جلسة 26 من مارس سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جوده عبدالمقصود فرحات.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبدالله عامر إبراهيم، ومصطفى محمد عبدالمعطى، وحسونة توفيق حسونة.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبدالستار محمد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1957 لسنة 44 قضائية عليا:
ـ سلطة الجهة الإدارية فى نقل المحل ـ حدودها.
المواد أرقام (9)، (12)، (16) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية.
المادة (7) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979.
يجوز للجهة الإدارية حفاظاً على الصحة العامة والأمن العام وحركة المرور بالشوارع وجمال تنسيق المدينة أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك، ومنها جواز نقل المحلات أو الأسواق المرخص بها لتحقيق هذه الأهداف أو بعضها مادامت توفر أماكن بديلة لهذه المحلات والأسواق، وسلطتها فى تقدير ذلك مطلقة ما لم يشبها إساءة استعمال السلطة ـ أثر ذلك: القرار الصادر بنقل حلقة السمك من شارع الجيش إلى الحلقة الجديدة المنشأة لهذا الغرض استناداً إلى أن تجمع تجار السمك فى هذا الشارع يعوق حركة المرور يكون قد صدر قائماً على أسباب صحيحة لتحقيق الأمن العام والسكينة العامة وللحفاظ على الصحة العامة وهى الأمور التى تخضع لتقدير جهة الإدارة ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 19/1/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1957 لسنة 44 ق.ع طعناً فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية بجلسة 22/11/1997 فى الدعوى رقم 7575 لسنة 1 ق. والقاضى فى منطوقه:
بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء رخصة المحل الخاص بالمدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان الطعن المطعون ضده على النحو الوارد بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى وارتأت فيه، لما قام عليه من أسباب ، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أحيل الطعن إلى الدائرة السادسة فحص المحكمة الإدارية العليا فنظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 3/12/2002 قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 18/12/2002 فنظرته على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وبجلسة 19/2/2003 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال أسبوعين حيث لم يودع أى من الخصوم شيئاً خلال الأجل المحدد، وقد تم النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث أقيم الطعن خلال الميعاد القانونى المحدد وقد استوفى الإجراءات الشكلية المطلوبة فمن ثَمَّ يكون مقبولاً من حيث الشكل.
وحيث تخلص وقائع النزاع حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضده سبق أن أقام الدعوى رقم 709 لسنة 1992 أمام محكمة بندر الزقازيق الجزئية بصحيفة أودعت قلم كتابها وطلب فى ختامها الحكم بقبول دعواه شكلاً وبوقف تنفيذ القرار رقم 33/1992 الصادر من محافظ الشرقية بالتفويض للسيد/ رئيس حى أول الزقازيق بسحب وإلغاء الرخصة الخاصة بمحل بيع أسماك طازجة ومملحة، وفى الموضوع بإلغائه وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وذكر المدعى بياناً لدعواه أنه يستأجر محلاً فى شارع الجيش قسم المنتزه بندر الزقازيق لبيع الأسماك الطازجة والمملحة والمحل برخصة دائمة برقم 6526 بتاريخ 16/3/1978 وعند تجديد الترخيص باعتباره أحد ورثة صاحب المحل رفضت جهة الإدارة تجديد الرخصة وقررت سحب وإلغاء الترخيص بالقرار رقم 33/1992ونعى المدعى على القرار صدوره بالمخالفة لأحكام القانون وأنه مجحف بحقوقه وأنه صادر من غير السلطة المختصة بإصداره لعدم وجود تفويض لرئيس الحى وإنما لرئيس مجلس المدينة فضلاً عن عدم وجود مخالفات بالمحل وأنه
لا يجوز إيقاف الترخيص وإلغاؤه إلا لأحد الأسباب المنصوص عليها فى القانون رقم 453 لسنة 1954 ورغم ذلك أصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه بإلغاء رخصة المحل دون أن يكون هناك سبب محدد لذلك إضافة إلى أنه لم يثبت وجود خطر داهم على الصحة العامة أو الأمن العام، وأن فى تنفيذ القرار المطعون فيه حرمان المدعى وأسرته من مصدر رزقه الوحيد ولذا يطلب الحكم بالطلبات سالفة الذكر.
وبجلسة 31/12/1992حكمت محكمة بندر الزقازيق الجزئية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة وقيدت بجدول هذه المحكمة تحت رقم 1056 لسنة 15ق.
وبإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية أحيلت إليها الدعوى وقيدت بجدولها العام برقم 7575 لسنة 1ق. وبجلسة 22/11/1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن جهة الإدارة لم تقدم ثمة دلائل جدية على قيام خطر داهم يهدد الأمن العام أو الصحة العامة من جراء إدارة المحل الخاص بالمدعى وبالتالى فإن
ما استندت إليه جهة الإدارة فى إصدارها للقرار المطعون فيه يكون غير قائم على سند من القانون ولا ينال مما تقدم ما ذكرته جهة الإدارة من أنها قامت بإنشاء محلات جديدة مع نقل المحل الخاص بالمدعى إليها ذلك لأن إلغاء رخصة المحل فى حالة النقل من مكان لآخر لا يتحقق إلاَّ إذ تم النقل دون موافقة الجهة المرخصة ولا وجه لإلغاء الترخيص إذا تم النقل بموافقة تلك الجهة أو إنشاء محلات جديدة بمعرفة الإدارة، وإذا لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد أقاموا الطعن الماثل تأسيساً على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ إن الثابت بالأوراق ازدحام شارع فؤاد لتجمع تجار الأسماك بأنواعها فى هذا الشارع الأمر الذى نجم عنه ازدحام وارتباك المرور وهو ما يشكل بدوره خطراً على الصحة العامة والأمن العام ومن ثَمَّ فقد تم إنشاء سوق لتجارة الأسماك لنقل تجار الأسماك إليه ومنهم المطعون ضده حيث تم تخصيص محل له بهذا السوق الجديد مع إلغاء التراخيص السابقة الممنوحة للمحلات الموجودة بالشارع المذكور، ولذا يكون القرار المطعون فيه متفقاً وأحكام القانون وقائماً على أسباب صحيحة ويكون الحكم المطعون فيه بإلغاء هذا القرار قد أخطأ فى تطبيق القانون ولذا يطلب الطاعنون الحكم بالطلبات سالفة الذكر.
وحيث تنص المادة رقم ٩ من القانون رقم 453 لسنة 1954 فى شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة العامة على أن “الرخصة التى تصرف طبقاً لهذا القانون دائمة ما لم ينص فيها على توقيتها ……” وتنص المادة رقم 12 من هذا القانون على أنه “فى حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة محل من المحال التى تسرى عليها أحكام هذا القانون يجوز لمدير عام إدارة الرخص بناءً على اقتراح فرع الإدارة الذى يقع فى دائرته المحل إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً ويكون هذا القرار واجب النفاذ بالطريق الإدارى”.
وتنص المادة رقم 16 من ذات القانون على أنه: ” تُلغى رخصة المحل فى الأحوال الآتية:
1ـ إذا أوقف المرخص إليه العمل بالمحل وأبلغ الجهة المنصرفة منها الرخصة بذلك.
2 ـ إذا أوقف العمل بالمحل لمدة تزيد على عامين فى محلات القسم الأول وعام واحد فى محلات القسم الثانى.
3 ـ إذا أزيل المحل وأعيد بناؤه أو إنشاؤه.
4 ـ إذا كان المحل ثابتاً ثم نقل من مكانه.
٥ ـ إذا جرى تعديل فى المحل بالمخالفة لأحكام المادة 16 ولم تتم إعادته إلى حالته قبل التعديل خلال المدة التى تحددها الجهة المختصة.
٦ـ إذا أصبح المحل غير قابل للتشغيل أو أصبح فى استمرار إدارته خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن يتعذر تداركه.
٧ـ إذا أصبح المحل غير مستوفٍ للاشتراطات الواجب توافرها فيه من حيث الموقع أو عدم إقامة منشآت فوقه.
٨ ـ إذا صدر حكم نهائى بإغلاق المحل نهائياً أو إزالته………….
وتنص المادة رقم ٧ من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 والصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 على أن: “……. وتباشر الوحدات المحلية كل فى دائرة اختصاصها الأمور الآتية:
تنفيذ القوانين والاشتراطات الخاصة المتعلقة بإنشاء الأسواق العامة والسلخانات (المجازر) والجبانات …. تنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص الملاهى والمحال العامة والصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والباعة الجائلين…….”.
وحيث إن الثابت مما تقدم أن الرخص الى تمنح طبقاً للقانون رقم 453 لسنة 1954 سالف الذكر تكون دائمة ما لم ينص على توقيتها وأنه يجوز ايقاف إدارة المحل أو إلغاء الرخصة فى الحالات التى حدد القانون وصفها إذا أصبح فى إدارة المحل خطر داهم على الصحة العامة أو الأمن العام وقد منح المشرع للوحدات المحلية ـ كلٌ فى دائرة اختصاصه ـ سلطة تنفيذ القوانين والاشتراطات الخاصة بهذه المحال.
وحيث إن المستقر عليه أنه يجوز للجهة الإدارية حفاظاً على الصحة العامة والأمن العام وحركة المرور بالشوارع وجمال تنسيق المدينة أن تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ومنها جواز نقل المحلات أو الأسواق المرخص بها لتحقيق هذه الأهداف أو بعضها مادامت توفر أماكن بديلة لهذه المحلات والأسواق وسلطتها فى تقدير ذلك مطلقة ما لم يشبها إساءة استعمال السلطة.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن رئيس حى أول مدينة الزقازيق أصدر القرار المطعون فيه متضمناً حظر نشاط بيع الأسماك الطازجة أو المملحة بشارعى الجيش والنقراشى بمدينة الزقازيق وسحب وإلغاء التراخيص الموجودة حالياً بهذين الشارعين ونقل حلقة السمك من شارع الجيش إلى الحلقة الجديدة المنشأة لهذا الغرض وذلك تحقيقاً للصالح العام.
وحيث أفصحت جهة الإدارة عن أسباب ذلك القرار وهو أن تجمع تجار السمك فى هذا الشارع يعوق حركة المرور ولذا فقد أنشأت سوقاً جديداً لبيع الأسماك ونقلت إليه أصحاب المحلات ومنهم المطعون ضده فمن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قائماً على أسباب صحيحة لتحقيق الأمن العام والسكينة العامة وللحفاظ على الصحة العامة وهى الأمور التى تخضع لتقدير جهة الإدارة، ولذا لا محل للطعن على هذا القرار سيما وأن جهة الإدارة وفرت مكاناً بديلاً للمطعون ضده شأن نظرائه من تجار الأسماك فى هذا الشارع ومن ثَمَّ يتعين الحكم برفض طلب إلغائه.
وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن المحافظ المختص قد وافق بتاريخ 30/9/1992 على مذكرة رئيس الحى المختص المقدمة بتاريخ 29/9/1992 التى تضمنت الاقتراح بالموافقة على استصدار قرار حظر نشاط بيع الأسماك الطازجة والمملحة بشارع الجيش والنقراشى وأن هذه الموافقة تعد بمثابة القرار الإدارى المكتمل لكافة أركانه ومن ثَمَّ يكون النعى على القرار المطعون فيه فى غير محله؛ وحيث ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون غير متفق وأحكام القانون وغير قائم على أسباب صحيحة مما يتعين معه الحكم بإلغائه ورفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.