالأرض المشار إليها قد صدر مطابقاً للقانون لما ثبت من مخالفة ورثته للالتزامات التى يفرضها عليهم القانون رقم 178/1952 والتى تقضى بوجوب زراعة الأرض المسلمة لمورثهم وبذل العناية الواجبة بها .
ومن حيث إنه لا حجة لما ذهب إليه المدعى (المطعون ضده) وسايره فى ذلك الحكم المطعون فيه من النعى على قرار إلغاء الانتفاع المطعون فيه بالبطلان لعدم إبلاغه بقرار لجنة بحث مخالفات المنتفعين قبل عرضه على مجلس إدارة الهيئة الطاعنة ذلك أنه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة فإن القرار لا يكون باطلاً لعيب شكلى إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال هذا الإجراء ، أو كان الإجراء جوهرياً فى ذاته يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التى عنى القانون بتأمينها . أما إذا كان الإغفال متداركا من سبيل آخر دون مساس بمضمون القرار الإدارى وسلامته موضوعياً وضمانات ذوى الشأن واعتبارات المصلحة العامة الكافية فيه ، فإن الإجراء الذى جرى إغفاله لا تعتبر جوهرياً يستتبع بطلاناً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن البين من نص المادة 14 من قانون الإصلاح الزراعى سالف الذكر أن المشرع لم يرتب البطلان على عدم إبلاغ المنتفع بقرار لجنة بحث مخالفات المنتفعين بإلغاء انتفاعه قبل عرضه على مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ، وأن المقصود من الإبلاغ بقرار اللجنة قبل عرضه على مجلس إدارة الهيئة هو إخطاره بهذا القرار وفتح السبيل أمامه للتظلم منه لمجلس الإدارة قبل اعتماده، وهو أمر متدارك بعد صدور قرار المجلس بالتصديق على قرار اللجنة لأنه فى متناول المنتفع التظلم من قرار المجلس ذاته . ومن ثم لا يعتبر هذا الإجراء جوهرياً وبالتالى لا يترتب البطلان على إغفاله .
ومن حيث إنه لا محاجة فيما يدفع به المطعون ضده من سبق صدور حكم جنائى ببراءة مورثه من تهمة البناء على الأرض الزراعية فى الجنحة رقم 544 لسنة 1985 جنح فارسكور ذلك أنه من المقرر أنه وإن كانت المحكمة المدنية تتقيد بما أثبتته المحكمة الجنائية فى حكمها من وقائع إلا أنها لا تتقيد بالتكييف القانونى لهذه الوقائع – وهو ما يسرى فى المجال الإدارى ، ولما كان الحكم الجنائى الصادر ببراءة مورث المطعون ضده من مخالفة المادتين 152 ، 156 من قانون الزراعة رقم 116 لسنة 1983 قد أنبنى على أن البناء محل الدعوى يقع داخل الحيز العمرانى إلا أن هذا الحكم لم ينف واقعة البناء على الأرض الزراعية محل الانتفاع ، ويكون هذا الحكم وإن حاز حجية الأمر المقضى فى تلك الجريمة المعينة ، إلا أنه لا يحوز هذه الحجية فى مجال إثبات عدم مخالفة المطعون ضده لالتزاماته طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعى بعدم البناء على الأرض الزراعية الذى يقتضى تأويلاً وتكييفاً مختلفاً طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ، وقد ذهب غير هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله مما يوجب الحكم بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعى (المطعون ضده) المصروفات عن درجتى التقاضى عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
حكمت المحكمة / بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى .