جلسة 18 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. فاروق عبدالبر السيد.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبدالرحمن يوسف، ونجيب محمد إسماعيل، ومحمود محمد صبحى العطار، وعطية عمادالدين نجم.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد / محمد محمود حسن خالد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1834 لسنة 42 قضائية عليا
ـ انتهاء الخدمة ـ الحكم على العامل بعقوبة جناية ـ وجوب تسبيب القرار إذا كان الحكم قد صدر على العامل لأول مرة.
المادة 94 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
المشرع قضى بإنهاء خدمة العامل المحكوم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة سالبة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وذلك مالم يكن الحكم مع وقف التنفيذ ـ إذا كان الحكم على العامل صدر لأول مرة فلا يؤدى إلى إنهاء خدمته إلا إذا قررت لجنة شئون العاملين بالجهة الإدارية بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن استمرار العامل فى وظيفته يتعارض مع مقتضياتها أو مع طبيعة العمل ـ يتعين التفرقة بين سبب القرار وتسبيبه، فإذا كان كل قرار إدارى ينبغى أن يكون له سبب فإنه لا يلزم تسبيب القرار إلا إذا تطلب القانون ذلك ـ إذا تطلب القانون تسبيب القرار فإن إغفال التسبيب يؤدى إلى عدم مشروعية القرار ـ أوجب المشرع على لجنة شئون العاملين فى حالة صدور الحكم لأول مرة على العامل أن تسبب قرار إنهاء خدمته من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة وأن تبين أن بقاء العامل فى الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وظروف العمل ـ صور القرار خلواً من التسبيب فى هذه الحالة يجعله مخالفاً للقانون وجديراً بالإلغاء ـ تطبيق.
بتاريخ 3/2/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة بوصفها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة أسيوط) بجلسة 12/12/1995 فى الدعوى رقم 1233 لسنة 5ق. والقاضى “بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات”.
وطلب الطاعنان ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضده وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة بجلسة 9/7/2001 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 18/9/2001 وبها نُظر على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم فى الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل فى أنه بتاريخ 28/2/1990 أقام السيد/ موسى روائبين ملك، الدعوى رقم 330 لسنة 17 ق وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية بأسيوط وطلب فى ختامها الحكم بصفة عاجلة بصرف راتبه شاملاً كافة الملحقات اعتباراً من 8/8/1989 تاريخ رفض الجهة الإدارية تسليمه العمل مع استمرار الوفاء به حتى الحكم فى طلب الإلغاء، وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى بعدم تسليمه عمله اعتباراً من تاريخ زوال مانع حبسه نفاذاً لحكم نهائى. والحاصل اعتباراً من تاريخ تقديم طلبه بذلك فى 8/8/1989 وبإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته للحكم عليه بجريمة ماسّة بالشرف والاعتبار فى حالة صدور هذا القرار من الجهة الإدارية مع إلزام هذه الجهة المصروفات.
وقال المدعى شارحاً لدعواه إنه يعمل بوظيفة عامل نظافة بالوحدة المحلية لمركز ملوى نقلاً من مصلحة الميكانيكا والكهرباء اعتباراً من 10/9/1972 وقد اتهم فى الجنحة رقم 4013 لسنة 1987 جنح مركز ملوى من أنه يوم 5/1/1987 بدائرة مركز ملوى تهرَّب من أداء ضريبة الاستهلاك بأن قام بإنتاج خمور خاضعة للضريبة فى غير الأماكن المخصصة لها، وقد أُخطرت جهة عمله بدخوله السجن اعتباراً من 8/2/1989 لتنفيذ العقوبة. بعد انتهاء مدة حبسه تقدم بطلب فى 8/8/1989 لاستلام عمله مرفقاً به صورة الحكم الصادر ضده وشهادة بقضاء مدة العقوبة. كما تقدم بطلبات أخرى فى 8/10/1989، 9/11/1989، 16/12/1989، بيد أن الجهة الإدارية وقفت موقفًا سلبيًا ولم تحدد موقفها تجاهه، فلا هى قررت عودته لاستلام عمله، ولا يعلم عما إذا كانت قد انتهت خدمته باعتباره فاقدًا لشرط حسن السمعة والاعتبار، وفى كلتا الحالتين يكون قرار الجهة الإدارية مخالفاً للقانون، كما يضر به ويتمثل هذا الضرر فى حرمانه وأسرته من مصدر رزقه الوحيد وهو راتبه؛ الأمر الذى حدا به إلى إقامة هذه الدعوى بغرض الحكم له بطلباته المتقدمة.
وبجلسة 9/5/1994 قضت المحكمة الإدارية بأسيوط بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى دائرة أسيوط للاختصاص مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط وقيدت بجدولها العام تحت
رقم 1233 لسنة 5ق.
وبجلسة 12/12/1995 صدر الحكم المطعون فيه بعد أن تبين للمحكمة أن المدعى يهدف من دعواه وفقاً لطلباته الختامية إلى طلب الحكم بإلغاء قرار محافظ المنيا رقم 412 لسنة 1989 بتاريخ 28/11/1989 فيما تضمنه من إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
واستعرضت المحكمة نص المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وأقامت قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعى يشغل وظيفة عامل نظافة بالوحدة المحلية لمركز ملوى محافظة المنيا وقد حكم عليه فى القضية رقم 4013 لسنة 1987 جنح مركز ملوى والذى تأيد استئنافياً بالحبس لمدة ستة أشهر لاتهامه بالتهرب من أداء ضريبة الاستهلاك وذلك لقيامه بإنتاج سلعة (خمور) خاضعة لتلك الضريبة فى غير الأماكن المخصصة لها وبعد قضائه فترة العقوبة من 1/2/1989 حتى 1/8/1989 عرض أمره على لجنة شئون العاملين التى وافقت على إنهاء خدمته، بجلستها المنعقدة فى 26/10/1989 وقد اعتمد محافظ المنيا محضر اللجنة بتاريخ 18/11/1989 وبناءً عليه صدر القرار رقم 412 لسنة 1989 المطعون فيه بإنهاء خدمة المدعى اعتباراً من 1/2/1989.
وأضافت المحكمة أنه إذ تبيَّن من ظروف الواقعة التى ارتكبها المدعى وأسباب الحكم المشار إليه أن بقاء المدعى فى وظيفة (عامل نظافة) لا يتعارض مع مقتضيات هذه الوظيفة أو طبيعة العمل فيها بحسبان أن هذه المقتضيات وتلك الطبيعة ليس لهما صلة بأى وجه من الوجوه بالجريمة التى اقترفها المدعى، لأن هذه الجريمة لا تؤثر عليه فى ممارسة أعمال وظيفته ولا مجال لاستغلال تلك الوظيفة فى ارتكاب الجريمة المذكورة مرة أخرى، وبذلك فإن ما انتهت إليه لجنة شئون العاملين من إنهاء خدمة المدعى بسبب الجريمة المشار إليها والحكم الصادر ضده فيها ومن أن بقاءه فى وظيفته يتعارض مع مقتضيات الوظيفة التى يعمل فيها لا يقوم على سند صحيح من الواقع والقانون وبالتالى يضحى القرار المطعون فيه مشوباً بعدم المشروعية مما يتعين الحكم بإلغائه.
ولما كان هذا القضاء لم يجد قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد بادرت بإقامة طعنها الماثل استناداً إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الجريمة التى ارتكبها المطعون ضده تعتبر متعلقة بالشرف والأمانة؛ وذلك أن الخمر من الأمور التى تحرمها الأديان فهى تعتبر من الكبائر. كما أن قيامه بالتهرب من أداء ضريبة الاستهلاك المقررة إنما يشينه بعدم الأمانة والانحراف فى الطبع ومن ثَمَّ فإن قرار لجنة شئون العاملين فى هذا الشأن يكون قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فيكون خليقاً بالإلغاء .
ومن حيث إن المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن ” تُنهى خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية:ـ ……….. 7ـ الحكم عليه بعقوبة جناية فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو ما يعادلها من جرائم منصوص عليها فى القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيده للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة مالم يكن الحكم مع وقف التنفيذ.
ومع ذلك فإذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة فلا يؤدى إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل”.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع قضى بإنهاء خدمة العامل المحكوم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة سالبة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وذلك ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ، على أنه إذ كان الحكم على العامل قد صدر لأول مرة فلا يؤدى إلى إنهاء خدمته إلا إذا قررت لجنة شئون العاملين بالجهة الإدارية ـ بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة ـ أن استمرار العامل فى وظيفته لا يتعارض مع مقتضياتها أو مع طبيعة العمل.
ومن حيث إنه يتعين التفرقة بين سبب القرار وتسبيبه فإذا كان كل قرار إدارى ينبغى أن يكون له سبب وإلا عُدَّ غير مشروع فإنه ليس يلزم تسبيب هذا القرار إلا إذا تطلب القانون ذلك وإذا تطلب القانون تسبيب القرار فإن إغفال التسبيب يؤول إلى عدم مشروعية القرار.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة محضر لجنة شئون العاملين فى الاجتماع الثالث والثلاثين بجلسة 26/10/1989 أنه قد ورد به اسم السيد / موسى روائبين ملك ـ عامل النظافة خدمات معاونة الحكم عليه فى جنحة رقم 1403/88 من 1/2/1989 وتم اعتماد المحضر من السيد المحافظ بتاريخ 18/11/1989 وبناءً عليه صدر القرار رقم 412 لسنة 89 بتاريخ 28/11/1989 المطعون فيه.
ومن حيث إن المشرع أوجب على لجنة شئون العاملين فى حالة صدور الحكم لأول مرة على العامل أن تسبب قرار إنهاء خدمته من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة، وأن تبين أن بقاء العامل فى الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وظروف العمل.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة محضر لجنة شئون العاملين السالف الإشارة إليه أنه قد خلا من تسبيب قرار إنهاء خدمة المطعون ضده واكتفى بذكر اسم المطعون ضده وبيانات حالته الوظيفية والحكم عليه فى الجنحة رقم 1403 من 1/2/1988، ومن ثَمَّ يكون قرار إنهاء خدمة المطعون ضده قد صدر غير مراع الشرط الكلى الذى تطلّبه القانون وهو تسبيب القرار، الأمر الذى يجعله مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء، ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.