جلسة 19 من مايو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أحمد الحسينى مسلم.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ ممدوح حسن يوسف راضى، ومحمد الشيخ على أبوزيد حسن، وعلى محمد الششتاوى إبراهيم، ود. محمد كمال الدين منير.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ حسين عبدالحميد.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3994 لسنة 45 قضائية عليا
ـ حكم فى الدعوى ـ الطعن فى الأحكام ـ مدلول ذوى الشأن فى الطعن على حكم المحكمة التأديبية.
المادتان (22)، (23) من قانون مجلس الدولة.
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يجوز إلا لمن كان طرفاً فى الخصومة التى انتهت بصدور الحكم المطعون فيه ـ تعبير ذوى الشأن الذين لهم حق الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً لقانون مجلس الدولة نظيراً لرئيس هيئة مفوضى الدولة إنما يقصد بهم ذوو الشأن فى الحكم وفى الطعن عليه وليس فى القرار محل الحكم المطعون فيه ـ لا يمكن أن تنصرف عبارة ذوى الشأن إلى من لم يكن ذا شأن فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه، فذو الشأن هو من كان طرفاً فى الدعوى ـ يقطع بذلك أن المشرع حينما أراد أن يخرج عن هذا المدلول فى تحديد ذوى الشأن ويتوسع فيه اعتبر من ذوى الشأن فى الطعن على أحكام المحاكم التأديبية، بالإضافة إلى المتهم وهيئة مفوضى الدولة ـ وهما ذوا الشأن ـ الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية، فنص على ذلك صراحةً، ولو اتسعت عبارة ذوى الشأن لهم على غير مقتضى ما تقدم ما احتاج المشرع إلى النص الصريح لتقرير اعتبارهم من ذوى الشأن خاصة وأن مدير النيابة الإدارية هو الطرف الأصلى فى الدعوى التأديبية الذى يقيم ويتولى الادعاء طرفاً فيها ممثلاً للصالح العام، وَمِثْلُهُ الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الذين يتعين إقامة الدعوى التأديبية بناءً على طلبهم، مما يقطع بأن مدلول عبارة ذوى الشأن الواردة بالقانون هم ذوو الشأن فى الدعوى الذين كانوا طرفاً فيها وفى الحكم الصادر فيها بذواتهم أو بمن يمثلهم قانوناً، ولا تنصرف عبارة ذوى الشأن إلى كل من يدعى له مصلحة فى الطعن على الحكم بوجه أو بآخر سواء فى دعوى الإلغاء أو غيرها من أنواع المنازعات التى يتولاها قضاء مجلس الدولة، وبذلك فإن طعن الخارج عن الخصومة فى الحكم الصادر فى المنازعات الإدارية وسواء كان الحكم الصادر بالإلغاء أو بغير ذلك وفى المنازعات التأديبية أمام محكمة الطعن يكون غير جائز قانوناً أمام المحكمة الإدارية فيما يطعن أمامها من أحكام ـ تطبيق.
بتاريخ 8/4/1999 أودع الأستاذ/ سمير لبيب مشرقى، المحامى نائباً عن الأستاذ/ محمد إسماعيل فريد المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا بجلسة 7/2/1999 فى الدعوى التأديبية رقم (بدون) لسنة 1998 والقاضى فى منطوقه “(أولاً) برفض الدفع ببطلان قرار الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعه طنطا بإحالة الأستاذ الدكتور/ ……………. إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة. (ثانياً) ببراءة الأستاذ الدكتور/ ………….. مما نُسب إليه”.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً بمجازاة المطعون ضده الثالث تأديبياً لما نُسب إليه من أفعال أخلت بواجبات وظيفته الجامعية مع حفظ كافة حقوق الطاعن فى التعويضات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بعدم جواز الطعن من قبل الخارج عن الخصومة وباختصاص مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعه طنطا بنظره باعتباره التماساً لإعادة النظر وفى الحدود المقررة قانونًا لذلك مع إعادته للفصل فيه على هذا الأساس.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الخامسة)، وبجلسة 9/1/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/موضوع) وحددت لنظره جلسة 4/2/2001، حيث نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو المبين تفصيلاً بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/11/2001 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 27/1/2002، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم فى الطعن الماثل، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن
(أ.د/ ……………….. ) المشرف على قسم الإنتاج الحيوانى بكلية الزراعة بطنطا تقدم بمذكرة إلى عميد الكلية بتاريخ 14/10/1998 ذكر فيها أنه أثناء انعقاد مجلس القسم فى ذات التاريخ ولدى الاستفسار من الزميل أ.د/ ……………….. الأستاذ بالقسم (المطعون ضده الثالث) عن سبب انقطاعه عن العمل بدون عذر فى الفترة من 24/11/1997 حتى 2/12/1997، وعندما رأى أن القرار لا يتفق مع رأيه ثار ونهض من مكانه ثم بصق فى وجهه وقال له “أنا هاوريك ياخول يا ابن الكلب” ثم غادر الغرفة وأغلق الباب بشدة وكان ذلك أمام الزميل أ.د/ ………………. وكيل الكلية وعضو المجلس. وقد أرسلت المذكرة إلى أ.د/ رئيس الجامعة حيث أشر بإحالتها إلى التحقيق الذى باشره أ.د/ ………………… وبناءً على ما انتهى إليه التحقيق صدر قرار أ.د/ رئيس الجامعة رقم 2227 بتاريخ 9/11/1998 بإحالة المطعون ضده الثالث إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا لمساءلته عن: (أولاً) إخلاله الجسيم بالتقاليد والقيم الجامعية وواجبات الوظيفة الجامعية، (ثانياً) الاعتداء على أ.د/ …………………. ـ المشرف على قسم الإنتاج الحيوانى بالبصق على وجهه والسباب الجسيم أثناء تأدية العمل وبسبه على النحو الوارد تفصيلاً بأوراق التحقيق. وقد تدوولت الدعوى التأديبية أمام مجلس التأديب وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/2/1999 أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه سالف الذكر، وبنى مجلس التأديب قضاءه ببراءة المطعون ضده الثالث على أساس وجود خلافات سابقة بين الطاعن وشاهده الوحيد أ.د/ …………………….. وبين المطعون ضده الثالث مما يتعين معه إهدار شهادة الشاهد الوحيد، وأضاف مجلس التأديب أنه لا يطمئن لحدوث الواقعة على النحو الذى صوَّرته مذكرة الطاعن.
ولم يرتض الطاعن القرار المطعون فيه فأقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها توافر أركان الجريمة التأديبية والجنائية فى حق المطعون ضده الثالث، فضلاً عن خروجه على مقتضيات الوظيفة العامة، والخطأ فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن القرارات الصادرة من مجالس التأديب التى لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا هى أقرب فى طبيعتها إلى الأحكام التأديبية ومن ثَمَّ يجرى على هذه القرارات بالنسبة للطعن ما يجرى على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية عملاً بحكم المادتين (22،23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 (دائرة توحيد المبادئ، الطعن رقم 28 لسنة 29 ق، جلسة 15/12/1985).
ومن حيث إن المادة (22) من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أن “أحكام المحاكم التأديبية نهائية ويكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا فى الأحوال المبينة فى هذا القانون،ويعتبر من ذوى الشأن فى الطعن الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية……..”. وتنص المادة (23) على أنه “يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية فى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى أو من المحاكم التأديبية وذلك فى الأحوال الآتية:…………. ويكون لذوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة أن يطعن فى تلك الأحكام خلال ستين يومًا من تاريخ صدور الحكم”.
ومفاد ما سبق طبقًا لما قضت به هذه المحكمة فى الطعن رقم 8078/44ق. جلسة 14/4/2002 أن تحديد طرق الطعن فى الأحكام هو من عمل المشرع وحده، وقد حددت المادة (23) سالفة الذكر أحوال الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وهى لا تسمح بالطعن أمامها من الخارج عن الخصومة، فالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يجوز إلا لمن كان طرفاً فى الخصومة التى انتهت بصدور الحكم المطعون فيه … ويؤكد ذلك أن تعبير ذوى الشأن الذين لهم حق الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة (23/2) من قانون مجلس الدولة نظيراً لرئيس هيئة مفوضى الدولة، إنما يقصد بهم ذوو الشأن فى الحكم وفى الطعن عليه وليس فى القرار محل الحكم المطعون فيه، ولا يمكن أن تنصرف عبارة ذوى الشأن إلى من لم يكن ذا شأن فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه، فذو الشأن هو من كان طرفًا فى الدعوى، ويقطع بذلك أن المشرع حينما أراد أن يخرج عن هذا المدلول فى تحديد ذوى الشأن ويتوسع فى المادة (23/2) المشار إليها اعتبر من ذوى الشأن فى الطعن على أحكام المحاكم التأديبية، بالإضافة إلى المتهم وهيئة مفوضى الدولة وهما ذوا الشأن طبقًا للمادة (23/2) الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية، فنص على ذلك صراحة، ولو اتسعت عبارة ذوى الشأن لهم على غير مقتضى ما تقدم لما احتاج المشرع إلى النص الصريح لتقرير اعتبارهم من ذوى الشأن خاصة وأن مدير النيابة الإدارية هو الطرف الأصلى فى الدعوى التأديبية الذى يقيم ويتولى الادعاء طرفًا فيها ممثلاً للصالح العام، ومثله الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الذين يتعين إقامة الدعوى التأديبية بناءً على طلبهم، مما يقطع بأن مدلول عبارة ذوى الشأن الواردة فى المادة (23/2) هم ذوو الشأن فى الدعوى الذين كانوا طرفاً فيها وفى الحكم الصادر فيها بذواتهم أو بمن يمثلهم قانوناً
ولا تنصرف عبارة ذوى الشأن إلى كل من يدعى له مصلحة فى الطعن على الحكم بوجه أو بآخر سواء فى دعوى الإلغاء أو غيرها من أنواع المنازعات التى يتولاها قضاء مجلس الدولة، وبذلك يكون طعن الخارج عن الخصومة فى الحكم الصادر فى المنازعات الإدارية وسواء كان الحكم صادراً بالإلغاء أو بغير ذلك وفى المنازعات التأديبية أمام محكمة الطعن يكون غير جائز قانونًا أمام المحكمة الإدارية العليا فيما يطعن أمامها من أحكام ولا ينال ما تقدم من الخروج من حق الطعن من يعتبر أن أثر الحكم المطعون فيه قد تعدى إليه وَمَسَّ مصلحة له ـ وهو لم يكن طرفًا فى الدعوى الصادر فيها الحكم ـ لأن له أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه (فى هذا المعنى الحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ فى الطعنين رقمى 3382 و3387 لسنة 29 ق. جلسة 12/4/1987).
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم فإنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن إحالة المطعون ضده الثالث إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا كان بناءً على الشكوى المقدمة من الطاعن ضد المطعون ضده الثالث والتى جرى التحقيق فيها، ثم صدر قرار أ.د/ رئيس جامعه طنطا بإحالة المطعون ضده الثالث لمجلس التأديب المطعون على قراره إلا أن الثابت كذلك من الأوراق أن الطاعن (الشاكى) لم يكن طرفاً فى الدعوى المقامة أمام مجلس التأديب المشار إليه والمقامة من الجامعة ضد المطعون ضده الثالث، وعلى هذا فإن الطاعن يعد خارجًا عن الخصومة ولا يكون له بالتالى الطعن على قرار مجلس التأديب المشار إليه أمام هذه المحكمة حسبما جرى عليه قضاؤها على نحو ما سلف البيان، وليس من شأن كون الطاعن هو الشاكى المضرور فى الواقعة محل المحاكمة أن ينشئ له ذلك صفة أو مصلحة فى إقامة الطعن الماثل، فصفته فى هذا الخصوص تنتهى بإيصال شكواه إلى الجهة الإدارية، أما ماعدا ذلك من الإجراءات التأديبية فهى مقصورة بحسب الأصل على أطرافها وهما الجهة الإدارية والعاملون لديها ممن ثبتت إدانتهم فى المخالفات التأديبية بحسبان أن الجزاء التأديبى إنما يتعلق أساساً بالسلوك الوظيفى والإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضياتها، الأمر الذى يتعين معه تنزيه المجال التأديبى عن الصراعات والمنازعات بين الأفراد أصحاب المصالح أو غيرهم من العاملين لديها والتى تحميها القوانين الجنائية والمدنية الأخرى، والاقتصار فى هذا المجال على ما شرع النظام التأديبى من أجله بما يحقق الصالح العام فى هذا الخصوص.
حكمت المحكمة
بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة.