جلسة 11 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 7016 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ المنشآت الآيلة للسقوط ـ تقدير حال العقار ـ ضوابط عمل اللجنة المختصة.
المواد (55)، (57)، (58) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
المواد (29)، (31)، (32) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978.
أناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ولجان المنشآت الآيلة للسقوط تقدير حالة العقار ابتداء من حيث مدى أيلولته للسقوط ومن ثَمَّ هدمه أو ما إذا كان فى الترميم أو الصيانة أو التدعيم ما يحقق سلامته والحفاظ عليه فى حالة جيدة ـ مناط صحة ما تقرره الجهة الإدارية واللجان المشار إليها فى هذا الشأن هو الحالة الفعلية للمبنى حسبما تسفر عنه نتيجة المعاينة على الطبيعة ـ يجب صدور قرارات هذه اللجان بكامل عناصر تشكيلها إذ يعتبر ذلك إجراءً جوهرياً فى ذاته يشكل ضمانة تحقيقاً للمصلحة التى تغياها المشرع من هذا التشكيل لضمان صدور تلك القرارات على جانب من الدقة والموضوعية بما يحقق ما تهدف إليه الدولة فى سياسة الإسكان ـ يجب أن تتضمن تقارير تلك اللجان ما يفيد إجراء المعاينة على الطبيعة واستيفاء البيانات والنماذج المرفقة بها خاصة وصف الأجزاء المعيبة وما ارتأته اللجنة بشأنها ـ مؤدى ذلك: على المحكمة وهى تبسط رقابتها على مدى مشروعية قرار اللجنة المذكورة الوقوف على ما إذا كان القرار قد صدر بناء على تقرير قد استوفى الشكل والموضوع المقررين وقائمًا على سبب يبرره قانوناً ـ تطبيق .
فى يوم الثلاثاء الموافق 20/7/1999 أودع الأستاذ/ ……………………. النائب بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7016 لسنة 45ق.عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدائرة الثالثة فى الدعوى رقم 8292 لسنة 48 بجلسة 25/5/1999والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتهما ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عرض الطعن على الدائرة الخامسة عليا فحص طعون بجلسة 10/4/2001، وبجلسة 26/9/2001 قررت تلك الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص وتدوول الطعن بالجلسات أمامها على الوجه المبين بمحاضرها وبجلسة 3/6/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الأولى ـ موضوع ـ وحددت لنظره أمامها جلسة 27/8/2002 وقد نظرته المحكمة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 16/11/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 11/1/2003، مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر، وبتاريخ 28/11/2002 أودع الحاضر عن المطعون ضده مذكرة بالدفاع، التمس فى ختامها الحكم/ برفض الطعن وإلزام الطاعنين بصفتهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2473 لسنة 93 ق أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 11/2/1993 بطلب الحكم برفض قرارى الهدم رقمى 3585، 3678 المؤرخين فى 11/2/1993 الصادرين من حى جنوب القاهرة بهدم العقار رقم 12 شارع الوقاد والمملوك له وإلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب.
كما أقام الدعوى رقم 8814 لسنة 93ق. بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 17/8/1993 طلب فى ختامها الحكم بعدم تنفيذ قرار الهدم رقم 580 لسنة 92 الصادر من حى جنوب القاهرة فى 26/7/1993 والمسلم له فى 10/8/1993 والاكتفاء بهدم الدورين الثالث والرابع والإبقاء على الدورين الأرضى والثانى لعدم وجود خلل بهما وتنكيسهما تنكيساً جيداً تحت إشراف مهندس نقابى وإلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب على سند من القول أنه تقدم بطلب لرئيس الحى لتسليمه صورة رسمية من قرار الهدم رقم 3678 لسنة 93 إلا أنه فوجئ بإعطائه صورة رسمية من نموذج تقرير معاينة العقارات المتضررة من الزلزال تضمن هدم العقار جميعه حتى سطح الأرض يحمل القرار المطعون فيه رقم 580 لسنة 1992 ناعياً على هذا القرار أنه قد صدر على غير أساس صحيح وجاء مشوباً بالبطلان.
كذلك أقام الدعوى رقم 9636 لسنة 1993 بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة ذاتها بتاريخ 14/9/1993 طالباً الحكم بعدم تنفيذ قرار الهدم 195 لسنة 1992 المتضمن هدم العقار رقم 12شارع الوقاد ـ قسم السيدة زينب حتى سطح الأرض والاكتفاء بهدم الدورين الثالث والرابع فقط والإبقاء على الدورين الأرضى والثانى بعد أن يتم تنكيسهما.
وتدوول نظر الدعاوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضر جلسات كل منها أمام المحكمة المذكورة والتى قضت بجلستها المنعقدة فى 17/3/1993 فى الدعوى الأولى وقبل الفصل فى الشكل والموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليعهد لأحد خبرائه بأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم وقد باشر الخبير المنتدب فى الدعوى المأمورية المنوطة به وأودع تقريره فى الدعاوى الثلاثة متضمناً النتيجة النهائية التى خلص إليها .
وبجلسة 22/12/1993 قررت تلك المحكمة ضم الدعويين 9636 لسنة 93 و 8814 لسنة 93 ق. إلى الدعوى رقم 2473 لسنة 93ق.
وبجلسة 31/5/1994 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية: أولاً: فى الدعوى رقم 8814 لسنة 93 ق بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة لنظرها بجلسة 5/10/1994 وأبقت الفصل فى المصاريف..
ثانياً: فى الدعويين رقمى 2473 و 9636 لسنة 93 ق برفضهما بحالتهما وألزمت الطاعن فيهما المصروفات.
ونفاذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى رقم 8814 لسنة 93 طعون كلى جنوب القاهرة إلى محكمة القضاء الإدارى وقيدت بجدولها برقم 8292 لسنة 48ق.
وبجلسة 25/5/1999 قضت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدائرة الثالثة بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشـــيدت المحكمة قضاءها على أســــــاس أن محافظ القاهرة قد أصــــدر القرار رقم 677 لســــنة 1992 بتشكيل لجان هندسية تتولى معانية العقارات التى تضررت من الزلزال الذي ضرب البلاد فى الثانى عشر من أكتوبر لسنة 1992م وقد تلقت الأحياء بلاغات بشأن هذه العقارات وكان الثابت من مطالعة الصورة طبق الأصل من القرار رقم 580 لسنة 1992 المطعون فيه أن لجنة معاينة المنشآت المتضررة من الزلزال بحى جنوب القاهرة قد عاينت العقار رقم 12 شارع الوقاد ـ قسم السيدة زينب ـ وتبين لها انهيار وسقوط الجزء الخلفى إلا أنها حيث أصدرت القرار المطعون فيه ـ بناء على هذه المعاينة ـ قد أصدرته بإخلاء العقار وفى ذات الوقت بترميمه وهو ما يحمل تناقضاً فى أسباب القرار وتبايناً فى النتيجة التى انتهى إليها مما يصم هذا القرار بالبطلان.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه تأسيساً على أن الثابت بالأوراق أن العقار رقم 12 شارع الوقاد تم معاينته بمعرفة اللجنة الهندسية المختصة المشكلة بموجب قرار محافظ القاهرة رقم 677 لسنة 1992 بتشكيل لجان هندسية لمعاينة العقارات المتضررة من الزلزال وأصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 580 لسنة 1992 بإخلاء المبنى من شاغليه لخطورة حالة العقار على قاطنيه على آثر انهيار وسقوط الجزء الخلفى من العقار موضوع القرار المطعون فيه وكذا بهدم العقار حتى سطح الأرض وإنه لا يوجد تناقض بين الإخلاء والهدم إذ أن هذين الإجراءين مقرران بنص القانون رقم 49 لسنة 1977بشأن إيجار الأماكن .
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أنه على أثر الزلزال الذى ضرب البلاد بتاريخ 12/10/1992 أصدر محافظ القاهرة القرار رقم 677 لسنة 1992 ناصاً فى مادته الأولى على أنه: (تشكل لجان هندسية على النحو الموضح بالكشف المرفق بهذا القرار تتولى معاينة العقارات التي تأثرت بالزلزال المشار إليه ـ والتى تلقت الأحياء بلاغات بشأنها ، وإصدار قرارات فى شأنها وفقاً لما هو منصوص عليه فى القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه وأنه نفاذاً لهذا القرار قامت اللجنة الهندسية المختصة بمنطقة السيدة زينب بمعاينة العقار موضوع النزاع الماثل على نحو ما جاء بنموذج معاينة للعقارات المتضررة من الزلزال رقم 580 لسنة 1992 والمرفق بحافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية والمرفق صورته أيضاً بحافظة مستندات المطعون ضده المودعة أمام محكمة القضاء الإدارى بجلسة 23/3/1999.
ومن حيث إن القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد أفرد الفصل الثانى من الباب الثانى منه لأحكام المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة فنصت المادة 55 على سريان أحكام هذا الفصل على المبانى والمنشآت التى يخشى من سقوطها أو سقوط جزء منها مما يعرض الأرواح والأموال للخطر، كما تسرى على المنشآت المشار إليها إذا كانت تحتاج إلى ترميم أو صيانة لتأمين سلامتها أو للحفاظ عليها فى حالة جيدة.
ونصت المادة على أن تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم معاينة وفحص المبانى والمنشآت وتقرر ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال سواء بالهدم الكلى أو الجزئى أو الترميم أو التدعيم أو الصيانة لجعلها صالحة للغرض المخصصة من أجله، ويتضمن التقرير تجديد المدة اللازمة لتنفيذ الأعمال المطلوبة وما إذا كانت تستوجب إخلاء المبنى مؤقتاً كلياً أو جزئياً .
ونصت المادة (57) على أن تشكل فى كل وحدة من وحدات الإدارة المحلية لجنة أو أكثر يصدر بها قرار من المحافظ المختص تضم اثنين من المهندسين المعماريين أو المدنيين المقيدين بنقابة المهندسين، تتولى دراسة التقارير المقدمة من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فى شأن المبانى المشار إليها فى المادة (55) وإجراء المعاينات على الطبيعة وإصدار قرارات فى شأنها على وجه السرعة ـ ويبين القرار الذى يصدره وزير الإسكان والتعمير كيفية تشكيل تلك اللجان والقواعد والإجراءات التى تتبع فى مزاولة أعمالها وبعد أن بينت المادة 58 كيفية إعلان قرارات اللجنة إلى ذوى الشأن أن يطعن فى القرار المشار إليه بالمادة السابقة فى موعد لا يجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالقرار أمام المحكمة المنصوص عليها فى المادة (18) من هذا القانون ـ وهى المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1977 سالفة الذكر الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978 قد أفردت الفصل السابع منها لبيان أحكام المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة فى المواد من 29 حتى المادة 33 وقد تضمنت المادة 29 بيان الأعمال المختلفة التى تعتبر من أعمال الترميم والصيانة ومنها تدعيم وترميم الأساسات المعيبة وترميم الشروخ بمبانى الحوائط وتنكيس الأجزاء المتآكلة أو المتفككة منها وتقديم وتقوية الأعمدة الحاملة لأجزاء المبنى وتدعيم وتقوية الأسقف المعيبة … وإصلاح وترميم التلف فى أرضيات دورات المياه والحمامات والمطابخ الذى يؤدى إلى تسرب المياه للحوائط أولأجزاء المبنى وبصفة خاصة الأساسات، وقد بينت المادة 30 كيفية تشكيل اللجان المنصوص عليها فى المادة 57 من القانون المشار إليه بأن يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ المختص من ذوى الخبرة من المهندسين المدنيين أو المعماريين المقيدين بنقابة المهندسين..
وأوجبت المادة 31 على الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم عرض تقريرها على اللجنة المشار إليها سلفاً نتيجة المعاينة التى أجرتها على المنشآت آنفة الذكر وعلى النموذج المرفق بهذه اللائحة خلال سبعة أيام من تاريخ المعاينة ما لم تستوجب حالة المبنى تقديمه فى مدة تقل عن ذلك،ويجب أن يتضمن التقرير وصف المبنى وموقعه واسم المالك وأسماء السكان وعددهم وفئاتهم كما تضمن بيان ووصف الأجزاء المعيبة بالمبنى وما تقترحه الجهة المذكورة للمحافظة على الأرواح والأموال سواء بالهدم الكلى أو الجزئى أو التدعيم أو الترميم أو الصيانة اللازمة لجعله صالحاً.. وتطلبت المادة 32 من اللجنة المنصوص عليها فى المادة 30 سالفة الذكر سرعة فحص التقرير المشار إليه فور وصوله إليها على وجه السرعة بأن تعقد اجتماعاً لفحصه وإجراء المعاينات والفحوص اللازمة للبت فيه على أن تصدر قرارها بالموافقة على ما جاء بالتقرير أو برفضه أو تعديله مسبباً وأن تُعلن قرارها إلى ذوى الشأن محرراً على النموذج المرفق بهذه اللائحة.
ومن حيث إن مفاد النصوص السابق استعراضها أن المشرع أناط بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم واللجان المنصوص عليها فى المادة (57) من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر تقدير حالة العقار ابتداء من حيث مدى أيلولته للسقوط ومن ثم هدمه أو ما إذا كان فى الترميم أو الصيانة أو التدعيم ما يحقق سلامته أو الحفاظ عليه فى حالة جيدة ويجعله صالحاً للغرض المخصص من أجله، ومن ثم فإن مناط صحة ما تقرره الجهة الإدارية المذكورة ولجان المنشآت الآيلة للسقوط سالفة الذكر الحالة الفعلية للمبنى حسبما تسفر عنه نتيجة المعاينة على الطبيعة، إذ يجعل المشرع حالة المبنى هى المناط فى إصدار قرار تلك اللجان فضلاً عن وجوب مراعاة أحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر ولائحته التنفيذية بشأن تشكيل اللجان المذكورة ووجوب صدور قرارات هذه اللجان بكامل عناصر تشكيلها باعتبار أن ذلك يعتبر إجراء جوهريًا فى ذاته ويشكل ضمانه تحقيقًا للمصلحة التى تغياها المشرع من وجوب تشكيل هذه اللجان وحسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور عن هذا التشكيل لضمان صدور قرارات اللجان المذكورة على جانب من الدقة والموضوعية بما يحقق ما تهدف إليه الدولة فى سياسة الإسكان كما يجب أن تتضمن تقارير تلك اللجان ما يفيد إجراء المعاينة على الطبيعة وتسطير النتيجة التى أسفرت عنها تلك المعاينة فى تقريرها على أن يتضمن التقرير أيضاً البيانات المنصوص عليها فى المادتين 31/32 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1977 وطبقًا للنماذج المرفقة بها وخاصة البيان الخاص بوصف الأجزاء المعيبة بالمبنى وتقدير ما ارتأت لزوم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال ومن ثم فإن المحكمة وهى تبسط رقابتها على مدى مشروعية قرار اللجنة المذكورة الوقوف على ما إذا كان قرار اللجنة الصادر بالهدم الكلى أو الجزئى أو التدعيم أو الترميم أو الصيانة قد صدر بناء على تقرير قد استوفى الشكل والموضوع المقررين طبقاً لأحكام القانون المذكور ولائحته التنفيذية وقائماً على سبب يبرره قانوناً، فترفض الطعن عليه أم صدر بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية فتقبل الطعن عليه، فتقضى بإلغائه أو تعديله حسبما تنتهى إليه طبقاً للثابت بالأوراق والمستندات.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع، فإنه لما كان الثابت من مطالعة حافظة مستندات الحكومة المشار إليها سلفاً وحوافظ مستندات المطعون ضده أن اللجنة المختصة بمنطقة السيدة زينب المشكلة بقرار محافظ القاهرة رقم 677 لسنة 1992 سالف الذكر بشأن معاينة المنشآت المتضررة من الزلزال قامت بإجراء معاينة للعقار مثار النزاع الماثل ودونت نتيجة الفحص والمعاينة التى أجرتها على النحو الوارد بنموذج تقرير معاينة للعقارات المتضررة من الزلزال متضمناً أن رقم وتاريخ البلاغ: 580 لسنة 1992 وموقع العقار 12 زقاق الوقاد وأن مكونات العقار وعدد السكان: دور أرضى + دورين متكررين ـ ورأى اللجنة فى الحالة (تقرير الشامل) : انهيار ـ سقوط الجزء الخلفى من العقار ووضعت علامة (✓ ) أمام بيان : إخلاء ـ ولم تستكمل كتابة باقى البيانات المدونة على النموذج المذكور، والذى اختتم بتوقيع أعضاء اللجنة وبناء على هذه المعاينة أصدرت قرارها المطعون فيه ـ متضمناً هدم العقار حتى سطح الأرض وخلت الأوراق مما يفيد صدور قرار من جهة الإدارة بإخلاء العقار سوى قرار اللجنة المشار إليه.
ومن حيث إن تقرير اللجنة المذكورة قد شابه النقص والقصور فى تدوين البيانات الواجب قانوناً أن يشملها تقريرها وخاصة بيان ووصف الأجزاء المعيبة بكامل أدوار المبنى حسبما كشفت عنه معاينتها على الطبيعة لهذا القرار وعدم تدوين رأيها بخصوص ما قدرته للمحافظة على الأرواح أو الأموال سواء بالهدم الكلى أو الجزئى كما جاءت نتيجة تقريرها متناقضة مع النتيجة النهائية التى خلص إليها تقرير مكتب خبراء وزارة العدل المؤرخ فى 6/3/1994 ـ المرفق بالأوراق ـ والتى أثبتت أن حالة العقار تستلزم تنكيس العقار تنكيساً شاملاً تحت إشراف مهندس نقابى مسئول مع إزالة أسباب الرشح والرطوبة، مع عمل الصلبات والتحفظات اللازمة لسلامة العقار، وأن المدة اللازمة لتنفيذ ذلك أسبوعين من تاريخ البدء فى التنفيذ ومن حيث إنه وإن كان المشرع أوجب على المحكمة المختصة ـ على نحو ما جاء بالمادة 59/3 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ـ التعجيل فى الفصل فى النزاع لمواجهة الخطر الذى يهدد الأنفس والأموال وجعل حالة المبنى هى المناط فى إصدار قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط، فإذا تبين للمحكمة أن القرار قد بنى على وقائع غير صحيحة تخالف حالة المبنى أو صدر خلافاً للقانون أو شابه عيباً يعدمه، فإن المشرع ترك الأمر عندئذ للمحكمة لتقضى بما تراه متمتعة بعدة خيارات لعلاج حالة المبنى حيث أطلقها ولاية النظر فى قرار اللجنة الهندسية سالفة الذكر الصادر الهدم الكلى أو الجزئى أو التدعيم أو الترميم أو الصيانة، فلها أن ترفض الطعن عليه ولها أن تقبله، وفى حالة القضاء بقبول الطعن أطلق سلطتها بحيث يمتد نطاقها إلى إعادة النظر فى القرار المطعون فيه بما يقتضى إلغائه كما يتسع هذا القبول إلى سلطة تعديل قرارات الهدم والترميم فى ضوء تقديرها لحالة العقار حماية للأرواح والأموال حسبما تنتهى إليه فى هذا الشأن إلا أن المحكمة لا تتجاوز طلبات الخصوم التزامًا بمبدأ التقييد بنطاق الدعوى وأنه لا يجوز الحكم بما لم يطلبه الخصوم..
ومن حيث إنه متى ثبت من الأوراق، وخاصة تقرير مكتب خبراء وزارة العدل إن حالة العقار محل النزاع من حيث مدى أيلولته للسقوط لا تقضى هدمه حتى سطح الأرض ولم تقدم ثمة اعتراضات من شاغلى العقار على هذه النتيجة وأن هذا التقرير قام على أسس فنية سليمة ومن ثم فإن المحكمة تستند إليه فى قضائها، وعليه يكون القرار المطعون فيه إذ انتهى إلى الهدم الكلى للعقار حتى سطح الأرض فإنه لا يكون قد صادف صحيح الواقع وحكم القانون الأمر الذى يقتضى تعديله وفقاً للصلاحيات المخولة للمحكمة فى المادة 59/3 من القانون 49 لسنة 1977 وفى حدود طلبات المطعون ضده ( المدعى أصلاً) إلى ترميم الدور الأرضى والأول، وهدم وحدات هذا العقار ابتداء من الدور الثانى وما يعلوه ـ وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه لمبدأ النظر وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه على نحو ما سجله بأسبابه ومن ثم يكون قد جانب التطبيق الصحيح للقانون متجاوز طلبات المدعى الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً، وفى موضوعها بتعديل القرار المطعون فيه إلى ترميم الدور الأرضى والأول من العقار موضوع النزاع وهدم وحدات هذا العقار ابتداء من الدور الثانى وما يعلوه على أن يلتزم المطعون ضده بإخلاء الوحدات السكنية التى يشغلها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إعلانه بالصورة التنفيذية لهذا الحكم عملاً بحكم المادة 59 من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه إلى ترميم الدور الأرضى والأول من العقار مثار النزاع وهدم وحدات هذا العقار ابتداء من الدور الثانى وما يعلوه على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.