جلسة 26 من فبراير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبدالمقصود فرحات
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبدالله عامر إبراهيم، وأحمد عبدالعزيز
أبو العزم، ومصطفى محمد عبدالمعطى، وحسونة توفيق حسونة
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ سعيد عبدالستار محمد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3502 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ التنازل عن ترخيص المخبز ـ أثر وفاة المرخص له على الترخيص ـ انتقاله للورثة.
المادة (5) من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 341 لسنة 1970.
التنازل عن ترخيص تشغيل وإدارة المخبز لا يجوز إلا بعقد مصدق على التوقيعات فيه بأحد مكاتب التوثيق وبعد الحصول على موافقة مديرية التموين المختصة ـ وفاة المرخص له تنشئ حقاً لجميع ورثته فى اتخاذ الإجراءات القانونية لنقل ترخيص المخبز باسمهم وتحديد من يقوم منهم بإدارته ـ حصول بعض ورثة المرخص له ـ دون باقى الورثة ـ على ترخيص باسمهم عن طريق الغش والتدليس يترتب عليه أن يكون القرار الصادر بمنحهم الترخيص مخالفاً لأحكام القانون ولا يتحصن بمضى المدة ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 17/3/1999 أودع الأستاذ/ محمود محمد الطوخى المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 3502 لسنة 45ق.ع طعناً فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ـ الدائرة الرابعة فى الدعوى رقم 2440 لسنة 48ق بجلسة 30/1/1999 والقاضى فى منطوقة : برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن، الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى الموضوع، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته فى الدعوى وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الوارد بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى وارتأت فيه ـ لما قام عليه من أسباب ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد أحيل الطعن إلى الدائرة الأولى فحص المحكمة الإدارية العليا فنظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قدم كل من الطاعن والمطعون ضده الرابع عدة حوافظ مستندات طويت على ما هو مسطر بغلافها، وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه تمسك فيها بطلباته فى الطعن استناداً لما ورد بأسبابه فضلاً عن أن الأحكام الجنائية قطعت بصحة الرخصة وهى حجة أمام المحاكم الأخرى وأن الرخصة ملك الطاعنين أُلغيت من الجهة المختصة وأن تقرير هيئة المفوضين والحكم الطعين خلطا بين الترخيص الذى يصدر من التموين وبين الرخصة التى تصدر من مجلس المدينة طبقاَ لقانون المحال الصناعية فضلاً عن أن التحقيق الذى أجرته الجهة الإدارية باطل، وأن تقرير هيئة المفوضين لم يضع فى اعتباره القرار الصادر بإزالة العقار والحكم المؤيد له إضافة إلى أن إقرار المورث حجة على الورثة وأن محضر حصر التركة يعد محضراً رسمياً أعد لإثبات الحقائق مما تبين معه عدم مشروعية القرار الصادر بوقف حصة المخبز.
وبجلسة 19/11/2001 قررت الدائرة الأولى فحص إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة “فحص للاختصاص ولنظره بإحدى جلسات شهر يناير 2002، فنظرته الدائرة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قدم الطاعن حافظتى مستندات طويت على ما هو مسطر بغلافهما ومذكرتين تمسك فيهما بطلباته ورد فيهما على دفاع المطعون ضده السادس وقدم المطعون ضده السادس ثلاث حوافظ مستندات طويت على ما هو مسطر بغلافها ومذكرة بدفاعه طلب فيها تأييد الحكم المطعون فيه ورفض الطعن.
وبجلسة 5/11/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 27/11/2002 فنظرته على النحو الثابت بمحضر الجلسة حيث قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه تمسك فيها بدفاعه وبجلسة 2/1/2003 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها لما ورد بها من أسباب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات، وقررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم ومذكرات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع، حيث أودع الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته وبين أسانيده فى ذلك وقد تم النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث أقيم الطعن خلال الميعاد القانونى المحدد وقد استوفى الإجراءات الشكلية المطلوبة فمن ثم يكون مقبولاً من حيث الشكل.
وحيث تخلص وقائع النزاع ـ حسبما يبين من الأوراق ـ على أن الطاعن وآخر سبق أن أقاما الدعوى رقم 2440 لسنة 48ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلبا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بوقف تشغيل المخبز البلدى الكائن بشارع الصاغة بمدينة الفيوم، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات.
وذكر المدعيان، بياناً لدعواهما، أن والدهما رحمه الله كان يستأجر مخبزاً بلديًا بناحية سوق التبن بمدينة الفيوم وحصل على ترخيص تشغيل رقم 17632 لسنة 1940 وأنهما اشترياً بعد ذلك العقار الكائن به المخبز بعقد ناقل للملكية وبعد ذلك تمكنا من تعديل علاقتهما بوالدهما من علاقة إيجارية إلى علاقة مشاركة بينهما وتقدما بعد وفاته لمديرية التموين بالفيوم للحصول على ترخيص جديد للمخبز فحصلا على الترخيص رقم 788 فى 7/3/1987 والسجل التجارى رقم 2848 فى 12/5/1987 إلا أنهما فوجئا بعد ذلك بشقيقيهما محمد فتحى والسيد البدوى يتقدمان لمديرية التموين بالفيوم بطلب يلتمسان فيه إدراج اسميهما بترخيص المخبز بمقولة أنهما اشتريا جزءاً من العقار الكائن به المخبز ولم تمانع المديرية فى ذلك وأعد الجهاز المركزى للمحاسبات تقريراً انتهى فيه إلى صحة إجراءات الحصول على الترخيص رقم 788/87 وأضاف المدعيان أنهما فوجئا بعد ذلك بصدور قرار محافظ الفيوم بوقف تشغيل المخبز لحين استيفاء إجراءات تعديل الرخصة والسجل التجارى من جميع الورثة.
ونعى المدعيان على القرار المطعون فيه صدوره بالمخالفة للقانون إذ فصل القرار فى نزاع مدنى وأن مديرية التموين نصبت نفسها حكمًا فى الخلاف بينهما وبين شقيقيهما وقد سبق للمستشار القانونى للمحافظة أن خلص إلى أن الخلاف فى حقيقته هو خلاف حول الملكية بالنسبة للمخبز ويتعين حفظ الأوراق وعلى ذوى الشأن اللجوء إلى القضاء للفصل فى النزاع واعتمد محافظ الفيوم هذا الرأى كما خلصت الوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم فى مذكرتها المرسلة إلى مفوض الدولة بالمحافظة فى 14/6/1993 إلى صحة الإجراءات التى تمت بشأن الترخيص رقم 788 لسنة 1987.
وأضاف المدعيان أن قرار المحافظ بوقف الترخيص الخاص بتشغيل المخبز قد خالف قرار وزير التموين كما انطوى على مساس بالمراكز القانونية الناشئة عن ترخيص تشغيل المخبز ومخالفاً لقرار المحافظ بحفظ الموضوع خاصة وأن الترخيص السابق قد ألغى بهدم العقار طبقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954، كما أن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة لأن الاعتبارات التى استند إليها اكتنفها التناقض ويدحضها شرعية الإجراءات التى صدر على أساسها ترخيص تشغيل المخبز، وقد استهدف القرار تحقيق مصلحة شخصية وليس مصلحة عامة، ولذا يطلب المدعيان الحكم بالطلبات سالفة الذكر وتدوولت الدعوى بجلسات المحكمة وبجلسة 12/5/1994 تدخل محمد فتحى والسيد البدوى إبراهيم المليجى منضمين للإدارة، والتمسا الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 18/8/1994 قضت المحكمة فى الشق العاجل من الدعوى، أولاً: بقبول تدخل محمد فتحى إبراهيم المليجى والسيد البدوى إبراهيم المليجى خصمين منضمين للإدارة، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعين المصروفات.
وقد طعن فى الحكم الصادر فى الشق العاجل بالطعن رقم 478 لسنة 41ق.ع أمام المحكمة الإدارية العليا وأعدت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وبجلسة 5/5/1997 قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا برفض الطعن بإجماع الآراء وألزمت الطاعنين المصروفات.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة لدى محكمة القضاء الإدارى تقريرًا بالرأى القانونى فى موضوع الدعوى وارتأت فيه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات.
وتدوولت الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 30/1/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على إن الثابت من الأوراق أن المدعو إبراهيم مليجى والد المدعيين كان يستأجر المخبز البلدى محل القرار المطعون فيه وحصل على رخصة له برقم 17632 فى 29/9/1940 ثم حصل على ترخيص تشغيل للمخبز برقم 53 فى 27/4/1971 وظل يمارس عمله حتى توفى فى 11/7/1986 وانحصر إرثه الشرعى حسبما هو ثابت من إعلام الوراثة الصادر من محكمة بندر الفيوم للأحوال الشخصية أحوال بتاريخ 20/5/1987 فى زوجتيه …………… و ………………….. وفى أولاده البلغ ……. و……. و……. و……. و……. (المدعى الأول) ………………….. (المدعى الثانى) و……. و……. والقاصر ……. المشمول بوصاية أمه ………………… ………. وأولاد ابنه ………. المتوفى حال حياته فى 20/5/1982 وهم ……. و……. و……. و……. ، وعلى ذلك فإنه وفقًا لأحكام القانون كان يتعين على هؤلاء الورثة جميعًا دون بعضهم أن يقوموا باتخاذ الإجراءات القانونية لنقل ترخيص المخبز باسمهم وتحديد من يقوم منهم بإدارته ولكن ما حدث كان خلاف ذلك حيث تقدم ابنه …………………………………… (المدعى الثانى) فقط بطلب إلى الجهة الإدارية التمس فيه الحصول على ترخيص مؤقت ثم دائم قيد برقم 548 لسنة 1986 بصفته مستأجرًا ومديرًا مسئولاً للمخبز محل النزاع، ثم تقدم هو نفسه وأخوه ………………………. ……….. (المدعى الأول) بطلب للحصول على ترخيص جديد للمخبز كنصف آلى وبالفعل حصلا على ترخيص 788 فى 7/3/1987 دون باقى الورثة وعليه فإنه لما كان الأصل أن رخصة إدارة وتشغيل المخبز الصادرة للمورث طبقًا للمادتين 5، 6 من قرار وزير التموين رقم 341 لسنة 1970 لا يجوز نقلها لأحد الورثة دون موافقة باقى الورثة على النقل خلال شهر من تاريخ وفاة المورث (المرخص له) وبالتالى فإن قيام الجهة الإدارية بصرف الترخيص رقم 548 لسنة 1986 فى 11/8/1986 للمدعى الثانى فقط دون باقى الورثة ثم قيامها بمنح المدعيين الترخيص رقم 788 لسنة 1987 فى 7/3/1987 للمخبز دون سائر الورثة يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون ومما يؤكد ذلك ويدعمه إن الجهة الإدارية قد أجرت تحقيقًا حول كيفية إصدار هذا الترخيص المخالف للقانون وانتهى الرأى فيه بتاريخ 17/1/1994 إلى موافقة مدير عام مديرية التموين والتجارة الداخلية بالفيوم على مجازاة ……………………………… مدير إدارة التموين بخصم عشرة أيام من أجره و………………………… الباحثة بالإدارة بخصم يوم من أجرها و………………………… بالإنذار وحفظ المخالفة فى حق بقية الموظفين المتهمين لسقوط المخالفة فى حقهم بمضى ثلاث سنوات على ارتكابها، الأمر الذى يشير إلى إجراءات استصدار الترخيص للمدعيين قد شابها الغش والتدليس من جانبهما والتواطؤ ومخالفة القانون من جانب بعض العاملين بالإدارة التموينية، مما يعدم القرار الصادر بمنح هذا الترخيص ومن ثم لا يتحصن هذا القرار بمضى ستين يوماً المقررة لسحب القرارات الإدارية المعيبة وعليه فإنه إذ صدر قرار محافظ الفيوم المطعون فيه بتاريخ 11/12/1993متضمناً وقف الترخيص رقم 458 لـ 1986 إلى حين استيفاء الورثة للمستندات اللازمة لمنح الترخيص المذكور لإدارة وتشغيل المخبز محل النزاع طبقاً لأحكام القانون فإن قرار المحافظ المذكور يكون قد صدر مطابقاً لأحكام القانون وبالتالى يضحى طلب إلغائه غير قائم على سند من الواقع أو القانون خليقاً بالرفض.
ولا ينال مما تقدم تملك المدعيين العقار الكائن به مخبز النزاع حال حياة مورثهم، ذلك لأن هذا المورث هو المستأجر لهذا المخبز وأن عقد الإيجار لا ينتهى بوفاة المستأجر إنما ينتقل للورثة جميعاً، كما لا يجوز للمدعيين الحجاج بأن مورثهم تنازل لهم عن حقه فى الرخصة الصادرة لمخبز النزاع إذ التنازل الصحيح الذى يعتد به قانوناً يجب أن يكون بعقد مصدق عليه بأحد مكاتب التوثيق وهو الأمر الذى لم يتم مراعاته قانوناً.
كما لا يجوز للمدعيين الاحتجاج بالقرار الذى أصدره محافظ الفيوم بتاريخ 31/12/1994 بعد إقامة الدعوى الماثلة والذى تضمن حق مالكى الأغلبية فى هذا المخبز فى الإدارة، وإذا لم يتفق الأغلبية يُنتظر حكم محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى المقامة من الورثة، إذ يبين من صياغة هذا القرار أنه أعطى الحق لمالكى الأغلبية فى هذا المخبز فى الإدارة وأن المقصود بمالكى الأغلبية ليس مالك الرقبة (المدعيين) وإنما مالكى الأغلبية فى حق استغلال المخبز وإدارته كل بحسب نصيبه الشرعى الوارد فى إعلام الوراثة لأنه من المسلم به أن هناك انفصالاً تامًا بين مالك الرقبة وبين الحق فى إدارة المخبز واستغلاله، فقد يكون مالك العقار هو نفسه صاحب الترخيص الصادر للمحل التجارى وقد يكون شخص آخر وهو فى الدعوى الماثلة المرخص له الأصلى (المورث) وبالتالى فإن حق إدارة المخبز واستغلاله بعد وفاته ينتقل إلى كافة الورثة بما فيهم المدعيين مالكى العقار الكائن به المخبز وبالتالى يحق لهم جميعاً الحصول على ترخيص بإدارته واستغلاله وليس للمدعيين فقط ومن ثم انتهت المحكمة إلى حكمها، سالف الذكر.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى تحصيل الواقعات حيث أغفل واقعة قيام الطاعن بترخيص من الجهة الإدارية المختصة بهدم العقار الكائن به المخبز البلدى وإقامة عقار جديد أنشأ به مخبزاً نصف آلى ولهذه الواقعة أثرها المباشر على كل من إجارة العين (المخبز) التى كانت قائمة به من ناحية حيث إنه يؤدى إلى انفساخ العقد بهلاك محله واستحالة تنفيذه تبعاً لذلك وبالتالى ينقضى ما كان لوالد الطاعن المرحوم ………………………. من حق الإجارة على المحل الذى يشغله ومن ناحية أخرى فإن هدم العقار يترتب عليه إلغاء الترخيص وفقاً لنص المادة (16/3) من القانون رقم 153 لسنة 1954، ولو بصر الحكم بتلك الوقائع والحقائق الجوهرية الثابتة ما قضى به فلا إجارة انتقلت إلى الورثة لسبب انفساخها ولا رخصة لذلك المحل قد انتقلت لسبق سقوطها وإلغائها وما كان ذلك الحكم بحاجة إلى المجادلة فى أمر صحة انتقال الترخيص رقم 17632 لسنة 1940 إلى الطاعن وشقيقه فهو أمر استغرقه إلغاء هذا الترخيص بهدم المحل.
كما أن ما ذهب إليه الحكم من أن الترخيص رقم 788 لسنة 1987 صدر بناء على غش وتواطؤ بين الطاعن وبين العاملين بالإدارة وإن من شأن هذا الغش إبطال الترخيص، فإن ذلك مردود عليه بأن هذا الترخيص لم يصدر إلا بعد إلغاء جهة الإدارة الترخيص رقم 17632 لسنة 1940 كما لم يثبت أن الطاعن كان يعلم بالغش أو التدليس أو كان من المفروض حتماً أن يعلم به وبالإضافة إلى ذلك فإنه بناءً على عقد الشركة بين الطاعن وشقيقه ووالدهما فقد تنازل الوالد قبل وفاته فى 11/10/1982 عن ترخيص تشغيل المخبز وتم نقل الرخصة إلى اسميهما، وأيًا كان الرأى فى مدى مشروعية نقل الرخصة فإن الواقع يؤكد سقوط الرخصة السابقة، ولذا اختتم الطاعن تقرير طعنه بالطلبات سالفة الذكر.
وحيث إنه باستقراء الحكم المطعون فيه تبين أنه قام على أسباب صحيحة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومن ثم تؤيده المحكمة محمولاً على أسبابه.
وحيث إنه لا يغير من صحة هذا الحكم ما جاء بتقرير الطعن الماثل، ذلك أن القول بهدم العقار وإقامة عقار جديد محله مما يؤدى إلى فسخ عقد الإيجار بهلاك محله هو قول غير صحيح ويعوزه الدليل إذ إن الطاعن لم يقدم مستندات يعتد بها تفيد هدم العقار وإعادة بنائه كما زعم بتقرير الطعن ذلك أن الرخصة التى يستند إليها صدرت فى عام 1983 برقم 388 وتضمّنت تعديل بعمل 2 دكان بالدور الأرضى بواجهة العقار دون مساس بالمخبز من الداخل، أما الرخصة الأخرى رقم 586 لسنة 1984 فتصرح للطاعن بعمل ممر مسقوف بالدور الأرضى وبناء الدور الأول علوى، أى أن الرخصتين لم يتضمنا هدم الدور الأرضى أو هدم المخبز، وصدرت حال حياة المورث ولم يرد بالأوراق أنه ترتب على هاتين الرخصتين انتهاء عقد إيجار المخبز، بل ظل المورث مستأجرًا له ومديراً مسئولاً عنه إلى أن توفاه الله فى عام 1986.
كما لا يغير من ذلك نفى علمه بالغش والمخالفات التى ارتكبها بعض الموظفين بمديرية تموين الفيوم لاستخراج رخصة تشغيل المخبز باسمه وأخيه دون سائر الورثة إذ ثبتت هذه المخالفات بتقرير الرقابة الإدارية والتحقيقات التى أجرتها جهة الإدارة وانتهت بمجازاة هؤلاء الموظفين إدارياً ولم يرتكب هؤلاء الموظفون هذه المخالفات إلا لمصلحته وأخيه والغش يعدم القرار الصادر بمنح الترخيص.
وأما عما يستند إليه الطاعن من أن مورثه تنازل له وأخيه عن رخصة المحل حال حياته فذلك مردود عليه بنص المادة رقم 5 من قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 341 لسنة 1970 والتى تنص على أنه ” لا يجوز للمرخص له أن يوكّل غيره فى تشغيل إدارة المخبز أو أن يتنازل عن ذلك بأى من أنواع التنازل إلا وفقًا لعقد مصدق على التوقيعات فيه بأحد مكاتب التوثيق بعد الحصول على موافقة مديرية التموين المختصة.
وحيث إن مقتضى ذلك أن التنازل عن ترخيص تشغيل وإدارة المخبز لا يجوز إلا بعقد مصدق على التوقيعات فيه بأحد مكاتب التوثيق وبعد الحصول على موافقة مديرية التموين المختصة ولم يثبت بالأوراق تنازل مورث الطاعن له وأخيه عن رخصة تشغيل المخبز، بل إن الثابت أنه تقدم فى عام 1981 بطلب لإدخال المذكورين كشركاء فى إدارة تشغيل المخبز وليس بالتنازل إليهما كما يزعم الطاعن إلا أنه لم يستمر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة، بل ظل هو مستأجر المخبز والمسئول عن إدارته وتشغيله إلى أن توفاه الله، ومن ثم ينتقل الحق فى إدارة وتشغيل المخبز المذكور إلى جميع الورثة وليس إلى الطاعن وأخيه فقط.
وحيث إن خلاصة ما تقدم أن الأوراق والمستندات تثبت ـ كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه بحق أن مورث الطاعن كان يستأجر المخبز البلدى محل النزاع وحصل على رخصة له برقم 17632 فى 29/9/1940 ثم حصل على ترخيص تشغيل للمخبز برقم 53 فى 27/4/1971 وظل يمارس عمله كمسئول عن إدارة وتشغيل المخبز إلى أن توفاه الله فى 11/7/1986، فمن ثم يحق لجميع ورثته اتخاذ الإجراءات القانونية لنقل ترخيص المخبز باسمهم وتحديد من يقوم منهم بإدارته، إلا أن الطاعن وأخيه قد حصلا على ترخيص باسمهما فقط دون باقى الورثة بالغش والتواطؤ مع بعض موظفى إدارة التموين ومن ثم يكون القرار الصادر بمنحهما الترخيص مخالفاً وأحكام القانون ولا يتحصن بمضى المدة لأنه صدر بناء على غش وتدليس ولذا يكون القرار الصادر من محافظ الفيوم بوقف هذا الترخيص إلى حين استيفاء الورثة للمستندات اللازمة لمنح الترخيص (القرار المطعون فيه) متفقاً وأحكام القانون وقائماً على أسباب صحيحة.
وحيث إنه لا يغير من صحة ذلك المستندات والمذكرات التى قدمها الطاعن زاعما أنها تؤيد ما يدعيه ذلك أن المستندات التى قدمها بجلسة 7/5/2001 “فحص” والصادرة من جهة الإدارة وتفيد إلغاء الرخصة رقم1763الصادرة بتاريخ 29/9/1940 اعتبارا من 5/2/1987 طبقاً لنص المادة 16/3 من القانون رقم 453/1954 أى بعد وفاة المورث تؤكد أن الرخصة كانت قائمة باسمه حتى توفاه الله ثم سعى الطاعن وأخيه إلى إلغائها واستصدار رخصة باسمهما دون باقى الورثة وذلك يدحض ما يدعيه من إلغاء الرخصة السابقة حال حياة المورث.
وأما عن قرار الإزالة رقم 145 لسنة 1984 والحكم القضائى برفض الطعن عليه فإن الثابت بالأوراق أن هذا القرار صدر من لجنة المنشآت الآيلة للسقوط وينص على ترميم وتنكيس السور المشترك بين عقار الطاعن وعقار آخر وقد طعن ملاك العقارين فى هذا القرار وصدر حكم محكمة الفيوم الابتدائية بجلسة 25/5/1988 بتعديل القرار المطعون فيه والحكم بإزالة السور المشترك بين العقارين حتى سطح الأرض أى أن القرار والحكم كانا بشأن السور المشترك بين عقارين وليس بشأن إزالة العقار كما زعم الطاعن وأما عن عقد شركة التضامن المؤرخ 15/8/1981 وتعديله بتاريخ 1/3/1983فإنه تم بين الطاعن والمورث وآخرين لتكوين شركة تضامن لإدارة المخبز ونص العقد والتعديل على بقاء المورث شريكاً متضامناً ومديرًا مسئولاً مما ينتفى قول الطاعن بأن المورث ترك المخبز له ولأخيه بل يؤكد بقاء حق المورث فى المخبز وحق جميع ورثته من بعده.
وأما عن الإقرار المقدم من المورث بتاريخ 31/10/1981 إلى ضرائب الفيوم بتغيير نشاطه فإنه لم يتضمن انسحابه من المخبز، بل نص على تغيير النشاط فى المخبز من منشأة فردية إلى شركة تضامن أى أن هذا الإقرار أيضاً دليل على بقاء المورث مالكاً للمخبز.
وأما عن التنازلات التى قدمها الطاعن من بعض الورثة عن نصيبهم فى عقد إيجار المخبز المورث عن والدهم لصالح الملاك فإنها تمت فى عامى 1993، 1994 أى بعد وفاة المورث بأكثر من سبع سنوات مما يؤكد أن عقد الإيجار كان ولازال سارياً حتى تاريخه وأنه لم يفسخ فى حياة المورث.
وأما عن الشهادات الصادرة من الجهات الإدارية بالتعامل مع الطاعن بصفته صاحب المخبز فى حياة مورثه فإنها تمت بناء على عقد شركة التضامن الذى اعتبر الطاعن بمقتضاه شريكاً فى المخبز وليس مالكاً له دون أبيه، ومن ثم لا يسقط حق بقية الورثة فى المخبز، بل قدم المطعون ضدهما شهادة صادرة من التأمينات الاجتماعية بتاريخ 21/9/1997 وتفيد بأن الطاعن وأخيه كانا مؤمنًا عليهما كعاملين بالمخبز لدى والدهما صاحب المخبز الأول بمهنة خراط والآخر بمهنة خباز وذلك حتى 11/8/1986 أى بعد وفاة المورث مما ينفى إدعاءهما بأنهما تملكا المخبز فى حياة والدهما.
وأما عن الأحكام الجنائية التى يتمسك الطاعن بحجيتها فإنها ليست دليلاً أو حجة فى هذا النزاع لأنها أحكام صادرة ببراءة الطاعن من اتهامات نسبتها إليه الإدارة المختصة بشئون التموين لإدارته مخبزًا بدون ترخيص وهى جميعاً فى عام 2000 أى بعد وفاة المورث بسنوات ووجه الاتهام إلى الطاعن لأنه المدير الفعلى للمخبز والمالك الظاهر له بعد وفاة المورث ولذا فإن الأحكام الصادرة ببراءته من هذا الاتهام سواء لوجود رخصة باسم أبيه أو باسمه لا تعد ذلك سندًا لملكيته للمخبز دون باقى الورثة وليست لها حجية فى النزاع الماثل.
وحيث إنه يخلص من كل ما تقدم أنه ما قدمه الطاعن من مستندات لا ينهض دليلاً على صدق ما يدعيه بل يؤكد صحة القرار المطعون فيه بوقف ترخيص المخبز إلى حين استيفاء باقى الورثة للمستندات المطلوبة صحيحاً متفقاً وأحكام القانون وقائماً على أسبابه الصحيحة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن بإلغاء هذا القرار متفقاً وأحكام القانون وقائماً على أسبابه الصحيحة، ولذا يتعين الحكم برفض الطعن الماثل وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.