جلسة 10 من مايو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماجد محمود أحمد , وأحمد عبد الحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5205 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ تأديبهم ـ مناط قيام المسئولية التأديبية ـ تدرج الجزاءات بحسب جسامة المخالفة.
المادة (25) من قانون العمد والمشايخ الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1994.
مناط المخالفة التأديبية أن يثبت قِبل العامل فعل محدد يقطع الدلالة على ارتكابه له سواء كان هذا الفعل إيجابياً أو سلبياً وذلك إذا كان الفعل مخالفًا لواجبات الوظيفة أو مقتضياتها، فإذا لم يثبت بيقين فعل محدد قبل العامل فإنه لا يكون ثمة سبب مشروع تقوم عليه المسئولية التأديبية التى تبرر مجازاته وعقابه تأديبياً ـ أكد قانون العمد والمشايخ هذا النظر إذ تطلب لمجازاة العمدة أو الشيخ تأديبياً أن يرتكب فعلاً يمثل إهمالاً أو تقصيراً فى القيام بواجبات وظيفته أو حال فقده الاعتبار وتدرج بالجزاءات التى يجوز توقيعها بحسب جسامة المخالفة من الإنذار مروراً بالخصم من المكافأة الشهرية المقررة وانتهاءً بالفصل من الخدمة مع الحرمان من التقدم إلى شغل وظيفة العمدة أو الشيخ لمدة خمس سنوات كما بين السلطات التى يجوز لها توقيع كل من تلك الجزاءات ـ تطبيق.
بتاريخ 12/4/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة عن الطاعنين بصفتيهما تقرير طعن لدى المحكمة الإدارية العليا قيد بالرقم عاليه فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا المشار إليها والقاضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للطاعن مبلغ 4107 جنيهات تعويضاً عن الأضرار التى لحقت به من جراء صدور القرار المطعون فيه.
وطلب الطاعنان بصفتيهما فى ختام تقرير طعنهما ـ للأسباب الواردة به ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن التأديبى رقم 1434 لسنة 27ق.
وقد جرى إعلان الطعن طبقاً للثابت من الأوراق وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 19/9/2001 وبجلسة 3/6/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ دائرة الموضوع ـ لنظره بجلسة 1/7/2002 وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية وبجلسة
1/3/2003 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات فى شهر, وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ
8/6/1998 أقام المدعى (المطعون ضده) الطعن رقم 521 لسنة 45ق بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصله من “العمدية” وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى له تعويضًا عادلاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء فصله وإلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد سند الطاعن طعنه بأنه كان يشغل وظيفة عمدة قرية الأخمين منذ عام 1980 لمدة ثلاث دورات متتالية ثم عين عمدة لها من 15/10/1996 وأنه بتاريخ 1/9/1997 وأثناء حضوره تشييع جنازة أحد المواطنين بناحية الخرقانية مركز القناطر الخيرية وقعت جريمة قتل أخذًا بالثأر بين عائلتى ناصر وناجى بالخرقانية, وبتاريخ 2/9/1997 تم استدعاؤه للإدلاء بشهادته أمام النيابة العامة فى جريمة القتل المشار إليها رقم 2879/1998 جنايات القناطر, وعقب إدلائه بشهادته تم إيقافه عن العمل ووقف صرف مكافأة العمدية اعتباراً من 4/9/1997 بناء على القضية التأديبية رقم 1 لسنة 1997 وتم إيقاف صرف مرتبه لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي من تضمينه شهادته أمام النيابة العامة وقائع مخالفة للحقيقة فى القضية المذكورة وعدم تعاونه مع فريق البحث الجنائي رغم تكليفه بذلك, وبتاريخ 30/10/1997 عرض الموضوع على لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن القليوبية، حيث قررت فصله من الخدمة, واعتمد قرارها من وزير الداخلية بتاريخ 26/3/1998 , وقد تظلم من القرار ولم يتلق ردًا فأقام دعواه الماثلة.
وبجلسة 19/6/1999 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الطعن وبإحالته بحالته للمحكمة التأديبية بطنطا للاختصاص.
وبجلسة 19/2/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها على سند أن التحقيق الإدارى الذى أجرى مع الطاعن لما نسب إليه من الإدلاء بوقائع مخالفة للحقيقة بمحضر النيابة العامة فى القضية رقم 5219/1997 إدارى القناطر الخيرية (المقيدة بعد ذلك برقم 2879/1998 جنايات القناطر) وعدم تعاونه مع رجال البحث الجنائي فى البحث عن الجناة فى القضية المذكورة, دونما بيان هيئة تلك الوقائع التى أدلى بها بالمخالفة للحقيقة ولا من أوجه تراخيه أو عدم تعاونه مع رجال البحث الجنائى, فضلاً عن إخلال هذا التحقيق بحق الطاعن فى الدفاع إذ لم يأخذ بأقوال الشهود الذين استشهد بهم, وخلصت المحكمة إلى عدم مشروعية قرار فصل الطاعن من الخدمة.
وأضافت المحكمة أن هذا القرار قد أصاب الطاعن بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من المكافأة المقررة للعمد وقيمتها 150 جنيهًا شهرياً اعتباراً من 3/10/1997 تاريخ صدور قرار الفصل, وأن هذه الأضرار بسبب خطأ الإدارة لذلك استوجب تعويضاً عنها وانتهت المحكمة إلى قضائها السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله حيث إن الوقائع المنسوبة للطاعن ثابتة فى حقه وقد صدر القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون, وبالتالى فإن ركن الخطأ غير متوافر فى دعوى التعويض مما يتعين معه رفضها وانتهى الطاعنان “بصفتيهما” إلى طلب الحكم بالطلبات السابقة.
ومن حيث إن المادة (25) من قانون العمد والمشايخ الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1994 تنص على أنه “لوزير الداخلية لأسباب تتصل بالمصلحة العامة أن يصدر قرارًا بفصل العمدة أو الشيخ إدارياً بناء على موافقة لجنة مكونة من مساعد وزير الداخلية الإقليمى رئيساً وعضوية رئيس إدارة الفتوى بوزارة الداخلية والمحامى العام المختص بعد سماع دفاع العمدة أو الشيخ المطلوب فصله ويحرم العمدة أو الشيخ المفصول من حق التقدم لشغل وظيفة العمدة أو الشيخ مدة خمس سنوات ميلادية من تاريخ صدور قرار الفصل”.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن مناط المخالفة التأديبية أن يثبت قبل العامل فعل محدد يقطع الدلالة على ارتكابه له سواء كان هذا الفعل إيجابياً أو سلبياً وذلك إذا كان هذا الفعل مخالفاً لواجبات الوظيفة أو مقتضياتها فإذا لم يثبت بيقين فعل محدد قبل العامل فإنه لا يكون ثمة سبب مشروع تقوم عليه المسئولية التأديبية التى تبرر مجازاته وعقابه تأديبياً.
وقد أكدت نصوص القانون رقم 58 لسنة 1978 بشأن العمد والمشايخ هذا النظر إذ تطلبت لمجازاة العمدة أو الشيخ تأديبياً أن يرتكب فعلاً يمثل إهمالاً أو تقصيراً فى القيام بواجبات وظيفته
أو حال فقده الاعتبار وتدرجت بالجزاءات التى يجوز توقيعها بحسب جسامة المخالفة من الإنذار مروراً بالخصم من المكافأة الشهرية المقررة وانتهاء بالفصل من الخدمة مع الحرمان من التقدم إلى شغل وظيفة العمدة أو الشيخ لمدة خمس سنوات, كما بينت السلطات التى يجوز لها توقيع كل من تلك الجزاءات.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم وفى خصوص الطعن الماثل فإن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر بناء على التحقيق الإدارى الذى أجرى مع الطاعن لما نسب إليه من الإدلاء بوقائع مخالفة للحقيقة بمحضر النيابة العامة فى القضية رقم 5219 لسنة 1997 إدارى مركز القناطر الخيرية والمقيدة برقم 2879/ 1998 جنايات القناطر, وعدم تعاونه مع رجال البحث الجنائى فى البحث عن الجناة فى القضية المذكورة وقد جاء الاتهام عارياً من الدليل فلم يحدد التحقيق ماهية الوقائع الذى أدلى بها المخالفة للحقيقة, ولا مظاهر عدم تعاونه مع رجال البحث وتراخيه فى ذلك, كما أن الواقع يتصادم مع ذلك لأن وجود العمدة فى الجنازة التى تمت الجريمة إبانها كان للعزاء وفى مجال جغرافى مختلف عن عمديته فهو عمدة لقرية الأخمين فى حين أن الواقعة حدثت فى قرية الخرقانية, كما أن الثابت من الأوراق أن الطاعن استشهد لدرء التهمة الخاصة بعدم تعاونه مع رجال البحث برجال من إدارة البحث ذاتها وهم العقيد رئيس فرع البحث الجنائي بشبرا الخيمة ورئيس وحدة مباحث القناطر الخيرية وهما المنوط بهما البحث فى القضية وأنهما لم يقررا عدم تعاونه ولم يبرز التحقيق ذلك مما يخل بحق الطاعن فى الدفاع عن نفسه, يضاف إلى ذلك أن شهادة الطاعن قد جاءت مطابقة لمعظم شهود الواقعة ما عدا اسم أحد الشباب لعدم معرفته به لاسيما أن الطاعن عمدة لقرية أخرى غير القرية التى وقع بها الحادث, مما يجعل القرار المطعون فيه غير قائم على أسبابه واجب الإلغاء وما يترتب عليه من آثار.
ومن حيث إنه من المقرر والمستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها هى وجود خطأ من جانبها بأن يكون قرارها مشوباً بعيب من عيوب عدم المشروعية, وأن يترتب عليه ضرر ووجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه قد ثبت فى حق الجهة الإدارية وجود خطأ وذلك بصدور القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون على النحو السابق بيانه, وأن هذا الخطأ سبب ضررا للمطعون ضده يتمثل فى حرمانه من مرتبه والمقدر بمائة وخمسين جنيهاً شهرياً طبقاً للمادة 29 من قانون العمد والمشايخ طوال الفترة من30/10/1997 تاريخ موافقة لجنة العمد والمشايخ على فصله, وأن هذه الأضرار بسبب خطأ الإدارة فمن ثم يتعين تعويضه.
وحيث إن تقدير التعويض من المسائل الموضوعية التى يقدرها قاضى الموضوع, ولما كان التقدير حدده الحكم الطعين وهو مبلغ 4107 جنيها مصرياً يعد تقديراً سائغاً فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه وتعويض المطعون ضده عن الأضرار التى أصابته قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون مما يجعل النعى عليه فى غير محله واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعًا, وألزمت الطاعنين المصروفات.