جلسة 30 من مارس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح , وأحمد عبد الحميد حسن عبود, وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى, ومحمد أحمد محمود أحمد محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عماد عبد المنعم عطية
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوى
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 4547 لسنة 48 قضائية عليا
ـ مجلس شعبى محلى ـ تشكيله ـ المقصود بالمركز أو القسم الإدارى.
المادتان (62)، (161) من الدستور المصرى.
المواد أرقام (1)، (2)، (4) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية معدلاً بالقانون رقم 202 لسنة 1990.
المواد أرقام (1)، (10) (86) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون
رقم 50 لسنة 1981 والقانون رقم 84 لسنة 1996, والقانون رقم 145 لسنة 1988.
أوجب المشرع فى قانون الإدارة المحلية أن يكون لكل وحدة من وحدات الإدارة المحلية المتمثلة فى المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى مجلس شعبى محلى يتم اختياره بطريق الانتخاب المباشر السرى العام ويشكل على مستوى المحافظة من عشرة أعضاء من كل مركز
أو قسم إدارى ـ خلا القانون من النص على تحديد مدلول عبارة “كل مركز أو قسم إدارى” المشرع الدستورى وهو بصدد تحديد نظام الإدارة المحلية الواجب اتباعه استخدم عبارة “الوحدات الإدارية” على نحو يقطع بأنه يقصد بها وحدات الإدارة المحلية, وذلك على خلاف الحال بالنسبة لعبارة “كل مركز أو قسم إدارى” التى وردت بالمادة (10) من قانون الإدارة المحلية ـ المغايرة فى العبارتين تقتضى تباين مدلولهما تباينًًا يفصح عن أن المركز أو القسم الإدارى يقصد به مفهوم آخر غير مفهوم الوحدة الإدارية أو المحلية, وهو بحسب الفهم الصحيح لأحكام القانون مركز أو قسم شرطة ـ القول بأن عبارة “كل مركز أو قسم” لا تعنى مركز أو قسم شرطة وإنما تعنى تقسيمات إدارية داخل نطاق الوحدات المحلية كمجموعة من القرى المتجاورة أو الأحياء أو المدن إنما ينطوى على تناقض ومصادرة على المطلوب, ذلك أن المشرع فى المادة (10) اعتبر “المركز أو القسم الإدارى” هو الأصل أو المناط الذى يتم على أساسه تشكيل المجلس الشعبى المحلى للمحافظة وربط عدد الأعضاء الذين يشكل منهم المجلس بعدد هذه المراكز والأقسام, ومن ثَمَّ فإن اعتبار المركز أو القسم الإدارى تقسيماً داخل الوحدة المحلية طبقاً للمفهوم المشار إليه إنما يعنى تحول الأصل إلى فرع وبالتالى عدم إمكانية التمثيل فى المجلس بالعدد الذى تطلبه المشرع إذا لم يوجد هذا التقسيم داخل الوحدة المحلية, كما فى حالة المحافظة ذات المدينة الواحدة أو الحى آخذًا فى الاعتبار أن ضم أكثر من حى أو مدينة أو قرية لا يمثل سوى وحدة محلية واحدة, الأمر الذى يضحى معه هذا التفسير مشوبًا بالشطط والتجاوز ولا يجوز الاعتداد به ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 7 من مارس سنة 2002 أودع الأستاذ/ مجدى حسين حسبو المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ـ قيد برقم 4547 لسنة 48ق عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى
رقم 724 لسنة 3 ق بجلسة 5/3/2002 والقاضى فى منطوقه (حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى المصروفات).
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار رقم 218 لسنة 2002 فيما يتعلق بقرية الخصوص ليتمكن من استخدام حقه فى الترشيح للمجلس الشعبى المحلى لمحافظة القليوبية قبل قفل باب الترشيح فى 7/3/2002 وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع
ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/3/2002, وفيها حضر وكيل الطاعن وقدم حافظة مستندات كما طلب الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة, تدخل الهيئة فى الطعن خصماً منضماً إلى المطعون ضدها, وبذات الجلسة قررت الدائرة إصدار القرار آخر الجلسة حيث قررت إحالة الطعن على المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/موضوع) لنظره بجلسة 23/3/2002 ونظرت المحكمة الطعن بجلسة 23/3/2002 حيث أودع الحاضر عن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن على القرار رقم 218 لسنة 2002 فيما تضمنه خاصا بالعبور وإلزام الطاعن المصروفات, كما أودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات وقدم مذكرة دفاع طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام رافعه المصروفات, وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/3/2002.
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة .
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إنه عن طلب تدخل هيئة المجتمعات العمرانية خصماً منضماً فى الطعن
إلى جانب الجهة الإدارية المطعون ضدها: فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الهيئة المذكورة لم تكن مختصمة فى الدعوى الصادر بشأنها الحكم المطعون فيه ولم تتدخل فيها على أى وجه للتدخل, وأن الطعن الماثل قد انصب على الحكم الطعين فيما يتعلق بقرية الخصوص التى
لا شأن لهيئة المجتمعات العمرانية بها, ومن ثَمَّ لا يكون لتلك الهيئة أية مصلحة فى التدخل فى الطعن وهو ما تقضى معه المحكمة بعدم قبول تدخلها.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 3/3/2002 أقام الطاعن الدعوى رقم 724 لسنة 3ق أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا يطلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 218 الصادر من محافظ القليوبية بتاريخ 28/2/2002 وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع
ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال بيانًا لدعواه: إنه بتاريخ 27/2/2002 تقدم بأوراق ترشيحه لعضوية المجلس الشعبى المحلى لمحافظة القليوبية بعد ما أصدر المحافظ القرارين رقمى 169, 177 لسنة 2002 بتشكيل لجان لتلقى طلبات الترشيح وفحص هذه الطلبات, وفى ذات التاريخ قامت اللجنة المختصة بفحص طلبه وقررت قبوله وإدراج اسمه بكشوف المرشحين لعضوية المجلس, إلا أنه فوجئ بصدور قرار محافظ القليوبية رقم 218 لسنة 2002 بوقف تنفيذ ما جاء بقراريه سالفى الذكر وحذف ما جاء بهما بالنسبة لقسمى شرطة العبور والخصوص من عداد المراكز والأقسام الإدارية الخاصة بانتخابات أعضاء المجلس الشعبى المحلى للمحافظة.
ونعى المدعى على القرار رقم 218 لسنة 2002 المشار إليه مخالفته للدستور والقانون على النحو الذى بسطه بصحيفة دعواه, وخلص فى ختام تلك الصحيفة إلى طلباته سالفة البيان.
وبجلسة 5/3/2002 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بطنطا حكمها المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وشيدت قضاءها على أن المشرع فى قانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الإدارة المحلية, قسم وحدات الإدارة المحلية إلى محافظات ومراكز ومدن وأحياء وقرى, وجعل لكل وحدة مجلس شعبى محلى يتم انتخابه بطريق الانتخاب السرى المباشر, ويشكل بالنسبة للمحافظة من عشرة أعضاء عن كل مركز أو قسم إدارى, وهو ما يعنى أن يكون تشكيل المجالس الشعبية لوحدات محلية قائمة بالفعل إذ الأصل هو نشأة الوحدة المحلية أولاً ثم يستتبعها تشكيل مجلس محلى لها وتمثيلها فى المجالس الشعبية المحلية الأعلى, وليس وجود قسم شرطة كافياً بذاته لإنشاء مجالس شعبية محلية لأن تعبير “قسم إدارى” الوارد بالمادة (10) من القانون المذكور لا يعنى قسم شرطة الذى هو وعاء للاختبار, وإنما ينصرف إلى تقسيمات إدارية داخل نطاق الوحدات المحلية كمجموعة من القرى المتجاورة أو الأحياء أو المدن, وأنه لما كان البادى من ظاهر الأوراق إنه لم يصدر قرار من السلطة المختصة باعتبار قرية الخصوص قسمًا إداريًا بالتطبيق لأحكام المادة العاشرة من القانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه، فإن القرار المطعون فيه إذ صدر بحذف قرية الخصوص من عداد المراكز والأقسام الإدارية الخاصة بانتخاب أعضاء المجلس الشعبى المحلى للمحافظة, يكون ـ بحسب الظاهر من الأوراق ـ قد صدر مطابقاً لصحيح القانون غير مرجح الإلغاء, الأمر الذى ينتفى معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ هذا القرار مما يستوجب رفض هذا الطلب دون الحاجة لاستظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
غير أن هذا القضاء لم يصادف قبولاً لدى المدعى فأقام طعنه الماثل ينعى فيه على الحكم المذكور الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله, وذلك على سند من القول إنه قدم ضمن حافظة مستنداته المودعة أمام محكمة القضاء الإدارى صورة طبق الأصل من القرار رقم 110
لسنة 2002 الصادر من سكرتير عام محافظ القليوبية بندب السيد/على حسين الطنانى رئيسا للوحدة المحلية لمجلس قروى الخصوص القائم بالفعل والصادر بشأنه محافظ القليوبية رقم 242 لسنة 1989 بإنشاء وحدة محلية لقرية الخصوص تضم قرية المنية وعزبة/ الدكتور عبد الله التابعة لها ومجموعة من العزب الأخرى وذلك بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة بجلسته رقم 12 فى 24/5/1989, كما أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق حين قرر بأنه لم يصدر قرار من السلطة المختصة باعتبار قرية الخصوص قسماً إدارياً بينما تقطع الأوراق بوجود الوحدة المحلية وجوداً فعلياً وقانونياً.
ومن حيث إن المادة (62) من الدستور تنص على أن “للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقًا لأحكام القانون, ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى” كما تنص المادة (1) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية ـ مستبدلة بالقانون رقم 76 لسنة 1976 والقانون رقم 202 لسنة 1990 ـ على أنه “على كل مصرى ومصرية بلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية, أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية الآتية:
أولاً: إبداء الرأى فيما يأتى :
1-الاستفتاء الذى يجرى لرئاسة الجمهورية.
2-كل استفتاء آخر ينص عليه الدستور.
ثانياً: انتخاب أعضاء كل من :
1-مجلس الشعب.
2-مجلس الشورى.
3-المجالس الشعبية المحلية ………
وتنص المادة (2) من القانون المذكور على أن ” يحرم من مباشرة الحقوق السياسية:
1ـ المحكوم عليه فى جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره .
2ـ من فرضت الحراسة على أمواله بحكم من محكمة القيم وذلك طوال مدة فرضها …
3 ـ …………… 4 ـ …………… 5 ـ …………… 6 ـ …………… 7 ـ ……………
وتنص المادة (4) من ذات القانون ـ معدلة بالقانون رقم 49 لسنة 1979 ـ على أنه “يجب أن يقيد فى جداول الانتخاب كل من له مباشرة الحقوق السياسية من الذكور والإناث ….”.
كما تنص المادة (1) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 مستبدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن “وحدات الإدارة المحلية هى المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية, ويتم إنشاء هذه الوحدات وتحديد نطاقها وتغيير أسمائها وإلغائها على النحو التالى:
(أ) المحافظات : بقرار من رئيس الجمهورية ويجوز أن يكون نطاق المحافظة مدينة واحدة .
(ب) المراكز والمدن والأحياء : بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة .
(ج) القرى : بقرار من المحافظ بناء على اقتراح المجلس الشعبى المحلى للمركز المختص وموافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة , ويجوز أن يشمل نطاق الوحدة المحلية للقرية مجموعة من القرى المتجاورة, ويكون للمحافظة ذات المدينة الواحدة الموارد والاختصاصات المقررة للمحافظة والمدينة, ويباشر المركز أو الحى بحسب الأحوال اختصاصات الوحدة المحلية بالقرية بالنسبة للقرى التى لا تدخل فى نطاق وحدات محلية قروية “.
وتنص المادة (10) من القانون المذكور ـ مستبدلة بالقوانين أرقام 50 لسنة 1981, 84 لسنة 1986 , 145 لسنة 1988 ـ على أن “يشكل فى كل محافظة مجلس شعبى محلى من عشرة أعضاء عن كل مركز أو قسم إدارى ….” وأخيرا تنص المادة (75 مكرراً) من هذا القانون على أن “يكون انتخاب أعضاء المجالس الشعبية المحلية على اختلاف مستوياتها عن طريق الانتخاب المباشر السرى العام …. ” وأخيراً تنص المادة (86) من القانون المذكور ـ مستبدلة بالقانون رقم 84 لسنة 1996 ـ على أنه “مع مراعاة أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية, تجرى مديرية الأمن عملية الانتخاب لعضوية المجالس الشعبية المحلية طبقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها فى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية …. “.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص, أن المشرع فى سبيل تكريسه لمبادئ الديمقراطية وحرية الرأى, اعتبر الانتخاب والترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية من الحقوق الدستورية التى يتمتع بها كل مواطن مصرى, بل واعتبر المساهمة فى الحياة العامة واجباً وطنياً, وأوجب على كل مصرى ومصرية بلغ من العمر 18 سنة ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية ومن بينها انتخاب أعضاء المجالس الشعبية المحلية والترشيح لها, وذلك ما لم يكن محرومًا من ممارسة هذه الحقوق لسبب من الأسباب المحددة فى القانون على سبيل الحصر, وانتهاجاً لهذه الفلسفة وتطبيقاً لنظام اللامركزية الإدارية أوجب المشرع فى قانون الإدارة المالية أن يكون لكل وحدة من وحدات الإدارة المحلية المتمثلة فى المحافظات والمراكز والمدن والإحياء والقرى مجلس شعبى محلى يتم اختياره بطريق الانتخاب المباشر السرى العام ويشكل على مستوى المحافظة من عشرة أعضاء عن كل مركز أو قسم إدارى.
ومن حيث إن قانون الإدارة المحلية قد خلا من نص على تحديد مدلول عبارة “كل مركز أو قسم إدارى” الواردة بالمادة (10) منه, ومن ثم فإنه لا مناص من تفسير المقصود بهذه العبارة فى ضوء النصوص القانونية المناظرة وعلى رأسها الدستور, فالمادة (161) من الدستور والتى وردت تحت عنوان “الإدارة المحلية” نصت على أن “تقسم جمهورية مصر العربية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية, منها المحافظات والمدن والقرى ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك”.
ومن هذا النص يبين أن المشرع الدستورى وهو بصدد تحديد نظم الإدارة المحلية الواجب اتباعه استخدم عبارة “الوحدات الإدارية” على نحو يقطع بأنه يقصد بها وحدات الإدارة المحلية, وذلك على خلاف الحال بالنسبة لعبارة “كل مركز أو قسم إدارى” التى وردت بالمادة (10) من قانون الإدارة المحلية والتى جاءت مغايرة لما ورد بالمادة (161) من الدستور, ولا شك أن المغايرة فى الصياغة بين العبارتين تقتضى تباين مدلولهما تباينًا يفصح عن أن المركز أو القسم الادارى يقصد به مفهوم آخر غير مفهوم الوحدة الإدارية أو المحلية, هو بحسب الفهم الصحيح لأحكام القانون مركز أو قسم الشرطة، يؤكد سلامة هذا النظر أن المشرع فى القانون رقم 165 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 206 لسنة 1990 فى شأن تحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشعب, والقانون رقم 166 لسنة 2000 بتعديل بعض الدوائر الانتخابية المنصوص عليها فى الجدول المرفق للقانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى, قد نهج فى تحديد الدوائر الانتخابية لمجلسى الشعب والشورى نهجًا يقوم على أساس ربط هذه الدوائر ومكوناتها الإدارية بمراكز وأقسام الشرطة, وأدخل قسمى شرطة العبور والخصوص محل النزاع ضمن المكونات الإدارية للدائرة الثامنة لانتخابات مجلس الشعب والمكونات الإدارية للدائرة الرابعة لانتخابات مجلس الشورى وجعل مقر هاتين الدائرتين مركز شرطة الخانكة بمحافظة القليوبية, ولهذا فإن القول بأن عبارة “كل مركز
أو قسم إدارى” لا تعنى مركز أو قسم شرطة وإنما تعنى تقسيمات إدارية داخل نطاق الوحدات المحلية كمجموعة من القرى المتجاورة أو الاحياء أو المدن على النحو الذى ذهب إليه الحكم المطعون فيه وتمسك به الطاعنون, إنما ينطوى على تناقض ومصادرة على المطلوب, ذلك أن المشرع فى المادة (10) اعتبر “المركز أو القسم الإدارى” هو الأصل أو المناط الذى يتم على أساسه تشكيل المجلس الشعبى المحلى للمحافظة, وربط عدد الأعضاء الذين يشكل منهم المجلس بعدد هذه المراكز والأقسام, ومن ثَمَّ فإن اعتبار المركز أو القسم الإدارى تقسيماً داخل الوحدة المحلية طبقًا للمفهوم المشار إليه إنما يعنى تحول الأصل إلى فرع وبالتالى عدم إمكانية التمثيل فى المجلس بالعدد الذى تطلبه المشرع إذا لم يوجد هذا التقسيم داخل الوحدة المحلية, كما فى حالة المحافظة ذات المدينة الواحدة أو الحى أخذًا فى الاعتبار أن ضم أكثر من حى
أو مدينة أو قرية لا يمثل سوى وحدة محلية واحدة, الأمر الذى يضحى معه هذا التفسير مشوبًا بالشطط والتجاوز ولا يسوغ الاعتداد به.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم, وكان البادى من الأوراق أن وزير الداخلية قد أصدر القرار رقم 11888 لسنة 1997 بإنشاء قسم شرطة بقرية الخصوص مركز الخانكة مديرية أمن القليوبية يسمى قسم شرطة الخصوص ومن ثَمَّ فإنه يترتب على ذلك أن تصبح هذه القرية “قسمًا إدارياً” فى مفهوم المادة (10) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وبالتالى يحق لكل مواطن فيها توافرت فيه شروط مباشرة الحقوق السياسية أن يمارس حقه فى انتخاب أعضاء المجالس المحلية وفى الترشيح لهذه المجالس أيضًا بحسبان أن الانتخاب والترشيح هما حقان متلازمان.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أنه بتاريخ 17/2/2002 أصدر محافظ القليوبية القرار رقم 169 لسنة 2002 بتشكيل لجنة بديوان عام المحافظة لتلقى طلبات الترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى للمحافظة الخاصة بالمراكز والأقسام الإدارية المبينة به ومن بينها قسم شرطة الخصوص, كما أصدر بذات التاريخ القرار رقم 177 لسنة 2002 بتشكيل لجنة أخرى لفحص طلبات الترشيح وإعداد كشوف المرشحين لعضوية المجلس الشعبى المحلى للمحافظة على المراكز والأقسام الإدارية المشار إليها, وبتاريخ 27/2/2002 تقدم الطاعن بوصفه من قاطنى قرية الخصوص بطلب للترشيح لعضوية المجلس المذكور, وتم تلقى طلبه وفحصه بمعرفة لجنة الفحص التى قررت أنه مستوفٍ وأن المرشح تتوافر فيه الشروط الواردة بالمادتين 76 , 77 من قانون الإدارة المحلية, إلا أنه بتاريخ 28/2/2002 ـ وبناء على ما جاء بمحضر اللجنة المشكلة بوزارة التنمية المحلية للإعداد ومتابعة انتخابات المجالس الشعبية المحلية المرفق بكتاب وزير التنمية المحلية رقم 701 بتاريخ 27/2/2002 ـ أصدر محافظ القليوبية القرار رقم 218 لسنة 2002 بوقف تنفيذ ما جاء بقراريه رقمى 169, 177 لسنة 2002 بشأن قسم شرطة الخصوص وحذفه من عداد المراكز والأقسام الإدارية الخاصة بانتخابات أعضاء المجلس الشعبى المحلى للمحافظة, وذلك على أساس أن قرية الخصوص لا توجد بها وحدة محلية وأن قرار وزير الداخلية رقم 4685 لسنة 2002 بتحديد عدد اللجان العامة والفرعية التى يجرى فيها الانتخاب, جاء خلوًا من تحديد لجان عامة أو تحديد مقار لها بقسم شرطة الخصوص المرشح عنه الطاعن.
ومن حيث إن الأسباب التى استند إليها قرار محافظ القليوبية رقم 218 لسنة 2002 سالف الذكر, قد جاءت بحسب الظاهر من الأوراق مخالفة للواقع وصحيح حكم القانون, إذ أن القول بعدم وجود محلية بقرية الخصوص هو قول غير سديد وتعوزه الدقة والإدراك السليم لواقع الحال والنصوص الحاكمة للموضوع, وذلك لتعلق الأمر بالترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى لمحافظة القليوبية وليس لعضوية المجلس الشعبى المحلى لقرية الخصوص, ومن المسلم به أن المحافظة كوحدة محلية قائمة وموجودة ولا يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلسها الشعبى أن يكون مقيما فى دائرة وحدة محلية بل يكفى أن يكون مقيمًا فى دائرة مركز أو قسم إدارى بمفهومه سالف البيان (مركز أو قسم شرطة) وهو أمر متحقق فى حالة الطاعن, ومن جهة أخرى فليس من السائغ أو المقبول فى المنطق القانونى أن يكون للطاعن وغيره من سكان قرية الخصوص صلاحية ممارسة حقهم السياسى فى انتخابات مجلس الشعب والشورى ـ والتى يرقى فيها التمثيل الشعبى إلى مستوى الأمة ـ بينما يحرم هؤلاء من المشاركة فى انتخابات المجلس الشعبى للمحافظة دون ما سند أو مبرر قانونى يحول دون مباشرتهم لهذا الحق, فضلاً عن ذلك فإن البين من حافظة مستندات الطاعن المقدمة أمام محكمة أول درجة وكذلك الحافظة المقدمة أمام هذه المحكمة ـ واللتين لم تعقب عليها جهة الإدارة المطعون ضدها ـ أن محافظ القليوبية أصدر بتاريخ 18/7/1989 القرار رقم 442 لسنة 1989 بإنشاء وحدة محلية لقرية الخصوص فصلاً عن الوحدة المحلية لقرية القلج, وأن السكرتير العام لمحافظة القليوبية أصدر القرار رقم 110 بتاريخ 11/2/2002 بندب أحد العاملين بالوحدة المحلية لمركز ومدينة الخانكة للعمل رئيساً للوحدة المحلية لمجلس قروى الخصوص, مما يشير إلى أن الحجة الأساسية التى استندت إليها جهة الإدارة فى حذف قرية الخصوص من عداد المراكز والأقسام الإدارية, لم تكن بدورها صحيحة أو قائمة على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم, فإن ما تضمنه القرار المطعون فيه من حذف قسم شرطة الخصوص من عداد المراكز والأقسام الإدارية الخاصة بانتخابات أعضاء المجلس الشعبى لمحافظة القليوبية, إنما ينطوى على حرمان مباشر للطاعن من ممارسة حقه الدستورى والسياسى فى الترشيح لعضوية المجلس المذكور فى غير الحالات المنصوص عليها فى القانون, وبذلك يضحى غير قائم ـ بحسب الظاهر من الأوراق ـ على أساس سليم من الواقع، وهو ما يتحقق معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ هذا القرار, فضلاً عن توافر ركن الاستعجال بحسبان أن المساس بحق دستورى من شأنه أن يوجد حالة من الاستعجال تبرر وقف تنفيذ القرار, إلى جانب أن موعد إجراء الانتخابات المحلية ـ والمحدد له يوم 8/4/2002 ـ قد بات على الأبواب, ومن شأن استمرار القرار المطعون فيه نافذاً ومنتجاً لآثاره القانونية حتى تاريخ الفصل فى الموضوع الحيلولة بين الطاعن ودخول هذه الانتخابات, وتلك نتائج يتعذر تداركها بفوات الوقت ومن ثَمَّ وإذ توافر لطلب وقف التنفيذ ركناه اللذان يقوم عليهما وهما الجدية والاستعجال, فإنه يضحى من المعين إجابة الطاعن إلى طلبه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب إذ قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وساير دون تمحيص الأسباب التى اعتنقتها جهة الإدارة رغم عدم صحتها فإنه بذلك يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح الواقع وحكم القانون, مما يستوجب القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها قبول أوراق ترشيح الطاعن لعضوية المجلس الشعبى المحلى لمحافظة القليوبية وتمكينه من خوض الانتخابات فى الموعد المحدد لها .
ومن حيث إن الطاعن قد طلب لدى تداول الطعن بجلسات المرافعة الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان, وكان لهذا الطلب ما يبرره اعتماداً على ذات الأسباب التى قام عليها ركن الاستعجال, ومن ثَمَّ وعملاً بحكم المادة 286 من قانون المرافعات فإن المحكمة تقضى بإجابة الطاعن إلى طلبه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
أولاً: بعدم قبول طلب تدخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى الطعن.
ثانياً: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات, عن درجتى التقاضى, وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان.