جلسة 9 من مارس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ فاروق عبد البر السيد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبد الرحمن يوسف، وبخيت محمد إسماعيل, وبلال أحمد محمد نصار , وعطية عماد الدين نجم
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمد محمود حسن خالد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5897 لسنة 45 قضائية عليا:
ـ حصيلة صندوق النذور بالمساجد والأضرحة ـ توزيعها على المستحقين ـ حكم خاص لقراء مقرأة السيد أحمد البدوى .
قرار وزير الأوقاف وشئون الأزهر رقم 22 لسنة 1971 فى شأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التى توجد بالمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف، وقرار نائب وزير الأوقاف رقم 5 لسنة 1976.
حدد المشرع وظائف العاملين الذين يستحقون حصة من حصيلة صندوق النذور بالمساجد والأضرحة التى بها صناديق نذور, وحدد فى ذات الوقت مقدار هذه الحصة تبعًا لاختلاف طبيعة كل وظيفة ـ المشرع لم يورد هذه الوظائف بصفة عامة بل وضع لها ضوابط خاصة ـ فمن ناحية خصص الوظيفة فى قراء مقرأة السيد أحمد البدوى ومن ناحية أخرى قصرها على قرائها الحاليين، ويكون استحقاقهم لحصة من صندوق النذور بصفة شخصية وطوال مدة حياتهم ولا يكون لمن يخلفونهم حق فى الصندوق ـ القرار رقم 5 لسنة 1976 المذكور خاصًا بقراء مقرأة السيد أحمد البدوى فقط دون غيرهم من قراء المقارئ بالمساجد الأخرى ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 10/6/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بوصفها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 3194 / 1 ق . بجلسة 11/4/1999 والقاضي:
بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعين فى صرف نصف حصة من صندوق نذور المسجد البرهامى بدسوق اعتباراً من 17/1/1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتى التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضدهم, وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وذلك على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 2/8/2001 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 13/10/2001 وبها نظر على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا .
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل فى أنه بتاريخ 17/1/1991 أقام المدعون ابتداءً الدعوى رقم 2457/45ق. وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالبين فى ختامها الحكم لهم باستحقاق كل منهم نصف حصة من صندوق نذور المسجد البرهامى باعتبارهم مقرأته ومساواتهم بزملائهم فى نفس مقرأتهم والمقارئ الأخرى وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم إنه قد صدر القرار رقم 22/1971 من وزير الأوقاف وشئون الأزهر بشأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور والتى توجد المساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف. كما أنه قد صدر قرار نائب وزير الأوقاف رقم 5/1976 بتاريخ 13/5/1976 ونص على أن تضاف إلى ملحق القرار رقم 22/1971 الفقرة التالية (قراء مقرأة السيد أحمد البدوى الذين يعملون حالياً بالمسجد يصرف لكل منهم نصف حصة من حصيلة النذور بصفة شخصية مدى حياتهم.
وأضاف المدعون أنه يحق لهم المساواة بغيرهم من قارئى السور والمساواة بقراء المقرأة والذين شملهم القرار رقم 5 لسنة 1976 حيث إنهم من العاملين بمقرأة المسجد البرهامى بدسوق.
واختتم المدعون صحيفة دعواهم بطلباتهم سالفة البيان.
وبإنشاء محكمة القضاء الإدارى بطنطا أحيلت الدعوى للاختصاص المحلى بتاريخ 12/4/1994، حيث قيدت الدعوى بها تحت رقم 3194 لسنة 1ق.
وبجلسة 12/4/1999 صدر الحكم المطعون فيه، حيث استعرضت المحكمة قرار وزير الأوقاف رقم 22/1971 وكذلك القرار الصادر من نائب وزير الأوقاف رقم 5/1976 وعلى أساس أن القرار الوزارى رقم 22/1971, قرار تنظيمى تضمن قواعد عامة مجردة لتوزيع النسبة المخصصة للعاملين بالمساجد والأضرحة التى بها صناديق نذور وقد حددت الفئات التى تستحق حصصًا من حصيلة تلك الصناديق وبالتالى فإن إضافة أحكام لهذا القرار يتعين أن تكون لها صفة العمومية والتجرد, ومن ثَمَّ فإن القرار رقم 5/1976 وقد تضمن إضافة إلى القرار الوزارى رقم 22/1971 فإن هذه الإضافة يجب أن تكون عامة مجردة وعلى ذلك فإن جميع قراء المقارئ يستحقون تلك النسبة طالما أنهم يعملون بمساجد بها صناديق نذور وإن ذلك لا يقتصر على قراء مقرأة السيد أحمد البدوى وهذا ما أكده القرار رقم 145/1992 حينما نص على إلغاء الفقرة الأخيرة من القرار الوزارى رقم 22/1971 وذلك توحيدًا لمعاملة جميع العاملين بمساجد النذور ومن ثَمَّ فإن المدعين يستحقون الحصول على نصف حصة من صندوق المسجد البرهامى بدسوق وذلك اعتباراً من تاريخ التحاقهم بهذه المقرأة, إلا أنهم قد أقاموا دعواهم فى 17/1/1991 ومن ثَمَّ فإنهم يستحقون صرف نصف حصة النذور اعتبارًا من 17/1/1986.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعنين فأقاموا طعنهم الماثل استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك أنه قد صدر القرار الوزارى رقم 5/1976 فى 22/5/1976, ونص فى مادته الأولى على أن تضاف الفقرة التالية إلى ملحق القرار الوزارى رقم 22/1971 بأن قراء مقرأة السيد أحمد البدوى الذين يعملون حالياً بالمسجد يصرف لكل منهم نصف حصة من حصيلة صندوق نذور المسجد بصفة شخصية طوال حياتهم, ومن ثَمَّ فإن من يستفيدون من هذا القرار قراء مقرأة السيد أحمد البدوى حيث نص القرار على أن يكون الصرف بصفة شخصية لهم مدى حياتهم, ولما كان المطعون ضدهم أعضاء بمقرأة المسجد البرهامى وبالتالى فلا ينطبق عليهم القرار ولا ينسحب أثره عليهم ولا يستحقون حصة من حصيلة صندوق النذور, وإذ ذهب الحكم الطعين مذهبًا مخالفًا فإنه يكون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن قرار وزير الأوقاف وشئون الأزهر رقم 22/1971 فى شأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التى توجد فى المساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف ينص فى المادة الرابعة منه على أن توزع إعانة ثابتة قدرها 25% من إيرادات صندوق النذور بكل مسجد أو ضريح على العاملين به فى حدود الوظائف المقررة لكل مسجد أو ضريح, والتى يصدر بتحديدها قرار وزارى وتوزع بنسبة قدرها 5% من صندوق النذور العام على العاملين بالمساجد والأضرحة التى لا توجد بها صناديق نذور كمكافآت تشجيعية لهم وذلك وفقًا لما يقرره مجلس إدارة الصندوق وتوزع بنسبة 70% من إيرادات صندوق النذور العام طبقًا لما يقرره مجلس إدارة الصندوق فى الأوجه المشار إليها فى المادة الثانية وتؤول إلى هذه النسبة الحصة المقررة للعاملين فى الوظائف الشاغرة بالمساجد والأضرحة حتى يتم شغلها ولا يجوز أن تجاوز الحصة التى يحصل عليها العامل شهريًا ما يعادل مرتب شهر بحد أقصى قدره خمسون جنيها ويستثنى من هذا القيد العاملون الموجودون بالمساجد والأضرحة وقت العمل بهذا القرار.
وقد بين ملحق القرار كيفية توزيع نسبة الـ 25% المشار إليها كما حدد الوظائف التى يستحق شاغلوها الإعانة وذلك على النحو الآتى:
1ـ شيخ المسجد والإمام (حصة ونصف).
2ـ رئيس الخدم والمكاتب (حصة واحدة).
3 ـ المؤذن ومقيم الشعائر والمخزنجى والفراش (نصف حصة).
4-قارئ السورة والبواب وخادم الدورة والمسجد (نصف حصة).
ومن حيث إن القرار رقم 5 لسنة 1976 الصادر من نائب وزير الأوقاف
فى 22/5/1976 نص فى مادته الأولى على أن ( تضاف الفقرة التالية إلى ملحق القرار الوزارى رقم 22/1971 قراء مقرأة السيد أحمد البدوى الذين يعملون حاليًا بالمسجد يصرف لكل منهم نصف حصة من حصيلة صندوق نذور المسجد بصفة شخصية مدى حياتهم).
ومن حيث إن مفاد هذين القرارين المشار إليهما أن كلاً منهما حدد وظائف العاملين الذين يستحقون حصة من حصيلة صندوق النذور بالمساجد والأضرحة التى بها صناديق نذور وحدد فى ذات الوقت مقدار هذه الحصة تبعًا لاختلاف طبيعة كل وظيفة فشمل القرار الأول عدة وظائف، وشمل القرار الثانى وظيفة ( قراء مقرأة ) غير أن المشرع لم يورد هذه الوظائف بصفة عامة وعلى إطلاقها بهذا الوصف، بل وضع لها ضوابط ومعايير خاصة، فمن ناحية خصص الوظيفة فى قراء مقرأة السيد أحمد البدوى ومن ناحية أخرى قصرها على قرائها الحاليين على أن يكون استحقاقهم لحصة من صندوق النذور بصفة شخصية وطوال مدة حياتهم بحيث ينتهى الاستحقاق بمجرد فقدانهم لهذه الوظيفة دون أن يكون لمن يخلفونهم من قراء المقرأة حق فى الصندوق .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لا مجال للاجتهاد فى تفسير النص القانونى إذا كان واضحًا وصريحاً خاصة إذا تعلق الأمر بما من شأنه تقرير حق مالى فالقرار رقم 5 لسنة 1976 المشار إليه وإن كان قد أضاف إلى مستحقى حصة من صندوق النذور قراء مقرأة السيد أحمد البدوى الحاليين بصفة شخصية طوال مدة حياتهم فإن هذا التخصيص وبغض النظر عن مدى مشروعية تقريره على فئة معينة فيمن يتوافر فيهم الوصف المرتبط به يحتم أعمال الحكم فى حدود ما قضى دونما حاجة إلى قياس أو توسع فى التفسير كما أنه بغض النظر عن تشابه أو اختلاف المركز القانونى الذى يخضع له قارئ المقرأة وقارئ السورة فإن قصد المشرع واضح فى عدم إدراج قراء مقرأة المسجد بصورة عامة مطلقة ضمن مستحقى حصة فى صندوق النذور، حيث لم يشملهم التعداد أو الحصر الذى أتى به فى البداية القرار رقم 22/1971 واكتفى بإدراج قراء السورة, غير أن المشرع لاعتبارات خاصة ارتأى بعد ذلك تقرير حصة فى صندوق النذور لقراء مقرأة السيد أحمد البدوى دون غيرهم ووردت عبارة النص بصورة تؤكد هذا المفهوم على نحو ما سبق إيضاحه وعلى ذلك لا يكون لقراء مقرأة المسجد البرهامى بدسوق حق فى حصة فى صندوق النذور لانحسار حكم القرار رقم 5/1976 المشار إليه عليهم ولا يعتد من ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الإضافة التى أتى بها القرار رقم 5/1976 المشار إليه وإن كانت فردية فى صياغة مدلولها إلا أنها تأخذ سمة العمومية عند إلحاقها بالقرار رقم 22/1971 ذلك أن هذا القول يخالف صريح نص القرار رقم 5/1976 من حيث قصر نطاق تطبيقه على فئة من المستحقين وفقًا لشرائط ومعايير خاصة لا تمتد إلى غيرهم وكان فى مُكنة المشرع أن يمد نطاق التطبيق إلى أكثر من مسجد إن أراد ذلك.
ومن حيث إن القرار الوزارى رقم 145/1992 نص فى مادته الأولى على أن تلغى الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار الوزارى رقم 22/1971 باللائحة التنفيذية لصناديق النذور توحيدًا للمعاملة بين جميع العاملين بمساجد النذور, كما تنص المادة الثانية من هذا القرار على أن يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره على الجهات المختصة بتنفيذه, وهو ما يؤكد أن القرار رقم 5/1976 كان خاصًا بقراء مقرأة السيد أحمد البدوى فقط دون غيرهم وقد أراد المشرع مساواتهم بغيرهم من قراء المقارئ بالمساجد الأخرى فتم إلغاء هذه الفقرة الأخيرة من القرار رقم 22/1971 بموجب القرار رقم 145/1992.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم لا تتوافر فيهم الشروط والمعايير التى وضعها القرار رقم 5 لسنة 1976 وبالتالى فإنهم لا يستحقون صرف مقدار نصف حصة من حصيلة صندوق النذور بالمسجد البرهامى بدسوق, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه قائمًا على أسباب تبرره مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلا, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض الدعوى, وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.