جلسة 15 من أبريل سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبدالرحمن اللمعى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود شعبان حسين، ومنير صدقى يوسف خليل، وعبدالكريم محمود صالح الزيات، وحسن سلامة أحمد محمود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمود شعبان حسين.
مفوض الدولة
وحضور السيد/ جمال طه المهدى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5633 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ توزيع الأراضى المستولى عليها ـ أحكامه ـ حقوق مقدم طلب الانتفاع.
المواد (9)، (14)، (16) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى.
توزيع الأراضى المستولى عليها يتم لمقدم طلب الانتفاع دون سواه من المدرجين معه فى استمارة البحث بحسبانه الوحيد الذى تتوافر بشأنه شروط التوزيع وهى التمتع بالجنسية المصرية والبلوغ وعدم صدور حكم ضده فى جريمة مخلة بالشرف واحتراف الزراعة وعدم تجاوز ملكيته من الأراضى الزراعية خمسة أفدنة، وهو الذى تسلم إليه الأرض عند التوزيع وهو الذى فرض عليه المشرع عدة التزامات منها زراعة الأرض وبذل العناية الواجبة وعدم البناء عليها أو تبديدها أو التصرف فيها قبل الأجل المقرر قانوناً، وتوقع عليه عقوبة إلغاء التوزيع فى حالة إخلاله بالتزاماته وبالتالى يتم تسجيل اسمه فقط، أما المدرجون معه فى استمارة البحث فقد لا تتوافر فيهم بعض شروط التوزيع كشرط البلوغ أو احتراف الزراعة، إنما استلزم المشرع إدراجهم فى استمارة بحث التوزيع لتحديد الأولوية عند التوزيع ولتقدير المساحة التى توزع على مقدم طلب الانتفاع حتى لا يتساوى الأقل عائلة والأكثر عائلة وليس لسبب إعطاء كل واحد منهم حصة من الأرض الموزعة ـ تطبيق.
فى يوم السبت الثانى والعشرين من أبريل 2000 أودعت الأستاذة آمال محمد إبراهيم المحامية بصفتها وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 6386 لسنة 53 ق. بجلسة 22/2/2000 الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً ، وفى الشق العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم الصادر فى الشق العاجل من الدعوى المطعون فى حكمها والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها؛ حيث حكمت بجلسة20/3/2002 بإحالة الطعن للدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 30/7/2002، وتدوول أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات؛ حيث قررت بجلسة 21/1/2003 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة لآخر الجلسة لتغيير تشكيل الهيئة ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 6386 لسنة 53ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بعريضة أودعت بتاريخ 3/5/1999 طلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 31 لسنة 1999 الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بعدم التصديق على قرار اللجنة القضائية الصادر فى الاعتراض رقم 96لسنة 92 وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات.
وقال المطعون ضده شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 17/3/1998 صدر قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى فى الاعتراض رقم 96 لسنة 1992 برفض الدفع بعدم اختصاص اللجنة ولائياً بحظر الاعتراض وبقبول الاعتراض شكلاً وفى الموضوع بأحقية المعترضين فى الانتفاع بالمساحة التى تعادل وحداتهم الواردة باستمارة البحث 82912 لسنة 1995 كشركاء بالمشاع فى المساحة الموزعة على القطعة الأصلية للمرحومة أم السعد أحمد على عيسى محل الاعتراض والبالغ مقدارها 5س و21ط و2ف بزمام محافظة الدقهلية المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض والعقد المسجل رقم 4408 لسنة 1982 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبعرض هذا القرار على مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى للتصديق عليه طبقاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952رفض التصديق عليه بقرار رقم 31 لسنة 1999 الصادر بجلسة 2/2/1999 دون إبداء الأسباب وينعى على هذا القرار صدوره مشوبًا بالبطلان لأنه ثبت للجنة القضائية أن تسجيل العقد باسم المنتفعة الأصلية دون المدرجين معها فى الاستمارة يعد مخالفًا لأحكام القانون.
وبجلسة 22/2/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه، وشيّدت قضاءها بأن الإصلاح الزراعى لم يفصح عن النظام الذى كان يبتغيه بشأن تسجيل الأرض قبل العمل بالقانون رقم ٣ لسنة 1986 فضلاً عن أن الحجج والأسانيد التى استند إليها قرار اللجنة القضائية سائغة ومقبولة قانوناً ولا مطعن عليها ذلك لأنها استندت إلى أن المعترضين تم بحثهم ضمن استمارة البحث الخاصة بأسرة المنتفعة الأصلية المرحومة أم السعد أحمد عيسى وأن المذكورة ذاتها هى التى أدرجت معها أفراد أسرتها جميعًا ومنهم المعترضون وتم التصديق على ذلك من اللجنة القضائية المختصة بالقرية وأنه كان يتعين على الهيئة العامة للإصلاح الزراعى عند قيامها بتحرير عقد البيع للأراضى موضوع الاعتراض وتسجيلها بالشهر العقارى مراعاة إدراج جميع الأفراد المذكورين بهذه الاستمارة ومنهم المعترضون بالمساحة التى انتفع بها والتى تعادل وحداته المدرجة بهذه الاستمارة حيث تنطبق عليهم شروط التوزيع المنصوص عليها فى المادة التاسعة من القانون رقم 178 لسنة 1952 وأن القانون رقم 3 لسنة 1986جاء مؤيدا لذلك، حيث نصت المادة الثالثة فقرة (٢) منه بأن تصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعى شهادات توزيع للمنتفعين معهم المدرجين بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعًا حسب الأحوال ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بحسب الظاهر من الأوراق معيباً فى سببه ومخالفاً للقانون مما يجعله مرجح الإلغاء عند الفصل فى الموضوع وهو ما يتحقق معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ فضلا عن توافر ركن الاستعجال لأن من شأن هذا القرار حرمان المدعى من الانتفاع بمساحة الأرض التى تخصه من المساحة الموزعة على المنتفعة الأصلية وفقاً للوحدات المبينة فى استمارة البحث وبالتالى من عائد هذا الانتفاع وما يدره من دخل قد يكون مصدر رزقه الوحيد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون ذلك لأن المشرع نص فى المادة (14) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 على أن يتم تسجيل الأرض باسم صاحبها أى اسم المنتفع الأصلى فقط ولا يشمل المدرجة معه باستمارة البحث لأن إدراجهم فى استمارة البحث هو للتحقق من الأولوية فى التوزيع ولتحقيق العدالة فى ذلك، وهذا هو النظام المتبع فى الإصلاح الزراعى وهو ما نص عليه القانون وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير بهذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن رقابة القضاء الإدارى للقرارات الإدارية سواء فى مجال وقف تنفيذها أو مجال إلغائها هى رقابة قانونية تسلطها المحكمة فى الحالتين على هذه القرارات لتعرف مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها للقانون نصًا وروحًا فينبغى ألاَّ تلغى قرارًا إلا إذا شابه عيب من هذا القبيل وألاَّ توقف قرارًا إلا إذا كان ـ وعلى حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل به ـ مشوبًا بمثل هذا العيب، وما إذا قامت إلى جانب ذلك حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن مقطع الدفاع فى الطعن الماثل يتوقف على تحديد إذا كان توزيع أرض الإصلاح الزراعى يتم لمقدم طلب الشراء ( المنتفع الأصلى) ويتم التسجيل باسمه فقط. أو يتم التوزيع له ولجميع المدرجين معه فى استمارة البحث وبالتالى يتم التسجيل لهم جميعًا.
ومن حيث إن المادة (٩) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى تنص على أن توزيع الأراضى المستولى عليها فى كل قرية على صغار الفلاحين بحيث تكون لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل عن فدانين ولا تزيد على خمسة أفدنة تبعًا لجودة الأراضى.
ويشترط فيمن توزع عليه الأرض:
( أ ) أن يكون مصريًا بالغًا سن الرشد لم يصدر ضده حكم في جريمة مخلة بالشرف.
(ب) أن تكون حرفته الزراعة .
(ج) أن يقل ما يملكه من الأرض الزراعية عن الخمسة أفدنة وتكون الأولوية لمن كان يزرع الأرض فعلا مستأجراً أو مزارعًا ثم لمن هو أكثر عائلة من أهل القرية ثم لمن هو أقل مالاً منهم ثم لغير أهل القرية، وتعد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي نموذجاً خاصًا لاستمارات بحث حالة الراغبين فى الانتفاع بالتوزيع تحرر بياناتها من واقع أقوالهم أو قراراتهم ويوقع عليها منهم وتشهد بصحة هذه البيانات لجنة فى كل قرية من ناظر الزراعة المختص بالإصلاح الزراعى والعمدة والشيخ والمأذون والصراف.
وتنص المادة (14) منه على أن تسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين….
ويجب على صاحب الأرض أن يقوم بزراعتها وأن يبذل فى عمله العناية الواجبة، وإذا تخلف من تسلم الأرض عن الوفاء بأحد التزاماته المنصوص عليها فى المادة (19) أو أخل بأى التزام جوهري يقضى به العقد والقانون تحقق الموضوع بواسطة لجنة…. ولها بعد سماع أقوال صاحب الشأن أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه.
وتنص المادة (16) على أنه لا يجوز لصاحب الأرض ولا الورثة من بعده التصرف فيها قبل الوفاء بثمنها كاملاً.
ويُستفاد من النصوص المتقدمة أن التوزيع يتم لمقدم طلب الانتفاع دون سواه من المدرجين معه فى استمارة البحث ذلك لأنه هو الوحيد الذى تتوافر بشأنه شروط التوزيع المنصوص عليها فى المادة (9) وهى التمتع بالجنسية المصرية والبلوغ وعدم صدور حكم ضده فى جريمة مخلة بالشرف واحتراف الزراعة وعدم تجاوز ملكيته من الأراضى الزراعية خمسة أفدنة، وهو الذى تسلم إليه الأرض عند التوزيع وهو الذى فرض عليه المشرع عدة التزامات منها زراعة الأرض وبذل العناية الواجبة وعدم البناء عليها أو تبديدها أو التصرف فيها قبل انتهاء الأجل المضروب قانوناً، وهو الذى توقع عليه عقوبة إلغاء التوزيع فى حالة إخلاله بالتزاماته وبالتالى يتم التسجيل باسمه فقط أما المدرجون معه فى استمارة البحث فقد لا تتوافر بينهم بعض شروط التوزيع كشرط البلوغ وشرط احتراف الزراعة، وقد استلزم المشرع إدراجهم فى استمارة بحث التوزيع لتحديد الأولوية عند التوزيع ولتقدير المساحة التى توزع على مقدم طلب الانتفاع حتى لا يتساوى الأقل عائلة والأكثر عائلة وليس لسبب إعطاء كل واحد منهم حصة من الأرض الموزعة.
يؤكد هذا أن المشرع حينما أراد أن يخرج عن هذا النظام فى القانون رقم 3 لسنة 1986 بشأن تصفية الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعى نص صراحة فى المادة الثالثة منه على أن “تصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعى شهادات التوزيع بالنسبة لمن يسرى بشأنهم القانون المذكور باسم المنتفع ومن معه من المقبولين فى بحث التوزيع أو الورثة عنهم مشاعًا حسب الأحوال وبالنسبة للمنتفع يقتصر توزيع حصته على ورثته الشرعيين دون المساس بحصص باقى الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث”، كما قضت المادة الخامسة منه على أن “يتم شهر شهادات التوزيع التى تصدر وفقا لأحكام هذا القانون بطريق الإيداع بمكاتب الشهر العقارى” كما قضت المادة التاسعة منه على أن “ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره أى اعتبارًا من 11/4/1986”.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الأرض موضوع النزاع تم توزيعها عام 1954 وتم تسجيلها برقم 4408 لسنة 1982 أى قبل العمل بأحكام القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه ومن ثم تسرى عليها أحكامه ويكون ما اتخذته الهيئة العامة للإصلاح الزراعى من توزيع الأرض على المنتفعة الأصلية وتسجيلها اسمها دون المدرجين معها باستمارة البحث قد تم مطابقًا لصحيح حكم القانون مما يتفق معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ خليقًا بالرفض بصرف النظر عن توافر ركن الاستعجال من عدمه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانب جادة الصواب مما يتعين الحكم بإلغائه وبرفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى طبقاً للمادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.