جلسة 1 من مارس سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وبحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 9248 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ سقوط القرار ـ توقيع المالك للنماذج بعد مدة السقوط ـ أثره.
القانون رقم 577 لسنة 1954 فى شأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
المشرع حرص على تنظيم نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بالطريق الرضائى كلما أمكن وراعى أن يثبت هذا الرضاء بتوقيع أصحاب الشأن على النموذج الخاص بالبيع ـ إذا امتنع أصحاب الشأن عن توقيع النماذج تنزع ملكية العقارات المخصصة للمشروع تحقيقاً للمصلحة العامة جبراً عنهم بقرار من الوزير المختص يودع مكتب الشهر العقارى المختص خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة فى الجريدة الرسمية ـ إذا لم تودع النماذج الموقَّعة أو القرار الوزارى خلال المدة المذكورة يسقط مفعول قرار المنفعة العامة ويعتبر كأن لم يكن ولا يحول دون هذا السقوط إلا أن تكون العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فى مشروعات تم تنفيذها فعلا أو بُدئ على الأقل فى تنفيذها قبل مضى السنتين ـ السقوط مقرر لمصلحة المالك جزاء تقاعس جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمام نزع الملكية ـ إذا كان مالك العقار عالما بالعيوب التى شابت عملية إجراءات نزع الملكية وسقوط مفعول القرار ومع ذلك قبل مختارًا وبإرادته الحرة التوقيع على نماذج نقل الملكية رغم مضى السنتين وصرف التعويض المستحق دون اعتراض من جانبه ودون أن يطعن على هذا التصرف الإرادى بأى مأخذ أو عيب قد يكون شَابَ إرادته فإنه لا مناص من إعمال الدلالة الظاهرة المستفادة من عدم تمسكه بقرينة السقوط المقررة لصالحه وجعل هذا التصرف الإرادى منتجًا لآثاره القانونية بين الطرفين كعقد تنتقل به الملكية إلى الدولة ليس على أساس الاستيلاء أو نزع الملكية ولكن على أساس التراضي المستخلص من إرادة حرة صريحة وواضحة ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 24/7/2000 أودع الأستاذ/ يحيي محمد العادلى، المحامى بالنقض قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا, تقرير طعن ـ قيد برقم 9248 لسنة 46ق. عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى/الدائرة الثانية بالقاهرة فى الدعويين رقمى 500 , 5327 لسنة 52ق بجلسة 28/5/2000 والقاضى فى منطوقه “حكمت المحكمة: بقبول الدعويين شكلاً، ورفضهما موضوعًا وألزمت المدعيين المصروفات” .
وطلب الطاعنان ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجدداً بسقوط مفعول القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق .
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/6/2002 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 4/11/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 14/12/2002, ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة حيث حضر الطرفان وطلبا حجز الطعن للحكم, وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/2/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر, وإبان هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم أصليًا: برفض الطعن .
واحتياطيًا : بعدم قبول الدعويين المطعون فى حكمهما لانتفاء الصفة وإلزام الطاعنين بالمصروفات فى أى من الحالتين .
وبجلسة 8/2/2003 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم لإتمام المداولة, وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة .
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 14/4/1998 أقام الطاعنان الدعوى رقم 500 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإدارى/الدائرة الثانية بالقاهرة, طالبين الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 109 لسنة 1968 الصادر من رئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من نزع ملكية القطعة رقم 34 كدستر بحوض مارك ليفى الشرقى 6 بناحية الزهراء قسم المطرية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات .
وقالا شرحاً لدعواهما: إنهما بموجب عقد بيع إبتدائى مؤرخ 23/12/1997 ومحكوم بصحة توقيعه فى الدعوى رقم 265 لسنة 1998 مدنى كلى شمال القاهرة, اشتريا من/ …………………………. قطعة أرض فضاء مساحتها 500 مترا مربعا ضمن القطعة رقم 34 كدستر حوض مارك ليفى الشرقى نمرة 6 بناحية الزهراء قسم المطرية, وقد ألت ملكيتها إلى البائعة عن طريق الميراث من والدتها المرحومة/ فتحية عبد الغفار طنطاوى, وبتاريخ 3/3/1998 تقدما بطلب لتسجيل وشهر عقد البيع الابتدائى, ففوجئا بأن اللجنة المختصة بإجراءات التسجيل تقرر بأن القطعة المطلوب تسجيلها تدخل ضمن المشروع رقم 43 كهرباء الخاص بإقامة محطة كهرباء هليوبوليس بعين شمس التى صدر بشأنها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 1968ونعى المدعيان على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن المشروع رقم 43 كهرباء نفذ بالفعل ولم تدخل هذه الأرض ضمن المشروع وتبعد عنه بحوالى 80 مترا, وبالتالي فهى لم تكن لازمة للمنفعة العامة, بالإضافة إلى أن الأرض كانت تقع ضمن القطع التى شملتها خطوط التنظيم وفقا للقرار رقم 106 لسنة 1975 الصادر من محافظ القاهرة والذى تم إلغاؤه بقرار المجلس التنفيذى رقم 59 لسنة 1997, وخلص المدعيان فى ختام صحيفة دعواهما إلى طلباتهما سالفة الذكر.
وبتاريخ 26/4/1998 أقام المدعيان الدعوى رقم 5327 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإدارى أيضا (الدائرة الثانية بالقاهرة) بذات الأسانيد والطلبات الواردة بالدعوى رقم 500 لسنة 52 ق سالفة الذكر, وأضافا أن القطعة محل النزاع قد أدخلت ضمن مشروع إقامة تجمعات سكنية بناحية زهراء عين شمس بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 1065 لسنة 1976 الذى اعتبر هذا المشروع من أعمال المنفعة العامة وجاء ساحبا للقرار رقم 109 لسنة 1968 المطعون فيه ومدعما لقرار محافظ القاهرة رقم 106 لسنة 1975, الأمر الذى يعنى أن جهة الإدارة استولت على ملكيتهما الخاصة على وجه يخالف القانون والدستور.
وبجلسة 28/5/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه برفض الدعوى, تأسيسا على أن القرار المطعون فيه نشر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 62 فى 20/3/1968 , وأن المالكة لقطعة الأرض محل الدعوى وهى فتحية عبد الغفار طنطاوى توفيت بتاريخ 31/12/1971 وانحصر إرثها فى والدها وابنتها اللذين قاما بالتوقيع بعد ذلك على نماذج نقل ملكية القطعة بعد انتهاء المهلة المحددة لإيداع تلك النماذج مكتب الشهر العقارى المختص واستلما قيمة التعويض المقرر لهذه الأرض, ولم يتمسك أى منهما بسقوط قرار المنفعة العامة عند التوقيع أو القبض, مما يبين معه عدم تمسكهما بقرينة السقوط التى وضعها المشرع لصالحهما, وتم إيداع النموذج الموقع منهما مكتب الشهر العقارى فى 26/8/1975, ومن ثم فإنه اعتبارا من هذا التاريخ انتقلت ملكية الأرض إلى الدولة ولا يجوز بعد ذلك أن ينقض ما تم لغير أسباب يقرها القانون, وإنه لما كانت السيدة/ أمينة محمد عبد القادر ابنة المالكة هى التى قامت ببيع هذه الأرض للمدعيين فى 23/12/1997 واللذين يعتبران خلفا لها, وبالتالى فليس لهما حقوق أكثر مما كانت تملكه البائعة لهما والتى ارتضت التوقيع على نماذج نقل الملكية رغم ما شاب قرار المنفعة العامة من عوار كما ارتضت المقابل لهذه الأرض, الأمر الذى يصحح ما شاب القرار المطعون فيه, وبالتالى لا يكون للمدعيين التمسك بقرينة تنازلت عنها البائعة لهما, وهو ما ينصرف أيضا إلى ما ساقه المدعيان من عدم لزوم هذه الأرض لمشروع الكهرباء المشار إليه, وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من القانون جديرًا بالرفض .
بيد أن المدعيين لم يرتضيا هذا القضاء فأقاما طعنهما الماثل ينعيان فيه على الحكم المذكور مخالفته للقانون والفساد فى الاستدلال, وذلك على سند من القول بأن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تودع نماذج نقل الملكية الخاصة بقطعة الأرض محل النزاع مكتب الشهر العقارى المختص خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المطعون فيه فى الجريدة الرسمية, كما لم يتم تنفيذ المشروع بالفعل على القطعة المذكورة حتى تاريخ إقامة هذا الطعن, ولم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد أن المشروع الذى تقرر لزومه للمنفعة العامة بالقرار المطعون فيه قد بدئ فى تنفيذه خلال المدة المقررة لإيداع نماذج نقل الملكية, ومن ثم فإن قرار المنفعة العامة يكون قد سقط مفعوله بالنسبة لأرض الطاعنين, ومن جهة أخرى فإن التوقيع على نموذج البيع ثم الإيداع فى حالة عدم لزوم الأرض للمنفعة العامة, يعتبر فى حكم التدليس وإدخال الغش على المالك الأصلي بحكم النص, لأن المالك حال توقيعه كان معتقدا أن ملكيته ستؤول إلى المنفعة العامة وأنها لازمة للصالح العام, وعلى ذلك فإنه فى حالة إذا لم ينفذ عليها المشروع فإن القانون يكون قد رتب فسخا قانونيا مؤداه أن المالك المنزوعة ملكيته يظل مالكا ولا تؤول ملكية العقار للدولة, وللأخيرة فى هذه الحالة الرجوع فقط على المالك برد مبلغ التعويض وفوائده, ويكون أيضا للمالك الحق فى الرجوع على الدولة بالتعويض عما أصابه من ضرر, كما التوقيع على النماذج بعد السنتين يعتبر بمثابة عقد إدارى اعتراه الغش مفسوخ بقوة القانون, حيث كان لزاما على جهة الإدارة فى هذه الحالة أن تسحب قرارها لمخالفته الجسيمة للقانون, لا أن تقوم بغش الملاك وحرمانهم من ملكيتهم الخاصة مع علمها بسقوط مفعول القرار, إلى جانب أن الحكم المطعون فيه صدر مستندا إلى مبدأ مستخلص من حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا طعنا على حكم صادر فى الشق المستعجل زالت حجيته بصدور حكم فى الموضوع على خلافه وتأيد من قبل دائرة فحص الطعون بالمحكمة .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحكومة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة: فإنه ولئن كان هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام فيجوز إثارته ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا, إلا إنه لما كان هذا الدفع يقوم على أساس أن ملكية الأرض محل النزاع انتقلت إلى الدولة بناء على توقيع المالكة على نماذج نقل الملكية وقبضها للثمن المقرر دون اعتراض من جانبها, وكان البين أن للطاعنين بوصفهما مشتريين لهذه الأرض مصلحة شخصية فى الذود عن حقوقهما الناشئة عن عقد البيع المبرم مع المالكة فى تاريخ لاحق على صدور القرار المطعون فيه, ومن ثم وتبعا لذلك تكون لهما صفة فى رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار الذى يمس هذه المصلحة, بحسبان أن الصفة والمصلحة فى دعوى الإلغاء تندمجان على أساس مرده أن دعوى الإلغاء هى فى الأصل دعوى عينية تستهدف إعمال الرقابة القضائية على مشروعية القرار الإدارى فى ذاته بغض النظر عن أطراف الدعوى, وبناء عليه فإن هذا الدفع يضحى غير قائم على أساس من القانون حرى بالرفض .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى, وهو بصدد تطبيق قواعد وإجراءات نزع الملكية المنصوص عليها فى القانون رقم 577 لسنة 1954 فى شأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ـ وهو القانون الواجب التطبيق على المنازعة الماثلة ـ جرى على أن المشرع حرص على تنظيم ملكية العقارات للمنفعة العامة بالطريق الرضائى كلما أمكن, ويتمثل ذلك فى عدم اعتراض أصحاب الشأن على نقل ملكية عقاراتهم أو على قيمة التعويض المقرر لهم, وراعى أن يثبت هذا الرضاء بتوقيع كل منهم على النموذج الخاص بالبيع وإيداع النماذج مكتب الشهر العقارى المختص, ورتب المشرع على هذا الإيداع جميع الآثار التى تترتب على شهر عقد البيع الرضائى, وأهمها نقل ملكية هذه العقارات من أصحابها إلى الدولة, فإذا امتنع أصحاب الشأن عن توقيع النماذج تنزع ملكية العقارات المخصصة للمشروع تحقيقا للمصلحة العامة جبرا عنهم بقرار من الوزير المختص, ويودع هذا القرار مكتب الشهر العقارى ويترتب على إيداعه جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع, فإذا لم تودع النماذج فى حالة توقيعها أو القرار الوزاري المشار إليه خلال سنتين من تاريخ نشر قرار المنفعة العامة فى الجريدة الرسمية يسقط مفعول هذا القرار ويعتبر كأن لم يكن, ولا يحول دون هذا السقوط إلا أن تكون العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فى مشروعات تم تنفيذها فعلا أو بُدئ على الأقل فى تنفيذها قبل مضى السنتين المنوه عنهما, بيد أن هذا السقوط فى واقع الحال مقرر لمصلحة المالك جزاء على تقاعس الإدارة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمام عملية نزع الملكية خلال المدة المقررة, فإذا ما حدث أن كان مالك العقار عالما بالعيوب التى شابت عملية إجراءات نزع الملكية وسقوط مفعول قرار نزع الملكية, ومع ذلك قبل مختارًا وبإرادته الحرة التوقيع على نماذج نقل الملكية رغم مضى السنتين المذكورتين وصرف التعويض المستحق له دون اعتراض من جانبه, ودون أن يطعن على هذا التصرف الإدارى بأى مأخذ أو عيب قد يكون شاب إرادته سواء من ناحية إدراكه للواقع أو القانـــون, فإنـــــه لا مناص والحالة هذه من إعمال الدلالة الظاهرة المستفادة من عدم تمسكه بقرينة السقوط التى قررها المشرع لصالحه بل وإسقاطه لها, وذلك بجعل هذا التصرف الإدارى منتجا لآثاره القانونية بين الطرفين كعقد تنتقل به الملكية إلى الدولة ليس على أساس الاستيلاء أو نزع الملكية ولكن على أساس التراضي المستخلص من إرادة حرة صريحة وواضحة فى ترتيب هذا الأثر خارج نطاق نزع الملكية بعد سقوط قرار المنفعة العامة, الأمر الذى تضحى معه إجراءات نزع الملكية سليمة ولا مطعن عليها .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق إنه بتاريخ 20 يناير سنة 1968 أصدر رئيس الوزراء القرار رقم 109 لسنة 1968 بتقرير المنفعة العامة لمشروع إقامة محطة محولات هليوبوليس محافظة القاهرة والاستيلاء على الأرض اللازمة لتنفيذه, ومن بينها الأرض موضوع النزاع والكائنة بناحية الزهراء حوض مارك ليفى الشرقى رقم 6 قطعة رقم 34 , وقد نشر هذا القرار فى الوقائع المصرية العدد 62 فى 20 مارس سنة 1968, وكانت المالكة لهذه القطعة / فتحية عبد الغفار طنطاوى التى توفيت بتاريخ 31/12/1971 وانحصر إرثها الشرعى فى والدها وابنتها/ أمينة محمد عبد القادر طنطاوى اللذين قاما بالتوقيع على نماذج نقل الملكية وصرف التعويض المقرر عن هذه القطعة بتاريخ 26/8/1975 بعد مضى المدة المقررة لإيداع النماذج مكتب الشهر العقارى, وذلك دون أى اعتراض أو تحفظ من جانبهما بشأن سقوط قرار المنفعة العامة المشار إليه ودون أى تظلم أو طعن يستفاد منه تعيب إرادتهما أو عدم رضائهما بما تم من إجراءات, ومن ثم فإن الدلالة على تمسكهما بقرينة السقوط تكون منفية, مما لا يجوز معه إعمال حكم السقوط فى حقهما, ومن باب أولى الطاعنان اللذان أبرما مع السيدة/ ………………. عقد بيع عرفى مؤرخ 23/12/1997 على شراء مساحة 500 مترٍ مربعٍ من هذه القطعة, إذ لا يسوغ أن يكون للطاعنين ـ كخلف خاص للبائعة المذكورة حقوق على المساحة المبيعة أكثر من البائعة ذاتها, الأمر الذى يضحى معه قرار المنفعة العامة رقم 109 لسنة 1968 سليماً ولا شائبة فيه, وبالتالى فإن الطعن عليه يكون على غير أساس من القانون خليقًا بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فيما قام به مما يتعين معه الحكم برفض هذا الطعن لعدم صحته.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الطاعنان من أن توقيع المالك على نماذج البيع بعد مضى المدة المقررة لإيداعها بالشهر العقارى يعتبر فى حكم التدليس و الغش, ذلك أن هذا الدفاع من جانب الطاعنين هو مجرد استنتاج وقول مرسل لا يؤيده دليل من الأوراق, يؤكد ذلك ويعضده أن المالك الأصلى للقطعة المتنازع عليها ـ وهى البائعة لهما ـ لم تفصح فى أى شكل من الأشكال عن اعتراضها أو رفضها لقرار المنفعة العامة المطعون فيه, ولم تلجأ للطعن عليه أمام القضاء ولو بمجرد التدخل انضماما إلى جانب الطاعنين لتأييد طلباتهما فى الدعوى, كما إنه لا حجة أيضا فيما ذكره الطاعنان من أن المشروع الذى صدر من أجله قرار المنفعة العامة لم يتم تنفيذه حتى الآن, ذلك أنه بتوقيع المالك على استمارات البيع وصرفه للتعويض المقرر دون التمسك بقرينة سقوط القرار المذكور, تكون ملكية الأرض قد انتقلت من أصحابها إلى الدولة وغدت من أملاكها الخاصة, ويحق لها تبعا لذلك التصرف فيها لأى غرض من الأغراض التى تراها مناسبة دون الوقوف عند الغرض الذى من أجله صدر قرار المنفعة العامة, ومن جهة أخرى فإنه لا يغير مما سبق أن يكون الطاعنان قد حصلا على حكم فى الدعوى رقم 265 لسنة 1998 مدنى كلى شمال القاهرة بصحة توقيع السيدة/ أمينة محمد عبد القادر على عقد البيع المؤرخ 23/12/1997, وذلك أن مثل هذا الحكم لا يؤثر طبقاً لحكم المادة 26 من قانون نزع الملكية سالف الذكر فى إجراءات نزع الملكية وينتقل حق صاحب الشأن إلى التعويض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً, وألزمت الطاعنين المصروفات.