جلسة 9 من مارس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وحضور السيد /كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2381 لسنة 45 قضائية عليا
ـ ما يخرج من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ـ تسليم صورة الحكم المزيلة بالصيغة التنفيذية الصادرة من محكمة الاستئناف.
المادتان (181)، (182) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حظر المشرع تسليم صورة الحكم المزيلة بالصيغة التنفيذية إلا للخصم الذى تضمَّن الحكم عود منفعة عليه من تنفيذه، وهى لا تسلم إلا إذا كان جائزاً تنفيذه، كما لا تعطى له إلا مرة واحدة حتى لا يتكرر تنفيذ الحكم ـ حقيقة المراد من وضع الصيغة التنفيذية هى أن يكون ذلك شاهداً على أن من بيده صورة الحكم التنفيذية هو صاحب الحق فى إجراء التنفيذ ـ ناط قانون المرافعات فى المادة (182) منه بقاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم النظر فيما يقدمه طالب صورة الحكم التنفيذية من عريضة بشكواه إذا ما امتنع قلم الكتاب عن إعطائها له، ومن ثَمَّ فإن قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم يكون وحده دون غيره المختص بما يثور من منازعات فى هذا الشأن ـ ترتيباً على ذلك: لا يجوز لطالب التنفيذ اللجوء إلى القضاء الإدارى فى هذه الحالة بدعوى أن امتناع قلم الكتاب عن تسليمه الصورة التنفيذية يشكل قرارًا إدارياً يجوز المطالبة بإلغائه أمام القضاء الإدارى ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 8/2/1999 أودع الأستاذ/ مكرم الله مرقس يعقوب، المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2381 لسنة 45ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 9074 لسنة 50 القضائية بجلسة 12/12/1998 القاضى فى منطوقه “حكمت المحكمة برفض الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات”. وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء للطاعن بطلباته الواردة بعريضة الدعوى الأصلية بالحكم ـ بصفة مستعجلة ـ بوقف تنفيذ القرار الصادر بعدم تسليم المدعى (الطاعن) الصورة التنفيذية للحكم الصادر فى الاستئناف رقم 5665 لسنة 112ق، وإلغاء القرار رقم 5 لسنة 1986 الصادر من وزير العدل، مع إلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن، طلبت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة وإلزام الطاعن المصروفات.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/6/2001، وبجلسة 5/11/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 8/12/2001، حيث نظرته هذه الدائرة على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وبذات هذه الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 9074 لسنة 50 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة
بتاريخ 13/8/1996 طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بعدم تسليمه صورة تنفيذية من الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 5665 لسنة 112 قضائية، وفى الموضوع بإلغاء القرار
رقم 5 لسنة 1986 الصادر من وزارة العدل مع إلزام المدعى عليهم المصروفات، وذكر المدعى (الطاعن) شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 1/7/1996 تقدم وكيله الأستاذ/مكرم الله مرقس يعقوب، المحامى بموجب التوكيل رقم 994ب لسنة 1992 عام شمال القاهرة إلى محكمة استئناف القاهرة بطلب شمول الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 5665 لسنة 112 قضائية، الصادر لصالحه، غير أن القلم المختص رفض تسليمه هذه الصورة تطبيقًا للقرار رقم 5
لسنة 1986 الذى لم يجز تسليم الصور التنفيذية من أحكام التعويضات إلا لصاحب الشأن
أو بتوكيل خاص لاحق للحكم، ونعى المدعى (الطاعن) على قرار رفض تسليم وكيله الصورة التنفيذية مخالفته للدستور والقانون. بجلسة 4/3/1997 أصدرت المحكمة حكمها فى الشق العاجل من هذه الدعوى الآتى:
أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى، وباختصاصها.
ثانيًا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلاً.
ثالثاً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى طلب إلغاء القرار المطعون فيه ارتأت فيه الحكم برفض هذا الطلب، وإلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 12/12/1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن البيّن من القرار التنظيمى رقم 5 لسنة 1986 الصادر من المستشار وزير العدل أنه قد تناول تنظيم تسلم الصورة التنفيذية للأحكام الصادرة فى قضايا التعويضات، حيث نص على تسليمها لصاحب الشأن الصادر لصالحه الحكم، وفى حالة الضرورة يجوز تسليم الصورة التنفيذية لوكيله، على أن يكون التوكيل خاصاً صادراً من صاحب الشأن فى تاريخ لاحق لصدور الحكم المراد تسليمه صورته التنفيذية، ومبينًا بهذا التوكيل رقم الدعوى والمبلغ المحكوم به” ….”وأن هذا القرار أصدره وزير العدل إعمالاً لسلطته التقديرية فى تنظيم تسليم الصور التنفيذية للأحكام الصادرة فى قضايا التعويضات، بعد أن استبان للجهة الإدارية تلاعب بعض ضعاف النفوس بالحقوق التى تقرها هذه الأحكام، وما يترتب على هذا التلاعب من حرمان المحكوم لهم من حقوقهم فوضع القرار، المشار إليه، نظاماً يكفل حصول المحكوم لصالحهم فى تلك القضايا على حقوقهم كاملة، ولم يتضمن هذا التنظيم إهدار الحق صاحب الشأن الذى تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم الصادر فى تلك القضايا من تسليمه الصورة التنفيذية، كما لم يتضمن هذا القرار انتقاصًا من هذا الحق الذى كفله القانون، وإنما وقف هذا التنظيم عند حد وضع ضوابط تسليم الصورة التنفيذية، لغير صاحب الشأن شخصياً، وهى ضوابط اقتضتها مصلحة أصحاب الشأن أنفسهم، فليس لهم أن يتضرروا من هذا التنظيم أو اللجوء إلى القضاء طعنًا عليه، وخلصت المحكمة إلى أن قرار الجهة الإدارية برفض تسليم وكيل المدعى (الطاعن) الصورة التنفيذية إلا بعد تقديمه بتوكيل خاص صادر من ذوى الشأن بعد صدور الحكم فى الاستئناف سالف الذكر، وهو القرار المطعون عليه إنما صدر تنفيذاً لقرار وزير العدل رقم 5 لسنة 1986 المطابق للقانون، وبالتالى يضحى إلغاء القرار المطعون فيه غير قائم على سببه المطابق للقانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن القانون لم يشترط عند تسليم الصورة التنفيذية للأحكام أن يكون بيد المستلم توكيل خاص بعد صدور الحكم وبالتالى يكون قرار وزارة العدل الذى اشترط ذلك مخالفاً للقانون، فضلاً عن تدخله فى إدارة طرفى عقد الوكالة وفى هذا إهدار لنص القانون وللعقد المحرر بين الطرفين وإهدار لحرية الأفراد فى التعاقد.
ومن حيث إنه ـ يلزم بادئ ذى بدء ـ النظر فى مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى موضوع الطعن الماثل ولائياً بحسبان أن ذلك من المسائل المطروحة على المحكمة ولو لم يتمسك به أحد الخصوم، لتعلقه بالنظام العام، وإذا كان من المقرر أن الفصل فى الاختصاص يسبق البحث فى الموضوع، إلا أنه قد يلزم فى بعض الحالات للفصل فى الاختصاص التعرض لبعض جوانب الموضوع واستظهار حقيقة المنازعة وعناصرها بالقدر اللازم لتبين وجه الاختصاص بنظرها.
ومن حيث إن المادة (181) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 تنص على أنه “تختم صورة الحكم التى يكون التنفيذ بموجبها بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب بعد أن يذيلها بالصيغ التنفيذية، ولا تسلم إلا للخصم الذى تعود عليه منفعة من تنفيذ الحكم، ولا تسلم له إلا إذا كان الحكم جائزاً تنفيذه”. فى حين تنص المادة (182) من ذات القانون على أنه “إذا امتنع قلم الكتاب من إعطاء الصورة التنفيذية الأولى جاز لطالبها أن يقدم عريضة بشكواه إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم ليصدر أمره فيها طبقاً للإجراءات المقررة فى باب الأوامر على العرائض”.
وواضح مما تقدم أن المشرع حظر تسليم صورة الحكم المذيلة بالصيغة التنفيذية إلا للخصم الذى تضمَّن الحكم عودة منفعة عليه من تنفيذه، وهى لا تسلم إلا إذا كان الحكم جائزاً تنفيذه، كما لا تعطى له إلا مرة واحدة، حتى لا يتكرر تنفيذ الحكم، فحقيقة المراد من وضع صيغة التنفيذ هى أن يكون ذلك شاهداً على أن من بيده صورة الحكم التنفيذية هو صاحب الحق فى إجراء التنفيذ، وأنه لم يسبق له إجراؤه، وناط قانون المرافعات المدنية والتجارية فى المادة (182) منه سالفة الذكر بقاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم النظر فيما يقدمه طالب صورة الحكم التنفيذية من عريضته بشكواه إذا ما امتنع قلم الكتاب عن إعطائها له، ومن ثَمَّ، فإن قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم يكون وحده دون غيره المختص بما يثور من منازعات فى هذا الشأن، وبالتالى فلا يسوغ لطالب التنفيذ اللجوء إلى القضاء الإدارى فى هذه الحالة بدعوى أن امتناع قلم الكتاب عن تسليمه هذه الصورة يشكل قراراً إدارياً يجوز المطالبة بإلغائه أمام محكمة القضاء الإدارى لأحد الأسباب الموجبة للإلغاء، ذلك أن المشرع وقد أفرد بنص خاص هذا الاختصاص لقاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم يكون قد قيد من النص العام الذى يجعل من مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى صاحب الولاية العامة والقاضى الطبيعى بنظر الطعون فى القرارات الإدارية وسائر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم وكانت المنازعة الماثلة تتعلق بمدى مشروعية القرار الصادر بالامتناع عن تسليم الطاعن صورة تنفيذية من الحكم الصادر لصالحه من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئناف رقم 5665 لسنة 112ق، ومن ثَمَّ فلا اختصاص لمحكمة القضاء الإدارى بشأنه، ويتعين لذلك الحكم بعدم اختصاصها بنظره، وإحالته إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى أصدرت الحكم للفصل فيه عملاً بأحكام المادتين 182،110 من قانون المرافعات، المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذه الوجهة من النظر يكون قد جَانَبَه الصواب متعين الإلغاء وهو ما تقضى به هذه المحكمة.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة (قاضى الأمور الوقتية) وأبقت الفصل فى المصروفات.