جلسة 31 من مارس سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ ممدوح حسن يوسف راضى، ومحمد الشيخ على أبوزيد حسن، وعلى محمد الششتاوى إبراهيم، ود. محمد كمال الدين منير
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد الطاهر حفنى سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1039 لسنة 43 قضائية عليا
ـ أركانها ـ ركن الضرر ـ التعويض عن الضرر قد يكون عينياً أو بمقابل.
مسئولية الإدارة عن قراراتها تقوم على وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع أى يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر ـ إذا تخلف ركن أو أكثر من هذه الأركان انتفت المسئولية المدنية ـ الضرر إما أن يكون مادياً
أو أدبياً، والضرر المادى هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور، أما الضرر الأدبى فهو الذى يصيب مصلحة غير مالية للمضرور على أن يكون هذا الضرر مترتباً مباشرة عن الخطأ ومحققاً ـ التعويض يدور وجودًا أو عدماً مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره دون أن يجاوزه حتى لا يثرى المضرور على حساب المسئول دون سبب ـ التعويض عن الضرر قد يكون عينياً أو بمقابل وهذا المقابل قد يكون نقدياً أو غير نقدى ـ التعويض غير النقدى يجد سنده فى القاعدة القانونية المقررة فى القانون المدنى والتى تجيز للقاضى أن يأمر بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو الحكم بأداء معين متصل بالعمل غير المشروع وهذا التعويض غير النقدى يجد مجاله فى الضرر الأدبى بشرط أن يكون كافياً لجبر هذا الضرر ـ تطبيق.
بتاريخ 23/12/1996 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلى، المحامى، نائبًا عن الأستاذ/ السيد عبد المطلب أبو سالم المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن، قيد بجدولها بالرقم عاليه فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلى بجلسة 26/10/1996 فى الطعن رقم 62 لسنة 30ق والقاضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن ـ للأسباب الواردة به ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتعويض مادى وأدبى قدَّره بمائتين وخمسين ألف جنيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بتعويض الطاعن بمبلغ خمسة آلاف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الرابعة) والتى قررت إحالته إلى (الدائرة السابعة/فحص) للاختصاص والتى قررت بجلسة 15/11/2000 إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا (السابعة / موضوع)، وحددت لنظره جلسة 10/12/2000، وقد نظر بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/5/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى (الدائرة الخامسة/موضوع) وقد نظرته تلك الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، بجلسة 23/12/2001 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 24/3/2002، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات،وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن كان قد أقام الطعن رقم 430 لسنة 28ق بإيداع عريضته ابتداءً قلم كتاب المحكمة التأديبية للتربية والتعليم بتاريخ 12/9/1994 طالباً فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلزام فضيلة شيخ الأزهر بصفته بدفع مبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه تعويضاً عن الضرر المادى والأدبى مع إلزامه بالمصروفات ومقابل الأتعاب.
وقال شرحاً لطعنه إنه بتاريخ 6/12/1989 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، ملف القضية رقم 297 لسنة 1988 أوقاف مذكرة بتقرير اتهام ضد الطاعن وآخرين وطلبت محاكمة المحالين تأديبيًا طبقًا لنصوص المواد بتقرير الاتهام.
وقد نظرت الدعوى التأديبية تحت رقم 24 لسنة 32ق. وبجلسة 20/1/1991 حكمت المحكمة ببراءة الطاعن وجميع المحالين مما أسند اليهم على أساس أن المخالفة المنسوبة اليهم
لا تعدو أن تكون خلافًا فى الرأى فى تفسير نصوص لائحة الامتحانات بالأزهر يمكن أن يقع بين ذوى التخصص ولا يشكل مخالفة تأديبية، إلا أن جهة الإدارة لم تراعِ حجية الحكم المذكور وأصدرت القرارات الآتية ضد الطاعن:
1ـ القرار الإدارى رقم 812 فى 27/7/1991 بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.
2ـ القرار الإدارى رقم 904 فى 15/8/1991 بتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين.
3 ـ القرار الإدارى رقم 905 فى 15/8/1991 بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.
4 ـ القرار الإدارى رقم 1112/1991 بتنفيذ هذه العقوبات بأثر رجعى.
وكل هذه القرارات التى جوزى بموجبها هى عن مخالفات ذات طبيعة واحدة ومن جنس المخالفة التى برئ منها الطاعن فى الدعوى التأديبية سالفة البيان، الأمر الذى يعنى مخالفة جهة الإدارة لحجية الأمر المقضى. وأضاف الطاعن أنه قام بتاريخ 5/12/1991 بالطعن على هذه القرارات بالطعن رقم 60 لسنة 26ق وبجلسة 25/5/1993 قضت المحكمة التأديبية بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرارات أرقام 812، 904، 905، 906 فيما تضمنته من جزاءات بالنسبة للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثاره إلا أنه وأثناء تداول الطعن سالف الذكر صدر قرار أمين عام المجلس الأعلى للأزهر رقم 133 لسنة 1992 بتحصيل المبالغ التى صرفت دون وجه حق (على حد زعم القرار) من الطاعن وآخرين وذلك تأسيساً على ما جاء فى قضايا النيابة الإدارية أرقام 797 لسنة 88، 32، 39، 52، 53،54، 59 لسنة 1990 وبتاريخ 1/9/1992 قام الطاعن مع آخرين بالطعن على القرار رقم 133 لسنة 1992 المشار إليه بالطعن رقم 393 لسنة 26ق أمام المحكمة التأديبية للتعليم وبجلسة 25/5/1993 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 133/1992 فيما تضمَّنه من الخصم من مرتب الطاعنين استردادًا لما صرف من مكافآت مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأوضح الطاعن أن مسلك الإدارة تجاهه يتسم بعدم المشروعية لمخالفتها حجية الأحكام القضائية، وأن مسلك الإدارة على هذا النحو خطأ فى جانبها وقد ترتب على هذا الخطأ إلحاق الضرر بالطاعن، ثم استطرد قائلاً إن جهة الإدارة أصدرت بتاريخ 2/3/1988 القرار رقم (13) بنقله من منطقة القاهرة الأزهرية إلى منطقة الجيزة مع تخفيض وظيفته، الأمر الذى ألحق به ضرراً مادياً وأدبياً وعليه خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 10/10/1995 قررت المحكمة التأديبية للتعليم إحالة الطعن إلى المحكمة التأديبية للرئاسة، حيث قيد بجدولها برقم 62 لسنة 30ق، وقد تدوول نظره بالجلسات حتى أصدرت تلك المحكمة بجلسة 26/10/1995 الحكم المطعون فيه والقاضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن إلغاء قرارات الجزاء كافٍ فى حد ذاته لجبر أى ضرر مادى أو أدبى ينتج عنها وبالتالى لا يستحق الطاعن أى تعويض ولما كان الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة قد أصدرت القرار رقم 1060 بتاريخ 1/9/1993 بإلغاء القرارات أرقام 812، 904، 905، 906 لسنة 1991 موضوع الطعن رقم 60 لسنة 26ق. وكذلك القرار رقم 1122 لسنة 1991 المنفذ لتلك القرارات وكذلك صدر القرار رقم 1058 فى 1/9/1993 برد المبالغ التى تم خصمها من الطاعن تنفيذاً للقرارات السابقة، فمن ثَمَّ فإن إلغاء تلك القرارات يعد جبرًا للضرر الذى أصاب الطاعن مما يستوجب والحال كذلك رفض طلبه التعويض عنها وبناءً على ذلك قضت المحكمة برفض الطعن المقدم منه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الثابت أن قرارات الجزاء أرقام 812، 905، 906 قد تم إلغاؤها بالحكم الصادر فى الطعن رقم 60 لسنة 26ق الذى قضى بإلغاء تلك القرارات فيما تضمنته من جزاءات مع ما يترتب على ذلك من آثار وأن هذه الآثار تتمثل فى الآتى:
1 ـ إنه تم تخطى الطاعن فى الترقية بسبب إحالته إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا وتوقيع الجزاءات سالفة الذكر عليه خاصة وأن من بينها القرار رقم 904/1991 بتأجيل الترقية عند استحقاقها.
2 ـ ما تكبده الطاعن من نفقات لدرء الاتهامات التى نسبتها إليه القرارات الملغاة وإثبات براءته أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا.
3 ـ إصابته بأمراض مزمنة وما تكبده من نفقات علاج هذه الأمراض، فضلاً عن مشقة انتقاله أثناء فترة عمله من منزله بعزبة النخل بأقصى شرق القاهرة إلى مدينة الجيزة والقرى التابعة لها وذلك بسبب القرار غير المشروع بنقله إلى منطقة الجيزة الأزهرية، ثم أوضح الطاعن أنه أحيل للمعاش بالقرار رقم (915) لسنة 1994 اعتباراً من 29/4/1995 لبلوغه السن القانونية الأمر الذى يستحيل معه إعادة الحال إلى ما كانت عليه بالنسبة له قبل صدور القرارات سالفة الذكر وبصفة خاصة تخطيه فى الترقية إلى درجة مدير عام والتى كان قد تهيأ لها بمشاركته فى برنامج القادة تمهيدًا لتلك الدرجة والتى حُرم منها بغير خطأ منه يستوجب هذا الحرمان فضلاً عما لحق به من خسارة مادية متمثلة فى فرق المرتب وما كان سيتقاضاه من بدلات ومكافآت خاصة بهذه الدرجة، فضلاً عن المركز الأدبى الذى افتقده إلى الأبد، وأضاف أن المحكمة أغفلت الرد على ما أثاره بخصوص القرار رقم 392/1991 بضمه إلى باقى القرارات غير المشروعة المطلوب التعويض عنها وعليه خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته المشار إليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها تقوم على ثبوت وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع أى يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر مباشر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر فإن تخلف ركن أو أكثر من هذه الأركان الثلاثة انتفت المسئولية المدنية فى جانب الإدارة. وأنه فيما يتعلق بركن الضرر المترتب على القرار الإدارى غير المشروع فإنه لا يقوم على الافتراض والتسليم بمجرد إلغاء القرار المنسوب بمخالفة موضوعية للقانون وإنما يتعين على من يدعيه إثباته بكافة طرق الإثبات (فى هذا المعنى الطعن رقم 1434 لسنة 32ق جلسة 27/1/1990) وأن الضرر إما أن يكون ماديا أو أدبياً، والضرر المادى هو الإخلال بمصلحة ذات قيمة مالية للمضرور، أما الضرر الأدبى فهو الذى يصيب مصلحة غير مالية للمضرور على أن يكون هذا الضرر مترتبًا مباشرة عن الخطأ ومحققاً، وأن التعويض يدور وجوداً وعدمًا مع الضرر ويقدر بمقداره بما يحقق جبره دون أن يجاوزه حتى لا يثرى المضرور على حساب المسئول دون سبب، والتعويض عن الضرر قد يكون عينيًا أو بمقابل وهذا المقابل قد يكون نقدياً أو غير نقدى والتعويض غير النقدى يجد سنده فى القاعدة القانونية المقررة فى القانون المدنى والتى تجيز للقاضى أن يأمر بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو الحكم بأداء معين متصل بالعمل غير المشروع وهذا التعويض غير النقدى يجد مجاله فى الضرر الأدبى بشرط أن يكون كافيًا لجبر هذا الضرر (الطعن رقم 2930/ 34 ق جلسة 30/1/1993).
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قدم شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد بعدم حدوث طعن لدى المحكمة فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فى الدعوى رقم 24ق لسنة 32ق. والقاضى ببراءة الطاعن (والمحالين) مما نسب إليهم، كما لم تقدم الجهة الإدارية المطعون ضدها ما يفيد قيامها بالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للتعليم وملحقاتها الصادر فى الطعن رقم 60 لسنة 26ق والقاضى بإلغاء القرارات أرقام 812، 904، 905، 906 فيما تضمَّنته من مجازاة الطاعن بالجزاءات الواردة فيها، كما أن دائرة فحص الطعون (الدائرة السابعة/عليا) قد قضت بجلسة 19/12/2001 برفض الطعن المقام من الجهة الإدارية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للتعليم فى الطعن رقم 393 لسنه 26ق والقاضى بإلغاء القرار رقم 133 لسنة92 فيما تضمَّنه من تحصيل المبالغ التى صُرفت (دون وجه حق) للطاعن والآخرين، فمن ثَمَّ فإن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 24 لسنة 32ق والحكم الصادر فى الطعن رقم 60 لسنة 26ق. وكذلك الحكم الصادر فى الطعن رقم 393 لسنة 26ق يكونوا جميعاً حائزين لقوة الشىء المقضى به ويثبت بموجبها براءة الطاعن مما نُسب إليه وعدم مشروعية القرارات أرقام 812، 904، 905، 906 لسنة 91 والقرار رقم 133/1992. وبالإضافة إلى تلك القرارات فقد أصدرت الجهة الإدارية المطعون ضدها القرار رقم 392/91 بتاريخ 25/3/1991 بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثين يومًا من راتبه وذلك عن مخالفة من ذات طبيعة ونوع المخالفة التى قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارية العليا فى الدعوى رقم 24
لسنة 32ق. ببراءة الطاعن (والمحالين) منها، كما أن المحكمة التأديبية للتعليم قضت فى الطعن رقم 60 لسنة 26ق بإلغاء قرارات الجزاء (المثيلة للقرار رقم 392 لسنة 1991) والتى وقعت على الطاعن عن مخالفة من نفس طبيعة المخالفة التى برئ الطاعن منها. وعلى ذلك فإن المحكمة التأديبية للتعليم وإن قضت فى الطعن رقم 27 لسنة 26ق بجلسة 15/11/1994 بعدم قبول طلب إلغاء قرار الجزاء رقم 392 لسنة 1991 شكلاً لإقامة الطعن بعد الميعاد القانونى، إلا أن ذلك لا يحول دون التقرير بعدم مشروعية ذلك القرار أيضًا لذات الأسباب التى قام عليها الحكم الصادر فى الدعوى رقم 24 لسنة 32ق وفى الطعن رقم 60 لسنة 26ق والمشار إليهما آنفا وذلك أسوة بالقرارات أرقام 812، 904، 905، 906 لسنة 1991. وترتيبًا على ما تقدم تكون جميع تلك القرارات بالإضافة إلى القرار رقم 392 لسنة 1991 والقرار رقم 133 لسنة 1992 غير مشروعة على نحو ما سلف وهو ما يمثل تكرارا لركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية المطعون ضدها.
ومن حيث إنه بالنسبة للقرار رقم (13) بتاريخ 2/3/1988 الصادر بنقل الطاعن من وظيفة مدير امتحانات منطقة القاهرة الأزهرية إلى موجه أول علوم شرعية بمنطقة الجيزة الأزهرية والذى ينعى عليه مخالفته للقانون بحسبانه تضمَّن تخفيضًا لوظيفته، فضلاً عن نقله مكانيًا بعيداً عن سكنه، وأن الجهة الإدارية لم تتريث لحين انتهاء التحقيق معه فى القضية
رقم 297 لسنة 1988 والتى قضى فيها بالبراءة فذلك مردود بأن الثابت من مذكرة الجهة الإدارية المقدمة أمام محكمة الدرجة الأولى بجلسة 20/6/1995 أن القرار المشار إليه لا يعدو أن يكون إعادة للطاعن إلى عمله المسكن عليه وفقًا لمؤهله، ومن ثَمَّ فإنه يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن من تضمن القرار تخفيضًا لوظيفته، بالإضافة إلى ذلك فإنه ليس هناك ثمة الزام على جهة الإدارة بأن يكون مقر عمل الموظف دوماً بجوار محل إقامته، كما أنه ليس هناك ما يحول قانونًا دون نقل العامل من وظيفته أو إنهاء ندبه للوظيفة المنتدب إليها بسبب أو بمناسبة ما يجرى معه من تحقيقات، إذ إن ذلك قد يكون أولى فى كثير من الأحيان وعلى ذلك فإنه لما كان القرار رقم 13 لسنة 1998 قد جاء مبرءًا من عيب يصمه بعدم المشروعية، فمن ثَمَّ فإنه لا يكون هناك ثمة خطأ يمكن نسبته إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها فى هذا الشأن ولا يحق للطاعن بالتالى أن يطالب بالتعويض عن ذلك القرار.
ومن حيث إنه عن ركن الضرر فإنه لما كان التقاضى وإن كان حقًا للكافة إلا أنه يمثل عبئًا ماديًا على المتقاضى باعتباره يشمل كل ما تكبده المتقاضى من جهد ونفقات فى سبيل حرصه على متابعة دعواه حتى يظفر بتبعيته وينال حقه عن طريق القضاء. ولا مرية فى أن موقف الجهة الإدارية وما دأبت عليه من تكرار مجازاة الطاعن بعد صدور حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فى الدعوى رقم 24 لسنة 32ق ببراءته، وذلك عن مخالفات هى من ذات طبيعة المخالفة محل الاتهام فى الدعوى رقم 24/32ق المشار إليها فقد أصدرت القرار رقم 392 بتاريخ 25/3/1991 بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثين يوماً من راتبه، ثم القرار
رقم 812 بتاريخ 27/7/1991 بمجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه، ثم القرار رقم 904 بتاريخ 15/8/1991 بمجازاة الطاعن بتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين ثم القرار رقم 905 بتاريخ 15/8/1991 بمجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه، والقرار رقم 906 بتاريخ 15/8/1991 لمجازاة الطاعن بالحرمان من نصف العلاوة الدورية وبعد تلك الجزاءات أصدرت القرار رقم (133) بتاريخ 8/8/1992 بتحصيل المبالغ التى صُرفت له وللآخرين دون وجه حق، وبالتالى فإنه لا مرية فى القول بأن مسلك الجهة الإدارية المطعون ضدها قد دفع بالطاعن إلى ولوج ساحة القضاء أكثر من مرة لاستصدار أحكام قضائية بإلغاء تلك القرارات غير المشروعة الصادرة فى حقه، وإذا كانت الجهة الإدارية قد أصدرت القرار رقم (106) بتاريخ 1/6/1993 بإلغاء القرارات المذكورة فيما عدا القرار رقم 392 لسنة 1991 ـ تنفيذًا للحكم الصادر فى الطعن رقم 60 لسنة 26ق مع رد المبالغ التى تم خصمها منه فليس مؤدى ذلك ـ حسبما ذهبت الجهة الإدارية ـ انتفاء الضرر الذى أصاب الطاعن ذلك أنه من ناحية فإن هناك مشقة التقاضى ونفقاته وما تحمَّله الطاعن من أعباء نفسية بإصرار جهة الإدارة على وضعه موضع الاتهام والمخالف لواجبات وظيفته أمام زملائه ومرءوسيه طوال المدة التى استغرقها الطاعن للوصول إلى إلغاء تلك القرارات قضائيًا، وهو ما كان يمكن للجهة الإدارية أن تجنب الطاعن عناء ذلك كله فيما لو التزمت وانصاعت لحجية الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية رقم 24 لسنة 32ق. بجلسة 20/1/1991 ببراءة الطاعن (والمحالين) مما نُسب إليهم وهى مخالفات من ذات طبيعة المخالفة التى صدرت القرارات المشار إليها تباعًا بمجازاة الطاعن عنها ومن ناحية أخرى فإن ما أصاب الطاعن من أضرار ليس مقصوراً على ما سلف، إذ إن تلك القرارات فضلاً عن سبق إحالته للمحاكمة التأديبية قد شكلت مانعًا قانونياً حال دون النظر فى ترقية الطاعن إعمالاً للحظر التشريعى الوارد فى المادتين 85، 87 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين الدولة، فالمادة (85) قد حظرت ترقية العامل الذى جوزى للمدد المبينة بها، فمجازاة الطاعن بخصم ثلاثين يوماً من راتبه بالقرار رقم 392 بتاريخ 25/3/1991 يؤدى إلى عدم جواز النظر فى ترقيته لمدة سنة، ومجازاته بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه بالقرارين (812) بتاريخ 27/7/1991 و(905) بتاريخ 15/8/1991 يؤدى إلى عدم جواز النظر فى ترقيته لمدة ستة أشهر، ومجازاته بالحرمان من نصف العلاوة الدورية بالقرار رقم (906) بتاريخ 15/8/1991 يؤدى إلى عدم جواز النظر فى ترقيته طوال مدة الحرمان، هذا بالإضافة إلى القرار رقم (904) بتاريخ 15/8/1991 بمجازاة الطاعن بتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين والذى يترتب عليه مباشرة عدم جواز النظر فى ترقيته لمدة التأجيل وإعمالاً لنص المادة (87) سالفة الذكر لا يجوز النظر فى ترقية الطاعن طوال مدة إحالته للمحاكمة التأديبية والتى بدأت من 13/7/1988 تاريخ طلب الجهة الإدارية من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ضده حتى صدور الحكم النهائى فيها وعلى ذلك فإن قرارات الجهة الإدارية السالفة المخالفة للقانون تكون قد خلفت واقعًا غير مشروع سبَّبَ لاشك ضرراً أدبيًا للطاعن تدخله المحكمة فى اعتبارها عند تقدير التعويض عن الأضرار التى أصابت الطاعن نتيجة للقرارات المشار إليها وهى الأضرار الأدبية الناجمة عن الواقع غير المشروع الذى خلقته الجهة الإدارية بقراراتها الخاطئة المخالفة للقانون على ما سلف ـ خاصة وأن الطاعن قد أحيل إلى المعاش اعتباراً من 29/4/1995 بالقرار رقم 915 لسنة 1994 دون ترقيته مثل أقرانه الأحدث منه بحيث أحيل للمعاش وهو دونهم فى الدرجات بسبب القرارات السالفة. وذلك دون الأضرار المادية الناجمة مباشرة عن ذات التخطى فى الترقية كأثر مباشر له والذى يترك للمحكمة المختصة باعتباره تابعًا للطعن على قرارات التخطى ذاتها والتى طعن عليها الطاعن أمام محكمة القضاء الإدارى بالدعوى رقم 2318 لسنة 49ق. ومن جماع ما تقدم فقد ثبت ركن الضرر المادى والأدبى فى حق الطاعن كما أنه عن توافر عنصر السببية بين خطأ الجهة الإدارية والضرر الذى لحق الطاعن على النحو السالف فقد نهض قائمًا فى المنازعة المطروحة وذلك باعتبار أن ما حاق بالطاعن من أضرار كان من جراء القرارات غير المشروعة الصادرة من الجهة الإدارية المطعون ضدها حسبما سلف البيان، الأمر الذى يحدو بالمحكمة لأن تقدر التعويض الجابر للضرر السالف بعشرين ألف جنيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر، حيث قضى برفض الدعوى، ومن ثَمَّ حق القضاء بإلغائه والحكم بأحقية الطاعن لمبلغ التعويض سالف الذكر.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بتعويض الطاعن بمبلغ عشرين ألف جنيه عن القرارات غير المشروعة التى أصدرتها فى حقه.