جلسة 14 من يونيو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5655 لسنة 43 قضائية عليا:
ـ استثمار المال العربى والأجنبى ـ سلطات هيئة الاستثمار ضد المشروع المخالف ـ إلغاء الترخيص أو تحريك الدعوى الجنائية ـ عدم جواز الجمع بين الاجراءين.
المادة (57) من قانون استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974.
القانون المشار إليه علق تحريك الدعوى الجنائية عن مخالفة أحكامه على وجود طلب من رئيس هيئة الاستثمار أو من يفوضه ـ مؤدى ذلك: أن الهيئة تكون بالخيار بين اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المخالف أو إلغاء الترخيص الصادر له ـ لا يسوغ للهيئة أن تجمع بين الإجراءين، وإلا انطوى ذلك على ازدواج فى توقيع العقوبة عن المخالفة الواحدة دون سند من القانون ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الموافق3/9/1997 أودع وكيل الهيئة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن ـ قيد برقم 5655 لسنة 43ق.عليا ـ فى الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضى فى منطوقه أولاً: بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. ثانياً: بإثبات ترك المدعى الخصومة فى طلب التعويض وألزمته المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون، لتأمر بصفة مستعجلة بقبول الطعن شكلاً وبوقف الحكم المطعون فيه تعليقًا لحين الفصل فى الدعويين الجنائيتين رقمى 119لسنة 1980 و2 لسنة 1984 بحكم نهائى وبات، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده ـ فى جميع الحالات ـ بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة4/2/2002وفيها قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 18/3/2002 وبهذه الأخيرة قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الأولى/ موضوع لنظره بجلسة 20/4/2002.
ونظرت المحكمة الطعن بالجلسة المذكورة، وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 27/8/2002، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 9/11/2002 لتبين الهيئة الطاعنة ما تم بالنسبة للطعن بالنقض فى الحكم الصادر فى الدعويين رقمى 119لسنة 1980 و2 لسنة 1985، وتدوول الطعن مجدداً بجلسات المرافعة حيث أودعت الهيئة الطاعنة حافظة مستندات طويت على صورة مذكرة بأسباب الطعن بالنقض فى الجنحة رقم 2 لسنة 1985 المقيدة برقم1955لسنة 1985جنح مستأنفة، وصورة الحكم الصادر من محكمة النقض فى الطعن رقم 20618 لسنة 61 ق. بجلسة 3/6/2002 والقاضى فى منطوقه ” بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى”.
وبجلسة15/3/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 14/6/2003وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر ، وإبان هذا الأجل قدم المطعون ضده مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع قد بسطها الحكم المطعون فيه بسطاً كافياً، مما ترى معه المحكمة أنه لا وجه لإعادة سردها اكتفاء بالإحالة بشأنها إلى الحكم المذكور تفادياً للتكرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه ـ وهو قرار الهيئة الطاعنة رقم 105 ـ 18 ـ 83 الصادر بتاريخ 26/6/1983 بإلغاء الترخيص الصادر للمطعون ضده فى 20/5/1973 بإنشاء منطقة حرة خاصة لمصنع موصيلاى للنسيج وعدم سريان أحكام القانون رقم 43لسنة 1974 المعدل على المشروع المشار إليه اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار ـ على أن المخالفات التى نسبتها الهيئة المدعى عليها (الطاعنة) إلى المشروع الاستثمارى الخاص بالمدعى،لا تشكل سنداً مشروعاً لإصدار القرار المطعون فيه، وذلك على النحو المفصل بأسباب الحكم.
ومن حيث إن الهيئة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ، فضلاً عن القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بعريضة الطعن.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت فى الطعن رقم 2653 لسنة 30 ق. عليا بجلسة 23/1/1988 ـ المقام على الحكم الصادر فى الشق المستعجل من الدعوى المطعون على حكمها ـ بأن اخـتصاص مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار بإلغاء ترخيص المشروع الاستثمارى إذ خالف الأغراض المحددة له،لا يكفى لإعماله مجرد مخالفة المشروع لأية أحكام قانونية بصرف النظر عن مجالها، وإنما يلزم أن تكون المخالفة قد نالت من ذات الاستثمار بما يناقض أغراض الهيئة وأهداف المشروع أو المنطقة الحرة، وأضافت أنه باستعراض الواقعات المشكلة للمخالفات التى نسبتها الهيئة العامة للاستثمار إلى مشروع مصنع موصيلاى لتجهيز الأجهزة القطنية، يتضح أن منها ما لا يقتصر على مجال الاستثمار وحده، بل يعرض فى مختلف المجالات على السواء باعتباره خروجاً على أحكام قانونية عامة التطبيق، مثل الواقعات الخاصة بعدم سداد مبالغ معينة، ومنها ما يحدث فى مجال الاستثمار وحده ولكن دون أن ينال من أغراض المشروع أو المنطقة الحرة الخاصة أو أهداف الهيئة، مثل مجرد الاعتراض على تعيين حراس الموانى طالما للهيئة حق الالتفات عنه بل واتخاذ ما يقتضى التمكين لهم من مباشرة مهامهم إن لزم الأمر، ومنها ما يتعلق بالاستثمار خاصة ويتصل بأغراضه وأهدافه، مثل واقعة تخصيص مخزن داخل المنطقة الحرة الخاصة لأحد البنوك، إذ تصور الهيئة هذه الواقعة بأنها إشراك للغير فى الترخيص، فى حين أن دفاع المطعون ضده قائم على أن هذه الواقعة تتمثل فى رهن لصالح البنك جائز قانوناً، ومثل واقعة التشغيل لحساب الغير فإنها علاوة على أنها تدخل ضمن المخالفات التى تشكل وقائع التهريب الجمركى والمخالفات الاستيرادية والنقدية المطروحة أمام الجنح المستأنفة، فإن هناك موافقة من الهيئة للمطعون ضده سابقة على 3 نوفمبر سنة1980 لتصنيع أقمشة الصنفرة لشركة سابى، وكذلك واقعات تصريف المنتجات فى السوق المحلية وغيرها مما يشكل جرائم جنائية تحققها النيابة العامة ولم تقدم الهيئة ما يفيد صدور أحكام نهائية فى الواقعات موضوع القضية رقم 119 لسنه 1980 التى أشارت إليها فى تعقيبها على الدعوى ،خاصة وأن الظاهر مما قدمه المطعون ضده ولم تجحده الهيئة أن الحكم الصادر فى القضية رقم 2 لسنة 1980 جنح شئون مالية بجلسة19فبراير1985 تم استئنافه وبذلك أوقفت حجيته وبالتالى لم يتم القطع بعد بثبوت هذه الواقعات فى حق المطعون ضده مما لا مندوحة معه من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المبادئ والأسباب التى قام عليها الحكم الصادر فى الطعن سالف الذكر، مازالت قائمة ومحتفظة بقيمتها القانونية بعد صدور حكم فى موضوع النزاع بإلغاء القرار المطعون فيه، لا ينال منها ما أوردته الهيئة الطاعنة من مثالب على الحكم الموضوعى المطعون فيه، وذلك لأنه مع التسليم باختصاص الهيئة بإصدار قرار بإلغاء الترخيص الصادر للمطعون ضده بإقامة منطقة حرة خاصة ـ كما جاء بأسباب الطعن على الحكم ـ فإن ذلك لا يكفى لإقامة القرار المطعون فيه على السبب المبرر له، مادامت المخالفات التى استند إليها القرار فى إلغاء الترخيص لا تسوغ إلغاءه على النحو الذى خلصت إليه هذه المحكمة فى قضائها بصدد الفصل فى الطعن على الحكم الصادر فى الشق العاجل، وكذلك الأمر بالنسبة لما ذكرته الهيئة الطاعنة عن إخلال الحكم المطعون فيه بحق الدفاع والقصور فى التسبيب, بمقولة إن الحكم اغفل الرد على طلب الهيئة القضاء بوقف الدعوى تعليقياً لحين الفصل فى الدعويين الجنائيتين رقمى 119 لسنة 1980و 2لسنة 1985بحكم نهائى من محكمة النقض وتصدى للفصل فى الدعوى دون انتظار الفصل فى موضوع هاتين الدعويين، فذلك مردود بأن وقف الدعوى وقفاً تعليقياً هو سلطة تقديرية للمحكمة وفقاً للمادة 129 من قانون المرافعات، ومن ثَمَّ
لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن هذا الطلب ولم تتعرض له خاصة وأن الثابت من حافظة مستندات الحكومة المودعة بجلسة 15/3/2003 أن محكمة النقض قضت فى الطعن رقم 20618 لسنة 61 القضائية بجلسة 3/6/2002 بنقض الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة فى الاستئناف رقم 1955 لسنة 1985 وإعادة القضية إلى المحكمة المذكورة للفصل فيها مجدداً من هيئة استئنافية أخرى، ومع ذلك وبفرض ثبوت المخالفات موضوع الاتهام وإدانة المطعون ضده عنها جنائياً، فإن ذلك لا ينهض سنداً قانونياً لإلغاء الترخيص الحاصل عليه بإقامة منطقة حرة خاصة، وذلك لأن المادة 57 من قانون استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43لسنة 1974 قد علقت تحريك الدعوى الجنائية عن مخالفة أحكام هذا القانون على وجود طلب من رئيس هيئة الاستثمار أو من يفوضه، ومفاد ذلك أن الهيئة تكون بالخيار بين اتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المخالف أو إلغاء الترخيص الصادر له، ولكن لا يسوغ لها أن تجمع بين الإجراءين، وإلا انطوى ذلك على ازدواج فى توقيع العقوبة عن المخالفة الواحدة دون سند من القانون.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم ، فإن ما تضمنه قرار مجلس إدارة الهيئة الطاعنة من إلغاء ترخيص المنطقة الحرة الصادر للمطعون ضده بسبب ما نسب إليه من مخالفات من قبل هذه الهيئة، يكون والحالة هذه قد جاء مخالفاً لأحكام القانون ومشوباً بالتعسف فى استعمال السلطة إذ جمعت الهيئة بإصداره بين إجراء إلغاء الترخيص وتحريك الدعوى الجنائية بالمخالفة لصحيح حكم القانون، كما بالغت فى توقيع الجزاء (العقوبة) على المطعون ضده إذ ضمنت القرار النص على عدم سريان القانون رقم 43 لسنة 1974 على المشروع منذ تاريخ صدور القرار إلى جانب إلغاء الترخيص فأخرجت بذلك المشروع الخاص بالمطعون ضده ، ليس فقط من دائرة المناطق الحرة الخاصة ولكن من دائرة المشروعات الاستثمارية قاطبة، خلافاً لما أوصت به الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى فتواها الصادرة (بجلسة 4/5/1983، ملف رقم14/3/1) من أن المخالفات التى ارتكبها مشروع موصيلاى وإن كانت تجيز إلغاء الترخيص الصادر له بشغل منطقة حرة، إلا أنها لا تجيز إلغاء الموافقة على اعتباره مشروعاً استثمارياً، ومن ثَمَّ فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء هذا القرار فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون وأصاب وجه الحق، مما يضحى معه الطعن الماثل غير قائم على أساس من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.