جلسة 16 من فبراير سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عماد عبدالمنعم عطية
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 300 لسنة 46 قضائية عليا
ـ عاملون بها ـ المزايا والحصانات ـ الإعفاء من الضرائب الجمركية على السيارات ـ أحكامه.
المادتان الثالثة والسادسة من القانون رقم 186 لسنة 1986 بشأن الجمارك.
المواد (11)، (14)، (15)، (18) من اتفاقية مزايا وحصانات هيئة الأمم المتحدة الصادر بها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 13/2/1946 التى وافقت عليها الحكومة المصرية بالقانون رقم 130 لسنة 1951.
اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالمزايا والحصانات التى وافقت عليها الحكومة المصرية بالقانون رقم 130 لسنة 1951 قد حددت إطاراً لسريان أحكامها وهو أن المزايا والحصانات التى تمنح لممثلى الدول الأعضاء هى لمصلحة عملهم بالمنظمة أى لصالح المنظمة وليست لمصلحتهم الخاصة ضماناً لتمتعهم بكامل استقلالهم فى أداء أعمالهم، وطالما أن المزية ليست خاصة فلا يجوز أن تخرج عن هذا الإطار الاستثنائى المقرر لها، وطالما كان هذا هو الإطار العام فإن الإعفاءات تدور وجوداً وعدماً مع هذا الإطار لذلك فقد جاء نص الاتفاقية واضحاً فى عدم سريان الإعفاء على ممثلى الدول الأعضاء الذين هم من رعايا الدولة صاحبة المقر
أو المطلوب منها الإعفاء ـ أساس ذلك ـ أن المنتمى لدولة المقر بجنسيته ـ أيًا كان وضعه الوظيفى أو المنظمة التى يمثلها ما هو إلاَّ مواطن من مواطنى هذه الدولة وهو يقيم فى وطنه ويرتبط مع دولته بنظم قانونية لا يسوغ إهدارها لمجرد كونه يعمل فى منظمة دولية، ولانتفاء الحكمة من الإعفاء وهى توطن الأجنبى لأول مرة فى هذه الأرض ـ دولة المقر ـ وما يستتبعه ذلك من مشقة فى تدبير أموره مع استقلاليته فى أداء عمله لصالح المنظمة ـ الإعفاء من الضرائب الجمركية خاصة بالنسبة للسيارات هو حق مقصور على أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى والعاملين بمنظمة الأمم المتحدة والوكالات القابضة لها وفروعها من الأجانب العاملين فى مصر والمقيدين فى الجداول التى تصدرها وزارة الخارجية المصرية وذلك بشرط المعاملة بالمثل، دون أن يمتد ذلك الحق إلى المصريين منهم ـ تطبيق.
بتاريخ 16/10/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 300 لسنة 46ق. وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة الأولى) بجلسة 24/8/1999 فى الدعوى رقم 9032/50ق. والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفتهم ـ للأسباب الواردة بها ـ الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف عن درجتى التقاضى.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/12/2000، وبجلسة 30/7/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 24/9/2001، وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية، وبجلسة 24/11/2001 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات فى شهر، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 9032/50ق. بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 12/8/1996 طالبة قبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار إدارة المراسم بوزارة الخارجية الوارد فى كتابها المؤرخ فى 13/6/1996 والمتضمن رفض طلبها الموافقة على بيع السيارة المملوكة لها ماركة مرسيدس 190 والإذن ببيعها معفاة من الرسوم الجمركية، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل طليقًا من قيد الكفالة.
وقد أقامت المطعون ضدها دعواها على سند أنها موظفة رسمية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة وتعمل حالياً بوظيفة المستشار الإقليمى لاختيار الخبراء الدوليين لأفريقيا بمنظمة التنمية الصناعية (اليونيدو) إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وتم وضع اسمها على قائمة الدبلوماسية بتاريخ 10/3/1991، وبحكم هذه الوظيفة فقد صار مطبقاً عليها قواعد اتفاقية تعيين ممثل مقيم بمصر للإشراف على برنامج المعونة الفنية المؤرخة 10/2/1958 بحسبان أن وظيفتها تجعلها تندرج ضمن الموظفين الرسميين التابعين لمنظمة الأمم المتحدة، وأنها قامت إعمالاً للاتفاقية المشار إليها بصرف جميع احتياجاتها دون سداد قيمة الجمارك استناداً لصفتها الرسمية كموظفة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، كما استثنيت من تطبيق خصم الضريبة على راتبها، كما استقدمت سيارة ماركة مرسيدس طراز (190) سنة الصنع 1991 وتم الإفراج عنها جمركيًا تحت نظام المسموحات، وبعد انقضاء أكثر من خمس سنوات على استقدام تلك السيارة تقدمت بتاريخ 21/4/1996 عن طريق جهاز برنامج الأمم المتحدة التابع لهيئة الأمم المتحدة بطلب للموافقة على بيع السيارة المذكورة المملوكة لها بإعفاء من الرسوم الجمركية المستحقة عليها، إلا أن إدارة المراسم بوزارة الخارجية أفادت فى 17/6/1996 بأنه فى حالة بيع السيارة إلى شخص غير متمتع بالإعفاء فإنه يجب عليها سداد الرسوم الجمركية المستحقة على السيارة حرصاً على مبدأ المساواة أمام الدستور، ونعت المطعون ضدها على القرار مخالفته للقانون لأن الإدارة القانونية بوزارة الخارجية تؤيد حقها، فضلاً عن أن الوزارة عاملت بعض العاملين فى وكالات أخرى معاملة مختلفة بمنحها الإعفاء والإذن بالبيع: وبجلسة 24/8/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على سند أن المشرع فى قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية قضى بأن تعفى وبشرط المعاينة الأمتعة الشخصية والأثاث الخاص بأعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى لجمهورية مصر العربية والمعارين لهيئة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، كذلك يعفى من هذه الضرائب بشرط المعاملة بالمثل ما يرد للاستعمال الشخصى لكل من أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى الأجانب العاملين المقيدين فى الجداول التى تصدرها وزارة الخارجية وذلك بالإضافة إلى سيارة واحدة على أن يحظر التصرف فيها خلال خمس سنوات من تاريخ سحبها من الدائرة الجمركية. وأن الثابت من الأوراق أن المدعية قد أدرجت على القائمة الدبلوماسية عام 1991، وأنه قد انقضى أكثر من خمس سنوات على تاريخ الإفراج عن السيارة من الجمارك وحتى تاريخ التقدم بطلب الموافقة على بيعها، وبانقضاء هذه المدة يرفع الحظر على التصرف فى هذه السيارة بالبيع بما يجوز معه للمدعية بيع السيارة معفاة من الضرائب الجمركية خاصة أنها من موظفى الأمم المتحدة وتولت أعمال وظيفتها بالبلاد لأول مرة وبالتالى تتمتع بميزة الإعفاء من الرسوم عن السيارة المشار إليها وفقاً لاتفاقية المزايا والحصانات الخاصة للأمم المتحدة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لأن المطعون ضدها لا يحق لها التمتع بالمزايا المقررة لموظفى الأمم المتحدة الأجانب لأنها مصرية الجنسية وبذلك تعتبر من رعايا الدولة المقر ولا تستفيد من تلك المزايا لأن اتفاقية الأمم المتحدة أقرت التفرقة بين الموظف الدولى الأجنبى والموظف الدولى الذى ينتمى لدولة المقر، كما أن الإعفاء الجمركى المقرر بالمادة (18) من اتفاقية مزايا وحصانات الأمم المتحدة
لا يشمل السيارة لأن الإعفاء خاص بالأثاث والمتاع فقط. كما أن السماح للمطعون ضدها بإدخال السيارة لا يعنى حتمية إعفائها من الضريبة الجمركية، كما أن إدراج اسم المطعون ضدها على القائمة الدبلوماسية لا يعنى بذاته حقاً فى التمتع بالإعفاء الجمركى ومما يدل على ذلك أن الأمناء المساعدين لجامعة الدول العربية الذين يتمتعون بالجنسية المصرية مدرجة أسماؤهم على قائمة الدبلوماسية للجامعة دون أن يكون لهم الحق فى التمتع بأى إعفاء جمركى بالنظر إلى كونهم مصريين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها هى مصرية الجنسية وتعمل مستشاراً إقليميا لاختيار الخبراء الدوليين لأفريقيا بمنظمة التنمية الصناعية “اليونيدو” التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بالقاهرة، وقد تقدمت بطلب إلى جهاز برنامج الأمم المتحدة التابع لهيئة الأمم المتحدة للموافقة على بيع السيارة المملوكة لها ماركة مرسيدس190بإعفاء من الرسوم الجمركية المستحقة عليها إلا أن إدارة المراسم بوزارة الخارجية رفضت الطلب استناداً إلى أنها ليست أجنبية ولا تتمتع بالإعفاءات المقررة للدبلوماسيين الأجانب.
ومن حيث إن اتفاقية مزايا وحصانات هيئة الأمم المتحدة الصادر بها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 13/2/1946 التى وافقت عليها مصر بالقانون رقم 130لسنة 1951 تنص فى المادة (11) منها على أن “يتمتع ممثلو الدول الأعضاء فى الهيئات الرسمية أو الفرعية التابعة لهيئة الأمم المتحدة والمؤتمرات التى تعقدها أثناء قيامهم بأعمالهم الرسمية وسفرهم إلى مقر اجتماعهم وعودتهم منه بالمزايا والحصانات الآتية:
(أ).. (ب).. (جـ).. (د).. (هـ)
(و) نفس الحصانات والتسهيلات التى تمنح للممثلين الدبلوماسيين فيما يتعلق بأمتعتهم الخاصة.
(ز) جميع المزايا والحصانات والتسهيلات الأخرى التى لا تتعارض مع ما سبق ذكره
مما يتمتع به رجال السلك السياسى مع استثناء حق المطالبة بالإعفاء من الرسوم الجمركية على الأشياء المستوردة ولا يكون خاصًا باستعمالهم الشخصى أو من ضريبة الإنتاج أو البيع”.
كما تنص المادة (14) من ذات الاتفاقية على أن “لا تمنح المزايا والحصانات لممثلى الدول الأعضاء لمصلحتهم الخاصة ولكن ضماناً لتمتعهم بكامل استقلالهم فى أداء أعمالهم بهيئة الأمم المتحدة..”.
وتنص المادة (15) على أن “لا تطبق أحكام المواد (11)، (12)، (13) على ممثلى الدول الأعضاء بالنسبة لحكومات الدول الذين هم من رعاياها أو التى يمثلونها أو كانوا يمثلونها”.
وتنص المادة (18) فقرة (ز) على أن “يتمتع موظفو هيئة الأمم المتحدة بالمزايا والحصانات الآتية:
(أ)… (ب)… (جـ)… (د)… (هـ)… (و)…
(ز) الإعفاء من الرسوم الجمركية عما يستوردونه من أثاث ومتاع لمناسبة أول توطن لهم فى الدولة صاحبة الشأن”.
ومن حيث إنه عن القانون الداخلى الخاص بالجمارك وهو القانون السائد وقت المطالبة التى تقدمت بها المطعون ضدها وهو القانون رقم 186 لسنة 1986 فى شأن تنظيم الإعفاءات الجمركية فإن المادة الثالثة منه تنص على أن “تعفى من الضرائب الجمركية وبشرط المعاينة:
1-……..2-……….3-……………
5-الأمتعة الشخصية والأثاث الخاص بأعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى لجمهورية مصر العربية وموظفى وزارة الخارجية العاملين بالبعثات الدبلوماسية بالخارج، وموظفى الوزارات الأخرى الملحقين بهذه البعثات، والمعارين لهيئة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة وكذلك رعايا جمهورية مصر العربية العاملين فى الخارج بجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، وذلك بالشروط والأوضاع وفى الحدود التى يتفق عليها بين وزير الخارجية ووزير المالية”.
وتنص المادة السادسة من ذات القانون على أن “يعفى من الضرائب الجمركية ومن المعاينة بشرط المعاملة بالمثل وفى حدود هذه المعاملة وفقًا لبيانات وزارة الخارجية:
1 ـ ما يرد للاستعمال الشخصى إلى أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى الأجانب العاملين (غير الفخريين) المقيدين فى الجداول التى تصدرها وزارة الخارجية وكذلك ما يرد إلى أزواجهم وأولادهم القصر.
2 ـ ما تستورده السفارات والمفوضيات والقنصليات غير الفخرية للاستعمال الرسمى عدا المواد الغذائية والمشروبات الروحية والأدخنة.
ويحدد عدد السيارات التى يتناولها الإعفاء طبقاً للبندين السابقين بسيارة واحدة للاستعمال الشخصى وخمس سيارات للاستعمال الرسمى للسفارة أو المفوضية وسيارتين للاستعمال الرسمى للقنصلية ويجوز زيادة هذا العدد بموافقة وزارة الخارجية.
3 ـ ما يرد للاستعمال الشخصى ـ بشرط المعاينة ـ من أمتعة شخصية وأثاث وأدوات منزلية وكذلك سيارة واحدة مستعملة للموظفين الأجانب العاملين فى البعثات الدبلوماسية
أو القنصلية الذين لا يستفيدون من الإعفاء المقرر فى البند (1) من هذه المادة وبشرط أن يتم الاستيراد خلال ستة أشهر من تاريخ وصول المستفيد من الإعفاء ويجوز لوزارة المالية بموافقة وزارة الخارجية مد هذا الأجل.
ويحظر التصرف فى الأشياء التى أعطيت طبقاً لأحكام هذه المادة فى غير الأغراض التى أعفيت من أجلها خلال خمس سنوات من تاريخ سحبها من الدائرة الجمركية إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من مصلحة الجمارك وسداد الضرائب الجمركية وفقا لحالة هذه الأشياء وحتميتها وقت السداد وطبقاً للتعريفة الجمركية السارية فى هذا التاريخ وذلك ما لم يكن نظام المعاملة بالمثل يقضى بغير ذلك”.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالمزايا والحصانات الصادرة عام1946 والتى وافقت عليها الحكومة المصرية بالقانون رقم 130 لسنة 1951 قد حددت إطارًا لسريان أحكامها وهو أن المزايا والحصانات التى تمنح لممثلى الدول الأعضاء هى لمصلحة عملهم بالمنظمة أى لصالح المنظمة وليست لمصلحتهم الخاصة ضماناً لتمتعهم بكامل استقلالهم فى أداء أعمالهم، وطالما أن المزية ليست خاصة فلا يجوز أن تخرج عن هذا الإطار الاستثنائى المقرر لها، وطالما كان هذا هو الإطار العام فإن الإعفاءات تدور وجوداً وعدمًا مع هذا الإطار لذلك فقد جاء نص الاتفاقية واضحاً فى عدم سريان الإعفاء على ممثلى الدول الأعضاء الذين هم من رعايا الدولة صاحبة المقر أو المطلوب منها الإعفاء. أساس ذلك هو أن المنتمى لدولة المقر بجنسيته ـ أيًا كان وضعه الوظيفى أو المنظمة التى يمثلها ــ ما هو إلاَّ مواطن من مواطنى هذه الدولة وهو يقيم فى وطنه ويرتبط مع دولته بنظم قانونية لا يسوغ إهدارها لمجرد كونه يعمل فى منظمة دولية، ولانتفاء الحكمة من الإعفاء وهى توطن الأجنبى لأول مرة فى هذه الأرض ـ دولة المقر ـ وما يستتبعه ذلك من مشقة فى تدبير أموره مع استقلاليته فى أداء عمله لصالح المنظمة.
لذلك جاءت التفرقة فى الاتفاقيات، وقد جاء القانون الوضعى لدولة المقر وهى جمهورية مصر العربية فنص: على أن المزايا هى للأجانب فقط وبشرط المعاملة بالمثل وهى شروط
لا تنطبق إلا على الأجانب الذين لهم دولة تتعامل بالمثل مع المصريين العاملين فى السلكين الدبلوماسى والقنصلى أو فى المنظمات الدولية التى لها مقر بها فإذا لم تكن المعاملة بالمثل
فلا مجال لإعمال الإعفاء، فكأن الإعفاءات هى نتاج الاتفاق بين الدول فى معاملة أعضاء بعثاتها لصالح العمل الدبلوماسى والقنصلى فلا يجوز للإعفاء أن يخرج عن هذا الإطار.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن “الإعفاء من الضرائب الجمركية خاصة بالنسبة للسيارات هو حق مقصور وفقاً للاتفاقية والمادة (6) من القانون 186 لسنة 1986 على أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى والعاملين بمنظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها وفروعها من الأجانب العاملين فى مصر والمقيدين فى الجداول التى تصدرها وزارة الخارجية المصرية وذلك بشرط المعاملة بالمثل، دون أن يمتد ذلك الحق إلى المصريين منهم.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها مصرية الجنسية ومن موظفى هيئة الأمم المتحدة وتشغل وظيفة المدير الإقليمى لاختيار الخبراء الدوليين لأفريقيا بمنظمة التنمية الصناعية (اليونيدو) وهى إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة،وقد وصلت إلى مصر لممارسة مهام وظيفتها فى عام 1984 وأدرجت على القائمة الدبلوماسية فى عام 1991، وتمتعت عند وصولها إلى البلاد بميزة إعفاء الأثاث والأمتعة التى قامت باستيرادها عند تولى وظيفتها فى مصر من الرسوم الجمركية، كما استقدمت سيارة ماركة (مرسيدس بنز 190) وتم الإفراج عنها تحت نظام المسموحات فى 18/3/1991، وبعد مرور خمس سنوات تقدمت بتاريخ 21/4/1996 إلى إدارة المراسم بوزارة الخارجية للموافقة على قيامها ببيع هذه السيارة مع إعفائها من الرسوم الجمركية، إلا أن الجهة الإدارية رفضت ذلك تأسيساً على أنه يتعين على المطعون ضدها فى حالة بيع السيارة المذكورة إلى شخص غير متمتع بالإعفاء أن تسدد الرسوم الجمركية المستحقة على السيارة حرصًا على مبدأ المساواة بين المواطنين فى التكاليف العامة المقررة دستورياً، ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون مما يجعل النعى عليه فى غير محله واجب الرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحا غير هذا المنحى فإنه يكون جديرًا بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.