جلسة 24 من نوفمبر سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إبراهيم على إبراهيم، ومحمد الشيخ أبوزيد، وعبدالمنعم أحمد عامر، ومحمد لطفى عبدالباقى جوده.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عمر.
مفوض الدولة
وحضور السيد / خالد عثمان محمد.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 6272 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ عاملون بالهيئة العامة للطاقة الذرية ـ بدلات ـ بدل وجبة غذائية ـ أساس صحة تقرير البدل ـ الاعتماد المالى.
المادة (65) من قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية.
الوجبة الغذائية المطهوَّة ثم الجافة ثم المعلبة التي قررت الهيئة العامة للطاقة الذرية توفيرها للعاملين بها لا تعدو أن تكون ميزة عينية مقررة فى حدود الاعتمادات المالية التى ترد فى موازنة الهيئة وتتقيد الهيئة فى شأنها بالاعتمادات المالية التي لا سلطان لها فى تقديرها مادامت الاعتمادات المالية في هذه الحالة هى أساس صحة القرار وليست أثرًا من آثاره، فإذا لم يوجد الاعتماد فإن القرار عديم الأثر قانوناً، ويتفرع عن هذا الأصل أنه إذا صدر اعتماد مالى معين كان من واجب الإدارة أن تلتزم حدود هذا الاعتماد فيما تصدره من قرارات يرتبط تنفيذها به فإذا جاوزته فقد قرارها عند التجاوز سنده القانونى ووقع على غير محل ـ مؤدى ذلك: أن قيام الهيئة بصرف الوجبة الغذائية للعاملين بها فى حدود الاعتمادات المالية المدرجة فى موازنتها يكون متفقاً وصحيح حكم القانون، ولا يجوز إلزامها بإصدار قرار جديد يتكيف فى مستواه مع الظروف المحلية مادامت الاعتمادات المالية لا تكفى لمواجهة الظروف الاقتصادية وإلا كان القرار الإدارى مفتقداً لركن من أركانه الذى أوجب الشارع إصداره فى حدوده وهو أن يكون القرار فى حدود الاعتمادات المالية لميزانية الهيئة ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 24/6/1999 أودع الأستاذ / أحمد كامل عبد القوى (المحامى) نائبًا عن الأستاذ/ محسن حسن عوض (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد برقم 6272/45ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات بجلسة 26/4/1999 فى الدعوى رقم 1516/48ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بطلبات الطاعن مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وأعلنت عريضة الطعن إلى المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق.
وفى يوم الخميس الموافق 29/7/1999 أودع الأستاذ/ عبدالودود أحمد حسن (المحامى) بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد برقم 7304/45ق.ع فى ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات بجلسة 26/4/1999 فى الدعوى رقم 516 السنة 48ق.ع.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بصرف مقابل نقدي يعادل قيمة الوجبة الغذائية المقررة اعتبارا من تاريخ استلام كل منهم لعمله وحتى تاريخ صدور الحكم بأحقيتهم فى صرف هذه الوجبة بالكامل اعتبارًا من تاريخ نفاذ الحكم مع إلزام الهيئة المطعون ضدها بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلنت عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
ونظر الطعنان أمام الدائرتين الثانية والسابعة (فحص) حيث قررت الدائرة الأخيرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد ثم قررت إحالتهما إلى هذه الدائرة وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 2/7/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة 13/10/2002 وبجلسة الحكم قررت المحكمة إعادة الطعنين للمرافعة لذات الجلسة لتغيير تشكيل الهيئة وفيها أيضًا قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة 24/11/2002 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 11/12/1993 أقام الطاعنون الدعوى رقم 1516/48ق. بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات طالبين الحكم بإلزام الجهة الإدارية بتطبيق الصرف الإدارى الثابت والمستقر والصادر عنها بقراراتها المتتالية من 5/1/1961 حتى الآن وذلك بتوفير الوجبة الغذائية المقررة للعاملين وإعتماداتها المالية على النحو الذى كانت عليه كمًا وكيفًا وفقًا للأسعار الحالية الحقيقية وقت صدور الحكم أو صرف هذه القيمة نقدًا وما يترتب على ذلك من صرف قيمة الفروق المستحقة عن السنوات الخمس الأخيرة ما بين قيمة الوجبة سابقًا والقيمة الفعلية الحالية مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالوا شرحاً لدعواهم إنه بتاريخ 5/1/1961 أصدر رئيس مؤسسة الطاقة الذرية قرارًا بتوفير وجبة غذائية للعاملين بالهيئة تقدم لهم أثناء قيامهم بعملهم وذلك استناداً إلى المادة 65 من القرار الجمهورى رقم 288/57 الخاص بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية وبدأت المؤسسة بالفعل فى صرف الوجبة الغذائية على أساس تكلفة أربعة وأربعين مليمًا ونصف على أن تتحمل المؤسسة ثلثى المبلغ ويتحمل العاملون حسب فئاتهم الوظيفية خمسون مليمًا أو ثلاثون مليمًا أو عشرون مليمًا وفى10/10/1963 وافق رئيس الهيئة على اتخاذ ما يدفعه العامل أساسا دون تغيير على أن تتحمل المؤسسة قيمة الفروق التى تطرأ على ارتفاع الأسعار حاليًا ومستقبلاً واستقر الأمر على ذلك وصدرت عدة قرارات متتالية فى هذا الصدد دون المساس بقيمة ما يدفعه العاملون حتى الآن وذلك من خلال تطور الوجبة الغذائية من مطهوَّة إلى جافة إلى أن وصل الحال إلى تجميع قيمتها كل ثلاثة أشهر.
ولما كان التزام الهيئة بتوفير هذه الوجبة للعاملين بها وقيمتها برفع القيمة السنوية لتكلفتها على مراحل عدة حتى وصلت إلى خمسة وستين قرشًا حاليًا إلا أن هذه الزيادة فى التكلفة
لا تواكب الزيادة الفعلية فى أسعار الوجبة وانعكس ذلك على تراجع قيمة الوجبة كمًا وكيفًا فلم تعد تتواءم مع الهدف الأصلى من توفيرها وهو تحقيق الوقاية الصحية للعاملين فى مواجهة الإشعاعات الذرية التي يتعرضون لها وإن استمرار عدم التناسب بين التكلفة الفعلية للوجبة والقيمة التى تتحملها الهيئة حاليًا قد يؤدى بهذه الخدمة إلى الانهيار وهو ما يضر بالعاملين أشد الضرر ويزداد هذا الضرر مستقبلاً باستمرار زيادة الأسعار الأمر الذي يتعين معه إلزام الهيئة بالاستمرار فى تقديم الوجبة المقررة للعاملين بالنوعية والكمية المقررة وهذا لا يتأتى إلا بمواكبة الأسعار حتى تؤدى الوجبة الغرض الذى تقررت من أجله.
وبجلسة 26/4/1999 حكمت محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات والجزاءات بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا وألزمت المدعين المصروفات.
وأقامت قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعين وفقًا للتكييف القانونى الصحيح لها هو أحقيتهم فى صرف كميات ونوعيات الطعام المكونة للوجبة الغذائية المقررة لهم يوميًا أو كميات وأصناف جافة تعادلها فى قيمتها الغذائية والتغذية كاملة الأوزان دون نقصان مهما ارتفعت الأسعار السوقية وصرفها كاملة مستقبلاً حسب مستوى الأسعار مع صرف الفروق المالية المستحقة لهم بين قيمة الوجبة سابقًا والقيمة الفعلية الحالية وذلك عن السنوات الخمس السابقة.
ولما كانت الوجبة الغذائية المطهوَّة ثم الجافة ثم المعلبة التى قررت الهيئة توفيرها للعاملين بها لا تعدو أن تكون ميزة عينية مقررة فى حدود الاعتمادات المالية التى ترد فى موازنة الهيئة ومن ثم فإنها تخضع بحسبانها من ملحقات الأجر لما يخضع له الأجر من أحكام ومنها أن رفعه لمواجهة الزيادة فى الاسعار وارتفاع اعباد المعيشة أمر تتقيد به سلطة الإدارة بالاعتمادات المالية التى لا سلطان لها فى تقريرها ومتى كان القرار الإدارى من شأنه أن يرتب أعباءً مالية على موازنة الهيئة وجب أن يعتمد المال اللازم حتى يصبح القرار جائزًا قانونًا فإذا لم يوجد الاعتماد كان تحقيق هذا الأمر غير ممكن قانونًا ويتفرع عن هذا الأصل إنه إذا صدر اعتماد مالى معين كان من واجب الإدارة أن تلتزم حدود هذا الاعتماد فيما تصدره من قرارات يرتبط تنفيذها به فإن جاوزته فقد قرارها عند التجاوز سنده المالى ووقع على غير محل ومن ثم فإن قيام الهيئة بصرف الوجبة الغذائية للعاملين بها فى حدود الاعتمادات المالية المدرجة فى موازنتها يكون متفقًا وأحكام القانون.
ومن حيث إن أسباب الطعن رقم 6272/54ق . ع تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه، قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ أغفل المادة 65من قرار رئيس الجمهورية رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية التى خوَّلت رئيس مجلس إدارة المؤسسة وضع قواعد المكافآت وإجراءات الصرف الخاصة بمسائل الوقاية والتأمين والتعويض والخدمات الصحية والوقاية العلاجية الناتجة عن أخطار الإشعاعات الذرية بالنسبة للموظفين والعمال وان رئيس مجلس الإدارة قرر بتاريخ 8/8/1961 أن توفر المؤسسة للموظفين والعمال بها وجبة غذائية مَطْهُوَّة يوميًا أثناء النهار وبصفة مستمرة على بند الموازنة المالية السنوية للمؤسسة وذلك طبقًا لجدول الوجبة الغذائية الملحق بالقرار كما قرر بتاريخ 10/10/1963 أن تتحمل المؤسسة قيمة الفروق المالية التى تطرأ على تقلبات أسعار الوجبة الغذائية ومن ثم فإن الوجبة الغذائية تكون ميزة عينية محدده الكميات والأصناف الغذائية المكونة لها والمحددة فى جدول خاص قد خلط الحكم المطعون فيه بين هذه الميزة وبين البدل النقدي الشهرى الذى تصرفه بعض شركات القطاع العام وصاحب العمل إلى العامل مقابل سكن أو غذاء ويضاف إلى أجره الشهرى نقدًا كما أغفل الحكم موافقة رئيس مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها فى 10/7/1991 على تقرير اللجنة العلمية المشكَّلة رسميًا من كبار العلماء والذى حدد عناصر الوجبة الغذائية ومكوناتها العلمية للوقاية من الأخطار الناتجة عن الإشعاع الذرى ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم وجود الاعتماد المالى الكافى بالموازنة السنوية للهيئة لأن ذلك لا يسقط التزامات الهيئة القانونية والمالية عن الوجبة المقررة كاملة الأصناف والمقادير حسب الجدول المقرر وهو ما سبق أن قضت به محكمة القضاء الإدارى فى حالات مماثله.
ومن حيث إن اسباب الطعن رقم 7304/45ق. ع تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وخالف الثابت بالأوراق حيث استخلص أن الوجبة الغذائية المطالب بها تقف عند حد كونها ميزة عينية مقررة فى حدود الاعتمادات المالية وهو استخلاص بعيد عن الأسباب والدواعى التى أدت بالهيئة إلى تقدير هذه الوجبة لوقاية العاملين من الأخطار الناتجة عن تعرضهم للإشعاعات الذرية ولما يبذلونه من مجهودات غير عادية ومن ثم كان فى تحديد كميات ونوعيات الوجبة بأوزان وأصناف ضرورية صحية بحيث إذا انقصت هذه الكميات وقلت تلك النوعيات انتفى الغرض الموجود منها وكذلك القيمة الغذائية للوجبة إذا اعتبرت من ملحقات الأجر فإنها ملحقات من نوع خاص ومعدة لأسباب خاصة وهى مواجهة خطر الإشعاعات وغير ذلك من الدواعى والأسباب المقررة من أجلها وقد دأبت الهيئة المطعون ضدها على توفير الاعتمادات المالية اللازمة لمواجهة ارتفاع الأسعار وما تذرعت به الهيئة من عدم توافر الاعتمادات المالية يتناقض مع ما ورد بالميزانية ولا يسقط التزامها القانونى بتوفير الوجبة الغذائية المقررة للعاملين كما أن من واجب الهيئة أن تعمل على توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ ما التزمت به وقررته حماية للعاملين من خطر الإشعاع الذرى بكون هذه الوجبات لا تعد ميزة أو ترفًا للعاملين وإنما هى ضرورية للوقاية من الأخطار الداهمة وقد ظهرت حالات كثيرة أصيبت بأمراض خبيثة خلال الفترة التى توقف فيها صرف الوجبات الغذائية.
ومن حيث إن المادة 65 من قرار رئيس الجمهورية رقم 288/57 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية قد نصت على أنه … “إلى أن تصدر المؤسسة لوائح خاصة يقرر رئيس مجلس الإدارة قواعد المكافآت وإجراءات الصرف والخصم الخاصة بالمسائل الآتية:
1ـ الوقاية والتأمين والتعويض والخدمات الصحية والوقائية والعلاجية الناشئة عن أخطار الإشعاعات الذرية بالنسبة للموظفين والعمال.
ومن حيث إن رئيس مجلس الإدارة قد وافق بتاريخ 5/1/1961 على أن توفِّر المؤسسة للموظفين والعمال وجبة غذائية أثناء النهار تتحمل المؤسسة ثلثي نفقاتها بالنسبة للعمال والموظفين حتى الدرجة السادسة أو ما يعادلها وتتحمل المؤسسة نصف نفقاتها بالنسبة للموظفين حتى الدرجة الرابعة أو ما يعادلها ويتحمل نفقات هذه الوجبة باقى موظفى المؤسسة فيما عدا ذلك على أن تخصم التكاليف على بند (9) نثرية بالباب الثانى ميزانية المؤسسة من السنة المالية 60/61 ثم وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة بتاريخ 8/8/1961 على استمرار توفير الوجبة الغذائية بصفة مستمرة عن هذه السنة والسنوات القادمة على أن تخصم نفقاتها من ميزانية المؤسسة على بند (9) نثريه من ميزانية هذا العام.
ومن حيث إنه بتاريخ 10/10/1963 وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة على اتخاذ ما يدفعه العامل والموظف أساسًا دون تغيير على أن تتحمل المؤسسة قيمة الفروق التى تطرأ على تقلبات الأسعار حاليًا ومستقبلاً وذلك بهدف النهوض بالمستوى الصحى للعمال والموظفين وعدم زيادة العبء الذى يتحمله العامل والموظف فى تناول هذه الوجبة وبتاريخ 28/6/1966 وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة على تعديل الوجبة من مطهوَّة إلى جافة بناءً على المبررات التى ساقتها إدارة التوريدات فى مذكرتها المؤرخة 21/6/1966 وبتاريخ 29/5/1977وافق رئيس مجلس الإدارة على صرف الوجبة الغذائية فى صورة معلبات ثم أصدر رئيس مجلس الإدارة عدة قرارات برفع قيمة الوجبة الغذائية دون تحميل العاملين أية زيادة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الوجبة الغذائية المطهوَّة ثم الجافة ثم المعلبة التى قررت الهيئة المطعون ضدها توفيرها للعاملين بها لا تعدو أن تكون ميزة عينية مقررة فى حدود الاعتمادات المالية التى ترد فى موازنة الهيئة وتقيد الهيئة فى شأنها بالاعتمادات المالية التى لا سلطان لها فى تقريرها مادامت الاعتمادات المالية فى هذه الحالة هى أساس صحة القرار وليست أثًرا من آثاره فإذا لم يوجد الاعتماد فإن القرار عديم الأثر قانونًا ويتفرع عن هذا الأصل أنه إذا صدر اعتماد مالى معين كان من واجب الإدارة ان تلتزم حدود هذا الاعتماد فيما تصدره من قرارات يرتبط تنفيذها به فإذا جاوزته فقد قرارها عند التجاوز سنده القانونى ووقع على غير محل وبناء على ذلك فان قيام الهيئة بصرف الوجبة الغذائية للعاملين بها فى حدود الاعتمادات المالية المدرجة فى موازنتها يكون متفقاً وصحيح حكم القانون لا يجوز إلزامها بإصدار قرار جديد يتكيف فى مستواه مع الظروف المحلية مادامت الاعتمادات المالية لا تكفى لمواجهة الظروف الاقتصادية وإلا كان القرار الإدارى مفتقدًا لركن من أركانه الذى أوجب الشارع إصداره فى حدوده وهو أن يكون القرار فى حدود الاعتمادات المالية لميزانية الهيئة.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم فإن الدعوى محل الطعنين الماثلين تغدو فاقدةً سندها خليقة بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويغدو الطعنان غير قائمين على سند جديرين بالرفض.
ولا يقدح فى ذلك أن محكمة القضاء الإدارى سواء بدوائرها العادية أو الاستئنافية قد أصدرت أحكامها لصالح بعض العاملين بالهيئة المطعون ضدها ذلك أنه من المسلم به أن للأحكام حجية نسبية لا يفيد منها إلا من صدرت لصالحه ولا تلزم هذه الأحكام محكمة الطعن إذا ما تبين أنها صدرت بالمخالفة لحكم القانون.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعنين شكلاً،ورفضهما موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.